كفارات الاحرام

اشارة

نام كتاب: كفارات الإحرام

موضوع: فقه استدلالي

نويسنده: شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي

تاريخ وفات مؤلف: ه ق

زبان: عربي

قطع: وزيري

تعداد جلد: 1

ناشر: مؤسسه انصاريان

تاريخ نشر: 1402 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

ملاحظات: در آخر جلد پنجم" كتاب الحج" آية الله سيد محمود شاهرودي چاپ شده است

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه الّذي حجّت اليه قلوب العارفين، وسعت الي أوطان تعبّده نفوس الموحّدين، و طافت بكعبة فضله أفئدة المؤملين، و الصّلاة و السّلام علي خير خلقه محمّد و آله صفوة ربّ العالمين، و اللّعنة الدّائمة علي أعدائهم أجمعين من الآن الي قيام يوم الدّين.

و بعد: فحيث وفّقنا اللّه تعالي لتجديد طبع كتابنا: (الحج) رأينا من المناسب إلحاق مباحث الكفّارات الّتي لم يتعرّض لها سيّدنا الأستاذ (قدّس سرّه) الشّريف) به لتعمّ الفائدة و تكمل الثّمرة.

و قمنا بتحريرها و استخراج أحاديثها من وسائل الشّيعة الطبعة الجديدة في مدّة وجيزة لا تزيد علي شهر واحد.

و هي القسم الثاني من الجزء الخامس من كتابنا علي نهج ما كتبه المحقّق الحلي (أعلي اللّه مقامه) في شرائع الإسلام.

و أما مباحث المصدود و المحصور الّتي تعرّض لها المحقّق الحلّي (طاب ثراه) قبل هذا الباب و مباحث العمرة المفردة التي تعرّض لها بعده تركناهما، لتقدم

كفارات الإحرام، ص: 4

ذكرهما في آخر الجزء الثاني من كتابنا الذي كان حسب ترتيب العروة الوثقي.

و اللّه سبحانه نسأل أن يتقبّله بقبوله الحسن، و يوفّقنا لما فيه الخير، و هو الهادي إلي الصواب.

محمّد إبراهيم الجنّاتي قم المشرفة 8- 4- 1402 هجري قمري الموافق 14- 11- 60 هجري شمسي

كفارات الإحرام، ص: 5

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم و له الحمد و صلّي اللّه علي خير خلقه محمّد و آله الطّاهرين

[شرح كتاب الحج من شرائع الإسلام]

[الركن الثالث في اللواحق]

[المقصد الثاني في أحكام الصيد]

اشارة

المقصد الثاني في أحكام الصيد الصّيد: هو الحيوان الممتنع، و قيل يشترط أن يكون حلالا، و النّظر فيه يستدعي فصولا:

[الفصل الأول في أقسامه]
اشارة

الأول في أقسامه الصّيد قسمان:

[فالأول: ما لا يتعلق به كفّارة]

فالأول: ما لا يتعلق به كفّارة، كصيد البحر، و هو ما يبيض و يفرخ في الماء، و مثله الدّجاج الحبشي، و كذا النعم و لو توحّشت (1) و لا كفّارة في قتل السّباع، ماشية كانت أو طائرة (2)

______________________________

(1) تقدم الكلام عن جميع ذلك مفصّلا في أوائل الجزء الثالث، و من أراد الاطلاع عليه فليراجعه.

(2) ما أفاده المصنف (قدس سره) من عدم ثبوت الكفّارة في قتل السّباع ماشية كانت أو طائرة مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و قد نفي عنه الخلاف في الجواهر، بل عن صريح الخلاف و ظاهر المبسوط و التذكرة الإجماع عليه، و استدل لذلك بوجوه:

الأول- الإجماع المتقدم في كلام الشّيخ و العلّامة (قدس سرهما).

كفارات الإحرام، ص: 6

______________________________

و (فيه): ما حققناه في كتابنا (قاعدة الإلزام) ان الإجماع المعتبر هو التعبّدي منه لا المدركي، و في مفروض المسألة يمكن أن يكون مدركه باقي الوجوه، فلا يمكن الاعتماد عليه، و علي فرض تسليم القطع بعدم استناد المجمعين في حكمهم الي عدم ثبوت الكفّارة في قتلها الي ما يأتي من الوجوه، فلا يمكننا القول باعتباره أيضا، لعدم التزام أحد من الفقهاء (قدس اللّه تعالي أسرارهم) بكون الإجماع حجّة في نفسه في قبال الكتاب و السنّة، بل ذكروا في وجه حجيّته كشفه عن قول المعصوم (عليه السلام) و لهم في كشفه طرق و مسالك:

1- ما هو المشهور بقاعدة اللّطف، و هو خيرة الشّيخ الطّوسي (أعلي اللّه مقامه).

2- ما هو المنسوب الي السّيد المرتضي و تابعيه من دخول قوله (عليه السلام) في أقوال المجمعين بعد إحراز اتفاق جميع العلماء، و يسمّونه بالإجماع الدّخولي و التضمّني.

3- ما نسبه صاحب الفصول (قدس

سره) الي معظم المحقّقين المشتهر عندهم بالإجماع الحدسي.

4- ما هو المنسوب الي المحقق النائيني (رضوان اللّه تعالي عليه) من كشفه عن دليل معتبر.

5- ما هو المنسوب الي المرجع الكبير البروجردي (نوّر اللّه مضجعه) عن كشفه عن سيرة أصحاب الفتاوي الكاشفة عن سيرة أصحاب الأئمّة المتّصلة الي الامام (عليه السلام) الكاشفة عن رضاه به.

و لكن قد ناقشنا في كتابنا المذكور جميع هذه الطّرق و المسالك و اخترنا هناك انه ليس المناط في وجه حجيّته الّا حصول الاطمئنان بالحكم منه، و حينئذ فيكون حكمه حكم الشّهرة الفتوائيّة، و قول الرّجالي بأنّ فلانا ثقة، و تراكم الظّنون، لعدم

كفارات الإحرام، ص: 7

______________________________

كونها بنفسها حجّة تعبّدية، و لكنها قد توجب العلم بالواقع، فيكون ذلك حجّة، و بعينها الإجماع، فإنه قد يوجب الاطمئنان بكون المجمع عليه هو الواقع، فإذا لم يحصل منه ذلك لا يترتب عليه أثر و لو كان تعبّديا و محصلا، و من أراد الاطلاع علي تفصيل هذا البحث فليراجعه.

الثّاني- الأصل.

الثّالث- الأخبار الدالة علي جواز قتل ما يخشي من السباع مع ارادتها للمحرم أو خشيها علي نفسه- منها:

1- صحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: كلما خاف المحرم علي نفسه من السباع و الحيّات و غيرهما فليقتله، و ان لم يردك فلا ترده «1».

2- خبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن المحرم و ما يقتل من الدّواب؟ فقال: يقتل الأسود و الأفعي و العقرب و كل حيّة، و ان أرادك السّبع فاقتله، و ان لم يدرك فلا تقتله و الكلب العقور إن أرادك فاقتله «2» 3- خبر عبد الرّحمن العزرمي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) عن أبيه عن علي (عليهم السلام)

قال: يقتل المحرم كلما خشيه علي نفسه «3».

4- خبر أبي البختري وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليهم السلام) قال: يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره، و يقتل الزّنبور و العقرب و الحيّة و النسّر و الذّئب و الأسد، و ما خاف أن يعدو عليه من السّباع و الكلب العقور «4».

5- خبر غياث عن أبيه إبراهيم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يقتل

______________________________

(1) الوسائل، ج 9، الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، الحديث: 1.

(2) الوسائل، ج 9، الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، الحديث: 10.

(3) الوسائل، ج 9، الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، الحديث: 7.

(4) الوسائل، ج 9، الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، الحديث: 12.

كفارات الإحرام، ص: 8

______________________________

المحرم الزّنبور و النسر و الأسود الغدر و الذّئب و ما خاف أن يعدو عليه، و قال:

الكلب العقور و هو الذّئب «1» و نحوها غيرها من الأخبار.

يمكن أن يقال: ان منصرف هذه الأخبار هو الجواز الذي لا يتعقّبه الكفّارة.

الّا أن يناقش فيه بعدم دلالتها علي ذلك، لعدم ثبوت الملازمة بين جواز قتلها في المحل المفروض، و نفي الكفّارة عنه لو كان هناك دليل اقتضاها، و حينئذ فلا يمكن الاستدلال بها علي ما أفاده المصنف (قدّس سرّه) من نفي الكفّارة، و العمدة في ذلك هو الإجماع بعد الأصل لو تم.

ينبغي هنا التنبيه علي أمر:

و هو انه هل يجوز قتل السّباع و ما يخشي منه و ان لم ترده أم لا؟ فنقول:

اما جواز قتلها مع الإرادة فلا ينبغي الإشكال فيه، لما تقدم من صحيح حريز و خبر محمد بن الفضيل.

و أما بدون ارادتها للمحرم فيمكن أن يقال بعدم جواز

قتلها له، لاشتمال الأخبار المتقدمة علي النّهي- عن قتلها مع عدم الإرادة،- الظّاهر في الحرمة و حينئذ، فلا وجه لحمله علي الكراهة، إلّا إذا ثبت إعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) عنه، أو الاستظهار عن خبر العزرمي و أبي البختري المتقدم و صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يقتل في الحرم و الإحرام الأفعي و الأسود الغدر و كل حيّة سوء و العقرب و الفأرة.. إلخ «2» عموم جواز قتل ما يخشي منه، و ان لم يرده لغفلة أو غيرها، و حينئذ فيمكن حمل النّهي الوارد عن قتل السّباع ما لم ترده في الأخبار المتقدّمة علي كراهة قتلها و ترك التّعرض

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8

(2) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 6

كفارات الإحرام، ص: 9

إلّا الأسد، فانّ علي قاتله كبشا إذا لم يرده علي رواية فيها ضعف (1)

______________________________

لها، لكون النّهي ظاهرا في الحرمة، و أما ما دلّ علي الجواز فيكون نصّا فيه فترفع اليد عن ظاهره بواسطة النّص، و نتيجة ذلك جواز قتلها حتي فيما إذا لم ترده غاية الأمر مع الكراهة.

(1) مراد المصنّف (قدّس سرّه) من الرواية هو خبر أبي سعيد المكاري قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل قتل أسدا في الحرم؟ قال: عليه كبش «1».

ينبغي هنا ذكر أمور:

الأول- انّ الخبر المذكور و ان كان ضعيفا سندا الّا انه يمكن تقويته بما يلي:

1- ما هو المحكي عن الفقه المنسوب الي الامام الرّضا (عليه السلام) قال:

و ان كان الصّيد أسدا ذبحت كبشا «2».

2- الإجماع المحكيّ عن الخلاف و الغنية.

3- ما ذهب اليه بعض من ان كل ما يحرم قتله

في الحرم يحرم قتله علي المحرم، و لكن في جميعها ما لا يخفي.

الثاني- انه- مضافا الي ضعف سنده- يختص الحكم فيه بقتله في الحرم و لا يعم غيره، نعم هو عامّ للمحرم و غيره، و حينئذ فلا يصلح لإثبات وجوب الكبش

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 39 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2)- الوسائل ج 9 الباب 28 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 10

و كذا لا كفّارة (1) فيما لو تولّد بين وحشي و انسي أو بين ما يحل للمحرم و ما يحرم (2) و لو قيل يراعي الاسم كان حسنا (3) و لا بأس بقتل الأفعي و العقرب و الفارة (4)

______________________________

علي المحرم في قتل الأسد مطلقا حتي في غير الحرم، بل يختصّ بقتل المحرم و غيره له في خصوص الحرم، فيكون الدّليل أخصّ من المدّعي.

الثالث- ان المصنّف (قدّس سرّه) تبعا للشّيخ (قدّس سرّه) حمله علي ما إذا لم يرده، لدلالة الأخبار المتقدمة علي جواز قتل ما يخشي من السّباع مع ارادتها للمحرم دون غيرها، فلا كفّارة بنظره في قتلها مع الإرادة.

و لكن فيه بعد فرض تسليمه انه- كما أشرنا إليه في المباحث السّابقة- لا ملازمة بين جواز قتلها مع ارادتها له و بين عدم ثبوت الكفّارة التي هي مورد البحث، كما لا يخفي.

(1) عند الشّيخ (قدس سره).

(2) للأصل.

(3) لأن المدار في ثبوت الحكم و عدمه علي وجود العنوان و عدمه ما دام لم يدل دليل علي خلافه.

(4) كما هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالي أسرارهم) بل عن الغنية إجماع الطّائفة عليه، بل عن المبسوط اتّفاق الأمة، و يدل عليه- مضافا الي ما ذكر- جملة من النّصوص المروية عنهم (عليهم السلام)- منها:

1-

صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال: إذا أحرمت ثم اتّق الدواب كلها إلّا الأفعي و العقرب و الفأرة، فأما الفأرة فإنها توهن هي السقاء و تحرق أهل البيت، و أما العقرب فان رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) مدّ يده الي الحجر فلسعته، فقال: لعنك اللّه لا برّا تدعين و لا

كفارات الإحرام، ص: 11

______________________________

فاجرا.. إلخ «1».

2- خبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن المحرم و ما يقتل من الدواب؟ فقال: يقتل الأسود و الأفعي و الفارة و العقرب و كل حيّة.. إلخ «2».

3- خبر حنان بن سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أمر رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) بقتل الفأرة في الحرم و الأفعي و العقرب.. «3».

4- حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يقتل في الحرم و الإحرام الأفعي و الأسود الغدر و كل حيّة سوء و العقرب و الفأرة.. «4».

الي غير ذلك من الأخبار المروية عنهم (عليهم السّلام).

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انه بمقتضي الأخبار المتقدّمة يجوز للمحرم قتل الأفعي و العقرب و الفارة بدون الكراهة.

الثاني- انه يجوز قتل الأشياء المذكورة للمحرم سواء أرادته أولا، لعدم التّقييد في الأخبار المتقدمة المسوّغة لقتلها بإرادتها له، و خصوصا بملاحظة انه قد قيّد بها في نفس بعض تلك النّصوص بالنسبة الي غير هذه الثلاثة، فتقوي بهذه الملاحظة إرادة الإطلاق منها بالنسبة الي غير هذه الثّلاثة، كخبر محمّد ابن الفضيل المشتمل علي قول الامام (عليه السلام) في جواب السائل عن المحرم و ما يقتل من الدواب: (يقتل الأسود و الأفعي و الفارة و العقرب و كل حيّة، و ان

أرادك السّبع فاقتله و ان لم يردك فلا تقتله.. «5».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 10.

(3) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 11.

(4) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 6.

(5) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 10.

كفارات الإحرام، ص: 12

______________________________

و صحيح ابن عمار المشتمل علي قوله (عليه السلام) إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلها إلّا الأفعي و العقرب و الفأرة.. الي أن قال: و الحيّة إن أرادتك فاقتلها و ان لم تردك فلا تردها و الأسود الغدر فاقتله علي كل حال.. «1».

و أما ما ورد من التقييد بالإرادة في بعض الأخبار فإنما يكون في مقام بيان مطلوبية قتل الأشياء المذكورة في ذلك الحال لا في مقام بيان أصل الجواز كحسن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال لي: يقتل المحرم الأسود الغدر و الأفعي و العقرب و الفأرة، فإن رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) سماها الفاسقة و الفويسقة و يقذف الغراب، و قال: اقتل كل واحد منهن يريدك «2» فلا ينافي ما تقدم، لأنه كما تري أذن أولا بقتلها مطلقا سواء أرادتك أو لم تردك من دون إشارة إلي كراهته ثم أمر (عليه السلام) بقتلها مع ارادتها لك.

الثالث- انه كان من المناسب أن يضيف المصنّف (قدس سره) إلي الأفعي و العقرب و الفأرة: الأسود- و هو الحيّة العظيمة- لقوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار المتقدم آنفا و الأسود الغدر فاقتله علي أيّ حال.. و في خبر محمد بن

الفضيل المتقدم آنفا (.. يقتل الأسود..) و في صحيح الحلبي:

(يقتل في الحرم و الإحرام الأفعي و الأسود الغدر.. «3» و نحوها غيرها من الأخبار.

الرابع- انه كان من المناسب أن يضيف المصنف (قدس سره) الي المذكورات في كلامه هنا: الزّنبور، لإطلاق الأمر بقتله في خبر غياث بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يقتل المحرم الزنبور و النّسر و الأسود الغدر.. «4» و

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 6.

(4) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام، حديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 13

و يرمي الحدأة و الغراب رميا (1)

______________________________

خبر أبي البختري المروي عن قرب الاسناد للحميري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال: يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره، و يقتل الزّنبور و العقرب و الحيّة.. «1» و لكن فيه كلام يأتي عند تعرّض المصنّف له.

و أما قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمّار: (ان أرادك فاقتله) فلا يدل علي الحرمة أو الكراهة مع عدم الإرادة، لأن المنساق منه هو مطلوبية قتله بلا كفّارة بشرط الإرادة فلا يفيد اشتراط ذلك أكثر من عدم المطلوبيّة بدونها لا مطلوبيّة العدم، فتأمّل و لاحظ و اللّه الهادي إلي الصّواب.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من جواز رمي الحدأة و الغراب مطلقا للمحرم و غيره، في الحرم و خارجه من علي ظهر البعير و بدونه، و سواء كان الغراب أبقع أم لا، ممّا لا ينبغي الإشكال فيه، لإطلاق قوله (عليه السلام)

في صحيح الحلبي.. (و يرجم الغراب و الحدأة رجما..) «2».

تنقيح هذه المسألة يتوقف علي ذكر جهات:

الأولي- انه لا ينافي إطلاق صحيح الحلبي الدالّ علي جواز رمي الحدأة و الغراب خبر ابن عمار المشتمل علي التقييد بظهر البعير، لقوله (عليه السلام) فيه و ارم الغراب و الحدأة رميا علي ظهر بعيرك «3» و ذلك لضعف دلالته علي المفهوم و من المستبعد جدّا أن يكون لظهر البعير خصوصيّة في ذلك.

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن المنتصر من التعبير بالرمي عن ظهر البعير ان أراد منه التقييد.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام حديث 12

(2) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام حديث 6

(3) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام حديث 2

كفارات الإحرام، ص: 14

و لا بأس بقتل البرغوث (1)

______________________________

الثانية: ان مقتضي ظاهر قوله (عليه السلام) في خبر ابن عمار: (و ارم الغراب رميا) و صحيح الحلبي: (و الحدأة رجما) هو طلب الإسراع في الرمي اهتماما بحصول ذلك قبل الطّيران، و ذلك لتأكيده الفعل فيهما، كما لا يخفي.

الثالثة- انه لا ينافي إطلاق الغراب الوارد في الأخبار المتقدمة ما ظاهره التقييد بالأبقع منه كما في خبر حنان بن سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أمر رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) بقتل الفأرة في الحرم و الأفعي و العقرب و الغراب الأبقع ترميه فإن أصبته فأبعده اللّه تعالي.. «1» لضعف مفهوم الوصف و يحتمل أن يكون التصريح به لأجل تأكد طلب رميه فتأمل.

الرابعة- انه هل يجوز قتل الغراب و الحدأة بغير الرّمي و الرّجم أم لا؟

فنقول:

ان ظاهر الأخبار المتقدّمة عدم جواز قتلهما إلّا إذا اتّفق من إفضاء

الرمي الي ذلك، خلافا لما هو المحكي عن المبسوط فجوز قتلهما، بل يظهر منه الإجماع عليه، و مما ذكر يظهر ضعفه.

و أما الإجماع ففيه ما تقدم من ان المعتبر منه هو التعبّدي الموجب للقطع بصدور الحكم عن المعصوم (عليه السلام) دون المدركي، و في المقام يحتمل أن يكون مدركه ما عرفت من الأخبار فلا عبرة به فتدبر.

(1) استدل لذلك بوجهين:

الأول- الأصل.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 11.

كفارات الإحرام، ص: 15

و في الزّنبور تردّد (1)

______________________________

الثاني- ما رواه فضال عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا بأس بقتل البرغوث و القملة و البقّة في الحرم «1» و لكن بعد الغص عما فيه من حيث السند، ينافي إطلاقه ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن المحرم يقتل البقّة و البراغيث إذا آذاه؟ قال: نعم «2».

و خبر زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن المحرم يقتل البقّة و البرغوث إذا رآه؟ قال: نعم «3».

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن التذكرة و موضع من المبسوط و غيرهما من حرمة قتل البرغوث علي المحرم.

و يمكن أن يكون المدرك في حكمهم بذلك خبر زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) هل يحكّ المحرم رأسه؟ قال: يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابة «4» لعمومه البرغوث.

و (فيه): انه مخصّص بما عرفت من الأخبار.

(1) أما وجه جواز قتله للمحرم فهو الأصل و كونه من المؤذيات، و خبر غياث بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يقتل المحرم الزنبور و النّسر و الأسود الغدر و الذّئب و ما خاف أن يعدو عليه..

«5» و نحوه غيره من الأخبار

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 84 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 7.

(3) الوسائل ج 9 الباب 79 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 78 من أبواب تروك الإحرام الحديث 4.

(5) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 16

و الوجه المنع (1)

______________________________

المتقدمة.

أما وجه عدم جواز قتله له فهو صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث قال: ثم اتق قتل الدّواب كلّها إلّا الأفعي و العقرب و الفارة.. و الحيّة إذا أراد تك فاقتلها و ان لم تردك فلا تردها.. الي أن قال: و الأسود الغدر فاقتله علي كل حال «1».

(1) لما تقدّم من النّهي في الأخبار السّابقة عن قتل ما لم يرده من المؤذيات و لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم قتل زنبورا؟ قال: ان كان خطأ فليس عليه شي ء، قلت: لإبل متعمّدا؟

قال: يطعم شيئا من طعام، قلت: انه أرادني؟ قال: كل شي ء أرادك فاقتله «2» و حينئذ فلا يبقي مجال للأصل.

و أما خبر غياث و نحوه فمضافا الي ضعفه من حيث السّند، فيمكن حمله علي ما إذا أراده أو خاف منه، فإنه في هذا الفرض يجوز قتله.

بل يمكن أن يقال بسقوط الكفّارة فيه أيضا، للأصل بعد دعوي: ان المنساق من الأخبار هو ثبوتها في غير هذا الفرض، و ان كان يحتمل ثبوتها فيه، للإطلاق الّذي لا ينافيه الرّخصة في القتل، و لكنه مع ذلك كله تحتاج هذه المسألة إلي التأمّل.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 81 من

أبواب تروك الإحرام الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 81 من أبواب تروك الإحرام الحديث 9، و في الباب 8 من أبواب كفّارات الصيد الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 17

و لا كفّارة في قتله خطأ (1) و في قتله عمدا صدقة و لو بكفّ من طعام (2)

______________________________

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من عدم ثبوت الكفّارة فيما إذا قتل الزّنبور خطأ مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل الظاهر انه مما لا خلاف فيه، و يدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم قتل زنبورا؟ قال: ان كان خطأ فليس عليه شي ء.. إلخ «1» و نحوه صحيحة الآخر «2» و ما رواه يحيي الأزرق «3».

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و يدل عليه ما في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام: من قتل عظاية أو زنبور أو هو محرم، فان لم يتعمّد ذلك فلا شي ء عليه فيه، و ان تعمّده أطعم كفّا من طعام، و كذلك النّمل و الذر و البعوض و القراد و القمّل «4» و ما في صحيح معاوية ابن عمار المتقدم: ان كان خطأ فليس عليه شي ء، قلت: لإبل متعمّدا؟ قال:

يطعم شيئا من طعام، قلت: انه أرادني؟ قال: ان أرادك فاقتله «5».

و المستفاد من هذه الأخبار هو عدم لزوم شي ء علي المحرم فيما إذا قتل زنبورا خطأ و لزوم شي ء من الطّعام عليه فيما إذا تعمّد قتله لكن مع عدم إرادته للمحرم و عدم لزوم شي ء عليه فيما إذا أراده الزّنبور و قتله، و قد عقد في الوسائل بابا لذلك، و من أراد الاطلاع عليها فليراجعها.

______________________________

(1)

الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(4) المستدرك الباب 8 من أبواب كفارات الصيد الحديث 1.

(5) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفارات الصيد الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 18

______________________________

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأول- ان المذكور في صحيح معاوية بن عمار المتقدم آنفا هو شي ء من الطعام فيما إذا قتله متعمّدا.

و لكن حكي عن بعض باكتفائه بتمرة، و يحتمل أن يكون ذلك لأجل صدق الشي ء عليها.

اللّهم الا أن يقال بانصرافه الي ما يكون معتدا به و لو في الجملة و أقلّه الكف.

الثّاني- انه لو قتل زنبورا متعدّدا فهل يكفي عن المجموع مدّ، كما هو المحكي عن المقنعة، أو صاع إذا قلت الزنابير، و شاة إذا كثرت، كما عن الكافي أو لا يكفي ذلك؟

و الأقوي في النظر عدم كفاية المدّ و لا الصّاع، لعدم الدليل عليه فبمقتضي ذلك يحكم بثبوت ما ذكر في كفّارته في كلّ منها.

و يمكن الاستدلال لكفايته بما يلي:

1- دعوي انصراف الشي ء في الأخبار المتقدمة إلي المعتد به و هو المدّ أو الصّاع.

و فيه: ما لا يخفي من المناقشة و الاشكال، و ذلك لعدم الانصراف أو لا، و علي فرض ثبوته فبدوي ثانيا، فلا عبرة به في تقييد الإطلاق، لعدم كونه كالقرينة الحافة بالكلام الذي هو الضابط في الانصراف الصالح للتّقييد.

2- حمل كلمة (زنبور) الواقع في أخبار الباب علي الجنس.

و (فيه): منع واضح، لعدم المحذور في إرادة ظاهره، و هو غير الجنس، و لا سيّما ان المدّ محكي عن المقنعة الذي حكي عنه التصدق بتمرة للزنبور الواحد،

كفارات

الإحرام، ص: 19

و يجوز شراء القماري و الدّباسي و إخراجهما من مكّة علي رواية (1)

______________________________

فإنه بناء عليه لا يلائم حمل الشي ء علي المدّ، كما هو واضح.

3- ان إيجاب الشاة لقتل الكثير من الزّنبور ممّا لا يمكن المساعدة عليه الّا أن يقوم دليل تعبّدي عليه.

4- انه لا ينافي وجوب الجزاء جواز قتله، لعدم توقف وجوب الجزاء علي الحرمة.

(1) و هي ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن شراء القماري [1] يخرج من مكة و المدينة؟ فقال: ما أحبّ أن يخرج منهما شي ء «1».

تحقيق الكلام في هذه المسألة يتوقف علي ذكر جهات:

الأولي- ان قوله (عليه السلام) في الرواية المتقدمة: (ما أحبّ أن يخرج منهما شي ء) ظاهر في الكراهة دون الحرمة، و لا سيّما بملاحظة التّسوية فيه بين مكة و المدينة، و هذا خيرة النافع و القواعد و المبسوط و النهاية، خلافا للحلّي و الفاضل في المختلف و ولده و جماعة من متأخّري المتأخرين.

الثّانية- انّ مقتضي إطلاق الرّواية المتقدّمة هو جواز إخراج القماري من مكّة إلي الحرم و خارجه.

______________________________

[1] القماري جمع قمريّة بالضم و هو ضرب من الحمام، و القمرة بالضّم لون الخضرة أو الحمرة فيه كدرة و أما الدّباسي فهو جمع ادبس من الطّير الذي لونه بين السّواد و الحمرة، و منه الدّبسي كطائر ادكن يفرفر.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 20

______________________________

و حينئذ فينافي الأخبار الدالّة علي حرمة إخراج الطّير من مكّة و الحرم الي خارجه فتقع المعارضة بينه و بينها، و لا بأس بذكر بعض منها:

1- صحيح علي بن جعفر قال: سألت أخي موسي (عليه السلام) عن رجل أخرج حمامة من حمام

الحرم إلي الكوفة أو غيرها؟ قال: عليه أن يردّها، فان ماتت فعليه ثمنها يتصّدق به «1».

2- خبر علي بن جعفر عن موسي بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل خرج بطير من مكّة حتي ورد به الكوفة كيف يصنع؟ قال: يرده إلي مكة، فان مات تصدق به «2».

3- ما رواه يونس بن يعقوب قال: أرسلت الي أبي الحسن موسي (عليه السلام) ان أخا لي اشتري حماما من المدينة، فذهبنا بها معا إلي مكة فاعتمرنا و أقمنا إلي الحج، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلي الكوفة هل علينا في ذلك شي ء؟ فقال: للرّسول فإنهن كن فرهة، قل له يذبح عن كل طير شاة «3».

4- ما رواه زرارة انه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل أخرج طيرا له من مكة إلي الكوفة؟ قال: يردّه إلي مكة «4».

5- مرسل يعقوب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أدخلت الطّير، المدينة، فجائز لك أن تخرجه منها ما أدخلت، و إذا أدخلت مكة فليس لك أن تخرجه «5» و نحوها غيرها من الأخبار.

و لكن لا منافاة بينه و بينها، لتخصيصها به، و نتيجة ذلك هو عدم جواز إخراج الطّير من مكّة و الحرم إلّا القماري.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 9.

(4) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 8.

(5) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 21

______________________________

و أما الدّباسي فإلحاقها بها يحتاج الي دليل، فان قام دليل عليه فهو،

و الّا فيكون الحكم فيه بذلك مشكلا.

تفصيل الكلام في ذلك هو انّ صاحب الجواهر (قدس سره) بعد أن ذكر الأخبار الدالة علي عدم جواز إخراج الطّيور من مكة قال: (علي ان الصحيح المزبور «و هو ما رواه عيص بن القاسم» بعد الإغضاء عن المناقشة في صحته كما في كشف اللثام مختص بالقماري و لا صراحة فيه بالجواز، بل قيل و لا ظهور، بل عن ظاهر الشيخ في التهذيب و غيره دلالته علي التحريم، و لعله دوران الأمر فيه بين إبقاء لفظ (لا أحبّ) علي ظاهره من الكراهة، و تخصيص الشي ء المنفي في سياق النفي بخصوص القماري و الدباسي، أيضا و بين إبقاء العموم بحاله و صرف (لا أحب) عن ظاهره الي التحريم أو الأعم منه و الكراهة، و الأول خلاف التحقيق، و ان كان التخصيص أولي من المجاز بناء علي اختصاص الأولوية بالتخصيص المقبول، و هو ما بقي من العام بعده، أكثر افراده، و ليس هنا كذلك، فاختيار الثاني لازم هذا ان سلم ظهور لفظ (لا أحبّ) في الكراهة، و الّا فهو أعم منها و من الحرمة لغة، لكن مقتضي هذا عدم دلالته علي الحرمة أيضا، بل تكون الرواية حينئذ مجملة لا تصلح حجة لأحد القولين، و لكن الأصل عدم الجواز للعمومات، لكن ذلك كله كما تري مناف لما يقتضيه الإنصاف من دلالة الصحيح علي جواز الإخراج من مكة و لو بملاحظة حكم المدينة المعلوم أنه الجواز، و دعوي إرادة القدر المشترك بين الكراهة و الحرمة من قوله «لا أحبّ» لا دليل عليها، فلا إشكال في دلالته علي ذلك.

نعم هو خاص بالقماري، و يمكن إتمامه بعدم القول بالفصل، فمن الغريب ما عن المختلف و التذكرة

من الاستدلال بالصحيحة علي الحرمة، و أغرب من ذلك ما في كشف اللثام من أنه ليس فيها أي الصّحيحة و لا في شي ء من الفتاوي الا

كفارات الإحرام، ص: 22

و لا يجوز قتلها و لا أكلها (1).

______________________________

الإخراج من مكة لا الحرم، فلا يخالفه منع ابن إدريس من الإخراج منه و نصوص المنع من إخراج الصيد أو الحمام منه و الأمر بالتخلية، نعم نصّ الشهيد علي جواز الإخراج من الحرم، و لم أعرف جهته، إذ هو كما تري ضرورة ظهور النّص فضلا عن الفتاوي في الإخراج من مكة الشامل للخروج عن الحرم و لو بترك الاستفصال.. إلخ).

الثالثة- انه قد يقال: ان القدر المتيقّن من صحيح عيص بن القاسم الدّال علي جواز الإخراج من مكة إلي الحرم و خارجه و هو جوازه للمحلّ لا المحرم بدعوي انصرافه عنه من حيث انصرافه الي المسافر عن مكة الذي هو محلّ غالبا سوي القليل النّادر فتدبر.

الرابعة- انه علي تقدير الجواز للمحل أو مطلقا يجوز للمحل بعد الخروج من الحرم إتلافها فتأمل.

(1) ما أفاده المصنف (قدّس سرّه) من عدم جواز قتل القماري و الدّباسي و لا أكلهما للمحرم و لغيره في الحرم مما لا ينبغي الإشكال فيه، و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم)، بل ادعي عليه الاتفاق منهم علي ما في كشف اللّثام.

و استدل لذلك بالعمومات المقتصر في الخروج عنها علي ما عرفت، و ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) ما في القمري و الدبسي و السّمان و العصفور و البلبل؟ قال: قيمته، فإن أصابه المحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم «1».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 7

كفارات

الإحرام، ص: 23

[الثاني: ما يتعلق به الكفارة]
اشارة

الثاني: ما يتعلق به الكفارة و هو ضربان:

[الأول ما لكفارته بدل علي الخصوص]
اشارة

الأول ما لكفارته بدل علي الخصوص و هو كل ما له مثل (1) من النّعم و أقسامه خمسة:

[الأول النّعامة]

الأول النّعامة، و في قتلها بدنة (2)

______________________________

(1) و المراد منه هو المثل في الصورة لا القيمة، لأنه المنساق من المماثلة المأمور بها في الآية الكريمة «1» كالبدنة في النّعامة، و البقرة الأهلية في بقرة الوحش، و الشّاة الأهليّة في الظّبي.

(2) كما هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالي أسرارهم) بل في الجواهر بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع حينئذ بقسميه عليه، بل هو المحكي عن أكثر المخالفين أيضا، و استدل لذلك بوجهين:

الأول- انه أظهر أفراد المثل المأمور به في كتاب اللّه العزيز (فجزاء مثل ما قتل من النّعم).

الثاني- الأخبار المرويّة عنهم (عليهم السلام)- منها:

1- صحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: في قول اللّه عز و جل (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)؟ قال: في النّعامة بدنة، و في حمار وحش بقرة، و في الظّبي شاة، و في البقرة بقرة «2».

2- صحيح محمد بن مسلم و زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في محرم قتل نعامة؟ قال: عليه بدنة، فان لم يجد فإطعام ستّين مسكينا، فان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكينا لم يزد علي إطعام ستّين مسكينا و ان كانت

______________________________

(1) سورة المائدة الآية 96

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 24

______________________________

قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكينا لم يكن عليه الّا قيمة البدنة «1».

3- ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قلت له المحرم يقتل نعامة؟ قال: عليه بدنة من الإبل، قلت: يقتل حمار وحش؟ قال: عليه بدنة، قلت:

فالبقرة؟ قال: بقرة «2».

4- صحيح سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في الظّبي شاة و في البقرة بقرة و في الحمار بدنة و في النّعامة بدنة و فيما سوي ذلك قيمته «3».

و نحوها غيرها من الأخبار.

نعم في محكي المبسوط و السرائر وجوب الجزور في قتل النّعامة و هذا نشأ من الأخبار المعبرة به في كفّارة قتلها كخبر أبي الصباح قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عز و جل في الصّيد (مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ؟) قال: في الظّبي شاة و في حمار وحش بقرة و في النّعامة جزور «4».

فعليه تقع المعارضة بينه و بين الأخبار المتقدّمة الدالة علي ان في قتل النّعامة بدنة.

و لكن يمكن أن يقال بعدم المعارضة بينه و بينها:

أما أولا- فلان في طريق الخبر المشتمل علي الجزور محمد بن الفضيل فلا يشمله دليل الاعتبار لضعف سنده.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 9

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 4

(3) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2

(4) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3

كفارات الإحرام، ص: 25

______________________________

و أما ثانيا- فلعدم الاختلاف بينه و بين الأخبار المتقدمة، لعدم الفرق بين الجزور و البدنة، و البدنة هي الجزور، غاية ما في الباب ان البدنة من حيث المفهوم يكون أخصّ، من الجزور، لاعتبار معني الهدي في مفهومها دونه، و هذا لا يوجب الاختلاف بينهما، و حينئذ فيكون المراد واحدا.

ثم انه لو أغمض عما ذكرنا فيكون الترجيح للأخبار الدّالة علي ثبوت البدنة في قتل النّعامة، لكثرتها عددا،

و صحتها سندا، و اعتضادها بنفي الخلاف و الإجماع و أكثر الفتاوي.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- ان مقتضي إطلاق أخبار المقام هو عدم اعتبار السنّ المعتبر في الهدي في البدنة فتجزي سواء وافقت النّعامة في الصّغر و الكبر و غيرهما من الخصوصيّات أم لا.

و أما ما حكي عن التذكرة من اعتبار المماثلة بين الصّيد و فدائه في السنّ و غيره فلا يمكننا المساعدة عليه، لعدم دليل عليه سوي دعوي كونه المراد من المماثلة في الآية الكريمة، و لكن لا يخفي ما في هذه الدعوي من الاشكال، لكونها اجتهادا في مقابل النّص الدالّ علي كفاية ما يصدق عليه عنوان البدنة.

الثاني- ان بدنة تطلق علي النّاقة و البقرة (كما في القاموس) و بذلك صرح شمس العلوم قال: «البدنة: النّاقة و البقرة تنحر بمكة» و نقل ذلك عن الصّحاح و الديوان و المحيط و العين و النّهاية الأثيرية و تهذيب الأسماء للنووي، و زاد في مجمع البحرين: الجمل، و خصّها بعضهم بالإبل، و هو الأقوي في النظر، لعطف البقرة علي البدنة في كثير من الأخبار الواردة في أجزاء الهدي الواحد المستحب أو عند الضّرورة عن المتعدّدين، و من المعلوم: ان العطف يقتضي المغايرة بين

كفارات الإحرام، ص: 26

و مع العجز تقوّم البدنة و يفضّ ثمنها علي البّر (1)

______________________________

المعطوف و المعطوف عليه، بل في بعضها ما هو صريح في اختلافهما للحكم كما في خبر الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له عن كم تجزئ البدنة؟ قال: عن نفس واحدة، قلت: فالبقرة؟ قال: تجزي عن خمسة.. «1».

بل هو مستفاد من نفس أخبار الباب التي بينت فيها وجوب المثل لمثله كما في صحيح سليمان بن خالد المتقدم

و غيره: (ان في الظّبي شاة و في البقرة بقرة.. و في النّعامة بدنة..).

مضافا الي اشتمال بعض أخبار المقام علي بدلين مختلفين للبدنة و البقرة علي ان المنساق من البدنة عرفا هو الإبل خاصة.

الثالث- انه هل يختص البدنة بالأنثي أو تعم الذّكر أيضا؟

يمكن أن يقال بالثّاني، كما هو المحكي عن العين حيث قال: (كذا البدنة، ناقة أو بقرة: الذّكر و الأنثي منه سواء يهدي الي مكة).

(1) كما قد صريح بذلك غير واحد من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في الحدائق حكايته عن الشّيخ و ابن إدريس و انه المشهور بين المتأخّرين، بل في المدارك نسبته إلي الأكثر، و نسبه في كشف اللّثام الي الشّيخ و بني حمزة و غيرهما، و استدل لذلك- مضافا الي ما ذكر- بما رواه الزّهري عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال لي يوما يا زهري.. أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدري، فقال: يقوم الصّيد قيمة عدل،

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب الذبح، الحديث 18

كفارات الإحرام، ص: 27

______________________________

ثم تفضّ تلك القيمة علي البرّ، ثم يكال ذلك البرّ أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما.. «1» و نحوه عن الفقه المنسوب الي الرضا (عليه السلام) «2».

و لكن حكي عن المبسوط و الخلاف و الوسيلة و الجامع مكان البّر: الطعام، و في التّذكرة و المنتهي الطّعام المخرج: الحنطة و الشّعير أو التّمر أو الزبيب، و في كشف اللثام بعد نقل ما عرفت قال: (و لو قيل يجزي كل ما يسمي طعاما كان حسنا، لأن اللّه تعالي أوجب الطعام).

و الأقوي في النظر هو كفاية فض ثمن البدنة علي مطلق الطّعام، لإطلاق الأخبار.

و أما القول

بانصرافه الي البّر، ففيه ما لا يخفي من المناقشة و الاشكال:

أما أولا- فلمنعه.

و أما ثانيا- فلأنه بعد فرض ثبوته بدوي لا عبرة به في تقييد الإطلاق، لعدم كونه كالقرينة الحافّة بالكلام الذي هو المعيار و الملاك في الانصراف الصالح للتّقييد، و حينئذ فيحكم بكفاية مطلق ما يصدق عليه الطعام و يحمل قوله (عليه السلام) (علي البّر) في خبر الزهري المتقدم علي المثال أو الأفضل.

و من هنا ظهران ما أفاده كاشف اللثام من الاكتفاء بغير البرّ مما يجزي في مقام الكفّارة هو الصّواب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 1 من كتاب الصوم عن الكليني و المقنع ص 56 و الهداية ص 49 المطبوعين جديدا.

و روي في المستدرك عنهما أيضا في الباب 1 من أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 2.

(2) المستدرك الباب 1 من أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 28

و يتصّدق به لكل مسكين مدّان (1)

______________________________

(إيقاظ) ثم انه مع العجز عن البدنة عليه أن يقوّم البدنة بالقيمة السوقيّة العادلة، ثم تفض تلك القيمة علي البّر أو غيره من الطعام ثم يتصّدق به علي المساكين لكل منهم مدّان أو مدّ علي ما يأتي عند شرح كلام المصنف (قدّس سرّه) الآتي.

(1) لصحيح أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أصاب المحرم الصّيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصّيد قومّ جزاؤه من النّعم دراهم، ثم قوّمت الدّراهم طعاما، لكل مسكين نصف صاع، فان لم يقدر علي الطّعام صام لكل نصف صاع يوما «1» و ما رواه الزّهري المتقدّم، لقوله (عليه السلام) في ذيله: (ثم يكال ذلك البّر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما) «2».

و لكن

ينبغي هنا ذكر طائفتين من الأخبار:

الأولي- منها مطلقة و لم يذكر فيها المدّ و لا المدّين.

الثانية: منها مقيّدة بالمدّ.

أما الطّائفة الأولي- فمنها.

1- صحيح زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: في محرم قتل نعامة؟ قال: عليه بدنة فان لم يجد فإطعام ستّين مسكينا، قال: فان كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكينا لم يزد علي إطعام ستّين مسكينا،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1

(2) الوسائل ج 7 الباب 1 من أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 1

كفارات الإحرام، ص: 29

______________________________

و ان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الّا قيمة البدنة «1».

2- خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل محرم أصابه نعامة، ما عليه؟ قال: عليه بدنة، فان لم يجد فليتصدّق علي ستين مسكينا، فان لم يجد فليصم ثمانية عشر يوما.. إلخ «2».

3- ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول مرسلا عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام).. قال: و ان كان من الوحش فعليه في حمار وحش بدنة، و كذلك في النّعامة بدنة، فان لم يقدر فإطعام ستّين مسكينا، و ان لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما.. إلخ) «3» و نحوها غيرها من الأخبار المروية عنهم (عليهم السلام).

أما الطّائفة الثّانية- فمنها:

1- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم أصاب نعامة و حمار وحش؟ قال: عليه بدنة قال: قلت فان لم يقدر علي بدنة؟

قال: فليطعم ستّين مسكينا، قلت: فان لم يقدر علي أن يتصدّق؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوما، و الصّدقة مدّ علي كل مسكين،

قال: و سألته عن محرم أصاب بقرة؟ قال: عليه بقرة، قلت: فان لم يقدر علي البقرة؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكينا، قلت: فان لم يقدر علي أن يتصدّق به؟ قال: فليصم تسعة أيام..

إلخ «4».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 9

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 6

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2

(4) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3

كفارات الإحرام، ص: 30

______________________________

2- صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فان لم يجد (به خ ل) فأراد أن يتصدّق فعليه أن يطعم ستّين مسكينا لكل مسكين مدّا، فان لم يقدر علي ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما، مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيّام.. إلخ «1».

3- خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عز و جل (فمن قتل صيدا متعمّدا و هو محرم فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بٰالِغَ الْكَعْبَةِ، أَوْ كَفّٰارَةٌ طَعٰامُ مَسٰاكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذٰلِكَ صِيٰاماً) ما هو؟ قال: ينظر الذي عليه بجزاء ما قتل، فاما أن يهديه و اما أن يقوّم فيشتري به طعاما فيطعمه المساكين يطعم كل مسكين مدّا و اما أن ينظر، كم يبلغ عدد ذلك من المساكين فيصوم مكان كل مسكين يوما «2».

فإذا تقع المعارضة بين هاتين الطائفتين من الأخبار و بين ما تقدم من الأخبار عند شرح كلام المصنف (قدس سره) الدالة علي إطعام نصف صاع و هو مدّين لكل مسكين، و لكن يمكن

الجمع بينها بما يلي:

1- حمل ما دلّ علي إطعام مدّين لكل مسكين علي النّدب، و لا سيّما بعد ان كان إطعام مدّ لكل مسكين في غير مفروض المقام من الكفّارات، و لعل هذا الاختلاف في منطوق الأخبار- كما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) راجع الي ذلك لا أن تكون في هذه الكفّارة خصوصيّة.

ثمّ انه قال صاحب الجواهر: (و ان كان المصنّف «قدس سره» قد اختار المدّ هناك، و لعله للفرق بين المقام و غيره، بتعارض حق الفقراء هنا، إذ هو تفريق

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 13.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 14.

كفارات الإحرام، ص: 31

و لا يلزم ما زاد عن ستين (1)

______________________________

للموجود بخلاف غيره فإنه دفع ممن عليه الكفّارة فلا بأس باستحباب دفعه للمدّين بخلاف ما هنا، و من هنا يمكن ترجيح نصوص المدّين بالفتاوي..).

2- ما أفاده كشف اللثام (من احتمال الجمع بينها باختلاف القيمة فإن وفت بمدّين تصدق بهما، و إلا فبمدّ علي الكل أو البعض، و لكن لا أعرف به قائلا بالتّنصيص و يحتمله كلام من أطلق إطعام الستين) و (فيه): مضافا الي اعترافه بعدم القائل له بالتّنصيص لا شاهد له فلا يمكن المصير اليه.

(1) ما أفاده المصنف (قدس سره) من عدم لزوم دفع ما زاد عن ستّين ان زاد البّر أو مطلق الطّعام مما لا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل قد نفي عنه الخلاف و استدل لذلك بعدة أخبار- منها:

1- صحيح زرارة و ابن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في محرم قتل نعامة؟ قال: عليه بدنة فان لم يجد فإطعام ستّين

مسكينا، فان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكينا لم يزد علي إطعام ستّين مسكينا، و ان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة «1».

2- ما رواه جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في محرم قتل نعامة؟ قال: عليه بدنة، فان لم يجد فإطعام ستّين مسكينا و قال ان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكينا لم يزد علي إطعام ستين مسكينا، و ان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة «2».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 9

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2

كفارات الإحرام، ص: 32

______________________________

ينبغي هنا ذكر أمور:

الأول- ان أخبار المقام ظاهرة في عدم وجدان ذات البدنة لا قيمتها و لذا فرض فيها التّقويم.

الثاني- انه كما لا يجب دفع ما زاد عن ستّين لو زاد البّر أو مطلق الطّعام كذلك لا يجب الإتمام لو نقص عنه، لقوله (عليه السلام) في صحيح زرارة و محمد بن مسلم المتقدّم آنفا: (و ان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستّين مسكينا لم يكن عليه الا قيمة البدنة) و نحوه في المرسل المتقدم آنفا.

الثالث- انه لا ينافي الأخبار المتقدمة إطلاق غيرها مما دل علي إطعام الستّين لحمله علي ما ذكر.

الرابع- انه لا ينافي ما ذكرناه ما حكي عن أبي الصلاح و ابن زهرة من إطلاق: ان من لم يجد البدنة تصدق بثمنها كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: (أو عدل ذلك صياما) قال: عدل الهدي ما

بلع يتصدق به فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكلّ طعام مسكين يوما «1» و ذلك لإمكان حمله علي أراد التصدق به علي الوجه الذي تقدم.

الخامس- انه لا ينافي ما تقدم أيضا ما حكي عن الحلبيّين من الانتقال الي الصّوم مع العجز عن البدنة، لأنه مضافا الي عدم الدّليل عليه مناف للدّليل المعتبر الذي هو عبارة عن الكتاب و السنّة، نعم يمكن حمله علي ارادة العجز عن البدنة عينا و قيمة.

السادس- انه لا عبرة لما قيل من انه إذا لم يجد بدنة يكفيه سبع شياه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 10.

كفارات الإحرام، ص: 33

______________________________

و ان لم يقدر ذلك صام ثمانية عشر يوما الدال عليه خبر داود الرقي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في الرّجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء؟ قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما «1» و ذلك:

أما أولا- فلكونه ضعيفا من حيث السند فلا عبرة به.

و أما ثانيا- فلعدم إمكان مقاومته مع الأخبار المتقدّمة لخروجه عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار بإعراض الأصحاب عنه.

السابع- انه لو لم يتمكن العاجز عن البدنة من تحصيل البّر و قلنا بتعيّنه دون قيمته فما تكليفه؟

فنقول: ان أقوي الاحتمالات أن يقوّم قيمة عادلة و يجعلها عند ثقة ليشتري بها برّا إذا وجده، إذ بالقدرة علي القيمة يكون قادرا عليه، و ليس لنا دليل ظاهرا علي فوريّة وجوب إخراجه حتي يعد عاجزا عنه.

ثم أقواها شراء غيره من الأطعمة لمطلقات الطّعام المحمولة علي صورة فقده عند وجوب الفداء و حينئذ ففي الاكتفاء بالستّين مسكينا- كما في البرّ- لو زاد غيره من الطعام عن الستّين

اشكال: من إناطة الكفّارة بالقيمة، و من شمول دليل الاكتفاء، للبر و غيره.

و أدني الاحتمالات الانتقال الي الصّوم بمجرد عدم تمكنّه من تحصيل البّر، لأنه بعد حمل المطلقات علي البّر يلزم الانتقال عنه اليه، و لازم ذلك أن لا يبقي مورد للعمل بمطلقات الطّعام علي إطلاقها و هو خلاف الظاهر.

الثامن- لو تعدّد صنف ما يجده من الطّعام من غير البرّ فهل يتعيّن عليه فرد خاص منه أم لا؟ يمكن أن يقال بالتّخيير، لعدم المرجّح الشّرعي ظاهرا في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 34

______________________________

البين.

و يمكن أن يقال بتعيّن الأقرب إليه كالشعير و أمثاله لأنه أولي بالبدليّة، و هذا هو الأقرب في النظر.

التاسع- انه هل يلحق القيمة بالزكاة إذا عزلها المالك عن ماله عند عدم المستحق في عدم الضّمان بالتلف بلا تفريط أم لا؟

يمكن أن يقال بالأول بدعوي: عدم الفرق بينها و بين الكفّارة.

و يمكن أن يقال بالثاني للفرق بينهما، لتعلق الزكاة بالعين، فلو عزلها المالك و تلفت بلا تفريط منه لم يجب لها البدل عليه و هذا بخلاف الكفّارة، لتعلقها بالذّمة، فلا تبرأ الذّمة إلّا بإخراجها.

و لكن يمكن المناقشة فيه بأنه بعد فرض الاذن شرعا بإبدال الواجب- و هو البّر- و إيداع القيمة فقد تعلق الوجوب بعين البدل فيلحقه حكم الزّكاة، و لذا نقول: انه لو زادت قيمة البّر و نقصت القيمة المودعة عن الستّين لم يجب ضمّ الزائد إلي القيمة الأولي لإكمال الستّين، و هذا يدل علي ان الواجب عند عدم التّمكن من المبدل منه هو البدل.

اللّهم الا أن يقال: ان ابدال الجزاء بالقيمة و شراء الطّعام بها انما غايته أن يجعل القيمة أو الطّعام بمنزلة تعيين

الجزاء و هو لا يوجب رفع الضّمان و لا اختصاص الوجوب بالمعين و لا فراغ الذّمة به ما لم يحصل الإخراج و هذا بخلاف الزّكاة فتأمل.

العاشر- انه ينبغي هنا بيان اعتبار حكم العدلين في مثلّية الجزاء التي اعتبرتها الآية الكريمة (.. فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ) «1» فنقول: انه لا بأس بذكر ما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه) في هذا

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 96.

كفارات الإحرام، ص: 35

______________________________

المقام:

قال: ان ظاهر الآية اعتبار حكم العدلين في مثلية الجزاء.

و من هنا قال الطبرسي (طاب ثراه) في جامع الجوامع و المقداد في آيات الأحكام: «يحكم به رجلان عدلان فقيهان» و كذلك في الوجيز، و حكاه في مجمع البيان عن أبي عباس، الا اني لم أجد له أثرا في كلام الفقهاء، و لذا قال الأردبيلي في آيات الأحكام: «ان اعتبار التعدّد ينافي اعتبار الحكم، إذ ليس بعد شهادة العدلين شي ء إلا ما جاء من الحلف في دعوي الدين علي الميّت، فلا يبعد إرادة الشّهادة من الحكم في الآية» و لكن فيه: انه لا أثر في كتب الفروع لاعتبار شهادة العدلين في المثليّة أيضا. إلا ما تسمعه في آخر الكفّارات، ضرورة: أن المنصوص حكمه ما جاء في النّص و غير المنصوص حكمه ضمان القيمة، و ذلك كله يشهد لكون القراءة «ذو عدل» كما في الصّافي عن المجمع عن الباقر و الصّادق (عليهما السّلام) قال: و في الكافي و العياشي عن الباقر (عليه السلام) «1»: (و العدل رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) و الامام من بعده) ثم قالا: هذا مما أخطأت به الكتّاب).

و زاد العيّاشي: «يعني رجلا واحدا يعني الإمام» «2» أقول: يعني ان

رسم الألف في (ذوا عدل) من تصرف نسّاخ القرآن خطأ، و الصواب عدم نسخها، و ذلك انه يفيد ان الحاكم اثنان و الحال انه واحد و هو الرّسول في زمانه ثم كل إمام في زمانه علي سبيل البدل الي أن قال:

______________________________

(1) الكافي ج 4 ص 397 باب النوادر من أبواب الصيد من كتاب الحج الحديث 5 و تفسير العياشي ج 1 ص 343 سورة المائدة الرقم 197.

(2) تفسير العياشي ج 1 ص 344 سورة المائدة الرقم 198 و هذا في رواية أخري.

كفارات الإحرام، ص: 36

______________________________

و في التهذيب عن الباقر (عليه السلام): «العدل رسول اللّه (ص) و الامام من بعده يحكم به و هو ذو عدل فإذا علمت ما حكم به الرسول و الامام فحسبك و لا تسأل عنه» «1».

قلت: و في الموثق: «ان زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ» فقال: (العدل رسول اللّه (ص) و الامام من بعده) ثم قال: هذا مما أخطأت به الكتّاب «2» و نحوه حسن إبراهيم بن عمر اليماني عن الصادق (عليه السلام) «3» و في الحسن عن حماد بن عثمان قال: تلوت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) ذوا عدل منكم، فقال: (ذو عدل هذا مما أخطأت فيه الكتّاب) «4» و في المحكي عن تفسير العياشي عن زرارة «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول «يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ قال: ذلك رسول اللّه و الامام من بعده (صلوات اللّه عليهما) فإذا حكم به الامام فحسبك» «5» و فيه عن محمد بن مسلم عنه (عليه السلام) في الآية: (يعني رجلا واحدا يعني الإمام (عليه السلام) «6» الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من

أبواب صفات القاضي الحديث 26 و التهذيب ج 6 ص 314 الرقم 867.

(2) الكافي ج 4 ص 397 باب النوادر من أبواب الصيد من كتاب الحج الحديث 5.

(3) الكافي ج 4 ص 396 باب النوادر من أبواب الصيد من كتاب الحج الحديث 3.

(4) روضة الكافي ص 205 الرقم 247 الطبع الحديث.

(5) تفسير العياشي ج 1 ص 344 سورة المائدة، الرقم 200.

(6) تفسير العياشي ج 1 ص 344 سورة المائدة، الرقم 198.

كفارات الإحرام، ص: 37

و لو عجز صام عن كل مدّين يوما (1)

______________________________

أن قال:

فإذا عرفت ذلك يمكن أن يكون المراد من ذوا عدل النبي (صلي اللّه عليه و آله) و الامام (عليه السلام) علي معني الاجتزاء بحكم أحدهما و ان المراد من الحكم بيان المثل للمقتول من الصّيد و هو حينئذ ما ذكره الفقهاء في كتبهم من الخمسة أو العشرة فتكون الآية دليلا علي اعتبار النّص الشّرعي في المثليّة لا انه منوط بنظر العدلين من سائر النّاس كما توهمه بعض العّامة حتي انه جعل الآية من الأدلة علي جواز القياس.. إلخ).

(1) كما هو المعروف بين الفقهاء (قدس سرهم) بل عن التّبيان انه مذهبنا، و في المجمع و فقه القرآن انه المروي عن أئمتنا، بل عن الغنية الإجماع عليه، و استدل لذلك- مضافا الي ما ذكر- بصحيح أبي عبيدة الحذاء المتقدم لقوله (عليه السلام) فيه (ثم جعل لكل مسكين نصف صاع فان لم يقدر علي الطّعام صام لكل نصف صاع يوما «1».

و صحيح محمد بن مسلم المتقدم، لقوله (عليه السلام) في ذيله: (فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما) «2».

3- خبر الزهري لقوله (عليه السلام) فيه: (فيصوم لكل نصف صاع يوما) «3».

هذا

و لكن المحكي عن الخلاف انه يصوم عن كل مدّ يوما، و يدل عليه مرسل ابن بكير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه عز و جل «أَوْ عَدْلُ ذٰلِكَ صِيٰاماً»

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 10.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب بقية الصوم الواجب، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 38

______________________________

قال: بثمن قيمة الهدي طعاما ثم يصوم لكل مدّ يوما فإذا زادت الأمداد علي شهرين فليس عليه أكثر منه «1».

فلو تمّ هذا يكون المدار في عدد الأيّام التي تصام علي عدد الأمداد أو نصف صاع علي القولين كما أومي إليه في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: (أو عدل ذلك صياما) قال: عدل الهدي ما بلغ يتصّدق به فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما «2».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأول- انه لو نقصت الأمداد عن الستّين- كما لو كانت خمس و عشرين صاعا بناء علي كون المدّين إطعاما لكل مسكين- ففي القواعد ذهب الي لزوم صوم ستّين، بل هو مقتضي إطلاق محكي المقنعة، و استدل لذلك بالاحتياط و (فيه) ما لا يخفي لكونه اجتهادا في مقابل النّص المتقدم الدّال علي كون الصوم بمقدار نصف الصّاع أو المد.

الثاني- انه لو لم يبق من الطّعام بعد كيله أصواعا ما يبلغ نصف صاع، أو لم يبق بعد كيله أمدادا ما يبلغ مدّ علي القولين، صام عنه يوما، كما صرح به الفاضل، بل في محكي التذكرة و المنتهي لا نعلم فيه خلافا، لأن صيام اليوم لا يتبعّض، و السقوط غير

ممكن، لشغل الذّمة، فيجب إكمال اليوم و لكن لا يخفي ما فيه، لأنه ان أراد شغل الذمة بالإطعام فهو مفروض السقوط، لعجزه عنه، و ان أراد منه شغل الذمّة بالصّوم فهو أول الكلام، لما دل من الأخبار علي ان صيام اليوم بدل عن إطعام مدّ أو مدّين علي اختلاف القولين لكل مسكين.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 10.

كفارات الإحرام، ص: 39

و لو عجز (1) صام ثمانية عشر يوما (1)

______________________________

و المفروض ان المبدل منه منتف، و لو شك فيه يكون المرجع هو الأصل الذي يقتضي البراءة، فتأمل.

(1) عن صوم الستّين مثلا.

(2) كما هو المعروف، و استدل لذلك بالأخبار المتقدمة، و لكن لم يقيّد فيها بالعجز المذكور بل قيدت بالعجز عن الإطعام و الصّدقة، و من هنا قال في الجواهر: (الا انه بالحمل علي العجز عن عدل أمداد الطعام يحصل الجمع بينها و بين ما مرّ مع الاحتياط و رعاية المطابقة لسائر الكفارات و ما سمعته من الشّهرة و بذلك يرجّح علي احتمال الجمع بحمل الأولي علي الفضل و الثّانية علي الاجزاء كما في غير المقام الذي يحصل فيه التّعارض بين الأقل و الأكثر علي ان الجمع الأول من باب التقييد و الثاني من باب المجاز و الأول أرجح).

ان ما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه) في مقام الجمع ان تمّ فهو، و الّا ففي صورة الشّك يمكن أن يقال بوجوب الأخذ بما تحصل به البراءة اليقينيّة، لأن المفروض اشتغال ذمّته بشي ء من الصّوم بعد عجزه عن الصّدقة و اشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فعليه أن يأتي بالزّائد و هو صوم الستّين

مع التمكّن، اللّهم الا أن يقال: ان في مثله الاكتفاء بالأقل و في الزّائد بالأصل- كما أفاده صاحب الجواهر- لعدم كون الأقل و الأكثر هنا من قبيل الأقل و الأكثر الارتباطيّين فيتعيّن فيه الأخذ بالأقلّ و يدفع الأكثر بالأصل.

و أما القول بعدم حصول البراءة عن التكليف بالأقل هنا حتي عن نفسه إلّا بإكمال الستّين، لكونه من قبيل ركعات الصلاة فمدفوع، لعدم كون مفروض المقام من هذا القبيل بل كونه من قبيل الدّيون و الضّمانات، و لكن هذه المسألة بعد تحتاج

كفارات الإحرام، ص: 40

______________________________

إلي التأمل و الملاحظة.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأول- انه لو تمكن من صيام أكثر من ثمانية عشر يوما- كالعشرين- مثلا فهل يجب عليه ذلك أم لا؟ يمكن أن يقال بالأول و يستدل لذلك بما يلي:

1- الاحتياط.

2- الميسور لا يسقط بالمعسور.

و يمكن أن يقال بالثاني و يستدل لذلك بما يلي:

1- الأصل.

2- إطلاق الأخبار المتقدمة الدال علي عدم وجوب أكثر منها.

و تحقيق الكلام هو القول الثاني، لظهور الأخبار المتقدّمة في صدر المبحث في وجوب خصوص ثمانية عشر يوما، و من هنا لا يبقي مجال للقول بجريان قاعدة الميسور و لو تمكن من الأكثر.

نعم الاحتياط مطلب آخر.

الثاني- انه لو عجز بعد صيام شهر عن الشّهر الآخر بناء علي القول بلزوم صيام شهرين فهل يسقط صيام الشّهر الثّاني أو لا؟ فاختار صاحب الجواهر السّقوط، و لكن في القواعد أقوي الاحتمالات وجوب تسعة مكانه، لكونها حقيقة بدلا عن الشّهر، ثم ما قدر عليه زاد عن التسعة أو نقص، لقاعدة الميسور، ثم السّقوط لعجزه عن الشّهرين واقعا، فتجزيه الثّمانية عشر الّتي صامها.

و لكن يمكن أن يقال بأن أقرب الاحتمالات هو ما اختاره صاحب الجواهر (قدّس سرّه) لعدم دخل اعتقاده

أو ظنّه في تمكنه من صيام شهرين في وجوبهما كما انه لا مجال لقاعدة الميسور، و كما لا دليل علي كون تسعة بدلا عن الشهر، و الّا

كفارات الإحرام، ص: 41

و في فراخ النّعام روايتان: إحداهما: مثل ما في النّعامة (1) و الأخري (2) من صغار الإبل و هو الأشبه (3)

______________________________

لكان الواجب صوم تسعة و شهر فيما لو علم ابتداء من التّمكن علي صوم شهر دون الآخر.

و كيف كان فتكون أخبار الباب ظاهرة في كون التّكليف علي الوجه الذي تقدّم.

و لا أقل من الشّك و في هذه الصورة يكون المرجع الأصل العملي و هو البراءة.

(1) و المراد من الرواية التي أشار إليها المصنف (قدّس سرّه) هو صحيح أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أكلوها؟ فقال: عليهم مكان كل فرخ أصابوه و أكلوه بدنة يشتركون فيهن فيشترون علي عدد الفراخ و عدد الرجال قلت: فان منهم من لا يقدر علي شي ء؟ فقال: يقوّم بحساب ما يصيبه من البدن و يصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما «1» و استدل من يقول بثبوت كفّارة النّعامة في فرخها به، و بمساواته للكبير لدخوله باسم النّعامة فتشمله الروايات المطلقة الدّالة علي ان في النّعامة بدنة.

(2) لم أجدها حين مراجعتي لأحاديث الباب و في الجواهر: (.. و ان كنا لم نقف عليها، كما اعترف به غير واحد).

(3) بأصول المذهب و قواعده، لقوله تعالي (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «2» مضافا الي الشّهرة.

و أما خبر أبان بن تغلب الذي عرفته الدّال علي لزوم البدنة في فراخ

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 11.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات

الإحرام، ص: 42

______________________________

النّعام فيحتمل أن يكون الوجه في إيجابها علي المحرم من جهة الأمرين و هما قتل الفراخ و أكلها، بل عمدة النظر فيه- كما تري- إلي الأكل و الاشتراك في الجريمة، إذ من المستبعد مباشرة كل منهم للذبح، و لعل الفراخ تزيد علي عددهم فيكون الواحد ذابحا للأكثر.

و يمكن القول بأن المراد من قوله (عليه السلام): (يشترون علي عدد الفراخ و عدد الرّجال) هو وجوب شراء ما يوافق أكثر العددين سواء أكل كل واحد منهم من الجميع أم لا، و سواء اختص بعضهم بالذبح أم لا، لترك الاستفصال في الرواية فلا تتعلق بالمدّعي من وجوب البدنة لقتل فرح النّعامة من حيث هو قتل له فالأقرب هو وجوب صغير الإبل لقتل فرخ النّعامة، لكونه مماثلا له، و مع العجز عنه يساوي بدله بدل الكبير، فيقوم بطعام الستّين، فان عجز صام يوما عن كل مدّين أو المدّ علي البحث المتقدم ذكره، لما تقدّم من الأخبار.

ينبغي هنا التنبيه علي أمرين:

الأول- ان ظاهر أخبار الباب هو التّرتيب في هذه الكفّارة كما هو المشهور بل عن المبسوط نسبته إلي أصحابنا مشعرا بالإجماع عليه، فإذا تمكن من البدنة فعليه ذلك و إذا لم يتمكن منها فينتقل إلي إطعام المساكين و مع عدم تمكّنه من الإطعام ففرضه الصوم.

و أما إطلاق ما رواه العياشي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عز و جل فيمن قتل صيدا متعمّدا و هو محرم (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بٰالِغَ الْكَعْبَةِ، أَوْ كَفّٰارَةٌ طَعٰامُ مَسٰاكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذٰلِكَ صِيٰاماً) «1» ما هو؟ قال: ينظر إلي الذي عليه

______________________________

(1) سورة المائدة،

الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 43

[الثاني بقرة الوحش و حمار الوحش]

الثاني بقرة الوحش و حمار الوحش و في قتل كل واحد منهما بقرة أهلية (1)

______________________________

بجزاء ما قتل، فأما أن يهديه، و اما أن يقوّم فيشتري به طعاما فيطعمه المساكين يطعم كل مسكين مدّا و اما أن ينظركم يبلغ عدد ذلك من المساكين فيصوم مكان كل مسكين يوما «1» فلا ينافي ما دل علي التّرتيب فيها لكونه محمولا علي ما ذكر و يأتي بعض الكلام في تأييده عند شرح كلام المصنف الراجع الي ذلك في آخر البحث عن القسم الثالث، فراجعه.

الثاني- انه هل يجب التّتابع في هذا الصوم أو لا؟ و الظّاهر عدم اعتباره فيه، لإطلاق الأخبار.

و أما القول بانصرافه اليه، ففيه ما لا يخفي، لعدم الانصراف، و علي فرض ثبوته بدويّ فلا عبرة به في تقييد الإطلاق.

مضافا الي ما دل علي حصر التّتابع في غيره، كما في صحيح سليمان بن جعفر الحميري قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أ يقضيها متفرقة؟ قال: لا بأس بتفريقه قضاء شهر رمضان انّما الصّيام الذي لا يفرق كفارة الظّهار و كفّارة اليمين «2».

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن المفيد و المرتضي و سلّار عن وجوب التّتابع فيه، لظهور الكتاب و السنّة و الفتاوي في انه كفّارة و الأصل فيها التّتابع، و ذلك لمنعه فتأمل و لاحظ.

(1) كما هو المعروف بل عن الغنية دعوي الإجماع عليه، و يدل عليه قوله

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 14.

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 44

______________________________

(عليه السلام) في صحيح حريز (.. و في البقرة بقرة) «1» و في

رواية سليمان بن خالد (.. في الظبي شاة، و في البقرة بقرة) «2» و في رواية أبي بصير في جواب السؤال عمن أصاب بقرة أو حمار وحش: (عليه بقرة) «3» و في رواية الحسن بن علي ابن شعبة مرسلا عن أبي جعفر الجواد: (فان كان بقرة فعليه بقرة) «4» مضافا الي الآية الكريمة (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «5» هذا كلّه بالنسبة إلي بقرة الوحش.

و أما بالنّسبة إلي حمار الوحش فكذلك عند الأكثر لقوله (عليه السلام) في صحيح حريز المتقدّم: (و في حمار وحش بقرة) و في خبر أبي بصير المتقدم: (قلت:

فإن أصاب بقرة أو حمار وحش ما عليه؟ قال: عليه بقرة) و في خبر أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عز و جل في الصيد:

(مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) قال: في الظّبي شاة و في حمار وحش بقرة و في النّعامة جزور «6» الي غير ذلك من الأخبار المروية عنهم (عليهم السلام).

و لكن ذهب الصّدوق (طاب ثراه) علي ما حكي عنه وجوب بدنة فيه لعدة أخبار منها:

1- ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول مرسلا عن أبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2

(3) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 12

(4) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(5) سورة المائدة، الآية: 96.

(6) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 45

______________________________

الجواد (.. و ان كان من الوحش فعليه في

حمار وحش بدنة «1».

2- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم أصاب نعامة و حمار وحش؟ قال: عليه بدنة.. إلخ «2».

3- ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قلت له المحرم يقتل نعامة؟ قال: عليه بدنة من الإبل، قلت: يقتل حمار وحش؟ قال:

عليه بدنة.. إلخ «3».

فإذا تقع المعارضة بين هذه الأخبار و الأخبار المتقدمة الدّالة علي ان في حمار الوحش بقرة. و يمكن الجمع بينها و بين الأخبار المتقدمة بوجهين:

الأول- حمل هذه الأخبار المشتملة علي البدنة علي الفضل أو علي إرادة البقرة من البدنة، لما تقدم من عمومها للبقرة علي رأي جماعة من اللغويّين، و فيه ما لا يخفي:

أما عدم تماميّة حملها علي الفضل فلعدم الشّاهد له فلا يتم.

و أما عدم تماميّة ارادة البقرة من البدنة فلما تقدم في البحث عن كفّارة النّعامة من عدم شمولها للبقرة، للتغاير بينهما، لعطف البقرة علي البدنة في كثير من الأخبار.

الثاني- القول بالتخيير بين البدنة و البقرة في مقام إعطاء الكفّارة عن قتل حمار وحش بمقتضي الجمع بينهما، كما قد ذهب اليه بعض من الفقهاء (قدس اللّه تعالي أسرارهم).

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 46

و مع العجز تقوم البقرة الأهليّة و يفضّ ثمنها علي البّر (1) و يتصدق به (2) لكلّ مسكين مدّان (3)

______________________________

و (فيه) انه لا دليل عليه فلا يمكن الذّهاب اليه.

و التحقيق انه لا معارضة بينها و بين ما تقدم من الأخبار، لخروج الطائفة الثّانية عن

حيّز دليل الحجّية و الاعتبار بإعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) عنها فتبقي الطّائفة الأولي الدالة علي البقرة في كفارة حمار وحش بلا معارض، فتأمل.

(1) أو غيره من الطعام كما تقدم في بدل البدنة.

(2) لخبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم أصاب بقرة؟ قال: عليه بقرة، قلت فان لم يقدر علي بقرة؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكينا، قلت: فان لم يقدر علي أن يتصّدق به؟ قال: فليصم تسعة أيام..

إلخ «1» و نحوه خبره الآخر «2» و صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام).. و من كان عليه شي ء من الصيد فداؤه بقرة، فان لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فان لم يجد فليصم تسعة أيام.. إلخ «3».

فما أفاده المصنف (قدس سره) هنا صحيح إلا في تعيين البرّ، لجريان البحث السابق في بدل البدنة فيه، و قد عرفت هناك ان الأقوي عدم تعيينه، بل يكفي مطلق الطّعام.

(3) ما أفاده المصنّف (قدس سره) من لزوم التصّديق بمدّين مما لا يمكن

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 12.

(3) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث: 13.

كفارات الإحرام، ص: 47

و لا يلزم مما زاد علي الثّلاثين (1) و مع العجز يصوم عن كل مدّين يوما (2) و ان عجز صام تسعة أيام (3).

[الثالث في قتل الظبي شاة]

الثالث في قتل الظبي شاة (4)

______________________________

المساعدة عليه، لما عرفت في المبحث السابق من الاكتفاء بالمدّ.

(1) ما أفاده (قدس سره) من عدم لزوم دفع ما زاد عن ثلاثين صحيح، للتحديد بها في الأخبار المتقدّمة، كما انه لا يجب الإكمال به لو

نقص عنه.

(2) أو عن كل مدّ علي البحث الذي تقدّم.

(3) كما في خبر أبي بصير المتقدم، لقوله (عليه السلام) فيه: (فان لم يقدر علي أن يتصّدق به؟ قال: فليصم تسعة أيام) «1».

و لا يخفي ان فيه الأمر بصيام تسعة أيام بعد العجز عن الصّدقة، و لكنه يحمل علي ما تقدم من التفصيل في مبحث البدنة وفاقا للأكثر.

و كيف كان فبما ذكرنا يظهر ضعف ما حكي عن ابن حمزة من عدم إثبات البدل لفداء الحمار، و ذلك لمنافاته لما تقدّم من عموم الأخبار و خصوصها فتدبر.

(4) كما هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالي أسرارهم) بل عن المنتهي دعوي الإجماع عليه، و استدل لذلك بظاهر الآية الكريمة (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ «2» الدّال علي المماثلة و بجملة من النصوص المروية عنهم

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 48

و مع العجز تقوّم الشّاة و يفضّ ثمنها علي البّر (1) و يتصّدق به لكلّ مسكين مدّان (2) و لا يلزم ما زاد عن عشرة (3)

______________________________

(عليهم السلام)- منها:

1- خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قلت: فإن أصاب ظبيا؟

قال: عليه شاة، قلت: فان لم يقدر؟ قال: فإطعام عشرة مساكين، فان لم يجد ما يتصّدق به فعليه صيام ثلاثة أيام «1».

2- خبر سليمان بن خالد، لقوله (عليه السلام) فيه: (في الظّبي شاة و في البقرة بقرة و في الحمار بدنة و في النّعامة بدنة، و فيما سوي ذلك قيمته «2» الي غير ذلك من النصوص.

(1) أو علي غيره من الطّعام علي ما مرّ.

(2) أو المدّ علي البحث الذي تقدّم.

(3) إجماعا محكيا عن الخلاف، و استدل لذلك- مضافا

الي الأصل- بخبر أبي بصير المتقدم «3» و صحيح معاوية بن عمار، لقوله (عليه السلام) فيه (و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد صام ثلاثة أيام) «4».

ثم انه لا يجب إكمال النّاقص عن عشرة لو نقصت القيمة عنها.

و استدل لذلك بوجهين:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 13.

كفارات الإحرام، ص: 49

فان عجز صام عن كل مدّين يوما (1)

______________________________

الأول- الأصل الثاني- خبر أبي عبيدة لقوله (عليه السلام) فيه: (إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصّيد قوم جزاؤه من النّعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما ثم جعل لكل مسكين نصف صاع.. إلخ «1». و صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: (أو عدل ذلك صياما) قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ.. «2».

(1) أو عن كل مدّ علي البحث الذي تقدم، و أما وجوب الصّوم فيما إذا عجز عن الإطعام فلما تقدم من الأخبار الدالة علي ان الصّوم بدل له.

ينبغي هنا التنبيه علي أمرين:

الأول- انه لا يجب الزّيادة علي صوم عشرة أيام لو زادت الأمداد، للتحديد في الأخبار المتقدّمة بإطعام عشرة مساكين، فلا يجب الزائد عليهم حتي يجب له بدله، و هو الصوم.

الثاني- انه لو نقصت الأمداد لم يجب إكمال صوم عشرة أيام، لما تقدم من الأخبار، و لا سيّما صحيح محمد

بن مسلم، لقوله (عليه السلام) فيه (عدل الهدي ما بلغ يتصّدق به فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ).

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 10.

كفارات الإحرام، ص: 50

فان عجز (1) صام ثلاثة أيام (2) و في الثعلب و الأرنب شاة (3) و هو المرويّ (4)

______________________________

(1) عن الصّوم عن كل مدّين أو المدّ علي ما مرّ.

(2) ما أفاده المصنّف (قدس سره) من وجوب صيام ثلاثة أيام إذا عجز عن الصوم عن كل مدّين أو المدّ مما هو المعروف، حملا للأخبار الآمرة بصوم الثّلاثة علي العجز المذكور، و أخبار الباب و ان أطلق فيها صومها بعد العجز عن الصّدقة، لكنه محمول علي ذلك، لخبر أبي عبيدة المتقدم و نحوه، فبحمل الأخبار علي العجز عن عشرة أيام أو ما يفي به القيمة يجمع بين أخبار الباب، فتأمل.

و من هنا لا يبقي مجال للقول بأن الواجب هو الثلاثة و الزائد ندب كما اختاره بعض متأخرين المتأخّرين جمعا بين الأدلة.

(3) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل قد نفي عنه الخلاف و ادعي عليه الإجماع، و استدل لذلك بالآية الكريمة الدالة علي اعتبار المماثلة بين الفداء و المفدي عنه (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «1».

(4) لا بأس بذكر بعض أخبار الباب- منها:

1- صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الأرنب يصيبه محرم؟ فقال: شاة، هديا بالغ الكعبة «2».

2- صحيح احمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المحرم أصاب أرنبا أو ثعلبا؟ فقال: في الأرنب شاة «3» 3- ما رواه محمد بن علي بن

الحسين بإسناده عن البزنطي عن أبي

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 96.

(2) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 51

______________________________

الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا؟ فقال: في الأرنب دم شاة «1» و نحوها غيرها من الأخبار.

هذا بالنسبة إلي الأرنب.

و أمّا بالنسبة إلي الثعلب فلم نجد في الباب الّذي عقده في الوسائل بعنوان الأرنب و الثعلب غير ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل قتل ثعلبا؟ قال: عليه دم، قلت: فأرنبا؟

قال: مثل ما في الثّعلب «2».

و المراد من الدم فيه دم الشاة بقرينة صحيح الحلبي المتقدم في الأرنب المقيّد بالشاة.

ان قلت: انّ في الخبر قصورا من حيث السّند فلا يمكن الاعتماد عليه؟

قلت: انّه و ان كان ضعيفا من حيث السّند، الّا انّه منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بمضمونه الموجب للاطمئنان بالصدور الّذي هو مناط الاعتبار.

و لا ينافيه تخصيص الأرنب بالشاة في صحيح أحمد بن محمّد المتقدّم لاحتمال أن يكون ترك ذلك بالنسبة إلي الثعلب لأجل معلوميّة التساوي بينهما، بل ثبوتها في الثعلب أولي من ثبوتها في الأرنب، لأنّها أتمّ بالمماثلة المأمور بها في الآية الكريمة بالنسبة إليه.

فبما ذكرنا ظهر انّ وسوسة بعض متأخّري المتأخّرين في الحكم بثبوت الشّاة في الثّعلب في غير محلّه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 52

و قيل (1) فيه ما في الظبي (2) و الأبدال في الأقسام الثّلاثة علي التّخيير (3)

______________________________

ينبغي

هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ المستفاد من ظاهر كلام المصنّف (قدّس سرّه) عدم ثبوت البدل لفداء الأرنب و الثعلب فيما إذا عجز عن الشّاة و هو المحكي عن جماعة من الأصحاب و استدلّ لذلك بالأصل من غير معارض، بعد اختصاص أخبار الباب علي الشّاة خاصّة. و حينئذ فإذا لم يتمكّن منها استغفر اللّه تعالي، و لكن فيه إشكال يأتي عند شرح كلامه الآتي.

(1) و القائل هو الشّيخان و سلّار و القاضي و ابن حمزة و الحلّي و يحيي بن سعيد.

(2) ما نقله المصنّف (قدّس سرّه) من كون الأرنب و الثعلب كالظّبي في البدل هو الأقرب في النظر، لإطلاق الأخبار المتقدّمة، كصحيح الحذاء و محمّد ابن مسلم و خبر الزّهري و ابن بكير و ما في صحيح معاوية بن عمّار: (من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد صام ثلاثة أيّام) «1».

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن جماعة آنفا من عدم ثبوت البدل لفداء الأرنب و الثعلب، فتدبّر.

(3) كما هو المحكي عن جماعة للعطف بأوفي الكتاب العزيز «2» الظاهر فيه و لا سيّما بملاحظة صحيح حريز لقول الصّادق (عليه السلام) فيه كلّ شي ء في القرآن

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 13.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 53

و قيل (1) علي الترتيب و هو الأظهر (2).

[الرابع في كسر بيض النّعام]

________________________________________

شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي، كفارات الإحرام، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1402 ه ق كفارات الإحرام؛ ص: 53

الرابع في كسر بيض النّعام إذا تحرّك فيه الفرخ بكارة من الإبل لكلّ واحدة واحد (3)

______________________________

(أو) فصاحبه بالخيار يختار ما شاء و كلّ شي ء في القرآن (فمن

لم يجد فعليه كذا) فالأول بالخيار «1».

(1) و القائل هو الأكثر بل المشهور.

(2) للأخبار المتقدّمة الدالّة علي التّرتيب بينها.

و أمّا الاستدلال علي التخيير بقوله تعالي (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بٰالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّٰارَةٌ طَعٰامُ مَسٰاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذٰلِكَ صِيٰاماً) «2» للعطف بأو فيها الظاهر فيه، فيمكن دفعه بكون (أو) فيها للتقسيم بقرينة الأخبار السابقة الدالّة علي الترتيب و يخصّص بها عموم صحيح حريز المتقدّم و أمّا القول بأظهريّته من تلك الأخبار فيتعيّن حملها علي استحباب التّرتيب فيمكن دفعه بغلبة التخصيص في العمومات حتّي قيل ما من عاّم الّا و قد خصّ.

(3) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من لزوم البكارة من الإبل في كسر بيض النّعام إذا تحرّك فيه الفرخ و تلف بالكسر هو المشهور بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في المدارك و صريح محكي المختلف و ظاهر الغنية الإجماع عليه، و استدلّ لذلك بما يلي من الأخبار:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 54

______________________________

1- خبر سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في كتاب علي (عليه السّلام): في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم، مثل ما في بيض النّعام بكارة من الإبل «1».

2- صحيح علي بن جعفر قال: سألت أخي عن رجل كسر بيض نعام و في البيض فراخ قد تحرّك؟ قال: عليه لكل فرخ قد تحرّك بعير ينحره في المنحر «2».

تحقيق الكلام في هذه المسألة يتوقّف علي ذكر جهات:

الأولي- البكارة جمع بكر مذكرا و الأنثي بكرة و جمعها بكار كما عن القاموس و غيره، و البكر هو

الفتي من الإبل علي ما هو المعروف عند أهل اللغة، و الي ذلك يرجع ما هو المحكي عن العين: (البكر من الإبل ما لم يبزل و الأنثي البكرة فإذا بزلا فجمل و ناقة).

الثانية- انه يتم الاستدلال بخبر سليمان بن خالد المذكور لما ذهب اليه المصنّف (قدّس سرّه) هنا إذا أريد من إطلاق قوله (عليه السّلام) فيه: (في بيض القطاة بكارة من الغنم..) ما إذا كان فيه فراخ قد تحرّك بقرينة صحيح عليّ بن جعفر المزبور و الإجماع المحكي، و الّا فلا يتمّ الاستدلال به- كما لا يخفي.

الثالثة- كما انّ الاستدلال بصحيح عليّ بن جعفر في المحلّ المفروض انّما يتمّ إذا كان المراد من البعير الواقع فيه: البكر، و الّا فيكون الاستدلال به غير تام.

الرابعة- انّ ظاهر صحيح عليّ بن جعفر وجوب الأعم من البكر و البكرة كما

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 55

و قبل التحرّك إرسال فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض فما نتج فهو هدي (1)

______________________________

يكون كذلك إطلاق معقد الإجماع و ذلك لشمول البعير الواقع فيه للذكر و الأنثي، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالذّكر بناء علي القول بانصرافه اليه، كما يقتضي التخصيص به صحيح سليمان بن خالد المتقدم للقول بأنّ البكارة الواقعة فيه يكون جمعا لبكر مذكرا و جمع البكرة بكار.

و كيف كان فإنّ الأصحاب (قدس اللّه أسرارهم) اكتفوا بالذّكر و الأنثي.

الخامسة- انّ الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) خصّوا الذكر أو الأنثي بالفتي لخبر سليمان بن خالد المشتمل علي البكارة من الغنم و به قيّدوا إطلاق البعير الواقع في صحيح علي بن جعفر

المتقدّم.

السادسة- انّ الأصحاب خصّوا الفراخ بالمتحرّكة للصحيح المزبور.

السابعة- انّه لا يعارض ما دلّ علي ثبوت بكارة من الإبل فيما إذا أصاب بيض نعام ما دلّ علي وجوب الإرسال فيه لما يأتي عند الأمر الثاني من الأمور الآتية المتعلّقة لشرح كلام المصنّف الآتي.

الثامنة- أنّ تعبير المصنّف (قدس سرّه) بالجمع في المتن تبعا للأخبار المروية عنهم (عليهم السّلام) هنا انّما يكون باعتبار فرض المكسور البيض لا البيضة و لذا قال: (لكلّ واحدة واحد) كما عن النّهاية و المبسوط و التّذكرة التّعبير بأنّ:

(في كلّ بيضة بكارة من الإبل) و لعلّ المراد البكرة أو أنّ المراد في البيض البكارة، و الّا فلا وجه له- كما لا يخفي.

(1) كما هو المعروف بل في المدارك الإجماع عليه، و يدلّ جملة من النصوص- منها:

1- صحيح أبي الصّباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن

كفارات الإحرام، ص: 56

______________________________

محرم وطئ بيض نعام فشدخها؟ فقال: قضي فيها أمير المؤمنين (عليه السّلام):

أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث، فما لقح و سلم كان النّتاج هديا بالغ الكعبة، و قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ما وطئته أو أو أوطأته بعيرك أو دابتك و أنت محرم فعليك فداؤه «1».

2- صحيحة الآخر «2».

3- المرسل الّذي رواه الشّيخان في التهذيب و المقنعة انّ رجلا سئل أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له يا أمير المؤمنين انّي خرجت محرما فوطئت ناقتي بيض نعام و كسرته فهل عليّ كفّارة؟ فقال له: امض فاسأل ابني الحسن عنها، و كان بحيث يسمع كلامه، فتقدّم اليه الرّجل فسأل؟ فقال له الحسن:

يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض فما نتج فهو هدي لبيت اللّه

عزّ و جل، فقال له أمير المؤمنين: يا بنيّ كيف قلت ذلك و أنت تعلم أنّ الإبل ربّما أزلقت أو كان فيها ما يزلق؟ فقال: يا أمير المؤمنين و البيض ربّما أمرق أو كان فيه ما يمرق، فتبسّم أمير المؤمنين (عليه السّلام) و قال له:

صدقت يا بنيّ، ثمّ تلا «3» «ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» «4».

4- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من أصاب بيض نعام و هو محرم فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل فإنّه ربّما فسد كلّه و ربّما خلق كلّه و ربّما صلح بعضه و فسد بعضه فما نتجت الإبل فهديا بالغ الكعبة «5».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6.

(3) سورة آل عمران، الآية: 30.

(4) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

(5) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 57

______________________________

5- خبر علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل أصاب بيض نعام و هو محرم؟ قال: يرسل الفحل في الإبل علي عدد البيض؟

قلت: فانّ البيض يفسد كلّه و يصلح كلّه؟ قال: ما ينتج من الهدي فهو هدي بالغ الكعبة و ان لم ينتج فليس عليه شي ء، فمن لم يجد إبلا فعليه لكلّ بيضة شاة، فان لم يجد تصدّق علي عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيّام «1».

ينبغي هنا التّنبيه علي أمور:

الأول- انّ هذه الأخبار و ان كانت مطلقة في البيض الّا انّها تقيّد بصورة عدم تحرّك الفرخ

فيها، و ذلك لأجل صحيح علي بن جعفر المتقدّم قال: سألت أخي (عليه السّلام) عن رجل كسر بيض نعام و في البيض فراخ قد تحرّك؟ قال: عليه لكلّ فرخ تحرّك بعير ينحره في المنحر «2».

الثّاني- انّه نقل عن الصدوقين وجوب الإرسال إذا تحرّك الفرخ، و الشّاة إذا لم يتحرّك الفرخ، و لعلّه للجمع بين الأخبار المتقدّمة الدّالة علي الإرسال فيما إذا أصاب بيض نعام و بين الأخبار الآتية الدالّة علي الشاة فيه، منها:

1- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال في بيضة النّعامة شاة فان لم يجد فصيام ثلاثة أيّام فمن لم يستطع فكفّارته إطعام عشرة مساكين إذا أصابه و هو محرم «3».

2- صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 58

______________________________

محل اشتري لرجل محرم بيض نعامة فأكله المحرم؟ قال: علي الّذي اشتراه لمحرم فداء، و علي المحرم فداء، قلت: و ما عليهما؟ قال: علي المحل جزاء قيمة البيض لكلّ بيضة درهم، و علي المحرم لكلّ بيضة شاة «1».

3- خبر محمّد بن الفضيل- علي ما في الجواهر- عن أبي الحسن (عليه السّلام) و إذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كلّ بيضة شاة بقدر عدد البيض، فان لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيّام، فان لم يقدر فإطعام عشرة مساكين و إذا وطأ بيض نعام ففدغها و هو محرم و فيها أفراخ تتحرّك فعليه أن يرسل فحولة من البدن علي الإناث بقدر عدد

البيض، فما لقح و سلم حتّي ينتج فهو هدي لبيت اللّه الحرام فان لم ينتج شيئا فليس عليه شي ء «2».

4- ما في الفقه المنسوب الي الرّضا (عليه السّلام) فإن أكلت بيض النعامة فعليك دم شاة، و كذلك إذا وطأتها فان وطأتها و كان فيها فرخ يتحرّك فعليك أن ترسل فحولة من البدن علي عددها من الإناث قدر عدد البيض فما نتج منها فهو هدي لبيت اللّه تعالي «3».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) الفقيه ج 2 ص 234 الرقم 1117، و في الجواهر بعد أن نقل المعلق المصدر المذكور قال: (و الظّاهر انّه من عبارة الصّدوق في ذيل خبر محمّد بن فضيل و ليس منه حيث انّ صاحب الوسائل لم يتعرّض لهذا الذّيل مع ذكره صدر الخبر الوارد في قتل حمامة الحرم، في الباب 10 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 5، و كذلك الشّيخ (قدّس سرّه) روي عن محمّد بن فضيل صدر الحديث في التّهذيب ج 5 ص 345 الرّقم 1198 و الاستبصار ج 2 ص 200 الرّقم 679 و لم يذكر له ذيلا أبدا و اللّه أعلم).

(3) المستدرك الباب 18 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 59

و مع العجز (1) عن كل بيضة شاة و مع العجز إطعام عشرة مساكين، فان عجز صام ثلاثة أيّام (2)

______________________________

و لكن هذا الجمع لا يخلو من الاشكال، لبعد حمل الطّائفة الأولي الدالّة علي الإرسال علي صورة تحرّك الفرخ القليلة العلم بها، لعدم الشاهد له.

مضافا الي انّ الطّائفة الثّانية الدالّة علي الشاة لا تقاوم الطّائفة الأولي، لضعفها من جهة إعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) عنها الموجب لخروجها عن حيّز دليل

الحجيّة و الاعتبار.

ثم انه يمكن الجمع بين الطائفة الأولي الدالة علي الإرسال و الطّائفة الثانية الدالّة علي الشاة: بالتخيير، و لكن فيه ما لا يخفي:

أما أوّلا- فلعدم الشّاهد له.

و أمّا ثانيا- فلشذوذ الطّائفة الثّانية و عدم العامل بها علي إطلاقها.

و يمكن حملها علي صورة العجز عن الإرسال و فيه أيضا ما لا يخفي.

ثم انّه حكيت في المحلّ المفروض أقوال أخري الّتي لا عبرة بها لكونها ضعيفة المأخذ.

فالأقوي في النظر هو القول المشهور فلاحظ و تأمّل و اللّه الهادي إلي الصّواب.

(1) عن الإرسال.

(2) لخبر عليّ بن أبي حمزة المتقدّم، لقوله (عليه السّلام) فيه (فمن لم يجد إبلا فعليه لكلّ بيضة شاة، فان لم يجد تصدّق علي عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيّام) «1» و لا يصغي الي المناقشة في سنده لعمل الأصحاب

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 60

______________________________

(رضوان اللّه تعالي عليهم) به الموجب للوثوق و الاطمئنان الّذي هو المناط في الحجّية.

و في المدارك (ظاهر الأصحاب الاتّفاق علي مضمون خبر علي بن أبي حمزة) و يعضده عموم صحيح معاوية بن عمار (من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) «1».

و أمّا خبر أبي بصير المتقدّم الدالّ علي تقديم الصّوم علي الإطعام و نحوه خبر محمّد بن الفضيل فغير صالح لمعارضته:

أمّا أوّلا- فلعدم العامل به سوي الصّدوق.

و أمّا ثانيا- فلمخالفته للمعهود من التّرتيب في نظائره.

و أمّا ما حكي عن ابن زهرة من عدم ذكر الإطعام ففيه ما لا يخفي، لما تقدّم من النصوص الدالّة عليه.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انّ الواجب في إطعام كلّ مسكين مدّ و يدلّ

عليه خبر عليّ بن أبي حمزة المتقدّم، و صرّح به في محكي التحرير و التذكرة و المنتهي و المختلف و الدروس و هذا القول موافق لما تقدّم سابقا في نظائره.

و أمّا ما ذهب إليه القاضي من لزوم نصف صاع لكلّ مسكين في مفروض المقام فممّا لا يمكن المساعدة عليه لعدم الدّليل عليه.

و أمّا صحيح أبي عبيدة المتقدّم الدالّ علي نصف الصّاع بناء علي تماميّته فهو مختصّ بإصابة الصّيد الّذي لا يعمّ البيض.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 13.

كفارات الإحرام، ص: 61

______________________________

مضافا الي ما تقدّم منّا من ارادة النّدب.

الثاني- انّه لو كسر بيضة فخرج منها فرخ و عاش فهل يلزمه شي ء أم لا؟

و الظاهر انّه لا يلزمه شي ء و إذا شكّ في ذلك فالمرجع هو الأصل.

الثالث- انه لو كسر بيضة و رأي الفرخ فيها ميّتا فهل يلزمه شي ء أم لا؟

فنقول: انّه لا يلزمه شي ء و ذلك للأصل و هو البراءة.

الرابع- انه لو كسر بيضة فظهرت بعد كسرها إنّها فاسدة فهل يلزمه شي ء أم لا؟ فنقول: انّه لا يلزمه شي ء، و ذلك للأصل.

الخامس- انّه لا فرق في ثبوت الكفّارة بين اصابة البيض بنفسه أو بعيره أو دابته، كما هو المعروف بل في الحدائق نسبته إلي الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم)، و قد استدلّ لذلك بالإطلاقات.

و ما نصّ عليه صحيح الكناني لقوله (عليه السّلام) في ذيله: (ما وطئته أو أوطأته بعيرك أو دابتك و أنت محرم فعليك فداؤه) «1».

السّادس- انّه هل يجب تربية النّاتج أم لا؟ و الظاهر عدم وجوبها.

فيجوز له صرفه من حين تولّده في مصرف الهدي و جزاء الصيد.

و إذا شكّ في ذلك فهل المرجع هو الاشتغال أو الأصل و هو

البراءة و لا ينبغي الإشكال في انّ المرجع هو الثّاني في مفروض المقام، و وجهه واضح.

السابع- انّ مصرف هذا الهدي كغيره من جزاء الصّيد، و هو مساكين الحرم، لإطلاق اسم الهدي عليه في الكتاب و فحوي إبداله بإطعام المساكين و غير ذلك.

لكن في المسالك: ظاهر الأخبار و الفتاوي انّه يصرف لمصالح الكعبة لا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 23 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 62

[الخامس في كسر بيض القطاء و القبج]

الخامس في كسر بيض القطاء و القبج (1) إذا تحرّك الفرخ من صغار الغنم (2)

______________________________

للمساكين، و في عبارة الكتاب أطلق كونه هديا، و هذا كما تري لا يقتضي كونه للكعبة، بل ظاهره جواز توزيعه علي المساكين، و كيف كان فإذا دلّ دليل خاص علي ما ذكره (قدّس سره) فهو و الّا فلا عبرة به، فيكون حكمه حكم مصرف الهدي و جزاء الصيد.

الثامن- انّه يشترط صلاحيّة الأنثي للحمل كما هو المعروف.

التاسع- انّه هل يكفي مجرّد الإرسال أم لا، فنقول: انّه قد ذهب بعض الي عدم كفايته، بل يلزم أن يشاهد المرسل بأنّ كلّ واحدة من الإناث قد طرقت من الفحل، و قد صرّح بذلك صاحب المدارك حيث قال: (لا يكفي مجرّد الإرسال حتّي يشاهد كلّ واحدة قد طرقت من الفحل).

(1) بسكون الباء: الحجل.

(2) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) هنا من وجوب صغار الغنم في كسر بيض القطاء و القبج فيما إذا تحرّك الفرخ فيه موافق لما هو المحكي عن النافع بل و القواعد و الجامع و ان زاد فيهما الدّراج أيضا.

تحقيق الكلام فيه يتوقّف علي ذكر جهات:

الأولي- انّ المراد من صغار الغنم من كلام المصنّف (قدّس سره) هو البكارة المصرح بها لكسر بيضة القطاء في صحيح سليمان بن خالد

قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) في كتاب علي (عليه السّلام) في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابها المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل «1».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 63

______________________________

الثانية- انّه يمكن إلحاق بيض القبج و الدّراج ببيض القطا (بدعوي): عدم خصوصيّة في بيض القطاء، فيكون ذكره فيه من باب المثال، و حينئذ فيلحق بيض القبج و الدرّاج به.

و لكن لا يخفي ما فيه لأنّ مجرّد التّماثل بين هذه الطّيور بحسب الذّات و الفداء لا يقتضي التّماثل في فداء بيضها، فيحتمل أن يكون في بيض القطاء خصوصيّة أوجبت ثبوت الكفّارة المذكورة فيه دون غيره، و حينئذ فلا يمكن التعدّي عن مورد صحيح سليمان بن خالد- و هو بيض القطا- الي غيره- و هو القبح و الدّراج- إلّا إذا قام دليل معتبر من الخارج علي جوازه، و هو غير ثابت، فيجب الاقتصار علي مورده.

و أمّا القول بإمكان التعدّي عن مورده الي غيره بتنقيح المناط، ففيه ما لا يخفي، لأنّه قد قرّر في محلّه انّ المعتبر منه هو القطعي، و هو غير حاصل في الشّرعيّات، و غاية ما يحصل منه فيها هو الظّن، و من المعلوم: انّه لا يغني من الحقّ شيئا، فلا يخرج هذا الدّليل عن كونه قياسا المسدود بابه عند مذهب أهل الحق، لاحتمال خصوصيّة في بيض القطاء دون غيره.

نعم إذا حصل القطع بملاك الحكم و عدم مانع من الجعل، فيتعيّن حينئذ التّعدي منه الي غيره، و لكنّه مجرّد فرض لا واقع له، لعدم العلم بملاكات الأحكام و موانعها لغير علّام الغيوب فتدبّر.

الثالثة- انّه يمكن الاستدلال لإلحاق بيض القبح و الدّراج

ببيض القطاء.

بالمماثلة في الآية الكريمة (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «1».

و (فيه): انّ الآية الشريفة لا تقتضي التّماثل بينها في فداء بيضها، لدلالتها

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 64

و قيل (1) عن البيضة مخاض من الغنم (2).

______________________________

علي المماثلة بين الفداء و المفدي عنه، كما هو ظاهر.

و من هنا ظهر انّ إلحاقهما به مشكل الّا أن يقوم دليل تعبّدي علي ذلك فتدبّر.

(1) و القائل الشّيخ و ابنا حمزة و إدريس (قدّس سرهم).

(2) لرواية سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه؟ قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم، كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل، و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم «1» و لكن لا يخفي ما فيها من المناقشة و الاشكال:

أمّا أوّلا- فلكونها مضمرة فلا عبرة بها.

و أمّا ثانيا- فلعدم ذكر تحرّك الفرخ فيها.

و أمّا ثالثا- فلأنّ المذكور في ذيلها هو البيضة لابيض قطاة، فيحتمل أن يكون المراد منها بيضة النّعامة، كما يقربه اتّحاد الجناية ظاهرا في صدره و ذيله و اختلاف الحكم- كما تري- فيهما.

و أمّا رابعا- فلمعارضتها لما تقدّم من صحيح سليمان بن خالد «2» الدالّ علي ثبوت البكارة من الغنم في بيض القطا، و حينئذ فيكون المتعيّن العمل به، لصحّة سنده دونها، لضعف سندها.

هذا كلّه إذا كان المراد من المخاض الواقعة في رواية سليمان بن خالد

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 25 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 65

______________________________

غير البكرة.

و أمّا إذا كان المراد منها ذلك، فلا يبقي مجال في البين للقول بالاختلاف بينهما من حيث المعني، فتدبّر.

ينبغي هنا التنبيه علي

أمرين:

الأول- انّ المراد من المخاض الّذي وقع في كلام المصنّف (قدّس سره) هو ما من شأنه أن يكون حاملا كما في السرائر و القواعد.

الثاني- انّه لو عجز عن صغار الغنم فهل تصل النوبة إلي الطّعام ثمّ الصّيام مع تعذّر ذلك أم لا؟

ذهب صاحب الجواهر (قدّس سرّه) إلي الأول حيث قال في ذيل هذا المبحث: (انّ المتّجه هنا بدليّة الطّعام ثمّ الصّيام مع تعذّر ذلك، لأنهما إذا صارا بدلا عن الأعلي قيمة فصيرورتهما بدلا عن الأقل بالأولي و أولي من ذلك لو قلنا بأنّ الواجب مخاض، ضرورة: كونها حينئذ شاة فما دلّ علي بدليّتهما عنها شامل للمقام كما هو واضح).

و لكن ما أفاده ممّا لا يخلو من المناقشة و الاشكال و ذلك لأنّ ببدليّة الطّعام ثمّ الصّيام مع تعذّر المبدل منه الأعلي لا يحصل القطع من ذلك ببدليته مع تعذّر المبدل منه الأقل، و لا سيّما بعد جعل الفقيه قضيّة أبان نصب عينيه، فلا يخرج هذا الوجه عن القياس الممنوع شرعا.

نعم إذا قام دليل تعبّدي علي ذلك أو حصل تنقيح المناط القطعي فلا مانع منه، فتأمّل و لا حظ.

كفارات الإحرام، ص: 66

و قبل التحرّك إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض فما نتج فهو هدي (1)

______________________________

(1) كما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في الجواهر: (بلا خلاف محقّق معتد به أجده فيه كما اعترف به غير واحد) و استدلّ لذلك بالنّصوص المتقدّمة المطلقة الدالّة علي الإرسال الّتي يلزم تقييدها بما لا فرخ فيه يتحرّك، لما عرفته في بيض النّعام، و في مرسل ابن رباط عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن بيض القطا؟ قال: يصنع في الغنم كما يصنع في

بيض النّعام في الإبل «1».

ينبغي هنا ذكر أمرين:

الأول- انّ علي بن بابويه قيّد مطلقات الإرسال بما إذا تحرّك الفرخ و بالمعز و مع عدم تحرّكه فالقيمة يمكن أن يكون نظره في ذلك الي الفقه المنسوب الي الرضا: (عليه السّلام) (في بيض القطا إذا أصبته قيمته فإن وطأته و فيها فرخ يتحرّك فعليك أن ترسل الذكر ان في المعز علي عددها من الإناث علي قدر عدد البيض فما نتج كان هديا لبيت اللّه «2».

و لكن فيه ما لا يخفي، لعدم ثبوت نسبة الكتاب اليه.

الثاني- القول بالفرق بين الإصابة باليد و الأكل، و بين الوطي ففي الأوّل البكارة و في الثّاني الإرسال و ذلك للجمع بين أخبار الباب و (فيه):

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 25 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

(2) المستدرك الباب 19 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 67

فان عجز (1) كان كمن كسر بيض النّعام (2).

______________________________

أمّا أولا- فلعدم الشاهد له.

و أمّا ثانيا- فلعدم القائل به بل في الجواهر: (انّه يمكن تحصيل الإجماع علي خلافه، و ان مال إليه في الحدائق تبعا للكاشاني لكنه في غير محلّه).

(1) عن الإرسال.

(2) لاتّحاد الحكم في المقامين، و ان كان هناك في الإبل و في المحل المفروض في الغنم، فيجري جميع ما تقدّم في بيض النّعام هنا كما عرفته في الأخبار، و لعلّه لذلك قال المصنّف هنا (فان عجز كان كمن كسر بيض النعام) فعليه إذا كسر بيض القطاء فتعذر إرسال الغنم وجب عليه في كل بيضة شاة، كما انّه إذا كسر بيض النّعام فتعذّر الإرسال وجب في كل بيضة شاة و إذا لم يجد الشّاة أطعم من كلّ بيضة عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، فان عجز

صام عن كلّ بيضة ثلاثة أيّام و حكي اختيار هذا القول عن الشيخين، و استدلّ له بصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال في كتاب علي (عليه السّلام) في بيض القطاة كفّارة مثل ما في بيض النّعام «1».

و لكن قد يناقش فيه بأنّ الشاة أعظم من الإرسال، إذ غاية ما يحصل من الإرسال فرخ من الغنم و هو أدني من الشاة و ربّما لا يحصل نتاج و حينئذ فيكون الحكم في البدل أشد من الحكم في المبدل.

و يمكن الجواب عنه بأنّ الأمر ليس كذلك، لأنّ الإرسال يصعب علي الإنسان غالبا، لا سيّما علي الحاجّ لعدم تيسّر الغنم و عدم تمكّنه من حفظه الي حين النّتاج علي انّه ربّما يكون النّتاج توأمين فالتحقيق وجوب الشاة إذا عجز عن

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 68

[الثاني: فيما لا بدل له بالخصوص]
اشارة

الثاني: فيما لا بدل له بالخصوص، و هو علي خمسة أقسام:

[الأوّل الحمام]

الأوّل الحمام و هو اسم لكلّ طائر يهدر (1) و يعبّ الماء (2) و قيل كل مطوّق (3) و في قتلها شاة علي المحرم (4)

______________________________

الإرسال، و إذا لم يجد الشاة فالاطعام ثم الصّيام علي حسب ما عرفته في بيض النّعام لصحيح سليمان بن خالد الدّال علي انّ كفّارته كفّارة بيض النّعام.

(1) أي يرجّع صوته و يواصله مردّدا.

(2) يشرب الماء كرعا، أي: يضع منقاره فيه و يشرب، و لا يأخذه به قطرة قطرة، ثمّ يبلغها بعد إخراجه كالدّجاج و العصفور.

(3) من الطّير كما عن الكسائي و جماعة من اللغويّين و لكن المعني الأول أعرف بين اللغويّين.

(4) و في الجواهر عند شرح قول المصنّف (قدّس سره) قال (في الحلّ علي المشهور بين الأصحاب بل في التذكرة و محكي الخلاف و المنتهي الإجماع عليه..) و استدل لذلك بعدّة أخبار- منها:

1- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم؟ قال: فقال عليه شاة (الي أن قال) قلت: فمن قتل فرخا من حمام الحرم و هو محرم؟ قال: عليه حمل «1».

2- حسن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة و ان قتل فراخه ففيه حمل، و ان وطئ البيض فعليه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 69

و علي المحل في الحرم درهم (1)

______________________________

درهم «1».

3- موثق أبي الصّباح الكناني عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال في الحمام و أشباهها أن قتله المحرم شاة و ان كان فراخا فعدلها من

الحملان «2».

4- خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول في حمام مكّة الطّير الأهلي من غير حمام الحرم من ذبح طيرا منه و هو غير محرم فعليه أن يتصدّق بصدقة أفضل من ثمنه فان كان محرما فشاة عن كلّ طير «3».

الي غير ذلك من النصوص المروية عنهم (عليهم السّلام).

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من وجوب الدّرهم علي المحلّ فيما إذا قتل الحمام في الحرم متين و موافق للمشهور بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و استدلّ له بعدّة أخبار- منها:

1- صحيح صفوان بن يحيي عن أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام) قال:

من أصاب طيرا في الحرم و هو محلّ فعليه القيمة و القيمة درهم يشتري علفا لحمام الحرم «4».

2- خبر محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم؟ قال: عليه قيمتها، و هو درهم يتصدّق به، أو يشتري طعاما لحمام الحرم، و ان قتلها و هو محرم في الحرم، فعليه شاة، و قيمة الحمامة «5».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث: 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث: 5.

(4) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

(5) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 70

______________________________

3- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل أغلق باب بيت علي طير من حمام الحرم فمات؟ قال: يتصدّق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم «1» و نحوها غيرها من

الأخبار المروية عنهم (عليهم السّلام).

ثمّ انّه لو لم تزد القيمة عن الدّرهم فلا اشكال فيه، انّما الإشكال فيما إذا زادت القيمة عنه فيقع الكلام في انّه هل يلزم عليه دفع الزّائد أم لا؟

يمكن أن يقال بلزوم دفعه، لاحتمال أن يكون التّقدير به في بعض نصوص الباب لكونه القيمة السوقيّة في ذلك الوقت أو للجري علي الغالب، كما يشهد بذلك صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدّق به أو يطعمه حمامة مكّة فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها «2».

مضافا الي إطلاق بعض الأخبار القائلة (عليك الثّمن- أو مثل ثمنه- أو أفضل من ثمنه- أو ما يساوي القيمة).

مثل ما رواه منصور بن حازم قال: حدّثني صاحب لنا ثقة قال: كنت أمشي في بعض طرق مكّة فلقيني إنسان فقال لي: اذبح لي هذين الطّيرين فذبحتهما ناسيا و أنا حلال، ثمّ سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام)؟ فقال: عليك الثّمن «3».

و صحيح محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أهدي إليه حمام أهلي و جي ء به و هو في الحرم محلّ؟ قال: ان أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه «4».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 8.

(4) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 71

و في فرخها للمحرم حمل (1)

______________________________

و صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه

السّلام) قال: سمعته يقول في حمام مكّة الطّير الأهلي من غير حمام الحرم من ذبح طيرا منه و هو غير محرم فعليه أن يتصدّق بصدقة أفضل من ثمنه فان كان محرما فشاة عن كلّ طير «1».

و صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل أهدي له حمام أهلي و هو في الحرم؟ فقال: ان هو أصاب منه شيئا فليتصدّق بثمنه نحوا ما كان يستوي القيمة «2».

و رواه في الفقيه (فليتصدّق مكانه بنحو من ثمنه).

و ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة الي أن يبلغ الظّبي فعليه دم يهريقه و يتصدّق بمثل ثمنه أيضا فإن أصاب منه و هو حلال فعليه أن يتصدّق بمثل ثمنه «3».

إيقاظ لا يخفي انّه لو تمّ ما ذكرنا فلازمه الاجتزاء بأقلّ من الدّرهم لو نقصت القيمة عنه، و هذا كما تري خلاف الاحتياط، لإطلاق الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم): الدّرهم.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سره) هنا من لزوم (حمل) في فرخ الحمام في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 72

______________________________

الحلّ علي المحرم هو الصّواب وفاقا للمشهور و يدلّ عليه قوله (عليه السّلام) في صحيح حريز: (و ان قتل فراخه ففيه حمل.. «1».

و في خبر أبي بصير قلت: فمن قتل فرخا من حمام الحرم و هو محرم؟ قال:

عليه حمل «2».

و نحوهما غيرهما من الأخبار.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انّ الحمل حدّه أن يكمل له أربعة أشهر، فإن

ولد الضّأن بعد أربعة أشهر يسمّي عند أهل اللّغة حملا حكي عن ابن قتيبة في أدب الكاتب: «فإذا بلغ أربعة أشهر و فصل عن امّه فهو حمل و خروف و الأنثي خروفة» و الظاهر من كلامه اختصاصه بالذّكر، كما عن العين و المحيط و تهذيب اللّغة من انّه الخروف و انّ الخروف هو الحمل الذّكر، و لكن عن الرّاغب انّ الحمل سمي به لكونه محمولا لعجزه أو لقربه من حمل امّه به.

الثّاني- انّ إيجاب الحمل خاصّة في قتل فرح الحمام بمقتضي الأخبار المتقدّمة مخالف لصحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انّه قال في محرم ذبح طيرا انّ عليه دم شاة يهريقه فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن «3» لدلالته- كما تري- علي التخيير فيه بين الجدي و الحمل الصّغير من الضأن.

و من هنا اجتزأ به صاحب المدارك.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 9.

(3) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 73

و للمحلّ في الحرم نصف درهم (1)

______________________________

اللّهم الّا أن يقال بخروجه عن حيّز دليل الاعتبار لذهاب الأصحاب في مقام العمل علي خلافه، فتدبّر.

الثّالث- انّ المراد بالجدي الواقع في ضحيح عبد اللّه بن سنان- كما في القاموس الذّكر من أولاد المعز، و لكن في مجمع البحرين لم يخصّه به بل حكاه قولا، و قال هو ما بلغ ستة أشهر، و يأتي تفصيل الكلام فيه في ذيل القسم الثالث من الأقسام الخمسة لما لا بدل له بالخصوص فراجعه.

(1) وفاقا للمشهور و يدلّ عليه عدّة من الأخبار المروية

عنهم (عليهم السّلام)- منها:

1- صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن فرخين مسرولين ذبحتهما و أنا بمكّة محلّ؟ فقال لي: لم ذبحتهما، قلت:

جائتني بهما جارية من أهل مكّة فسألتني أن أذبحهما، فظننت أنّي بالكوفة و لم أذكر الحرم؟ فقال: تصدّق بثمنها، قلت: فكم ثمنها؟ فقال: درهم خير من ثمنها «1».

و رواه الكليني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، و عن أبي علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار جميعا عن صفوان مثله، الّا انّه قال: عليك قيمتها، فقلت: كم قيمتها؟ فقال: درهم و هو خير منهما.

2- صحيحة الآخر قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) في قيمة الحمامة درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيض ربع درهم «2».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 7.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 74

و لو كان محرما في الحرم اجتماع عليه الأمران (1)

______________________________

3- صحيح حفص البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: في الحمام درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم «1».

لا يخفي انّ الاستدلال بالأخيرين لما أفاده المصنّف (قدّس سره) انّما يتمّ بعد تنزيلهما علي الخبر الأول، كما هو واضح.

(1) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من لزوم الأمرين- و هما الشّاة و الدّرهم- علي المحرم فيما لو قتل الحمام في الحرم، و الحمل و نصف درهم فيما لو قتل الفرخ في الحرم، متين، و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل عن شرح الجمل للقاضي الإجماع عليه.

امّا الشاة في الأول فلكونه محرما، و أما الدّرهم فلكونه في الحرم،

و كذا في الثّاني.

و استدلّ لذلك- مضافا الي قاعدة أن تعدّد السبب يقتضي تعدّد المسبّب- بعدّة من النصوص- منها:

1- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدّق به أو يطعمه حمام مكة.. إلخ «2».

2- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل قتل طيرا من طير الحرم و هو محرم في الحرم؟ قال: عليه شاة و قيمة الحمامة درهم يعلف به

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 75

______________________________

حمام الحرم، و ان كان فرخا فعليه حمل و قيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم «1».

3- موثّقه الآخر عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا عن الحرم؟ قال: عليه شاة، قلت: فان قتلها في جوف الحرم؟ قال: عليه شاة و قيمة الحمامة، قلت: فان قتلها في الحرم و هو حلال؟ قال: عليه ثمنها ليس عليه غيره، قلت: فمن قتل فرخا من فراخ الحمام و هو محرم؟ قال: فعليه حمل «2».

4- خبر محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم فهو محرم؟ قال: ان قتلها و هو محرم في الحرم فعليه شاة، و قيمة الحمامة درهم «3».

5- خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل قتل فرخا و هو محرم و هو في غير الحرم؟ فقال: عليه حمل و ليس عليه قيمة لأنه ليس في الحرم «4». لدلالة

ذيله و هو مفهوم التعليل علي انّه لو كان في الحرم لكان عليه القيمة أيضا.

الي غير ذلك من النصوص المروية عنهم (عليهم السّلام).

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) ذكر صدره في الوسائل ج 9 في الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2، و بعده في الباب 10 منها الحديث 9 و ذيله في الباب 9 منها الحديث 9.

(3) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 76

و في بيضها إذا تحرّك الفرخ حمل (1)

______________________________

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن ظاهر العمّاني من وجوب الشّاة خاصّة، لعدم الدليل عليه.

و أما ما ظاهره الإطلاق فيقيّد بما مرّ من الأخبار.

كما انّه ظهر ممّا ذكرنا ضعف ما حكي عن المرتضي في أحد قوليه من وجوب الفداء و القيمة مضاعفة.

نعم يمكن الاستدلال لقوله الآخر و هو وجوب تضاعف الفداء بخبر معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ان أصبت الصيد و أنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك، و ان أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة، و ان أصبته و أنت حرام في الحلّ فإنّما عليك فداء واحد «1».

و بموثّق معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تأكل شيئا من الصيد، و ان صاده حلال، و ليس عليك فداء شي ء أتيته الي أن زاد، لأنّ اللّه قد أوجبه عليك، فان أصبته و أنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة، و ان أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة، و ان أصبته و أنت حرام في

الحرم فعليك الفداء مضاعفا، و أيّ قوم اجتمعوا علي صيد فأكلوا منه، فانّ علي كلّ انسان فيه قيمة، و ان اجتمعوا عليه في صيد فعليهم مثل ذلك «2».

و لكن لا يمكن المساعدة عليه، لشذوذ العمل به فتدبّر.

(1) للأخبار- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 77

______________________________

1- صحيح علي بن جعفر قال: سألت أخي موسي (عليه السّلام) عن رجل كسر بيض حمام و في البيض فراخ قد تحرّك؟ فقال: عليه أن يتصدّق عن كلّ فرخ قد تحرّك فيه بشاة، و يتصدّق بلحومها ان كان محرما، و ان كان الفراخ لم يتحرّك تصدّق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم «1».

و رواه في كتابه نحوه الّا انّه قال (يتصدّق بثمنه درهما أو شبهه أو يشتري به علفا لحمام الحرم) و الاستدلال به انّما يتمّ إذا أريد من الشاة فيه الحمل، و الّا فلا يتمّ، و الظاهر انّها محمولة عليه، لبعد وجوب ما هو أكبر منه للفراخ في البيضة و الحال انّه يجب للفراخ بعد الخروج منها.

2- خبر يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أغلق بابه علي حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض؟ فقال: ان كان أغلق عليها قبل أن يحرم فان عليه لكلّ طير درهم، و لكلّ فرخ نصف درهم و لكلّ بيضة ربع درهم، و ان كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإنّ عليه لكلّ طائر شاة و لكلّ فرخ حملا، و ان لم يكن تحرّك فدرهم و للبيض نصف درهم «2».

3- صحيح الحلبي قال: حرك الغلام مكتلا فكسر

بيضتين في الحرم فسألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام)؟ فقال: جديين أو حملين «3» بناء علي ارادة تحرّك الفرخ فيهما.

مضافا الي مطلقات الفرخ الشامل للخارج عن البيض و الحاصل فيها.

لا بأس هنا بذكر ما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) في ذيل هذا المبحث

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 26 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 78

و قبل التحرّك علي المحرم درهم (1)

______________________________

و إليك نص عبارته: (إنّما الإشكال في انّ ظاهر المصنّف و غيره عدم الفرق في ذلك بين المحرم و المحلّ خصوصا بملاحظة تفصيله بينهما في غير ذي الفرخ، و كذا عن المنتهي و التذكرة و في القواعد و مال اليه سيّد المدارك قال: «و عبارة المصنّف كالصّريحة في التعميم، حيث أطلق وجوب الشاة بعد تحرّك الفرخ و فصل الحكم قبله، و صرّح الشهيد بأنّ حكم البيض بعد تحرّك الفرخ حكم الفرخ و مقتضاه اختصاص هذا الحكم بالمحرم في الحل، و يجب علي المحل في الحرم نصف درهم و يجتمع الأمران علي المحرم في الحرم و هو غير واضح لاختصاص الرواية الثانية أي صحيح الحلبي بحمام الحرم و ظهور الرواية الأولي أي صحيح عليّ بن جعفر في التعميم» و (فيه): انّ ذلك يقتضي زيادة فداء المحل البيض ذي الفرخ المتحرّك في الحرم علي هذا الفرخ نفسه فيه الّذي قد عرفت وجوب نصف درهم له و هو مستبعد نحو ما سمعته في بيض القطا، علي انّه يمكن جعل الشرط في الجزء الأول للحكم بالحمل فيكون مفهومه عدم كونه حكمه كذلك و ليس إلّا

بقاؤه حينئذ علي حكمه في الفرخ و كذلك الكلام في خبر يونس مضافا الي صدق قتل الفرخ الّذي قد عرفت ما دلّ علي التفصيل بين المحرم في الحل و المحرم في الحرم فيه بالنسبة إلي وجوب الحمل و الدرهم فالمتجه حينئذ الجمع بين النصوص بحمل المطلق فيها علي المقيّد، و منه يعلم انّ الأقوي حينئذ ما سمعته من الشّهيدين..

إلخ) فلاحظ و تأمّل.

(1) يدلّ علي ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من لزوم الشّاة علي المحرم في الحلّ قبل تحرّك الفرخ في البيض حسن حريز المتقدّم، لقوله (عليه السّلام) فيه:

إذا أصاب حمامة ففيها شاة و ان قتل فراخه ففيه حمل، و ان وطئ البيض فعليه

كفارات الإحرام، ص: 79

و علي المحلّ ربع درهم (1) و لو كان محرما في الحرم لزمه درهم و ربع درهم (2) و يستوي الأهلي (3) و حمام الحرم في القيمة (4) إذا قتل في الحرم لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه (5).

______________________________

درهم «1».

و ذيل صحيح عليّ بن جعفر: (و ان كان الفراخ لم تتحرّك تصدّق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم «2» بعد حمله علي ما نحن بصدده بقرينة غيرهما من الأخبار.

(1) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من وجوب ربع درهم في كسر البيض فيما إذا لم يكن فيه فرخ قد تحرّك علي المحل في الحرم فيمكن أن يكون نظره فيه الي صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال في الحمام درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم «3» و صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) في قيمة الحمامة درهم و في الفرخ نصف درهم و في

البيض ربع درهم «4».

بعد حملهما علي مفروض المسألة و لو بقرينة غيرهما من الروايات.

(2) للأخبار المتقدّمة و قاعدة تعدّد المسبّب بتعدّد السّبب.

(3) أي ماله أهل يملكونه أو مطلق ما يسكن البيوت و يألف العمران.

(4) لا ينبغي الإشكال في مساواة الأهلي و الوحشي من حمام الحرم في القيمة كالدرهم و نصفه و ربعه.

(5) كما هو المعروف و في الجواهر بل لا خلاف فيه كما عن المنتهي و التذكرة

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1

(2) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 8

(3) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5

(4) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1

كفارات الإحرام، ص: 80

______________________________

الاعتراف به.

و استدلّ لذلك بالأخبار الدالّة علي المساواة و لو بإطلاقها- منها:

1- صحيح صفوان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من أصاب طيرا في الحرم و هو محل فعليه القيمة و القيمة درهم يشتري علفا لحمام الحرم «1».

2- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل قتل طيرا من طير الحرم و هو محرم في الحرم؟ قال: عليه شاة و قيمة الحمامة درهم يعلف به حمام الحرم، و ان كان فرخا فعليه حمل و قيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم «2».

3- خبر حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم و الآخر من حمام غير الحرم؟ قال: يشتري بقيمة الّذي عن حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم و يتصدّق بجزاء الآخر «3» و نحوها غيرها من الأخبار الدالّة بإطلاقها علي مساواة قيمة الحمام سواء كان أهليّا أو

وحشيّا.

ثم انّ هذه الأخبار- كما تري- تدلّ علي شراء العلف من قيمته و يعلف به حمام الحرم و لكن ينافيها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:

ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة، و ثمن الحمامة درهم أو شبهه، يتصدّق به أو يطعمه حمام مكّة، فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها «4».

و صحيحة الآخر في رجل أغلق باب بيت علي طير من حمام الحرم فمات؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 22 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4

(2) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 5

(3) الوسائل ج 9 الباب 22 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6

(4) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3

كفارات الإحرام، ص: 81

______________________________

يتصدّق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم «1».

و خبر محمّد بن فضيل عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم؟ قال: عليه قيمتها، و هو درهم يتصدّق به، أو يشتري طعاما لحمام الحرم، و ان قتلها و هو محرم في الحرم فعليه شاة و قيمة الحمامة «2» حيث انّه كما تري يدلّ علي التخيير بين التصدّق بقيمة الحمام و بين شراء الطعام منه و إطعامه حمام مكة، فإذا تقع المعارضة بين هذه الأخبار و الأخبار المتقدّمة.

و لكن يمكن الجمع بين الأخبار المتقدّمة و هذه الأخبار بحملها علي كون العلف أفضل فردي التخيير، فتأمّل.

ينبغي هنا التنبيه علي أمور:

الأول- انّ صحيح الحلبي الأول شامل للأهلي أيضا، لكونه أيضا في الحرم بل يشمله حمام الحرم المعبّر به في صحيحة الآخر، لعدم اختصاص حمام الحرم بغير أهلي مكّة، و حينئذ فينبغي

القول بالتخيير في أهليها أيضا، فلا يلزم التصدّق به.

الثاني- انّه لا يخصّص هذه الأخبار خبر حماد بن عثمان الّذي تقدّم ذكره في الأخبار المتقدمة، لكون المراد من قوله (بغير حمام الحرم) فيه ظاهرا ما كان خارجا عن الحرم لا الأهلي، و لو سلم فقوله (عليه السّلام) فيه: (و يتصدّق بجزاء الآخر) و ان كان ظاهرا في الوجوب التّعييني الّا انّه ترفع اليد عنه، لعطفه فيه علي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6

كفارات الإحرام، ص: 82

[الثاني القطاء و الحجل و الدرّاج]

الثاني القطاء و الحجل و الدرّاج في كلّ واحد من القطاء و الحجل و الدرّاج حمل قد فطم و رعي (1)

______________________________

قوله: (يشتري قمحا) و من المعلوم انّه ليس للتعيين، لعدم تعيين بخصوص شراء القمح و هو الحنطة عليه، فتأمل و لا حظ.

الثالث- انّه قد وقع الخلاف في انّ الحمام الأهلي هل يصير مملوكا أو لا؟

فنقول: انّ تعبير المصنّف (قدس سرّه) بالأهلي يشعر بكونه مملوكا، و لكن قد صرح الكركي بعدم تصوّر ملك الصّيد في الحرم إلّا في القماري و الدباسي، لما دلّ علي جواز شرائهما و إخراجهما من مكّة و تبعه في المسالك، و في المدارك و غيرها «هو مبني علي ما هو المشهور من عدم دخول الصيد و ان كان أهليّا في الملك إذا كان في الحرم كما تقدّم سابقا، و امّا علي ما ذهب اليه المصنّف في النّافع من دخوله في الملك و ان وجب عليه إرساله فلا».

قال في الجواهر بعد نقل هذا الكلام: (يمكن القول بعدم اعتبار الملك في الأهلي منه، ضرورة: صدقه علي اليمام الّذي يسكن الدور و ان لم

يتولّد في الحرم و الحكم المزبور لا يعتبر فيه الملكيّة، كما انّه يمكن تملّكه بتملّك بيض خارج من الحرم فيضعه تحت حمام الحرم و يكون فرخا، و بغير ذلك و من هنا قال في كشف اللّثام مازجا به عبارة القواعد «يستوي الأهلي أي اليمام أو المملوك من حمام الحرم تولّد منه أو أتاه من الحلّ و هو لا ينافي الملك، و ان لم يكن قمريّا أو دبسيا كما يأتي، و لا بأس ان نافاه هنا أيضا» و مرجعه الي ما ذكرنا).

(1) بلا خلاف فيه كما اعترف به غير واحد، و استدلّ له بعدّة أخبار- منها:

كفارات الإحرام، ص: 83

[الثّالث: القنفذ و الضّب و اليربوع]

الثّالث: القنفذ و الضّب و اليربوع في قتل كلّ واحد من القنفذ و الضّب و اليربوع جدي (1)

______________________________

1- صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) وجدنا في كتاب علي (عليه السّلام) في القطا إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللّبن و أكل من الشجر «1».

2- خبر المفضّل بن صالح عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا قتل المحرم قطاة فعليه حمل قد فطم من اللّبن و رعي من الشجر «2».

3- خبر سليمان بن خالد عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: في كتاب أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) من أصاب قطاة أو حجلة أو درّاجة أو نظيرهنّ فعليه دم «3» بعد حمل الدّم فيه علي الحمل و لو بقاعدة الإطلاق و التّقييد أو تمّ عدم القول بالفصل بين القطاء و بين الآخرين و الّا فيقع الإشكال.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ ظاهر المصنّف (قدس سره) و غيره الاقتصار في الحكم علي القطاة و الحجل و الدراج و لكن في خبر سليمان بن

خالد المتقدّم الحق نظيرهنّ بهنّ، فتدبّر.

(1) علي المشهور بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و في الجواهر:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 84

______________________________

(بل لا أجد فيه خلافا بين المتأخّرين خلافا للحلبيّين فأوجبوا فيها حملا قد فطم و رعي من الشجر.. إلخ).

و استدلّ له بحسن مسمع أو صحيحة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: في اليربوع و القنفذ و الضب إذا أصابه المحرم فعليه جدي و الجدي خير منه، و انّما جعل هذا لكلي ينكل عن فعل غيره من الصّيد «1».

و بالمماثلة المطلوبة في الآية الكريمة (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «2».

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن الحلبيّين من وجوب الحمل الّذي قد فطم و رعي الشجر.

ينبغي هنا بيان أمرين:

الأول- انّه هل يلحق أشباه الأشياء المذكورة بها أم لا؟

ظاهر المصنّف (قدس سرّه) تبعا للخبر المتقدّم الاقتصار عليها.

يمكن أن يقال بإلحاق غيرها من أشباهها بها كما عن السيّد و الشّيخين و بني إدريس و حمزة و سعيد و غيرهم، لما عرفته في الخبر من ثبوت ذلك في الثلاثة و كونه خيرا منه و انّه انّما جعل هذا لكي ينكل به عن صيد غيره، بل في الرياض لا يخلو من وجه، و لذا مال اليه من المتأخّرين المحقّق الثاني في شرح القواعد، بل أفتي به صريحا.

و لكنّ المسألة بعد لا تخلو من اشكال لأنّ حمل الأشياء المذكورة في الخبر علي المثال خلاف الظاهر، و لا يصار اليه الّا بالدّليل.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 6

من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 85

[الرّابع العصفور و القبّرة و الصّعوة]

الرّابع العصفور و القبّرة و الصّعوة في كلّ واحد من العصفور و القبّرة و الصعوة مدّ من طعام (1)

______________________________

ان قلت: يمكن التعدّي إلي أشباهها بوحدة المناط؟ قلت: قد ذكرنا غير مرّة انّ المعتبر منه هو القطعي و هو غير حاصل في الشرعيّات و نفس الشك في حجّيته كاف في الحكم بعدم الحجيّة.

نعم إذا حصل القطع بأن ذكر الأشياء الثلاثة في الخبر كان من باب المثال فلا محيص حينئذ عن التعدّي.

الثّاني- الجدي هو الذّكر من أولاد المعز في العام الأول، كما عن المغرب المعجم.

و عن أدب الكاتب انّه جدي من حين ما تضعه أمّه الي أن يرعي و يقوي.

و لكن عن السّامي أنّه جدي من أربعة أشهر الي أن يرعي.

و عن المصباح المنير احتمال اختصاصه بالسنة الأولي لنسبته الي بعض.

و لكنّ الجميع خلاف العرف الّا ما أفاده أدب الكاتب.

(1) وفاقا للمشهور و استدلّ له بمرسل صفوان بن يحيي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في القبرة و العصفور و الصّعوة يقتلهم المحرم؟ قال: عليه مدّ من طعام لكلّ واحد «1».

ان قلت: انّه ضعيف سندا فلا عبرة به؟

قلت: انّه و ان كان ضعيفا من حيث السّند، الّا أنّ ضعفه منجبر بعمل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 86

______________________________

الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) لمضمونه فلا يصغي الي المناقشة فيه بذلك بعد الانجبار المزبور الموجب للاطمئنان بصدوره عن المعصوم (عليه السّلام) الّذي هو المناط في حجّية الخبر.

و أمّا القول بأنّه ينافي ذلك لما حقّق في الأصول من عدم حجيّة الشهرة العمليّة بنفسها.

ففيه انّه قد اخترنا في الأصول انّ المدار

في اندراج الخبر تحت دليل الاعتبار هو الوثوق و الاطمئنان و هذا يحصل تكوينا بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) علي طبقه و حينئذ فالمناقشة فيه في غير محلّه.

و أمّا صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انّه قال في محرم ذبح طيرا ان عليه دم شاة يهريقه فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن «1» الدال علي وجوب الشاة في مطلق الطير فلا ينافي المرسل المذكور لتخصيصه به.

و أمّا الفقه المنسوب الي الرضا (عليه السّلام) الدال علي وجوب الشّاة ففيه ما لا يخفي، لما ذكرناه غير مرّة من عدم ثبوت نسبته اليه.

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن الصدوقين من وجوب الشّاة في قتل كلّ طائر عدي النّعامة و أمّا خبر سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عمّا في القمري و الدبسي و السمّاني و العصفور و البلبل؟ قال قيمته، فإن أصابه و هو محرم فقيمتان ليس عليه فيه شاة «2» الدّال علي وجوب القيمة في قتل العصفور و القمري و ما جري مجراهما و قيمتين في الحرم ففيه ما لا يخفي، لقصوره من حيث السّند فلا يصلح للعمل.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 6.

(2) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 7.

كفارات الإحرام، ص: 87

[الخامس الجراد و القمّلة و غيرها]

الخامس الجراد و القمّلة و غيرها في قتل الجرادة تمرة (1) و الأظهر كفّ من طعام (2)

______________________________

و من هنا ظهر ضعف ما ذهب إليه الإسكافي من وجوب القيمة فيها في الحل و قيمتين في الحرم.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ مقتضي إطلاق مرسل صفوان المتقدّم عدم الفرق بين أن يقتل

الأشياء المذكورة فيه في الحل أو الحرم.

(1) للأخبار- منها:

1- صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في محرم قتل جرادة؟

قال: يطعم تمرة و تمرة خير من جرادة «1».

2- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قلت: ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم؟ قال: تمرة خير من جرادة «2».

3- مرسل حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في محرم قتل جرادة؟ قال:

يطعم تمرة و التّمرة خير من جرادة «3».

و حكي هذا القول عن الفقيه و النّهاية و المقنع و الخلاف و المهذّب و النّزهة و الجامع و رسالة عليّ بن بابويه و السّرائر.

(2) لخبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن محرم قتل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 7.

كفارات الإحرام، ص: 88

و كذا في القمّلة يلقيها من جسده (1)

______________________________

جرادة؟ قال: كفّ من طعام، و ان كان كثيرا فعليه شاة «1» و هذا القول هو المحكي عن النّافع و القواعد و الغنية.

ينبغي هنا بيان أمر:

و هو انّ خبر ابن مسلم الدال علي ثبوت كفّ من طعام لمن قتل جرادة معارض للأخبار السابقة الدالّة علي ثبوت إطعام تمرة لمن قتل جرادة، و قد يجمع بينه و بينها بالتخيير و ذهب اليه غير واحد من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم).

و هذا الجمع لم يكن فيه بأسا لو كان الخبر صحيحا، و لكنّه ضعيف كما أفاده كاشف اللثام.

نعم في خبره الصحيح (قتل جرادا «2» بل عن بعض النسخ (قتل جرادا كثيرا) و من

هنا يشكل العمل به و لو علي التّخيير.

و امّا خبر حناط عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل أصاب جرادة فأكلها؟

قال: عليه دم «3» فقد حمله الشيخ (قدّس سرّه) علي الجراد الكثير و ان أطق عليه الجرادة الّا انّه أريد منه الجنس.

و لكن الّذي يسهل الخطب انّه لا عبرة به، لكونه ضعيفا سندا.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سره) من وجوب الكفّ من الطعام في القمّلة الّتي يلقيها من جسده متين. و استدلّ لذلك بعدّة أخبار- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

(2) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 89

______________________________

1- خبر حماد بن عيسي أو صحيحة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن المحرم يبيّن القملة عن جسده فيلقيها؟ قال: يطعم مكانها طعاما «1».

2- نحوه خبر محمّد بن مسلم عنه عليه السّلام «2».

3- صحيح حسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:

المحرم لا ينزع القملة من جسده و لا من ثوبه متعمّدا و ان قتل (فعل خ ل) شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده «3».

4- خبر ابن سلطان عن الحلبي، قال: حككت رأسي و أنا محرم فوقع منه قملات فأردت ردهنّ فنهاني؟ و قال: تصدّق بكفّ من طعام «4».

ينبغي هنا بيان أمرين:

الأول- انّ الاستدلال بالخبرين في المقام انّما يتمّ إذا أريد من إطعام الطّعام: الكفّ، إذ هو أقلّ مقدار منه، و الظاهر انّه المراد منهما بقرينة الخبرين الأخيرين.

الثاني- انّ الأخبار المتقدّمة- كما تري- دلّت علي ثبوت الكفّارة في إلقاء القملة عن جسده بكفّ من الطعام،

و لكن يعارضها ما دلّت علي عدم ثبوتها فيها- و لا بأس بذكر بعض منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) المحرم يحكّ رأسه فتسقط منه القملة و الثنتان؟ قال: لا شي ء عليه و لا يعود، قلت: كيف يحكّ رأسه؟ قال بأظافيره ما لم يدم و لا يقطع الشعر «5».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارة الإحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارة الإحرام، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارة الإحرام، الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارة الإحرام، الحديث 4.

(5) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 90

و في قتل الكثير من الجراد دم شاة (1)

______________________________

2- صحيحة الآخر قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): ما تقول في محرم قتل قملة؟ قال: لا شي ء عليه في القملة و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها «1».

و لكن يمكن الجمع بينهما و بين الأخبار السابقة بوجوه التالية:

1- حمل الأخبار السابقة الدالّة علي ثبوت الكفّارة علي الندب و ذلك لأنّ الخبرين نص في عدم ثبوتها و الأخبار المتقدّمة تكون ظاهرة في ثبوتها فترفع اليد عن الظاهر بالنص و حمل الظاهر علي النص من اجلي الحكومات.

و يؤيّد ذلك ما رواه أبان عن أبي الجارود قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) حككت رأسي و أنا محرم فوقعت قملة؟ قال: لا بأس، قلت: أيّ شي ء تجعل علي فيها؟ قال: و ما أ جعل عليه في قملة ليس عليك فيها شي ء «2».

و نحوه روايته الأخري قال: سأل رجل أبا جعفر (عليه السّلام)

عن رجل قتل قملة و هو محرم؟ قال: بئس ما صنع، قلت: فما فداؤها؟ قال: لا فداء لها «3».

2- حمل الخبرين علي نفي العقاب كما أفاده الشيخ (قدس سرّه) إذا كانت تؤذيه و (فيه) ما لا يخفي، لعدم الشاهد له.

3- حملهما علي نفي الكفّارة المعيّنة المحدودة كغيرها، و فيه انّه خلاف الظاهر.

4- حملهما علي صورة النّسيان كما احتمله الشيخ (قدس سرّه).

(1) كما صرح به غير واحد من الأصحاب بل عن الخلاف دعوي الإجماع عليه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 6

(2) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 7

(3) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 8

كفارات الإحرام، ص: 91

و ان لم يمكنه التحرّز من قتله بأن كان في طريقه فلا اثم و لا كفّارة (1)

______________________________

و استدلّ لذلك- مضافا الي ما ذكر- بصحيح محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم قتل جرادا كثيرا؟ قال: كفّ من طعام، و ان كان أكثر فعليه شاة «1».

و بخبره عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم قتل جرادة؟ قال:

عليه كفّ من طعام و ان كان كثيرا فعليه شاة «2».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ ظاهر الخبر تحقّق الكثرة بالزيادة علي الواحد، و لكن ظاهر الأصحاب علي خلافه، لذهابهم الي انّ المرجع فيها هو العرف.

و يحتمل أن يكون المراد منها هو الثلاثة و ما فوق لدلالة اللّغة عليه و الحق هو انّ المرجع في تعيينها هو العرف لا غير كما أفاده الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم).

(1) لصحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: علي المحرم أن

يتنكّب الجراد إذا كان علي طريقه، فان لم يجد بدّا فقتل فلا بأس (فلا شي ء عليه خ ل) «3».

و صحيح معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) الجراد يكون في ظهر الطّريق و القوم محرمون فكيف يعنون؟ قال: يتنكّبونه ما استطاعوا، قلت: فإن

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3

(2) الوسائل ج 9 الباب 37 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6

(3) الوسائل ج 9 الباب 38 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1

كفارات الإحرام، ص: 92

و كلّما لا تقدير لفديته ففي قتله قيمته (1) و كذا القول في البيوض (2)

______________________________

قتلوا منه شيئا فما عليهم؟ قال: لا شي ء عليهم «1».

(1) بلا خلاف فيه، كما اعترف به غير واحد من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و استدلّوا لذلك بوجهين:

الأول- قاعدة الضمان.

الثاني- صحيح سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) في الظبي شاة و في البقرة بقرة و في الحمار بدنة و في النعامة بدنة و فيما سوي ذلك قيمته «2» فإنّه- كما تري- عام في إيجاب القيمة إلّا ما خرج من نصّ و نحوه، كما انّ إثبات القيمة يستدعي عدم الفدية لما لا قيمة له كالحشرات و ان حرم قتله.

(2) لما تقدّم، لعدم التّقدير في فديتها.

و لكن يمكن أن يقال انّ الأصل في كسر البيض وجوب الدرهم الّا ما خرج بالدليل، للعموم الدال عليه، ففي صحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: (و ان وطئ المحرم بيضة و كسرها فعليه درهم كلّ هذا يتصدّق به بمكّة و مني «3».

نعم لو كان البيض للحمام كان فيه ربع درهم، لصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:

في الحمام درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم «4» و صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 38 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 7.

(4) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 93

و قيل (1) في البطّة و الإوزة و الكركي شاة (2)

______________________________

(عليه السّلام) في قيمة الحمامة درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيض ربع درهم «1».

كما انّه لو أغلق الباب و أفسد البيض كان عليه نصف درهم لخبر إبراهيم بن عمر و سليمان بن خالد قالا: قلنا لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجل أغلق بابه علي طائر؟ فقال: ان كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة و ان عليه لكلّ طائر شاة و لكلّ فرخ حملا، و ان لم يكن يحرك فدرهم و للبيض نصف درهم «2».

و حينئذ فلا يوجد بيض لا تقدير له حتّي يجب قيمته.

(1) كما عن المبسوط و الوسيلة و الإصباح.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انّه قال في محرم ذبح طيرا ان عليه دم شاة يهريقه فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن «3».

مضافا الي وجوب الشاة في الحمام الّذي هو أصغر من الأشياء المذكورة في المتن.

و لكن لا يخفي ما فيه لأنّ مقتضي الصّحيح المزبور هو ثبوت الشاة في مطلق الطير الّذي لا تقدير لفديته بالخصوص، فعليه لا وجه لاختصاص الحكم بالبطّة و الإوزة و الكركي،

بل يعمّ غيرها و نحو الصّحيح في الدّلالة علي وجوب الشّاة في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 11.

(3) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 94

و هو تحكّم (1).

______________________________

مطلق الطّير مطلقا صحيح إبراهيم بن عمر و سليمان بن خالد قالا: قلنا لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجل أغلق بابه علي طائر؟ فقال: ان كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة، و ان كان أغلق الباب قبل أن يحرم فعليه ثمنه «1».

و نحوه خبر يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أغلق بابه علي حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض؟ فقال: ان كان أغلق عليها قبل أن يحرم، فانّ عليه لكلّ طير درهم و لكلّ فرخ نصف درهم و لكلّ بيضة ربع درهم، و ان كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإنّ عليه لكلّ طائر شاة و لكلّ فرخ حملا و ان لم يكن تحرّك فدرهم و للبيض نصف درهم «2» و نحوها غيرها من الأخبار الدالّة علي وجوب الشاة لقتل الحمامة فبمقتضي الأخبار يحكم بوجوب الشاة لقتل الطير الّا أن يقوم دليل تعبّدي علي الخلاف فلاحظ و تأمّل و اللّه الهادي إلي الصّواب.

و امّا ما ذكر في وجه ما تقدّم في كلام المصنّف (قدّس سرّه) في المقام: من وجوب الشاة في الحمام الّذي هو أصغر من الأشياء المذكورة في المتن، و لازمه ثبوتها فيها، ففيه انّ ثبوت الشّاة في الأصغر لا يلازم ثبوتها في الأكبر، لاحتمال أن يكون في الأصغر خصوصيّة.

و امّا تنقيح المناط فقد

ذكر غير مرّة انّ غاية ما يحصل منه هو الظنّي و هو لا يغني من الحقّ شيئا فلا يخرج هذا الوجه عن كونه قياسا و هو ليس من مذهب أهل الحق.

(1) و لعلّه لما ذكرنا في كلامه السّابق قال المصنّف: و هو تحكّم.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 95

[فروع خمسة]
اشارة

فروع خمسة

[الأول إذا قتل صيدا معيبا]

الأول إذا قتل صيدا معيبا كالمكسور و الأعور فدّاه بصحيح (1) و لو فدّاه بمثله جاز (2)

______________________________

(إيقاظ) انّه قد ظهر ممّا ذكرنا سابقا الوجه في انّ الخمسة المذكورة لا بدل لها من حيث الكفّارة علي الخصوص لا في حال الاختيار و لا في حال الاضطرار، و انّما ورد بدل للشاة علي العموم و هو عبارة عن إطعام عشرة مساكين و مع العجز صيام ثلاثة أيّام قال الصّادق (عليه السّلام) في صحيح ابن عمّار من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام و في غيرها الاستغفار و التوبة «1».

(1) علي الأفضل كما في القواعد و محكي الخلاف، و الأولي كما عن التحرير، و الأحوط كما عن التذكرة و المنتهي.

(2) للماثلة المطلوبة في الآية الكريمة (.. فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «2» نعم ينبغي مراعاة المماثلة في العيب فيجزي عن المعيب، مثله بعيبه لا بغيره، لعدم صدق المماثلة فيفدي الأعور باليمني بمثله، و الأعرج بها كذلك فلا يجزي الأعور عن الأعرج و لا العكس، و كذا ينبغي مراعاتها في المرض فيجزي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 23، 24، 25، 26، من أبواب كفّارات الصّيد.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 96

و يفدي للذّكر بمثله و بالأنثي و كذا الأنثي (1) و بالمماثل أحوط (2).

[الثاني الاعتبار بتقويم الجزاء وقت الإخراج]

الثاني الاعتبار بتقويم الجزاء وقت الإخراج (3) و فيما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف (4).

______________________________

عن المريض مثله بمرضه لا بغيره، لما عرفت. هذا كلّه مع اختلاف نوع العيب و المرض.

و امّا مع اتّحاد نوع العيب و المرض فلا يضر، كما هو المحكي عن القواعد فيجزي أعور اليمين عن أعور اليسار و كذلك في المرض، لعدم الخروج

عن المماثلة.

و كيف كان فلا ينبغي الشك في انّ الصّحيح في مقام الفداء أفضل، لأنه زيادة في الخير فتدبّر.

(1) لإطلاق الروايات و حصول المماثلة في الجثّة و هذه تكفي و ان لم تحصل في جميع الصفات كاللّون و نحوه و لكن ذهب بعض الي عدم اجزاء الذكر عن الأنثي كما هو المحكي عن بعض الشافعيّة و عن ظاهر التحرير و المنتهي و التّذكرة التوقّف فيه، و القطع بالعكس قال: لأنّ لحمها أطيب و أرطب و قال لو فدي الأنثي بالذكر فقد قيل انّه يجوز لأنّ لحمه أوفر فتساويا و قيل لا يجوز لأنّ زيادته ليست من جنس زيادتها فأشبه فداء المعيب بنوع آخر.

(2) و لعلّه لما عرفت ذهب المصنّف (قدس سرّه) الي انّ المماثلة في مقام الكفّارة أحوط و لا بأس به، للاحتياط بالمماثلة.

(3) لانتقاله في ذلك الوقت إلي القيمة فتجب قيمته فيه..

(4) لأنه وقت وجوب القيمة.

كفارات الإحرام، ص: 97

[الثّالث إذا قتل ماخضا ممّا له مثل يخرج ماخضا]

الثّالث إذا قتل ماخضا ممّا له مثل يخرج ماخضا (1) و لو تعذّر قوّم الجزاء ماخضا (2)

[الرّابع إذا أصاب صيدا حاملا]

الرّابع إذا أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا حيّا ثمّ ماتا فدّي الأم بمثلها و الصّغير بصغيرة (3)

______________________________

(1) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من وجوب الإخراج من الماخض ممّا له مثل من النّعم فيما إذا قتل المحرم ماخضا ممّا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل قد نفي عنه الخلاف، و استدلّ لذلك بالمماثلة المطلوبة في الآية المباركة (فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «1» لشمولها له.

اللهمّ الّا أن يقال انّ المراد من الآية الدالّة علي اعتبار المماثلة هو المماثلة في الجثّة و التّقارب فيها لا في جميع الخصوصيّات فتأمّل.

نعم لو كان الحمل حيّا فمات في بطنها أمكن القول بوجوب مثله مستقلّا كما لو انفصل حيّا فمات، و يأتي تحقيق الكلام عنه في كلام الآتي للمصنّف (قدس سرّه) في الفرع الرّابع من الفروع الخمسة.

(2) علي تقدير وجوب إخراج الماخض أي الحامل- كما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) فان تعذّر قوّم الجزاء ماخضا، لأنّه مثل المتعذّر الّذي بتعذّره ينتقل الي قيمته.

و لا يفرق في ذلك بين ما نقصت قيمتها عن الحائل أم زادت، لأنّ التقويم للجزاء و هو الحامل بما هي حامل.

(3) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) متين و لا ينبغي الإشكال فيه، للآية

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 98

و لو عاشا لم يكن عليه فدية إذا لم يعب المضروب (1) و لو عاب (2) ضمن أرشه (3) و لو مات أحدهما فدّاه دون الآخر (4) و لو ألقت جنينا ميّتا لزمه الأرش (5) و هو ما بين قيمتها حاملا و مجهضا (6).

______________________________

الكريمة الدالّة علي الفداء بالمثل (..

فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «1».

(1) لكنّه آثم.

(2) كلّ منهما أو أحدهما.

(3) لقاعدة الضمان، لعدم التّفاوت فيها بين الكلّ و الجزء و الصّفة و غيرها.

(4) لتحقّق موجب الفداء في أحدهما دون الآخر.

(5) ان كان ميّتا قبل الضّرب لم يضمن الحمل، كما لا أرش للأم، و ذلك لعدم التّفاوت في قيمتها بعد إلقاء الحمل بل لعلّ قيمتها صار أغلي.

و امّا ان مات الحمل بضرب الحامل ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملا و مجهضا كما يأتي في كلام المصنّف الآتي.

(6) و الأرش هو تفاوت ما بين قيمتها حاملا و مجهضا.

و امّا بالنسبة إلي الحمل فيمكن أن يقال بعدم ضمانه، لعدم صدق الصّيد عليه حتّي يثبت في قتله الجزاء، بل ذهب بعض الي عدم صدق الحيوان عليه، كما هو المحكي عن المسالك حيث قال علي ما في الجواهر: (انّه لا يعتبر الولد هنا للشّك في حياته، و الحكم انّما يتعلّق بالحّي بعد الولادة حتّي لو علم تحرّكه قبلها لم يعتد به، لعدم تسميته حينئذ حيوانا، و استحسنه في المدارك، و لعلّه كذلك و أصالة الحياة لا محلّ هنا ضرورة: انّ مقتضي الأصل عدمها، ثمّ قال: نعم

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 99

______________________________

يستفاد من نصوص البيض الضمان للمستعد فضلا عن مجهول الحال بالنسبة إلي الحياة و عدمها زيادة علي استعداده.

اللهمّ الّا أن يقال انّ ذلك كلّه داخل في الأرش الّذي هو التّفاوت المزبور..).

يمكن أن يقال فيما لو شكّ في انّ موته هل كان مستندا الي الضّرب أو لا باستصحاب الحياة إلي حين الضّرب و حينئذ نحكم بوجوب الجزاء له.

________________________________________

شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي، كفارات الإحرام، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1402 ه ق كفارات

الإحرام؛ ص: 99

اللّهم الّا أن يقال انّه انّما يستوجبه إذا صدق عليه عنوان الصّيد، و صدق ذلك في المقام غير معلوم، و من الواضح انّه لا يمكن إثباته بالاستصحاب كما هو واضح. هذه المسألة بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

ينبغي هنا ذكر فروع:

الأول- انه لو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته فهل عليه عشر الشاة أو عشر ثمنها؟

يمكن أن يقال بالأول، لوجوب الشاة في الجميع و هو يقتضي التّوزيع.

يمكن أن يقال بالثاني للضّرر في الذّبح.

و الأظهر انّه ان وجد المشارك في الذّبح أو احتاج هو اليه فالعين، لعدم الضّرر في الذّبح حينئذ و الّا فعليه القيمة.

الثاني- لو أزمن صيدا أو أبطل امتناعه فهل عليه كمال الجزاء أو الأرش؟

يمكن أن يقال بوجوب كمال الجزاء، لكونه كالهالك فيثبت به مناط كفّارة القتل.

يمكن أن يقال بالأرش، للشك في اتّحاد المناط فلا يلزم الّا عوض جنايته.

الثالث- لو أزمن الصيد أو أبطل امتناعه ثمّ بعد هذا قتله شخص آخر

كفارات الإحرام، ص: 100

[الخامس إذا قتل المحرم حيوانا و شكّ في كونه صيدا لم يضمن]

الخامس إذا قتل المحرم حيوانا و شكّ في كونه صيدا لم يضمن (1).

______________________________

فعلي القاتل قيمة المعيب، لكونه معيبا فعلا.

الرابع- لو أبطل أحد امتناعي النّعامة و الدّراج أعني الطّيران و العدو ضمن الأرش فقط، لبقاء امتناعه في الجملة، فلا يكون كالهالك.

(1) للأصل، و كذلك لو شكّ في إصابة الصّيد.

و امّا لو شكّ في الإصابة فيما يرمي مع غيره و أخطأ أحدهما فعليه الفداء، لصحيح ضريس بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجلين محرمين رميا صيدا، فأصابه أحدهما؟ قال: علي كلّ منهما الفداء «1» و نحوه خبر إدريس بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما، الجزاء بينهما، أو علي

كلّ واحد منهما؟

قال: عليهما جميعا يفدي كلّ منهما علي حدّة «2».

و يلحق به ما لو زاد الرماة علي اثنين، لاتّحاد المناط ظاهرا، سواء علم تعدّد المصيب، أو المخطي أم اشتبه الحال، بل حتّي لو كان بعضهم محلّا فيجب الفداء علي المحرم.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 101

[الفصل الثاني في موجبات الضمان]
اشارة

الفصل الثاني في موجبات الضمان و هي ثلاثة (1) مباشرة الإتلاف، و اليد، و السّبب،

[امّا المباشرة]

امّا المباشرة فنقول: قتل الصيد موجب لفديته (2) فإن أكله لزمه فداء آخر (3) و قيل (4) يفدي ما قتل و يضمن قيمة ما أكل و هو الوجه (5)

______________________________

(1) و في جملة من كتب الفاضل- علي ما في الجواهر- انّ موجبات الضّمان أمران: المباشرة، و التّسبيب، بل نصّ في بعضها علي دخول اليد في التّسبيب و فيه توسّع و الأمر سهل.

(2) لا ينبغي الإشكال فيه بعد تطابق الكتاب و السنّة و الإجماع، فعلي القاتل جزاء المجعول له شرعا أو بدله كما مرّ.

(3) كما عن الشّيخ (قدس سرّه) و جماعة، بل نسب إلي الأكثر، بل الي المشهور.

(4) و القائل الشّيخ في محكي الخلاف و الفاضل في القواعد و محكي الإرشاد.

(5) استدلّ لذلك بوجهين:

الأول- الأصل.

كفارات الإحرام، ص: 102

______________________________

الثاني- بعض الأخبار- و هو:

1- موثق معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا اجتمع قوم علي صيد و هم محرمون في صيده، أو أكلوا منه فعلي كلّ واحد منهم قيمته، فان اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك «1».

2- صحيح منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): أهدي لنا طير مذبوح بمكّة فأكله أهلنا؟ فقال: لا يري به أهل مكّة بأسا؟ قلت: فأيّ شي ء تقول أنت؟ قال: عليهم ثمنه «2».

امّا الوجه الأول- و هو الأصل- فيجب الخروج عنه، للأخبار الدالّة علي القول الأول- و هو ثبوت فداء آخر في أكله- منها:

1- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن المحرم يضطر، فيجد الميتة و الصّيد أيّهما يأكل؟ قال: يأكل من الصّيد، أ ليس هو بالخيار (أما

يحبّ أن) أن يأكل؟ قلت: بلي، قال: انّما عليه الفداء فليأكل و ليفده «3». و قوله (عليه السّلام): (و ليفده) منصرف إلي الفدية بالمثل، كما في القتل.

2- ما رواه ابن بكير و زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): في رجل اضطرّ إلي ميتة و صيد و هو محرم؟ قال: يأكل الصّيد و يفدي «4».

3- ما رواه محمّد بن علي بن الحسين قال: قال أبو الحسن الثّاني (عليه السّلام): يذبح الصّيد و يأكله و يفدي أحبّ اليّ من الميتة «5».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(5) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 103

______________________________

4- صحيح منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): محرم اضطرّ الي صيد و الي ميتة من أيّهما يأكل؟ قال: يأكل من الصّيد، قلت: أ ليس قد أحلّ اللّه الميتة لمن اضطر إليها؟ قال: بلي و لكن يفدي، ألا تري انّه انّما يأكل من ماله فيأكل الصّيد و عليه فداؤه «1».

5- صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر قال: سألته عن رجل محلّ اشتري لرجل محرم بيض نعامة فأكله المحرم؟ قال: علي الّذي اشتراه للمحرم فداء، و علي المحرم فداء، قلت: و ما عليهما؟ قال: علي المحلّ جزاء قيمة البيض لكلّ بيض درهم و علي المحرم لكلّ بيضة شاة «2».

6- صحيح زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: من نتف إبطه أو

قلّم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا، فليس عليه شي ء و من فعل متعمّدا فعليه دم شاة «3».

7- مرفوع محمّد بن يحيي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو و هو محرم؟ قال: عليه دم شاة «4».

8- صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم ما عليهم؟ قال: علي كلّ من أكل منهم فداء صيد، كلّ انسان منهم علي حدّته فداء صيد كاملا «5» و المنصرف منه- كما تري- هو كون جزاء الأكل و فداؤه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 7.

(2) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقية كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 54 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(5) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 104

______________________________

مثل جزاء القتل.

9- خبر يوسف الطاطري قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): صيد أكله قوم محرمون؟ قال: عليهم شاة و ليس علي الّذي ذبحه إلّا شاة «1» و نحوها غيرها من الأخبار.

مضافا الي الأخبار الدالّة علي تضاعف الفداء بالجناية و الأكل و لا بأس بذكر بعضها و هو مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له:

المحرم يصيب الصّيد فيفديه أ يطعمه أو يطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر، فقلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه «2». و نحوها روايته

الأخري «3».

و بها يخرج عن الأصل المزبور.

و أمّا موثّق معاوية بن عمّار الّذي تقدّم ذكره عند ذكر الوجه الثّاني فيمكن أن يراد من القيمة فيها الفداء بالمثل- كما أفاده صاحب الجواهر- بقرينة قوله (عليه السّلام) في ذيله: (فان اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك) أي: قيمته، و المراد منها في قتل الصّيد هي الفداء بالمثل، فقوله (عليه السّلام): «مثل ذلك» فيه، إشارة إلي إرادة الفداء من الأوّل، ليصحّ التّشبيه، إذ من المعلوم ارادة الفداء في المشبّه، لكونه صيدا لا أكلا، بل قد يشهد له: أنّ الموثّق المزبور مروي بطريق صحيح هكذا: (إذا اجتمع قوم محرمون علي صيد في صيده و أكلوا منه فعلي كلّ واحد منهم قيمته «4» و لا ريب في إرادة الفداء من القيمة في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 8.

(2) الوسائل ج 9 الباب 55 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 55 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1، و في التّهذيب ج 5 ص 351 الرّقم 1319، و الكافي ج 4 ص 391 (أو أكلوا منه).

كفارات الإحرام، ص: 105

______________________________

القتل فكذا في الأكل.

و أما صحيح منصور بن الحازم الّذي قد مرّ ذكره في الوجه الثّاني فالظّاهر خروجه عمّا نحن بصدده- و هو أكل المحرم- خصوصا بعد ملاحظة صحيح محمّد ابن مسلم الّذي يكون مضمونه مطابقا له و يصرّح فيه بكون الآكل محلّا، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام): عن رجل أهدي إليه حمام أهلي و جي ء به و هو في الحرم محلّ؟ قال: ان أصاب منه شيئا فليتصدّق مكانه بنحو من ثمنه

«1».

بل يمكن أن يكون المراد من قوله (عليه السّلام) في صحيح منصور: (انّ أهل مكّة.. إلخ) إذا كانوا محلّين، بل ربّما قيل هو الظّاهر.

و يحتمل أن يكون هذا هو الوجه في عدم استدلال الأكثر، لما في المتن بالأخبار و لذلك اعترف في المدارك بعدم الوقوف فيه علي دليل يعتدّ به.

و كيف كان فقد يقال بالجمع بين الأخبار بالتّخيير بين الشّاة و القيمة و الفدية، بالمثل، فتأمّل.

ثمّ انّه يمكن أن يقال بوجوب خصوص الشّاة في الأكل، حملا للأخبار المتقدّمة عليها، بقرينة صحيح زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول.. من نتف إبطه أو قلم ظفره، أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء، و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة «2» و خبر الطاطري المتقدّم «3» و خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قوم محرمين اشتروا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقية كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 106

______________________________

صيدا فاشتركوا فيه فقالت رفيقة لهم: اجعلوا لي فيه بدرهم، فجعلوا لها؟ فقال:

علي كلّ انسان منهم شاة «1».

و يمكن الجواب عنها: بأنّ تخصيص الشّاة بالذّكر فيها يحتمل أن يكون لغلبة وجوبها بالمماثلة المطلوبة في الآية الكريمة «2» أو غيرها، كما يرشد إليه إيجابها للذّبح مطلقا في خبر الطّاطري، لقوله (عليه السّلام) فيه: (عليهم شاة و ليس علي الّذي ذبحه إلّا شاة) «3» و مع إبدال

الشّاة بالفداء في خبر أبي بصير علي رواية الكافي، لأنّ ذيله علي رواية الوسائل هكذا: (علي كلّ انسان منهم شاة) و علي رواية الكافي: (علي كلّ انسان منهم فداء).

مضافا الي النصّ علي البدنة دون الشّاة في صحيح أبان بن تغلب قال:

سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن قوم حجّاج محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أكلوها؟ فقال: عليهم مكان كلّ فرخ أصابوه و أكلوه بدنة يشتركون فيهنّ فيشترون علي عدد الفراخ و عدد الرّجال.. «4» لكنّه ينافي لظاهر المراد بالتّضاعف في الأخبار «5» الدالّة عليه، و ما في كلام بعض الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) لأنّ ظاهرها وجوب الجزاء مرّتين إحداهما: للقتل، و الأخري: للأكل، و ظاهر الخبر وجوب البدنة لمجموع الأكل و الذّبح فيمكن إيجاب تضاعف الجزاء إلّا في فرخ النّعام فيكفي فيه للذّبح و الأكل بدنة، لما رواه أحمد بن محمّد عن الحسن ابن علي عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: انّما يكون الجزاء

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

(3) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 8.

(4) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

(5) الوسائل ج 9 الباب 55 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 107

و لو رمي صيدا فأصابه و لم يؤثّر فيه (1) فلا فدية (2) و لو جرحه (3)

______________________________

مضاعفا فيما دون البدنة حتّي يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف، لأنّه أعظم ما يكون.. إلخ «1» و ما في مرسل فضال: في الصّيد يضاعفه ما بينه و بين البدنة، فإذا بلغ البدنة فليس عليه التّضعيف «2».

(1) لا

كسرا و لا جرحا.

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه، بل عن ظاهر جماعة الإجماع عليه.. إلخ.

و استدلّ لذلك بوجهين:

الأول- الأصل.

الثّاني- خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم رمي صيدا فأصاب يده و عرج؟ فقال: ان كان الظّبي قد مشي عليها و رعي و هو ينظر اليه فلا شي ء عليه، و ان كان الظّبي ذهب علي وجهه و هو رافعها فلا يدري ما صنع فعليه فداؤه، لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك «3».

و لكن عن بعض نسخ التّهذيب (و جرح فعرج) و الظّاهر انّ الصّواب هو ما في نسخة الوسائل المطابق للاستبصار الّذي اقتصر علي قوله: (فعرج) و ذلك لقوله في خبر المذكور: (و هو ينظر إليه) لأنّ فيه إشارة إلي العلم بعدم تأثير رميه في الصّيد.

(3) بدون كسره أو معه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 46 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 46 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 108

ثمّ رآه سويّا ضمن أرشه (1)

______________________________

(1) لأنّ ما لا تقدير لديته شرعا يضمن بقيمته.

و يمكن الاستدلال له بصحيح سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): في الظّبي شاة و في البقرة بقرة و في الحمار بدنة، و في النّعامة بدنة، و فيما سوي ذلك قيمته «1» لدلالته علي أنّ ما سوي المذكورات و منه الكسر و الجرح يضمن بقيمته.

اللهمّ الّا أن يقال: انّ المراد من قوله (عليه السّلام): (و فيما سوي ذلك) الصّيد المغاير لها لا ما يعمّ الاجزاء و

الجرح.

ثمّ انّه يمكن الاستدلال لذلك بالآية الكريمة الدالّة علي المماثلة (.. فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «2» بدعوي شمولها الأرش.

و أمّا خبر السّكوني عن جعفر بن محمّد عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): في المحرم يصيب الصّيد فيدميه ثمّ يرسله؟ قال: عليه جزاؤه «3» فلا ينافي ذلك لحمله علي ما إذا كان المراد منه صورة ما لو جهل حاله بعد الإرسال، كما انّه قد يحمل علي ندب الجزاء حتّي لو رآه سويّا.

نعم يمكن أن يقال بمنافاته موثّق أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم رمي صيدا فأصاب يده و عرج؟ فقال: ان كان الظّبي قد مشي عليها و رعي و هو ينظر اليه فلا شي ء عليه.. إلخ «4». لدلالته بعمومه علي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

(3) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(4) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 109

و قيل (1) ربع القيمة (2)

______________________________

عدم شي ء في العرج إذا رآه يرعي و العرج يجامع الجرح كثيرا فيدخل وجود الجرح في المراد بالإطلاق فلا شي ء و لا أرش في الجرح إذا رآه بعد سويّا يرعي و لكن لا يقتضي عدم الأرش في مطلق الجرح و لا في الكسر.

(1) كما عن جماعة.

(2) لخبر أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجلا رمي ظبيا و هو محرم فكسر يده أو رجله، فذهب الظّبي علي وجهه فلم يدر ما صنع؟ فقال:

عليه فداؤه، قلت: فإنّه رآه بعد ذلك مشي؟ قال: عليه ربع ثمنه «1».

اللهمّ الّا أن يقال

بأنّ المراد من قوله (عليه السّلام) فيه: (ربع ثمنه) ربع فدائه، و يجوز أن يكون ذلك وجه ما جاء في النّافع: (ربع الفداء) لخبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسي (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل رمي صيدا فكسر يده أو رجله و تركه فرعي الصّيد؟ قال: عليه ربع الفداء «2».

تنقيح الكلام يقتضي الإشارة إلي أمور:

الأول- انّ خبر أبي بصير و خبر عليّ بن جعفر- كما تري- وردا في كسر اليد و الرّجل خاصّة من دون تصريح فيهما علي البراءة فضلا عن انتفاء التعيّب.

الثّاني- انّه قد وقع الخلاف فيما ورد من الجزاء فيهما، حيث انّ في الخبر الأول ورد: (ربع الثّمن) و في الثّاني (ربع الفداء).

اللهمّ الّا أن يقال بإمكان إرجاع ما في الخبر الثّاني الي ما في الخبر الأول

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2 و ذيله في الباب 28 منها الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 28 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 110

و ان لم يعلم حاله لزمه الفداء (1)

______________________________

و هو (ربع الثّمن) بل في الرّياض انّ الفداء بنفسه لا يوجب تربيعه، بل قيمته فعليه يكون المراد من قوله (عليه السّلام) في الخبر الثّاني: (عليه ربع الفداء) ربع قيمة الفداء لا ربع قيمة الصّيد، كما قد يتوهّم ذلك من الخبر الأول، لأنّ مرجع الضّمير المجرور فيه انّما هو الفداء لا الصّيد.

و امّا ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام):

في محرم رمي ظبيا فأصابه في يده فعرج منها؟ قال: ان كان الظّبي مشي عليها و رعي فعليه ربع قيمته و ان كان ذهب علي وجهه

فلم يدر ما صنع فعليه الفداء، لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك «1» فالضّمير فيه و ان كان راجعا الي الصّيد، الّا انّه لا عبرة به، لكونه ضعيفا سندا.

الثّالث- انّ المذكور في الخبر الأول: (انّه رآه مشي) و في الثّاني: (فرعي الصّيد) و قد فهم منهما الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) انّه رآه صحيحا سويّا.

الرّابع- انّه يعمل بالخبرين فيما لو كسر يده أو رجله ثمّ رآه يمشي و يرعي دون مطلق الكسر و الجرح، لثبوت الأرش فيه.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سره) من لزوم الفداء فيما إذا لم يعلم حال الصّيد بعد جرحه ممّا قد صرّح به غير واحد من الأصحاب، بل قد نفي عنه الخلاف، بل في المنتهي بل عن الانتصار و الخلاف و الجواهر: الإجماع عليه.

و استدلّ لذلك بوجوه:

الأول- الإجماع و (فيه): ما مرّ في أوّل الكتاب.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 111

و كذا لو يعلم أنّه أثّر فيه أم لا (1) و روي (2) في كسر قرني الغزال نصف قيمته، و في كلّ واحد ربع، و في عينيه كمال قيمته، و في كسر احدي يديه نصف قيمته، و كذا في إحدي رجليه.

______________________________

الثّاني- الأخبار المتقدّمة المشتملة علي التّعليل بأنّه لا يدري لعلّك هلك، كخبر أبي بصير «1» المتقدّم في الأمر الثّاني و نحوه.

الثّالث- صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السّلام) قال: سألته عن رجل رمي صيدا و هو محرم فكسر يده أو رجله فمضي الصّيد علي وجهه فلم يدر الرّجل ما صنع الصّيد؟ قال: عليه الفداء كاملا، إذ لم يدر ما صنع الصّيد «2» و ما رواه أبو بصير قال: قلت

لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): رجل رمي ظبيا و هو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظّبي علي وجهه فلم يدر ما صنع؟ قال:

عليه فداؤه «3» هذا كلّه لو جهل حاله و لم يعلم أنّه أصابه أم لا. و أمّا لو أصابه و لم يعلم أنّه أثّر فيه أم لا؟ ضمن الفداء أيضا، لخبر أبي بصير الّذي أشير إليه في الوجه الثّاني لدلالته علي لزوم الفداء مع الإصابة و تأثير مثل العرج من دون أن يعلم أنّه أثّر فيه كسرا أو جرحا.

(1) لعدم الدليل عليه.

و أمّا خبر أبي بصير المتقدّم «4» في الأمر الثّاني فلا دلالة فيه علي لزوم الفداء لو أصابه و لم يعلم أنّه أثّر فيه أم لا، كما انّه لا دليل علي ثبوت الكفّارة فيما لو شكّ في أصل الإصابة، فتدبّر.

(2) ما رواه سماعة بن مهران عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت: ما تقول في محرم كسر إحدي قرني غزال في الحلّ؟ قال: عليه ربع

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(4) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 112

و في الرّواية ضعف (1)

______________________________

قيمة الغزال، قلت: فان هو كسر قرنيه؟ قال: عليه نصف قيمته يتصدّق به، قلت:

فان هو فقّأ عينيه؟ قال: عليه قيمته، قلت: فان هو كسر احدي يديه؟ قال: عليه نصف قيمته، قلت: فان هو كسر احدي رجليه؟ قال: عليه نصف قيمته، قلت: فان هو قتله؟ قال: عليه قيمته، قال: قلت: فان هو فعل

به و هو محرم في الحلّ؟

قال: عليه دم يهريقه، و عليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم «1» و عمل به في القواعد و فوائد الشّرائع و محكي النّهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذّب و السرائر و الإرشاد و غيرهم، بل نسبه غير واحد إلي الشّهرة، مضافا الي عمل الحلي (طاب ثراه) الّذي لا يعمل بأخبار الآحاد المعتبرة فضلا عن الضّعيف منها الّا بعد القرائن القطعيّة به.

و من هنا لا يبقي مجال للقول بأنّه ضعيفا سندا، لجبره بعمل معظم الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم).

(1) لما في المدارك من ان في طريقها عدّة من الضّعفاء منهم أبو جميلة المفضل بن صالح و قيل: انّه كان كذّابا يضع الحديث، و تبعه علي ذلك غيره.

مضافا الي معارضته لبعض الأخبار المتقدّمة، كخبري أبي بصير «2» و نحوهما، و لذلك كلّه حكي عن بعض الأرش، و لكن قد عرفت آنفا: انّ ضعف الرّواية منجبرة بعمل معظم الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) فلا يصغي الي المناقشة فيها من هذه النّاحية.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 28 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 27 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2- 3.

كفارات الإحرام، ص: 113

و لو اشترك جماعة في قتل صيد ضمن كلّ واحد منهم فداء كاملا (1)

______________________________

و لا ينافيها خبرا أبي بصير، لأنّ أحدهما في العرج و الآخر في الكسر فتدبّر.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انّه بناء علي تماميّة الرّواية يحمل لأجلها ما دلّ من الأخبار علي انّ في كسر قرن الظّبي: الفداء و في كسر يده و لم يرع: دم شاة علي النّدب.

الثّاني- انّه تحمل رواية أبي بصير المتقدّمة علي صورة عدم رؤيته ماشيا صحيحا، لما

دلّ من الأخبار علي خلاف ما مرّ في هذه الصّورة، ففي بعضها:

(انّه لو كسر يده أو رجله ثمّ رآه يرعي كان عليه: (ربع الفداء) كما في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسي (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل رمي صيدا فكسر يده أو رجله و تركه فرعي الصّيد؟ قال: عليه ربع الفداء «1».

و في آخر: (ربع ثمنه) كما في خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): رجل رمي ظبيا و هو محرم فكسر يده أو رجله «الي أن قال»: قلت فإنّه رآه بعد ذلك مشي؟ قال: عليه ربع ثمنه «2».

الثّالث- انّه لو جهل حاله و احتمل موته بعد الكسر ففيه الفداء كاملا، لما تقدّم من الأخبار.

(1) قد نفي عنه الخلاف، و ادّعي عليه الإجماع بقسميه، و استدلّ لذلك:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 28 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 28 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 114

و من ضرب بطير علي الأرض كان عليه دم و قيمتان إحداهما للحرم و أخري لاستصغاره (1)

______________________________

بصحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجلين أصابا صيدا و هما محرمان الجزاء بينهما أو علي كلّ واحد منهما جزاء؟ فقال: لا، بل عليهما أن يجزي كلّ واحد منهما الصّيد.. «1»

و بصحيح زرارة عن أحدهما (عليهما السّلام) في محرمين أصابا صيدا؟ فقال:

علي كلّ واحد منهما الفداء «2» الي غير ذلك من الأخبار الدالّة علي ذلك.

(1) كما في القواعد و غيرها و محكي النّهاية و المبسوط و السّرائر و الجامع و غيرها، و استدلّ له بخبر معاوية بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد

اللّه (عليه السّلام) يقول: في محرم اصطاد طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله؟ قال: عليه ثلاثة قيمات: قيمة لإحرامه، و قيمة للحرم، و قيمة لاستصغاره إيّاه «3».

ان قلت: انّ في الخبر قصور من ناحية السّند فلا يمكن الاستدلال به لما أفاده الماتن (قدّس سره) قلت: انّه و ان كان ضعيفا من حيث السّند الّا انّ ضعفه منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بمضمونه فلا يبقي مجال للمناقشة فيه بذلك بعد انجباره به.

نعم قد وقع الخلاف في التّعبير عنه بين الأصحاب، فمنه ما عرفت، و في النّافع التّعبير بلفظه، و في محكي الوسيلة و المهذّب التّعبير بالجزاء و قيمتين، و كيف كان فقد حمل المصنّف (قدس سرّه) القيمة الأولي علي الدّم للنّصوص الدالّة

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

(2) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 7.

(3) الوسائل ج 9 الباب 45 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 115

______________________________

علي وجوبه في الطّير الّا ما خرج و لأنّ المنصرف من القيمة للإحرام هو كفّارته.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انّه لا يلزم من كون المنشأ لوجوب احدي القيم استصغار الطّير وجوبها لو ضرب به الأرض في الحلّ استصغارا له، إذ من المحتمل أن يكون لذلك- و هو استصغاره في الحرم- دخلا في الوجوب.

الثّاني- انّ الخبر- كما تري- يقتضي اختصاص الحكم فيه بما اصطاده في الحرم و ضرب به الأرض فيه.

الثّالث- انّ مقتضاه هو اختصاص الحكم فيه بالطّير، و امّا التعدّي عن مورده- و هو الطّير- الي غيره من الحيوانات مشكل، و ذلك لاحتمال أن يكون في الطّير خصوصيّة و لم تكن تلك الخصوصيّة في غيره، و

امّا تسرية الحكم منه الي غيره بدعوي تنقيح المناط، ففيه: أنّ القطعيّ منه غير حاصل في الشّرعيّات، و أما الظنّي منه و ان كان يمكن حصوله، و لكن لا عبرة به، لأنّه لا يغني من الحقّ شيئا.

الرّابع- انّه حكي كاشف اللّثام عن جماعة من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) اضافة التّعزير الي القيم في ضرب الطّير بالأرض ثمّ قال: و قد يرشد اليه خبر حمران قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) محرم قتل طيرا فيما بين الصّفا و المروة عمدا؟ قال: عليه الفداء و الجزاء و يعزّر، قال: قلت فإنّه قتله في الكعبة عمدا؟ قال: عليه الفداء و الجزاء و يضرب دون الحدّ و يقام للنّاس كي ينكل غيره «1». و (فيه) ما لا يخفي لكونه ضعيفا سندا فلا عبرة به، و علي فرض صحّته لا يشمل مطلق مواضع الحرم، كما هو المدّعي ظاهرا، فتدبّر.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 116

و من شرب لبن ظبية في الحرم لزمه دم و قيمة اللّبن (1)

______________________________

(1) لخبر يزيد بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل مرّ و هو محرم فأخذ عنز ظبية فاحتلبها و شرب من لبنها؟ قال: عليه دم، و جزاء في الحرم «1» و بهذا الاسناد مثله الّا انّه قال: (و جزاء في الحرم ثمن اللّبن)، و امّا ضعفه فمنجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) فلا فائدة في مناقشته بضعف السّند.

نعم قد وقع الخلاف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) في التّعبير عنه، لأنّه- كما تري- اشترط فيه الإحرام و الحرم جميعا، و أغفل في النّافع و محكي الوسيلة الحرم و أغفل المصنّف

و الفاضل الإحرام و لكن المتّجه اعتبار الجميع لحصول القطع حينئذ بحصول انجباره بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في محكي التّذكرة و المنتهي زيادة الاستدلال بأنّه شرب ما لا يحلّ شربه، إذ اللّبن كالجزء من الصّيد و كان ممنوعا منه، فيكون كالأكل لما لا يحلّ أكله..

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأول- انّ ظاهر الخبر- كما تري- هو كون الدّم للإحرام، و حينئذ فيجب علي المحرم حتّي لو فعل ذلك في الحلّ.

الثّاني- انّ مقتضي الخبر و هو إيجاب قيمة اللّبن عن الحرم إيجابها علي المحلّ لو فعل ذلك في الحرم.

الثّالث- انّه يلزم اعتبار الاحتلاب في وجوب الدّم علي المحرم، لتصريح

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 54 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 117

و لو رمي الصّيد و هو حلال فأصابه و هو محرم لم يضمنه و كذا لو جعل في رأسه ما يقتل القمّل ثمّ أحرم فقتله (1)

______________________________

الخبر به.

الرّابع- انّه يمكن أن يدّعي اعتبار أخذ المحرم للظّبية في وجوب الدّم، إذ لو أخذها غيره و احتلبها هو و شرب لبنها أمكن القول بعدم إيجاب الدّم عليه، لعدم كون الاصطياد منه، و ان قلنا بوجوب القيمة عليه للحرم و كون اللّبن جزء من الصّيد، و عليه لو أخذها غير المحرم و شرب لبنها لم يجب علي المحرم الدّم، بخلاف ما لو أخذها هو و احتلبها و ان شرب لبنها غيره أو تلفت، فإنّه يجب علي المحرم الدّم، كما تجب عليه القيمة أيضا لو فعل ذلك في الحرم، و كذا تجب القيمة علي المحلّ الشّارب في الحرم، فيكون كلّ ذلك لأجل الحرم.

(1) و استدلّ لذلك بوجهين:

الأول- الأصل.

الثّاني- التّعليل الوارد في خبر عبد الرّحمن الآتي و غيره.

تنقيح

الكلام يقتضي الإشارة إلي أمور:

الأول- انّ ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) في المتن انّما يجري بالنّسبة الي ما لو نصب شبكة للصّيد محلّا فاصطادت و هو محرم و كذا ما لو احتفر بئرا كذلك و نحوهما.

الثّاني- انّه لو فعل أحد الأمور المتقدّمة في المتن و الشّرح بقصد القتل حال الإحرام أمكن القول بالضّمان، لشمول الأدلّة للقتل بالتّسبيب و لا ينافي دعوي عدم الضّمان: إيجاب الفدية لو رمي الصّيد في الحلّ فمات في الحرم، لخروجه بالدّليل.

كفارات الإحرام، ص: 118

[الموجب الثّاني اليد]

الموجب الثّاني اليد (1) و من كان معه صيد فأحرم

______________________________

مضافا الي معارضته بما دلّ من النّصوص علي عدم الضّمان فيما لو رمي الصّيد في الحلّ فمات في الحرم كصحيح عبد الرّحمن قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل رمي صيدا في الحلّ فمضي برميته حتّي دخل الحرم فمات عليه جزاؤه؟ قال: لا ليس عليه جزاؤه، لأنّه رمي حيث رمي و هو له حلال، انّما مثل ذلك مثل رجل نصب شركا في الحلّ الي جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب الصّيد حتّي دخل الحرم، فليس عليه جزاؤه، لأنّه كان بعد ذلك شي ء، فقلت له:

هذا القياس عند النّاس؟ فقال: انّما شبّهت لك شي ء بشي ء «1».

الثّالث- انّ مقتضي إطلاق التّعليل الأول و الثّاني المذكور فيه لا سيّما الأخير منهما عدم الضّمان في الأمثلة السّابقة و نحوها حتّي لو قصد القتل حال الإحرام. فتدبّر.

(1) أمّا حرمة إثبات اليد علي الصّيد للمحرم في الحرم و خارجه فممّا لا ينبغي الإشكال فيه، قال في الجواهر عند شرح كلام المصنّف: (إثباتها علي الصّيد حرام علي المحرم إجماعا و نصّا «2».. إلخ) و استدلّ له بخبري أبي سعيد المكاري و بكير بن أعين الآتيين

المتعلّقين بإثبات اليد علي الصّيد في الحرم، هذا بالنّسبة إلي حرمة إثبات اليد علي الصّيد في الحرم، و امّا حرمة إثباتها عليه في خارج الحرم فيدلّ عليه: صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

(2) كنز العمّال ج 5 ص 257 الرّقم 5197 و سنن البيهقي ج 6 ص 90.

كفارات الإحرام، ص: 119

زال ملكه عنه (1)

______________________________

الحسن (عليه السّلام) عن رجلين أصابا صيدا و هما محرمان الجزاء بينهما أو علي كلّ منهما جزاء؟ فقال: لا، بل عليهما أن يجزي كلّ منهما الصّيد «1» و صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم يصيب الصّيد؟ قال: عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب «2».

و صحيحة الآخر قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): محرم أصاب صيدا؟

قال: عليه الكفّارة «3» و نحوهما غيرهما من الأخبار الشّاملة بإطلاقها للإصابة بإثبات اليد في الحرم و غيره و للجزاء بالقيمة الّتي عني بها الضّمان كما يعرف من النّصوص الأخر.

(1) كما صرّح بذلك جماعة بل عن ظاهر غير واحد منهم اتّفاق الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل عن الخلاف و الجواهر الإجماع عليه.

و استدلّ لذلك بوجوه:

الأوّل- الإجماع المحكي عن الخلاف و الجواهر و (فيه): ما مرّ.

الثّاني- ما قيل انّه لا يملكه ابتداء فكذلك استدامة و (فيه): انّ عدم ملكيّة الصّيد للمحرم ابتداء علي فرض تماميّته لا يلازم عدم ملكيّته استدامة، لعدم الدّليل علي الملازمة.

الثّالث- عموم الآية الكريمة (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) «4»

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من

أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

(2) الوسائل ج 9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(4) سورة المائدة، الآية: 97.

كفارات الإحرام، ص: 120

و وجوب إرساله (1)

______________________________

لكن و (فيه): أمّا أوّلا- فلأنّه إذا أريد من الصّيد فيها: المصدر فعدم اقتضائه لعدم الملكيّة يكون ظاهرا.

و أمّا ثانيا- فعلي فرض تسليم عدم ارادة المصدر منه فيها بل ارادة غيره و هو الذّات فلا تدلّ علي عدم الملكيّة أيضا، لأنّ المنصرف من حرمة ذات الصّيد هو حرمة اصطياده و أكله و نحوه من التصرّفات لا حرمة الانتفاع به مطلقا.

و أمّا ثالثا- فلأنّه بعد فرض تسليم إرادة حرمة مطلق الانتفاع به لا ينافي ذلك الماليّة و الملكيّة، لأنّ عدم جواز الانتفاع به انّما هو في وقت خاصّ و لا ينافي ذلك كونه مالا و ملكا.

و امّا رابعا- فغاته ما يدلّ عليه هو حرمة الإبقاء فتدبّر.

الرّابع- ما يأتي في كلام المصنّف (قدس سرّه) من وجوب إرساله الّتي يستفاد من الأخبار لأنّه بذلك يستكشف عدم بقائه علي ملكه حيث انّه لو كان باقيا عليه لكان له حقّ التصرّف فيه. و يناقش فيه بما يأتي.

(1) وجوب إرسال الصّيد علي المحرم ممّا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل عن ظاهر الغنية الإجماع عليه، و يدلّ عليه خبر أبي سعيد المكاري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا يحرم أحد و معه شي ء من الصّيد حتّي يخرجه من ملكه فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخلّيه فان لم يفعل حتّي يدخل الحرم و مات لزمه الفداء «1».

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل في الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد الحديث 3،

و تمامه في التّهذيب ج 5 ص 362 الرّقم 1257.

كفارات الإحرام، ص: 121

فلو مات قبل إرساله لزمه ضمانه (1)

______________________________

و خبر بكير بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظّبي في الحرم؟ فقال: ان كان حين أدخله الحرم خلّي سبيله فلا شي ء عليه و ان أمسكه حتّي مات فعليه الفداء «1»، و لكن لا يخفي ما فيهما من المناقشة و الاشكال:

امّا في الأوّل: فلأنّ مفاده- كما تري- هو وجوب إرساله بعد دخوله في الحرم لا بعد دخوله في الإحرام.

بل يمكن دعوي دلالته علي الملكيّة، و ذلك لأنّ الأمر بإخراجه عن ملكه فرع البقاء علي الملكيّة، غاية الأمر انّه يجب إخراجه عنها، كما انّ قوله (عليه السّلام) فيه: (فان أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه..) انّما يدلّ علي التّكليف بإرساله بعد دخول الحرم، و هذا لا يدلّ علي عدم الملكيّة.

و أمّا في الثّاني: فلعدم تعلّقه بمفروض المسألة إلّا بلزوم الفدية و عدمها مضافا الي انّه يدلّ علي اللّزوم لأجل الحرم لا الإحرام.

و أمّا خبر عبد الأعلي المسئول فيه عن رجل أصاب صيدا في الحلّ فمشي برباطه حتّي دخل الحرم فاجترأ بحبله حتّي أخرجه من الحرم و الرّجل في الحلّ؟

فقال: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة «2» الدّال علي تحريم الثّمن و جعله مثل الميتة الظّاهر في عدم الملكيّة و شمول إطلاق الرّجل فيه للمحرم فلا ينافي ما تقدّم لاختصاصه بالحرم و ظاهر في عدم الملكيّة لأجله لا الإحرام، فتأمّل.

(1) كما عن جماعة، فإذا أهمل الإرسال ضمن الفداء و ان مات حتف أنفه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 36 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 15 من

أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 122

______________________________

فضلا عمّا أتلفه، كما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في محكي المنتهي الإجماع عليه منّا و من القائلين بوجوب الإرسال، قال: لكونه حينئذ مضمونا بالدّخول تحت اليد العادية فكان كالمغصوب.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ ظاهر إطلاق المتن و غيره عدم الفرق في ما ذكر بين الحرم و غيره، لكن خبري أبي سعيد المكاري و بكير دلّا علي ذلك في الحرم بل ظاهر خبر أبي سعيد اختصاص الحكم به.

الثّاني- انّه لو لم يمكنه الإرسال حتّي تلف فهل عليه ضمان أم لا؟ يمكن أن يقال بعدمه كما صرّح به جماعة، و لعلّه للأصل.

و يمكن أن يقال انّ مقتضي إطلاق الأخبار ثبوت الضّمان إذا مات بلا فرق بين إمكان الإرسال و عدمه، و أمّا دعوي: انصرافها عنه فقد يناقش فيه بأنّه بدوي فلا عبرة به في تقييد الإطلاق.

الثّالث- انّه لو لم يرسله المحرم حتّي أحلّ و لكن لم يدخله الحرم فهل عليه شي ء أم لا؟ فنقول: أنّه لا شي ء عليه سوي الإثم، للأصل و غيره، فلا يجب عليه بعد التحلّل إرساله، لتبدّل الموضوع فعليه لا يبقي مجال للقول باستصحاب الوجوب فيجوز له ذبحه، بل يمكن الاستدلال له بقوله تعالي (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً) «1» بناء علي انّ المراد بالصّيد الذّات لا المصدر، هذا كلّه إذا كان قد أخرجه من الحرم، و الّا وجب عليه إرساله، لخبر أبي سعيد المكاري «2»

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 97.

(2) صدره في الوسائل ج 9 الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3، و تمامه في التهذيب ج 5 ص 362 الرقم 1257.

كفارات الإحرام، ص: 123

و لو كان الصّيد

نائيا عنه لم يزل ملكه (1)

______________________________

المتقدّم.

الرّابع- انّه لو أرسله المحرم ثمّ اصطاده لم يضمن قطعا.

الخامس- لو أرسله من يده مرسل فلا ينبغي الإشكال في عدم ثبوت الضّمان عليه.

السّادس- انّه لو أدخله المحرم في الحرم ثمّ أخرجه وجب عليه ردّه اليه، لما رواه يعقوب بن يزيد عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا أدخلت الطّير المدينة فجائز لك أن تخرجه منها ما أدخلت، و إذا أدخلت مكّة فليس لك أن تخرجه «1».

و لكن نوقش فيه بمنع كونه من صيد الحرم بمجرّد الإدخال مع انّ النّص مختصّ بالطّير و التعدّي عن مورده الي غيره يحتاج الي دليل تعبّدي و الظّاهر انّه غير ثابت، مضافا الي ما فيه من الإشكال، فتأمّل.

السّابع- انّه لو كان الصّيد بيده وديعة أو عارية أو شبهها و تعذّر المالك ففي المسالك (دفعه الي وليّه و هو الحاكم أو وكيله فان تعذّر فالي بعض العدول فان تعذّر أرسله و ضمن) و لا يخلو فيه نظر، هذا كلّه إذا كان الصّيد معه، و الّا فيأتي حكمه في الفرع الآتي.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من عدم زوال ملكه فيما لو كان ما تحت يده من الصّيد نائيا عنه كما إذا كان في بلده هو الصّواب، و لا ينبغي الإشكال فيه، و استدلّ لذلك بوجهين:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 124

______________________________

الأوّل- الأصل.

الثّاني- بعض الأخبار- و هو:

1- صحيح جميل قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): الصّيد يكون عند الرّجل من الوحش في أهله و من الطّير يحرم و هو في منزله؟ قال: و ما به بأس لا يضرّه «1».

2- صحيح محمّد بن مسلم قال:

سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن الرّجل يحرم و عنده في أهله صيد امّا وحش و امّا طير؟ قال: لا بأس «2».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ مقتضي الأصل و الأخبار هو جواز بيعه و هبته و الوصيّة به و غيرها في مفروض المسألة كما صرّح بذلك المنتهي و التّحرير، و ذلك لوجود المقتضي و عدم المانع.

الثّاني- انّه كما لا يمنع الإحرام استدامة ملك الصّيد إذا كان نائيا عنه كذلك لا يمنع ابتدائه إذا كان بعيدا عنه، فإذا فرض انّه اشتري صيدا أو اتّهبه أو ورثه انتقل الي ملكه، و ذلك للأصل و إطلاق الأخبار.

الثّالث- انّه يندب لأهل المحرم أن لا يتعرّضوا لما يألف بيتهم من الصّيد و لا يفزعوه و يطعموه من الوقت الّذي يظنّون إحرام صاحبهم فيه الي أن يحلّ من إحرامه، لخبر خالد بن جرير عن أبي الرّبيع قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل خرج الي مكّة و له في منزله حمام طيّارة و ألفها طير من الصّيد و كان مع حمامة؟ قال: فلينظر أهله في المقدار الي الوقت الّذي يظنّون انّه يحرم فيه و لا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 125

و لو أمسك المحرم صيدا فذبحه محرم ضمن كلّ منهما فداء (1) و لو كانا في الحرم تضاعف الفداء (2) ما لم يكن بدنة (3) و لو كانا محلّين في الحرم لم يتضاعف (4) و لو كان أحدهما (5) محرما تضاعف الفداء في حقّه (6).

______________________________

يعرضون لذلك الطّير و لا يفزعونه و يطعمونه حتّي يوم النّحر و يحلّ صاحبهم

من إحرامه «1».

و (فيه): أمّا أوّلا- فلكونه ضعيفا سندا فلا عبرة به، لعدم شموله دليل الحجّية و الاعتبار.

و أمّا ثانيا- فلعدم كونه من الصّيد للمحرم مع صيد أهله له.

الرّابع- انّ الصّيد المفروض في الرّواية ليس من الصّيد للمحرم كما هو واضح، و أمّا طيره فليس آلة صيد له، فتدبّر.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه أسرارهم) بل في الجواهر:

(بلا خلاف أجده فيه بيننا بل عن الخلاف و التّذكرة الإجماع عليه.. إلخ) و استدلّ لذلك بفحوي دليل الضّمان بالدّلالة و المشاركة في الرّمي بدون اصابة.

(2) بوجوب القيمة معه.

(3) أي ما لم يكن يبلغ بدنة كما مرّ و يأتي (إنشاء اللّه تعالي) عند البحث عن التّوابع في الفصل الرّابع.

(4) لعدم هتكه غير حرمة الحرم، فلا يتضاعف الفداء.

(5) أي الذّابح أو الممسك.

(6) لهتكه حرمة الحرم و الإحرام، و هذا بخلاف المحلّ، لعدم هتكه حرمه الإحرام.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 126

و لو أمسكه المحرم الصّيد في الحلّ فذبحه المحلّ ضمنه المحرم خاصّة و لو نقل بيض صيد عن موضعه ففسد ضمنه (1) و لو أحضنه فخرج الفرخ سليما لم يضمنه (2)، و إذا ذبح المحرم صيدا كان ميتة و يحرم علي المحل (3)

______________________________

(1) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من ضمانه فيما إذا نقل المحرم أو المحلّ في الحرم بيض صيد عن موضعه ففسد بالنّقل أو غيره ممّا قد صرّح به غير واحد من الأصحاب بل عن الشّيخ نسبته الي الأخبار و لعلّه يريد أخبار الكسر، بل في المسالك: (الأقوي ضمانه ما لم يتحقّق عدم خروج الفرخ منه سليما).

(2) ما أفاده الماتن من عدم الضّمان فيما لو أحضنه طير آخر

فخرج الفرخ سليما، متين، و قد صرّح به غير واحد من الأصحاب، و استدلّ له بالأصل، و كذا لو كسره فخرج فاسدا، و لكن يمكن أن يقال بالضّمان، لعموم نصوص الكسر و كونه جناية محرّمة، اللّهمّ الّا أن يقال بالانصراف، فتأمّل.

(3) كما هو المعروف بل قال في المنتهي: انّه قول علمائنا أجمع، و يدلّ عليه- مضافا الي اتّفاق الأصحاب- خبر وهب عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السّلام) قال: إذا ذبح المحرم الصّيد لم يأكل الحلال و الحرام و هو كالميتة و إذا ذبح الصّيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام «1» و خبر محمّد بن الحسن الصفّار عن الحسن بن موسي الخشّاب عن إسحاق عن جعفر انّ عليّا (عليه السّلام) كان يقول: إذا ذبح المحرم الصّيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم، و إذا ذبح المحلّ الصّيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم «2».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 127

و لا كذا لو اصطاده و ذبحه محلّ (1).

[الموجب الثّالث السّبب و هو يشتمل علي مسائل]
[الأولي من أغلق علي حمام من حمام الحرم]

الموجب الثّالث السّبب و هو يشتمل علي مسائل:

الأولي من أغلق علي حمام من حمام الحرم و له فراخ و بيض ضمن بالإغلاق (2) فإن زال السّبب و أرسلها سليمة سقط الضّمان (3) و لو هلكت ضمن الحمامة بشاة، و الفرخ بحمل، و البيضة بدرهم ان كان محرما، و ان كان محلّا ففي الحمامة درهم و في الفرخ نصف و في البيضة ربع (4).

______________________________

و أمّا ضعفهما فمنجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بهما فالمناقشة

فيهما بعد ذلك في غير محلّه.

مضافا الي انّ الخبر الثّاني ليس بضعيف، لأنّه و ان كان من جملة رجالها الخشّاب، الّا انّه إماميّ، و عدّه بعض من الثّقات، و كيف كان فقد تقدّم تفصيل الكلام فيه في أوائل الجزء الثّالث و من أراد الاطّلاع عليه مفصّلا فليراجعه.

(1) لعدم كونه ميتة فهو حلال للمحلّ، و الظّاهر انّه ممّا لا خلاف فيه، بل هو موضع وفاق، كما في المدارك، للأصل و الصّحاح المستفيضة «1».

(2) إذا تعقّبه هلاكه للتّسبيب القائم مقام المباشرة في صدق الإتلاف.

(3) كما هو المعروف، للأصل، و ما دلّ علي عدم الضّمان بالأخذ ثمّ الإرسال.

(4) و استدلّ لذلك- مضافا الي ما مرّ من صدق الإتلاف المحرّم الّذي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب تروك الإحرام.

كفارات الإحرام، ص: 128

و قيل (1)

______________________________

يترتّب عليه ذلك بالنّسبة إلي المحرم و المحلّ في الحرم- بعدّة أخبار- منها:

1- خبر يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أغلق بابه علي حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض؟ فقال: ان كان أغلق عليها قبل أن يحرم فانّ عليه لكلّ طير درهم و لكلّ فرخ نصف درهم و لكلّ بيضة ربع درهم، و ان كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإنّ لكلّ طائر شاة و لكلّ فرخ حملا و ان لم يكن تحرّك فدرهم و البيض نصف درهم «1». و في هذا الخبر- كما تري- تصريح بجميع ما في المتن من الكفّارات و أمّا ما صرّح ببعضها فيأتي بالتّالي.

2- ما رواه إبراهيم بن عمر و سليمان بن خالد قالا: قلنا لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): رجل أغلق بابه علي طائر؟ فقال: ان كان أغلق الباب بعد ما

أحرم فعليه شاة، و ان كان أغلق الباب قبل أن يحرم فعليه ثمنه «2» و رواه الصّدوق بإسناده عن سليمان بن خالد مثله الّا أنّه قال: (أغلق بابه علي طير فمات).

3- ما رواه زياد الواسطي قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن قوم أغلقوا الباب علي حمام من حمام الحرم؟ فقال: عليهم قيمة كلّ طائر درهم يشتري به علفا لحمام الحرم «3».

4- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل أغلق باب بيت علي طير من حمام الحرم فمات؟ قال: يتصدّق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم «4».

(1) لم يعرف القائل و ان نسبه في الحدائق إلي الشّيخ و لكن لم يثبت صحّة

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 4.

(4) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 1.

كفارات الإحرام، ص: 129

يستقرّ الضّمان بنفس الأغلاق، لظاهر الرّواية (1) و الأوّل أشبه (2).

[الثّانية قيل (3) إذا نفّر حمام الحرم]

الثّانية قيل (3) إذا نفّر حمام الحرم فان عاد فعليه شاة واحدة و ان لم يعد فعن كلّ حمامة شاة (4).

______________________________

هذه النّسبة.

(1) لظاهر إطلاق بعضها، و لكن يمكن المناقشة فيه بأنّه لا مجال له بعد انصراف خبر يونس المتقدّم الدّال علي ثبوت الكفّارة إلي صورة عدم إرسالها سليمة و بعد تقييد بعض أخبار الباب بالموت. و كيف كان فيمكن أن يحمل إطلاق كلام هذا القائل و الأخبار علي جهل الحال كالرّمي مع الإصابة و جهل الحال كما سبق.

(2) بأصول المذهب و قواعده الّتي منها أصالة البراءة من الضّمان.

(3) و القائل الشّيخان و بنو

بابويه و البرّاج و حمزة و سلّار.

(4) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في المسالك (اشتهر بينهم حتّي كاد يكون إجماعا) و في الفقه الرّضوي: (و ان نفرت حمام الحرم فرجعت فعليك في كلّها شاة و ان لم ترها رجعت فعليك لكلّ طير دم شاة) «1» و قد عرفت غير مرّة عدم ثبوت النّسبة إليه (عليه السّلام) عندنا، و كيف كان فلم نري نصّا معتبرا في مفروض المسألة.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- إذا شكّ في العدد يبني علي الأقلّ كما انّه إذا شكّ في العود

______________________________

(1) المستدرك الباب 40 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 130

______________________________

يبني علي العدم.

الثّاني- انّه هل يختصّ الحكم بالمحلّ، كما قيل فان كان محرما فعليه جزاء ان أم لا؟ فيه وجهان و لكن أقواهما التّساوي، للأصل علي انّ عدم وجوبهما مع العود فواضح بل و مع عدم العود، لعدم كون مثل ذلك إتلافا كما هو واضح.

الثّالث- انّه لا شي ء في الواحدة مع الرّجوع، للأصل و حذرا من لزوم تساوي حالتي العود و عدمه و اختصاص الفتاوي بالجمع سواء قلنا انّ الحمام جمع أم لا، و لا سيّما بلحاظ قولهم: (فعن كلّ حمامة شاة) الّذي هو قرينة علي ارادة الجمع من الحمام.

الرّابع- انّه لو كان المنفّر جماعة فان كان فعل كلّ واحد منهم موجبا لذلك لو انفرد ففي المسالك: (الظّاهر تعدّد الجزاء عليهم، لصدق التّنفير علي كلّ واحد، مع احتمال وجوب جزاء واحد عليهم، لأنّ العلّة مركّبة و خصوصا مع العود، أمّا مع عدمه فالاحتمال ضعيف جدّا، لأنّ سبب الإتلاف كاف في الوجوب و كذا الشّركة).

و ناقش فيه صاحب الجواهر (قدّس سره) بعد نقله كلام المسالك بقوله:

فيه انّه لا فرق بين العود و عدمه مع فرض عدم الصّدق باعتبار تركّب العلّة و «دعوي»: الاكتفاء بالاشتراك يمكن منعها في المقام و ان قلنا بها في الإتلاف للدّليل بخلاف الفرض الّذي مقتضي إطلاق الفتوي عدم الفرق فيه بين المتّحد و المتعدّد الي أن قال: و من ذلك يعلم الحال في قوله أيضا: «لو كان فعل كلّ واحد لا يوجب النّفور فان لم تعد فالحكم كما مرّ و ان عادت قوي احتمال عدم التعدّد» لأنّ التّنفير استند الي الجميع لا الي كلّ واحد و لم يتحقّق الإتلاف ليثبت الحكم مع الاشتراك).

الخامس- انّه لو كانوا جميعا محلّين أو محرمين في الحرم أو في الحلّ

كفارات الإحرام، ص: 131

______________________________

فيكون الحكم واحدا، و أمّا لو اختلفوا فعلي القول بالتعدّد لا إشكال، لأنّه حينئذ يحكم علي كلّ واحد منهم ما أوجبه فعله لو كان منفردا، و أمّا علي القول بالاتّحاد ففي المسالك: يشكل الحال فيحتمل حينئذ أن يجب علي كلّ واحد بنسبته من العدد ممّا وجب عليه فيجب علي المحرم في الحلّ لو كانوا ثلاثة ثلث شاة و علي المحلّ في الحرم ثلث القيمة و هكذا، و يحتمل هنا عدم وجوب شي ء، لأنّه خلاف الحكم المذكور.

قال في الجواهر بعد نقله عن المسالك (قلت: انّ المسألة غير منصوصة و العمدة فيها الفتاوي الّتي مقتضاها ترتّب الحكم المذكور علي المنفّر متّحد أو متعدّد محلّ أو محرم أو مختلف. نعم قد يقال: انّ المنساق منها كون ذلك في الحرم، و من هنا يتّجه الاقتصار فيه علي خصوص طير الحرم دون غيره من الصّيد المحرم كالظّباء و ان احتمله بعضهم لكنّه في غير محلّه، و منه يعلم وضوح منع كون عدم العود إتلافا).

السّادس-

لو عاد بعض الطّيور ففي كلّ واحدة لم تعد شاة- كما أفاده المصنّف قدّس سرّه- و أمّا العائد فقد تقدّم في الأمر الثّالث عدم وجوب شي ء له، للأصل، الّا أن يقوم دليل تعبّدي علي خلافه، و الظّاهر انّه غير ثابت.

التّاسع- يجب علي المنفّر السّعي في إعادتها مع الإمكان، حتّي انّه لو افتقر إلي مؤنة وجبت أيضا.

العاشر- لو لم تخرج عن الحرم و لم تبعد كثيرا عن محلّها الّذي نفرها منه و قلنا بإيجابه الجزاء، ففي وجوب إعادتها إلي الأوّل نظر: من تحريم التّنفير الموجب لخروجها عن محلّها، فيجب ردّها اليه.

و من انتفاء الفائدة مع القرب خصوصا لو لم يكن المحلّ الأوّل موضع إقامتها و كان المحلّ الثاني مساو له أو أقرب اليه، و هذا هو الأقرب في النّظر.

كفارات الإحرام، ص: 132

[الثّالثة إذا رمي اثنان فأصاب أحدهما و أخطأ الآخر]

الثّالثة إذا رمي اثنان فأصاب أحدهما و أخطأ الآخر، فعلي المصيب فداء لجنايته، و كذا علي المخطي لإعانته (1).

______________________________

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه و لا اشكال عدا ما حكي عن الحلّي فلا شي ء علي المخطي، بل و ان لم تتحقّق إعانته).

و استدلّ لذلك ببعض الأخبار- و هو:

1- صحيح ضريس بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجلين محرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما؟ قال: علي كلّ واحد منهم الفداء «1».

2- ما رواه إدريس بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما: الجزاء بينهما، أو علي كلّ واحد منهما؟

قال: عليهما جميعا يفدي كلّ واحد منهما علي حدّة «2».

و هذين الخبرين- كما تري- يدلّان علي ثبوت الفداء علي المصيب و المخطي و ان لم تتحقّق

إعانته.

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن ابن إدريس من عدم شي ء علي المخطي، الّا أن يدلّ فيجب للدّلالة علي الرّمي، و كذلك ظهر ضعف ما حكي عن بعض من قصر الحكم علي صورة الإعانة منزّلا للخبرين عليها، و ذلك لعدم الدّاعي له.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 133

[الرّابعة إذا أوقدوا جماعة نارا فوقع فيها صيد]

الرّابعة إذا أوقدوا جماعة نارا فوقع فيها صيد لزم علي كلّ واحد منهم فداء إذا قصدوا الاصطياد، و الّا لزمهم فداء واحد (1).

______________________________

تنقيح البحث يتوقّف علي ذكر أمور:

الأوّل- انّه ما المراد من اعانة المخطي يمكن أن يقال بأنّ المراد منها ارادة صيده للرّامي و لكنّ المتّجه التّعبير بمضمون النّص الّذي هو مدرك الحكم.

الثّاني- انّه هل يمكن التّعدية إلي الأكثر من اثنين أم لا؟

قد يقال بعدم جواز التّعدية و انّه يتعيّن الاقتصار علي مورد الخبرين فلا يسري منه و هو الاثنين الي غيره، لاحتمال خصوصيّة فيه، و يمكن أن يقال بجواز التّعدية، و إذا لا يبعد أن يكون السّؤال فيهما علي المحرمين، للمثال، أو لكونهما محلّ الابتلاء لا للخصوصيّة، نعم لا يتعدّي الحكم الي المحلّين و الأكثر إذا أصاب أحدهم في الحرم، للأصل.

الثّالث- إذا تعدّد الرّماة ففي تعدّد الحكم و عدمه وجهان:

يمكن أن يقال بالاجتزاء بفداء واحد لجميع المخطئين و يمكن أن يقال بوجوبه علي كلّ واحد منهم، و لعلّه الأقرب.

الرّابع- انّ إطلاق الخبرين شامل للإصابة في الحلّ و الحرم و لما إذا علم المصيب بعينه أو اشتبه، و لكن مقتضي القاعدة أن لا يجب الفداء علي أحدهما ما لم يعلم المصيب بعينه.

(1) كما هو المعروف بل

في الجواهر: (بلا خلاف أجده بين من تعرّض له

كفارات الإحرام، ص: 134

______________________________

كالشّيخ و الفاضلين و الشّهيدين و غيرهم..).

و استدلّ له بصحيح أبي ولّاد الحنّاط قال: خرجنا ستّة نفر من أصحابنا إلي مكّة فأوقدنا نارا عظيمة في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحما نكبّبه و كنّا محرمين فمرّ بنا طائر صاف؟ قال: حمامة أو شبهها فاحترق جناحاه فسقط في النّار فمات فاغتممنا لذلك فدخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) بمكّة فأخبرته و سألته؟ فقال: عليكم فداء واحد دم شاة و به تشتركون فيه جميعا، لأنّ (انّ) ذلك كان منكم علي غير تعمّد و لو كان ذلك منكم تعمّدا ليقع فيها الصّيد فوقع ألزمت كلّ رجل منكم دم شاة، قال: أبو ولاد و كان ذلك منّا قبل أن ندخل الحرم «1».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ ظاهر كلام المصنّف (قدس سرّه)- كما تري- هو الإطلاق و لم يقيّد بالحرم و لكن في الدّروس قيّد به حيث قال علي ما حكي في الجواهر: (و لو أوقدوا نارا في الحرم فوقع فيها صيد تعدّد الجزاء ان قصدوا و الّا فواحد) و يمكن أن يريد به التّمثيل.

الثّاني- انّه قد صرّح غير واحد بوجوب القيمة علي المحلّ لو فعل ذلك في الحرم، هذا انّما يتمّ مع فرض القصد كما انّه يتّجه تضاعف الجزاء لو فعله المحرم حينئذ، و ذلك لكونه مع القصد بحكم الاشتراك في القتل مباشرة، و أمّا مع عدم القصد فهل يحكم بوجوب القيمة عليه أم لا؟ يمكن أن يقال بالثّاني، لعدم الدّليل علي الوجوب.

اللّهمّ الّا أن يقال: انّه يستفاد ذلك من فحوي هذا الصّحيح و ما دلّ علي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 19 من أبواب كفّارات

الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 135

[الخامسة إذا رمي صيدا فاضطرب فقتل فرخا أو صيدا]

الخامسة إذا رمي صيدا فاضطرب فقتل فرخا أو صيدا آخر كان عليه فداء الجميع (1) لأنّه سبب الإتلاف (2).

______________________________

التّضمين بالدّلالة للمحرم و المحلّ في الحرم: التّسبيب الّذي لا فرق فيه بين المحلّ و المحرم و لا بين القصد و عدمه، و حينئذ فيتّجه مضاعفة الجزاء فيه أيضا.

الثّالث- لو اختلف الموقدون في القصد و عدمه بأن قصد بعضهم دون الآخر فعلي كلّ قاصد فداء كامل.

و أمّا غيره ففي لزوم الفداء الكامل له و ان كان واحدا، أو التّفصيل بين الأكثر من واحد فيلزمه و بين الواحد فلا يلزمه، لئلّا تلزم مساواته للقاصد مع انّه أخفّ حكما منه ظاهرا، أو لزوم بعض الجزاء لغير القاصد بنسبته الي المجموع لو كانوا جميعا غير قاصدين: وجوه:

و لو كان الموقد واحدا غير قاصد فهل يجب الفداء عليه أم لا؟ ذهب بعض الي وجوبه عليه قصد أم لم يقصد، و لكنّه لا يخلو من اشكال، للزوم مساواته للقاصد و هي بعيدة.

الرّابع- انّه لو نشأ من الإحراق العيب لا القتل، فما جزاؤه؟ فنقول: أمّا علي القاصد فيلزم الأرش، و أمّا علي غير القاصد حتّي المتعدّد ففي ثبوته اشكال.

الخامس- انّه لا يبعد إلحاق غير الطّير من الصّيد به في الحكم كما يستفاد من جواب الامام (عليه السّلام).

(1) كما هو المعروف، و لا ينبغي الإشكال فيه.

(2) فيكون حكمه حكم الدّلالة علي الصّيد و لا فرق كما أفاده صاحب الجواهر

كفارات الإحرام، ص: 136

[السّادسة السّائق للدابّة يضمن ما تجنيه دابّته]

السّادسة السّائق للدابّة يضمن ما تجنيه دابّته و كذا الرّاكب إذا وقف بها (1) و إذا سار ضمن ما تجنيه بيديها (2)

______________________________

(قدس سرّه) في ذلك بين ما كان الرّامي محلّا في الحرم أو محرما في الحلّ أو الحرم بناء علي اتّحاد حكمهما

في المباشرة و التّسبيب فيضمن حينئذ كلّ منهما ما عليه و من جمع الوصفين كان ضامنا للأمرين.

(1) لقوّة السّبب علي المباشر، و قد تقدّم انّ أسباب الضّمان ثلاث: المباشرة، و اليد، و التّسبيب، و لا فرق في الحكم المذكور بين ما إذا حصلت الجناية من يديها أو غيرهما.

(2) و قد ألحق في محكي المنتهي: الرأس باليدين و خصّ سقوط الضّمان بالرّجلين مستدلّا بقول رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) الرّجل جبار «1» إلّا إذا جنت و هو عالم في غير الجراد و نحوه ممّا لا يمكنه التحرّز منه، لما تقدّم من الأخبار.

و لكن يدلّ بعض الأخبار علي ضمانه مطلقا من دون فرق في ذلك بين يديها و رجليها، كما في صحيح أبي الصباح الكناني قال: قال: أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ما وطأته أو وطأ بعيرك أو دابتك و أنت محرم فعليك فداؤه «2» و نحوه حسن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ما وطأته أو وطأ بعيرك و أنت محرم فعليك فداؤه «3» لأنّه- كما تري- مقتضي إطلاقهما هو ضمان ما تجنيه برجليها أيضا و لكن لا ينافي ما أفاده الماتن (قدس سرّه) لعدم العمل بهما علي إطلاقهما، فتدبّر.

______________________________

(1) سنن البيهقي ج 8 ص 343 و المراد من الرحل: الراحلة و الجبار أي: هدر

(2) الوسائل ج 9 الباب 53 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 53 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 137

______________________________

(تذييل) انّه لو أتلفت الدّابّة صيدا بلا تفريط من صاحبها فهل يحكم بالضّمان عليه مطلقا أم لا؟ و الظّاهر انّه لا يحكم به عليه للأصل، و لما رواه السّكوني عن أبي

عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): (البئر جبار، و العجماء جبار و المعدن جبار [1] «1» هذا كلّه بالنّسبة إلي المحرم في

______________________________

[1] في حديث النبي (صلي اللّه عليه و آله): (البئر جبار، و جرح العجماء جبار، و المعدن جبار) أراد بالجمار بالضمّ و التّخفيف: الهدر يعني لا غرم فيه و العجماء: البهيمة، سمّيت بذلك، لأنّها لا تتكلّم و المعني: انّ البهيمة العجماء تنفلت فتتلف شيئا فذلك الشّي ء هدر، و كذلك المعدن إذا انهار علي أحد فهو هدر (مجمع البحرين).

قال الشّيخ في النّهاية فيه: (جرح العجماء جبار) الجبار: الهدر، و العجماء الدّابة، و منه الحديث (السّائمة جبار) أي: الدابّة المرسلة في رعيها، و قال:

«البئر جبار» قيل هي العادية القديمة لا يعلم لها حافر و لا مالك فيقع فيها إنسان أو غيره فهو جبار، أي: هدر، و قيل: هو الأجير الّذي ينزل إلي البئر فينقبها و يخرج شيئا وقع فيها فيموت.

و قال الجوهري: الجبار: الهدر، يقال: ذهب دمه جبارا، و في الحديث:

المعدن جبار، أي: إذا انهار علي من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ مستأجره انتهي و قال المجلسي (قدس سرّه) لعلّ المعني: انّ الدابّة في الرّعي إذا جني فلا شي ء علي مالكها، و كذا الدابّة الّتي انفلتت من غير تفريط من مالكها كما مرّ، و المراد بالبئر: الّذي حفرها في ملك مباح فوقع فيها إنسان، أو من استأجر أحدا ليعمل في بئر فانهارت عليه، و كذا المعدن، و في الصّحاح: العجماء: البهيمة و في الحديث: جرح العجماء جبار و انّما سمّيت العجماء لأنّها لا تتكلّم، و قيل في الحديث: المعدن جبار هي إذا انهار علي من يعمل فيه فهلك لم

تؤخذ مستأجره.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب موجبات الضّمان من كتاب الدّيات الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 138

[السّابعة إذا أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه ضمن]

السّابعة إذا أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه ضمن (1)

______________________________

الحلّ.

و أمّا المحلّ في الحرم فهل يلحق بالمحرم في الحلّ فيضمن بجناية دابّته أم لا؟ قال في المدارك علي ما حكاه عنه صاحب الجواهر: (لم أقف علي رواية تتضمّن تضمينه لجناية دابّته الّا أنّ الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) قاطعون بأنّ ما يضمنه المحرم في الحلّ يضمنه المحلّ في الحرم و يتضاعف الجزاء مع اجتماع الأمرين).

و نفي عنه البأس صاحب الجواهر (قدس سرّه) ان تمّ إجماعا أو استفيد من الأخبار اتّحاد حكمهما في التّسبيب و لو بمعونة فهم الأصحاب، كما هو كذلك في الظّاهر، خصوصا بملاحظة نصوص الضّمان بالدّلالة للمحرم و المحلّ في الحرم.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ المصنّف (قدّس سرّه) قد أطلق في الحكم بضمان السّائق للدابّة و الرّاكب الواقف بها من دون تقييد بكون جنايتها بيديها، و قيّد به هنا ضمان الرّاكب السّائر، و لا يخلو من اشكال، لإمكان منع الفرق في الرّاكب بين كونه سائرا أو واقفا خصوصا إذا همّ الواقف بالمسير.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سره) هو الصّواب، للتّسبيب و فحوي أدلّة الضّمان بالدّلالة هذا بالنّسبة إلي الطّفل، و أمّا بالنّسبة إلي الأمّ لو فرض تلفها

كفارات الإحرام، ص: 139

و كذا لو أمسك المحلّ صيدا له طفل في الحرم (1).

______________________________

بإمساكه فإنّما يكون بالمباشرة، و لا فرق فيما ذكر بين وقوع الإمساك في الحلّ أو في الحرم و ما كان الطّفل في الحلّ أو الحرم.

(1) ضمان الممسك في الحلّ الطّفل فيما إذا تلف في الحرم بإمساك أمّه في الحلّ فإنّما يكون للتّسبيب أيضا

بناء علي ما عرفت من مساواة المحلّ للمحرم في الضّمان به أيضا لما كان في الحرم.

و أمّا الأمّ لو ماتت بإمساكه في الحلّ فلا يضمنها، لأنّه من المحلّ في الحلّ، نعم إذا فرض كونها في الحرم و تلفت بالإمساك ضمنها أيضا مع الطّفل كالمحرم.

ثمّ انّه لو أمسك المحلّ الأمّ في الحرم فمات الطّفل في الحلّ ضمن الأمّ لو ماتت قطعا، و أمّا الطّفل فيمكن أن يقال بضمانه، لحصول الإتلاف بسبب في الحرم فصار كما لو رمي من الحرم فأتلف صيدا في الحلّ.

و يمكن أن يقال بعدم ضمانه لوقوع الإتلاف في الحلّ، و أمّا مجرّد صيرورته مثل ما لو رمي من الحرم لا يوجب الالتحاق به الّا بالقياس المسدود بابه عند مذهب أهل الحقّ.

و أمّا دعوي تنقيح المناط ففيها ما ذكرناه غير مرّة من أنّ القطعي منه فغير حاصل في الشّرعيّات و الظنّي منه لا يغني من الحقّ شيئا و لكنّ الأقوي في النّظر الضّمان، لعموم العلّة في خبر مسمع- يعني ابن عبد الملك- عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل حلّ في الحرم رمي صيدا خارجا من الحرم فقتله؟ فقال:

عليه الجزاء، لأنّ الآفة جائت الصّيد من ناحية الحرم «1» و الظّاهر انّ المراد

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 33 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 140

[الثّامنة إذا أغري المحرم كلبه بصيد فقتله ضمن]

الثّامنة إذا أغري المحرم كلبه بصيد فقتله ضمن سواء كان في الحلّ أو في الحرم لكن يتضاعف إذا كان في الحرم (1).

______________________________

بكون الإتلاف بسبب الحرم هو الإشارة الي هذه العلّة و من هنا كان خيرة الشّهيد الثّاني الأوّل.

(1) قد نفي عنه الخلاف و الاشكال، لكون إغراء الكلب كسهم رمي به صيدا.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- إذا أغري

الكلب المحلّ في الحلّ فدخل الصّيد في الحرم فتبعه الكلب فأخذه فيه قد يقال بضمانه، لصدق التّسبيب، نعم يمكن أن يقال بعدم الضّمان فيما لو أغراه بصيد في الحلّ فدخل الحرم فأخذ غيره و استدلّ لذلك بأنّه باسترسال نفسه لا بالإغراء، و حينئذ فليس كسهم رمي به صيدا في الحلّ فأخطأ فأصاب آخر في الحرم مع احتمال الضّمان للتّسبيب، خصوصا بعد ما ذكره غير واحد علي ما في الجواهر من انّه بحكم الإغراء في الضّمان: حلّ الكلب المربوط في الحرم أو و هو محرم و الصّيد حاضر أو بقصد الصّيد فقتل صيدا، لأنّه شديد الغراوة بالصّيد فيكفي في التّسبيب حلّ الرّباط.

الثّاني- انّه لو حلّ كلب الصّيد المربوط فقتل صيدا أو عابه فان كان قاصدا للاصطياد بحلّه أو لم يكن قاصدا له، و لكن كان عالما بوجود الصّيد يحكم بضمانه و ان لم يغره بالصّيد، للتّسبيب، و أمّا الحكم بضمانه فيما إذا لم يعلم بوجوده لا يخلو من تأمّل و اشكال.

كفارات الإحرام، ص: 141

______________________________

الثّالث- لو انحلّ الرّباط عن الكلب لتقصيره في الرّبط فيحكم بضمانه ما صاده للتّسبيب و أمّا إذا لم يقصّر فيه فلا و ان كان هو الّذي اسطحب الكلب معه، للأصل.

و أمّا إذا قصر في ربط كلب غيره فهل يكون ضامنا أم لا؟ يمكن أن يقال بعدم ضمانه و ان أمره الغير بذلك لكون الآمر مقصّرا حيث اكتفي بالأمر، و لكنّه لا يخلو من تأمّل.

الرّابع- انّه لو حفر بئرا في ملك غيره عدوانا فتردّي فيه صيد، فهل يكون ضامنا أم لا؟ ففي القواعد ضمن، للتّسبيب، و أمّا لو كان في ملكه أو في أرض موات لم يضمن، و ذلك لأنّه لا ينسب اليه عرفا

قتل الصّيد و من المعلوم انّ ذلك الحفر كان من حقّه و لو حفر في ملكه أو موات في الحرم فالأقرب الضّمان، لشمول حرمة الحرم لملكه فصار، كما لو نصب شبكة في ملكه في الحرم فتعفّل بها صيد فهلك أو عيب.

ناقش فيه صاحب الجواهر (قدّس سرّه) بأنّ مثله متّجه في المحرم لو حفر في ملكه أو موات من الحلّ، لأنّ حرمة الإحرام شاملة كالحرم الّذي قيل يضمن المحلّ و المحرم بالحفر فيه و لو للحاجة إليه لمنفعة النّاس أو غيرها، فانّ الضّمان هنا يترتّب علي المباح و الواجب بل مقتضي ذلك الضّمان حتّي مع سبق الحلّ علي الإحرام الي أن قال: و ان كان ذلك كلّه لا يخلو من نظر، فانّ السّبب المذكور في الدّيات الّتي قد دلّت النّصوص «1» علي الضّمان به لا يقتضي ترتّب الحكم هنا عليه، ضرورة: عدم عنوان في النّصوص علي وجه يشمله، مضافا الي الأصل و الإباحة، بل عن المنتهي و التّحرير الوجه عدم الضّمان فيما لو حفر في ملكه في الحرم، نعم

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب موجبات الضّمان من كتاب الدّيات.

كفارات الإحرام، ص: 142

[التّاسعة لو نفّر صيدا فهلك]

التّاسعة لو نفّر صيدا فهلك بمصادمة شي ء أو أخذه جارح ضمنه (1).

______________________________

كلّما كان نحو الدّلالة علي الصّيد يتّجه الحاقه به دون غيره.

الخامس- انّه لو أرسل الكلب أو حلّ رباطه و لا صيد فعرض له صيد ففي القواعد و غيرها ضمن، للتّسبيب أيضا، و ناقش فيه صاحب الجواهر (قدس سرّه) سابقه، و لعلّه لذا احتمل في التّذكرة و المنتهي العدم.

(1) بلا خلاف، بل في المدارك نسبته الي القطع به في كلام الأصحاب، و استدلّ له بالتّسبيب و فحوي دليل الضّمان بالدّلالة، نعم لو

عاد الصّيد الي و كره أو حجره أو فيما نفّر عنه و تلف بعد ذلك فلا ضمان، لعدم استناد التّلف حينئذ إليه أصلا.

بل و كذا إذا سكن في غير ذلك و لكن لم يستند التّلف الي ما سكن فيه لزوال السّبب.

و امّا ان استند اليه ضمن.

و لكن يمكن أن يقال بضمانه مطلقا سواء استند التّلف إليه أم لا، لما رواه عليّ بن جعفر قال: سألت أخي موسي (عليه السّلام) عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلي الكوفة أو غيرها؟ قال: عليه أن يردّها، فان ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به «1».

و لكن قد يقال بعدم ضمانه في الفرض الثّاني، لعدم استناد التّلف إليه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 143

[العاشرة لو وقع الصّيد في شبكة]

العاشرة لو وقع الصّيد في شبكة فأراد تخليصه فهلك أو عاب ضمن (1).

______________________________

مباشرة و لا تسبيبا مع الأصل.

اللّهم الّا أن يقال: انّ ضمانه كضمان المغصوب و ان لم يكن في يده، لما عرفت من ضمانه بالسّبب المزبور حتّي يعود و المسألة لا تخلو من تأمّل فتأمّل.

(1) كما هو المحكي عن جماعة، لصدق قتل الصّيد و لو خطأ، لكن عن الشّهيد الاشكال فيه، بل في المدارك: (ينبغي القطع بعدم الضّمان مع انتفاء التعدّي و التّفريط، لأنّ تخليصه علي هذا الوجه مباح، بل إحسان محض، و مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ، و مثله ما لو خلص الصّيد من فم هرّة أو سبع أو من شقّ جدار و أخذه ليداويه و يتعهّده فمات في يده بما ناله من السّبع). و لكن في الجواهر: انّ قاعدة الإحسان لا تنافي الضّمان بعد عموم مقتضيه و أمّا الأخذ للتّداوي: ففي القواعد (الضّمان به أيضا،

لكن قال علي اشكال) و لعلّه من انّ إثبات اليد عليه مضمن، بل عن الشّهيد القطع به، بل و الفاضل في غير القواعد، و من الأصل و قاعدة الإحسان و الأمر «1» بحفظ ما نتف ريشه حتّي يكمل، ثمّ قال صاحب الجواهر: لكنّ الجميع، كما تري لا ينافي الضّمان بعد فرض عمومه لمحلّ الفرض. نعم قد يشكّ في ذلك ضرورة كون المتيقّن من الضّمان بوضع اليد مع العدوان دون غيره فالمتّجه عدم الضّمان، و فرق واضح بين ذلك و سابقه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد.

كفارات الإحرام، ص: 144

[الحادي عشر من دلّ علي صيد]

الحادي عشر من دلّ علي صيد فقتل ضمنه (1).

______________________________

(1) من المحرم في الحلّ و الحرم و من المحلّ في الحرم، و قد نفي عنه الخلاف، و ادّعي عليه الإجماع و استدلّ لذلك بصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تستحلنّ شيئا من الصّيد و أنت حرام، و لا و أنت حلال في الحرم، و لا تدلنّ عليه محلّا، و لا محرما، فيصطاده و لا تشر اليه فيستحلّ من أجلك، فإنّ فيه فداء لمن تعمّده «1».

و أمّا احتمال كون الفداء فيه علي المستحلّ لا الدّال ففيه ما لا يخفي، و لا سيّما بملاحظة خبر منصور ابن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: المحرم لا يدلّ علي الصّيد، فان دلّ عليه فقتل فعليه الفداء «2».

و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن التّحرير و المنتهي من التوقّف في ضمان المحلّ لو دلّ محرما أو محلّا علي صيد في الحرم.

ينبغي هنا ذكر أمور:

الأوّل- الظّاهر إلحاق الجرح بالقتل و كذلك الأخذ أيضا، نعم إذا لم يترتّب علي الدّلالة أخذ أو جرح أو

قتل فيحكم بعدم الضّمان، للأصل بعد ظهور النّص في غير مفروض المقام.

الثّاني- انّه لا ضمان علي الدالّ إذا كان رآه المدلول قبل الدّلالة،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 145

______________________________

للأصل بعد عدم التّسبيب و الدّلالة حقيقة، و كذا ان فعل ما فطن به غيره و لم يكن قصد به ذلك، لخروجه عنها أيضا.

الثّالث- ان دلّ محلّ محرما علي الصّيد في الحلّ لم يضمن، لعدم الضّمان عليه في مفروض المسألة بالمباشرة فضلا عن التّسبيب.

الرّابع- انّ صور المسألة كثيرة و ذلك لأنّ الدالّ و المدلول تارة: يكونان محلّين و أخري: محرمين و ثالثة: متفرّقين و علي كلّ تقدير فتارة: يكونان في الحلّ و أخري: في الحرم. و ثالثة: بالتّفريق، و علي كلّ تقدير فامّا أن يكون الصّيد في الحلّ أو في الحرم و مع جميع التّقادير تارة: يكون الدّال و المدلول متّحدين و أخري متعدّدين و كيف كان فممّا ذكرنا يظهر حكمها، فتدبّر.

كفارات الإحرام، ص: 146

[الفصل الثالث في صيد الحرم]

الفصل الثالث في صيد الحرم يحرم من الصّيد علي المحلّ في الحرم ما يحرم علي المحرم في الحلّ (1)

______________________________

(1) و الحرم لا ينبغي الإشكال فيه و استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- الإجماع بقسميه عليه، و (فيه): ما مرّ.

الثّاني- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تستحلنّ شيئا من الصّيد و أنت حرام، و لا و أنت حلال في الحرم، و لا تدلّن عليه محلّا و لا محرما فيصطاده.. إلخ «1» و نحوه غيره من الأخبار المرويّة عنهم (عليهم السّلام).

ينبغي هنا التّنبيه علي أمر:

و هو انّ حدّ الحرم الّذي لا يجوز قتل صيده

و لا قطع شجره: بريد في بريد كما في خبر زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: حرم اللّه حرمه بريدا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1 و الباب 1 من أبواب تروك الإحرام الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 147

______________________________

في بريد، ان يختلي خلاه و يعضد شجره الّا الإذخر «1».

و هو عن يمين الكعبة أربعة أميال و عن يسارها ثمانية أميال كما في خبر الفضل فيكون مجموع هذه الأميال بريدا و عليه فيكون ما بين طرفي الكعبة الآخرين بريد أيضا لكن لا نعرف اعتدال الخطوط و عدمه من، جميع الجهات.

ينبغي هنا الإشارة الي ما يلي:

1- انّه قد ذكرت للحرم أنصاب يتوارثها النّاس و لكن لا نعرف من جميع جوانبه.

2- انّ أول من وضع الأنصاب علي حدود الحرم إبراهيم الخليل (عليه السّلام) بدلالة جبرئيل (عليه السّلام)، ثمّ قصيّ بن كلاب و قيل نصبها إسماعيل عليه السّلام بعد أبيه، و قيل عدنان، ثمّ قلعتها قريش في زمن النّبي (صلّي اللّه عليه و آله) فاشتدّ ذلك عليه، فجاءه جبرئيل و أخبره انّهم سيعيدونها، فرأي رجال منهم في المنام قائلا يقول: (حَرَمٌ أعزّكمُ اللّه به نَزَعْتُم أنصابه سيحطمكم العرب) فأعادوها، فقال جبرئيل للنّبي: يا محمّد قد أعادوها، فقال: هل أصابوا؟ فقال: ما وضعوا فيها الّا بيد ملك، ثمّ بعث رسول اللّه عام الفتح تميم ابن أسيد فجدّدها، و هكذا جدّدوها يدا بيد الي عهدنا هذا.

3- انّ تسمية بذلك- علي ما في الجواهر- امّا لأنّ آدم (عليه السّلام) لما أهبط الي الأرض خاف علي نفسه من الشّيطان فبعث اللّه ملائكة تحرسه فوقفوا في مواضع أنصاب الحرم فصار ما بينه و بين مواقفهم حرما، و امّا

لأنّ الحجر الأسود لمّا وضعه الخليل (عليه السّلام) في الكعبة حين أضاء الحجر يمينا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 87 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 148

فمن قتل صيدا في الحرم كان عليه فداؤه (1) و لو اشترك جماعة في قتله فعلي كلّ واحد فداء (2) و فيه تردّد (3) و هل يحرم (4) و هو يؤمّ الحرم قيل (5) نعم (6)

______________________________

و شمالا و شرقا و غربا فحرم اللّه من حيث انتهي نوره أو غيره ذلك.

(1) أي: قيمته علي المحلّ، لما تقدّم من كون الأصحّ ذلك عند المصنّف و غيره، و أمّا المحرم فتجب هي عليه مع الفداء إذا كان ممّا له فداء و الّا تضاعفت القيمة للإحرام و الحرم، كما تقدّم.

(2) نحو ما عرفته في المحرمين و استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- صدق القتل و الإصابة علي كلّ واحد من المحلّين.

الثّاني- خبر معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (في حديث) قال: و أيّ قوم اجتمعوا علي صيد فأكلوا منه فانّ علي كلّ انسان منهم قيمته فان اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك «1».

(3) لإمكان المناقشة في الوجهين المذكورين: امّا (في الأوّل): و هو صدق القتل علي كلّ واحد من المحلّين فلمنعه.

و أمّا (في الثّاني) و هو الخبر فلكونه ضعيفا سندا و دلالة باحتمال اختصاصه بالمحرمين كأكثر الأخبار، و حينئذ يخرج عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار و ان شكّ في ثبوت الفداء عليهم فالمرجع هو الأصل أي البراءة.

(4) علي المحلّ قتل الصّيد.

(5) و القائل الشّيخ في التّهذيب و الخلاف و النّهاية و المبسوط علي ما حكي عنه

(6) و استدلّ لذلك بوجهين:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات

الإحرام، ص: 149

و قيل (1) يكره و هو الأشبه (2)

______________________________

الأوّل- الإجماع و (فيه) ما لا يخفي.

الثّاني- الأخبار- منها:

1- مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: كان يكره أن يرمي الصّيد و هو يؤمّ الحرم «1» بناء علي إرادة الحرمة من الكراهة فيه، و لكن سيظهر لك انّ المراد منها هو الكراهة المصطلحة.

2- خبر عليّ بن عقبة عن أبيه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قضي حجّة ثمّ أقبل حتّي إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريبا من الحرم و الصّيد متوجّه نحو الحرم فرماه فقتله ما عليه في ذلك؟ قال: يفديه علي نحوه «2».

3- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا كنت محلّا في الحلّ فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد الي الحرم فانّ عليك جزاؤه فإن فقّأت عينيه أو كسرت قرنه تصدّقت بصدقة «3».

(1) و القائل الصّدوق في محكي الفقيه و الشّيخ أيضا في محكي الاستبصار و الحلّي في محكي السّرائر.

(2) بأصول المذهب و قواعده الّتي منها الأصل.

و امّا الأخبار المتقدّمة الدالّة علي الحرمة فلا عبرة بها.

أمّا أوّلا- فلكونها ضعيفة سندا و أمّا القول بانجبارها بعمل الأصحاب

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 29 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 150

______________________________

(رضوان اللّه تعالي عليهم) ففيه مالا يخفي، لذهاب جملة من الأصحاب إلي خلافها و أمّا ثانيا- فعلي فرض الإغماض عنه نقول: انّ المراد من الكراهة في مرسل ابن أبي عمير هو الكراهة المصطلحة و أمّا ثالثا- انّه

لا ملازمة بين الضّمان و الحرمة و لذا قال به من قال بالكراهة، و أمّا رابعا- فلمعارضتها بصحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل رمي صيدا في الحلّ و هو يؤمّ الحرم فيما بين البريد و المسجد فأصابه في الحلّ فمضي برميته حتّي دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال: ليس عليه جزاء انّما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحلّ الي جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتّي دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه، لأنّه نصب حيث نصب و هو له حلال و رمي حيث رمي، و هو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شي ء فقلت: هذا القياس عند النّاس؟ فقال: انّما شبّهت لك الشّي ء بالشّي ء لتعرفه «1» بل و صحيحة الآخر قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجل رمي صيدا في الحلّ فمضي برميته حتّي دخل الحرم فمات أ عليه جزاؤه؟ قال: لا، ليس عليه جزاؤه، لأنّه رمي حيث رمي و هو له حلال.. إلخ «2» و خبره قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل رمي صيدا في الحلّ و هو يؤمّ الحرم فيما بين البريد و المسجد فأصابه في الحلّ فمضي برميته حتّي دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال: ليس عليه جزاء.. إلخ «3». و خبر دعائم عن جعفر بن محمّد فيمن رمي صيدا في الحلّ فأصابه فيه فتحامل الصّيد حتّي دخل الحرم

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

(3) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد،

الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 151

لكن لو أصابه و دخل الحرم فمات ضمنه (1) و فيه تردّد (2)

______________________________

فمات فيه من رميته فلا شي ء عليه فيه «1». و أمّا الإجماع ففيه ما لا يخفي:

أمّا أوّلا- فلمنعه لمصير معظم الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) علي خلافه.

و أمّا ثانيا- فلما ذكرناه مرارا من انّ المعتبر منه هو التعبّدي الموجب للقطع بصدور الحكم عن المعصوم (عليه السّلام) لا المدركي، و في مفروض البحث يحتمل أن يكون مدركه الأخبار، و حينئذ فلا عبرة به و العبرة بها، فتدبّر.

ظهر ممّا ذكرنا انّ الأقوي في النّظر هو الكراهة، كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

________________________________________

شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي، كفارات الإحرام، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1402 ه ق كفارات الإحرام؛ ص: 151

(1) و استدلّ لذلك بالأخبار المتقدّمة آنفا كصحيح الحلبي «2» و خبر عقبة بن خالد «3» الخالي عن ذكر الموت في الحرم و الأخبار «4» المشتملة علي الضّمان للصّيد فيما بين البريد و الحرم.

(2) سبب التّرديد هو صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج و غيره ممّا تقدّم المعتضد بالأصل و صحّة السّند و كثرة العدد، فلا يمكن للمعارض مقاومته، لكونه صريحا في الجواز و عدم الجزاء بين البريد و الحرم، و عليه فلا بدّ من رفع اليد عن ظاهر صحيح الحلبي الدالّ علي ضمانه الجزاء لأجل صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج فيحمل علي النّدب و كذلك ينبغي أن يحمل عليه خبر عقبة بن خالد و ان

______________________________

(1) المستدرك الباب 23 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9

الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، و الباب 30 منها الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 152

و يكره الاصطياد بين البريد و الحرم (1)

______________________________

كان أخصّ من الأخبار الدالّة علي الجواز، لاختصاصه بما يؤمّ الحرم، و أعمّ من جهة شموله لما مات في الحرم و خارجه لقوّة ظهورها في الشّمول لمفروض المسألة و هو ما يؤمّ الحرم بسبب مثل التّعليل الّذي عرفته في خبر عبد الرّحمن.

مضافا الي عدم ثبوت وثاقة عقبة بن خالد.

هذا، و أمّا ما عن الشّيخ (قدس سرّه) و جماعة: ان مات في الحرم بعد اصابته في خارجه حرام اللّحم كالميتة فيكون للتعبّد لحسن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل حلّ رمي صيدا في الحلّ فتحامل الصّيد حتّي دخل الحرم؟

فقال: لحمه حرام مثل الميتة «1» و حكي اتّفاق القولين عليه لا لكونه مضمونا فلا يبتني القول به علي القول بالضّمان.

و أمّا أخبار ضمان ما بين البريد و الحرم «2» سواء حصل الموت في الحرم أو لا الّتي منها صحيح الحلبي انّما هي في مسألة أخري تسمع الكلام فيها (إنشاء اللّه) خارجة عمّا نحن فيه من ضمان مطلق الصّيد المضروب في الحلّ ثمّ مات في الحرم، كما هو واضح.

(1) و معني الاصطياد بين البريد و الحرم الاصطياد في منتهي البريد و غايته و طرف الحرم، و الّا فلا واسطة بين البريد و الحرم حتّي يتعلّق به الحكم، و حينئذ ففي عبارة الماتن (قدس سرّه) تجّوز فيكون المراد انّه يكره الاصطياد في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 29 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، و الباب 30 منها الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 153

علي الأشبه (1)

______________________________

خارج الحرم الي

بريد من كلّ جانب و يسمّي بحرم الحرم و قد صرّح بذلك جماعة من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم).

(1) بأصول المذهب و قواعده الّتي منها الأصل و ما يفهم من الأدلّة من انحصار المانع من الاصطياد في الحرم و الإحرام و فحوي صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج السّابق «1» بل و إطلاق صحيحة «2» و خبره «3» الآخرين المتقدّمين، و أمّا صحيح الحلبي و خبر عقبة بن خالد المتقدّمين الدالّين علي ثبوت الجزاء فلا ينافي ما ذكر:

أمّا أوّلا: فلأنّ ثبوت الجزاء أعمّ من الحرمة.

و أمّا ثانيا: فلمعارضتهما مع الأخبار المتقدّمة الدالّة علي نفي الجزاء و مقتضي الجمع بينهما و بين الأخبار المتقدّمة هو حملهما علي النّدب جمعا بين النّصوص و قد اختاره جمع من المتأخّرين و من الغريب ما في المدارك فإنّه بعد أن حكي عن المتأخّرين الحمل علي النّدب قال و هو مشكل، لانتفاء المعارض مع انّه (قدس سرّه) ذكر الصّحيح المزبور و أفتي به فليس إلّا الغفلة عنه (كما أفاده صاحب الجواهر) و الّا فالعمل بهما ممّا لا يمكن بل لا بدّ من صرف هذا الي النّدب و ممّا يؤيّد ذلك مفهوم قوله تعالي (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً) «4» المقتضي عدم الحرمة ما دمتم محلّين كقوله تعالي (وَ إِذٰا حَلَلْتُمْ فَاصْطٰادُوا) «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

(3) الوسائل ج 9 الباب 30 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(4) سورة المائدة، الآية: 97- 3.

(5) سورة المائدة، الآية: 97- 3.

كفارات الإحرام، ص: 154

و لو أصاب صيدا فيه ففقّأ عينه أو كسر قرنه كان عليه صدقة

استحبابا (1) و لو ربط صيدا في الحلّ فدخل الحرم لم يجز إخراجه (2)

______________________________

خرج منه صيد الحرم للأخبار و بقي الباقي و منه ما نحن فيه.

(1) للأمر به في صحيح الحلبي المتقدّم «1» و خبر عبد الغفّار الجازي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (في حديث) قال: و ذكر انّك إذا كنت حلالا و قتلت صيدا ما بين البريد و الحرم، فانّ عليك جزاؤه، و ان فقّأت عينه أو كسرت قرنه أو جرحته تصدّقت بصدقة «2» و ترفع اليد عن ظاهره لما تقدّم من الأخبار الدالّة علي عدم الجزاء فيه لكونها نصّا فيه، و قد ذكرنا غير مرّة أنّ حكومة النّص علي الظّاهر من أجل الحكومات.

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس سرّهم) بل في الجواهر نفي الخلاف عنه، استدلّ لذلك بوجوه:

الأوّل- العمومات الّتي منها قوله تعالي (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) «3» الّذي استدلّ به الامام الصّادق (عليه السّلام) لمّا سأله محمّد بن مسلم عن ظبي دخل في الحرم؟ فقال: لا يؤخذ و لا يمسّ، انّ اللّه تعالي يقول «وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً» «4».

الثّاني- خبر عبد الأعلي بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أصاب صيدا في الحلّ فربطه الي جانب الحرم فمشي الصّيد بربطه حتّي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) سورة آل عمران، الآية: 91.

(4) الوسائل ج 9 الباب 36 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 155

و لو كان في الحلّ فرمي صيدا في الحرم فقتله فعليه فداؤه (1)

______________________________

دخل الحرم و الرّباط في عنقه فاجترأ الرّجل بحبله حتّي أخرجه

من الحرم و الرّجل في أحلّ؟ فقال: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة «1».

الثّالث- ما استدلّ به في المدارك بأنّه بعد الدّخول في الحرم يصير من صيد الحرم فيتعلّق به حكمه، و لكن فيه ما لا يخفي، لاقتضائه وجوب الجزاء بقتله، و الظّاهر انّه لم يلتزم به أحد، و انّما اقتصروا فقط علي حرمة الفعل بل لم يذكروا- كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سره) ما في متن الخبر من حرمة الثّمن و لكونه ميتة.

ثمّ انّه قد يقال بمساوات حكمه لصيد الحرم لقوله تعالي: في خبر محمّد بن مسلم المتقدّم (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) «2» هذا القول و ان كان موافقا للاحتياط الّا انّه لا يخلو من تأمّل.

(1) أي جزاؤه و لو بقيمته، و الظّاهر انّه ممّا لا خلاف فيه، و استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- الإجماع بقسميه عليه كما ادّعاه صاحب الجواهر (قدس سرّه) و (فيه):

ما مرّ من عدم كونه من الإجماع المعتبر.

الثّاني- عموم أدلّة الجزاء علي القاتل في الحرم الّذي هو الأمان المقيّد لحلّ الصّيد سواء كان الرّامي في الحلّ أو الحرم قال الامام الصّادق (عليه السّلام) في صحيح ابن سنان و ما دخل من الوحش و الطّير في الحرم كان آمنا من أن يهاج و يؤذي حتّي يخرج من الحرم «3».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) سورة آل عمران، الآية: 91.

(3) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 156

و كذا (1) لو كان في الحرم فرمي صيدا في الحلّ فقتله ضمنه (2) و لو كان بعض الصّيد في الحرم فأصاب ما هو في الحلّ أو في الحرم منه فقتله ضمنه (3)

______________________________

(1) يجب

عليه الجزاء.

(2) و الظّاهر انّه ممّا لا خلاف فيه، بل في ظاهر المدارك و غيرها و صريح محكي المنتهي و التّذكرة: الإجماع عليه، و كيف كان فاستدلّ له بما رواه مسمع في رجل حلّ في الحرم رمي صيدا خارجا من الحرم فقتله؟ فقال: عليه الجزاء، لأنّ الآفة جائت الصّيد من ناحية الحرم «1» خلافا للشّافعي و غيره و حكموا بعدم الضّمان في مفروض البحث، و هذا كما تري واضح البطلان و ربّما اليه مال بعض متأخّري المتأخّرين لضعف السّند، و فيه ما لا يخفي:

أمّا أوّلا- فلعدم الضّعف في سند الرّواية.

و أمّا ثانيا- فعلي فرض تسليمه فهو منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و حينئذ فلا يصغي الي المناقشة فيه بالضّعف لكونها في غير محلّها فتدبّر.

(3) قال في الجواهر في شرح كلام الماتن: (بلا خلاف أجده فيه، بل عن الخلاف و الجواهر الإجماع عليه، و هو الحجّة بعد تغليب جانب الحرم، بل ربّما كان في صحيح ابن سنان «2» السّابق اشارة اليه أيضا بل و ما تسمعه من صحيح الشّجرة «3».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 33 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 90 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 157

و لو كان الصّيد علي فرع شجرة في الحلّ فقتله ضمنه إذا كان أصلها في الحرم (1) و من دخل بصيد الي الحرم وجب عليه إرساله (2) و لو أخرجه فتلف كان عليه ضمانه سواء كان التّلف بسببه أو بغيره (3)

______________________________

(1) نفي عنه الخلاف، كما اعترف به في الرّياض، و ادّعي عليه الإجماع، كما عن الخلاف و الجواهر و

استدلّ له بما رواه السّكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ (عليه السّلام) انّه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ علي غصن منها طير رماه رجل فصرعه؟ قال (عليه السّلام): عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم «1» المؤيّد بصحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام):

من شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحل؟ فقال: حرم فرعها لمكان أصلها، قال: قلت: فإنّ أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم؟ فقال: حرم أصلها لمكان فرعها «2»، و هذا الصّحيح- كما تري- يدلّ علي احترام الأصل الّذي هو في الحلّ لمكان كون الفرع في الحرم، لقوله (عليه السّلام) فيه (حرم أصلها لمكان فرعها) و حينئذ فينافي لمفهوم خبر السّكوني المتقدّم، لأنّ مفهوم قوله (عليه السّلام) في ذيله: (عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم) هو عدم ثبوت الجزاء مع عدم كون أصلها فيه، و كيف كان فالمعروف هو العمل علي طبق الصّحيح المتقدّم، فتدبّر.

(2) استدلّ لذلك بالإجماع و الأخبار الآتية كصحيح الحلبي و نحوه و لا فرق في وجوب إرساله بين أن يكون بنفسه أو بواسطة غيره.

(3) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من ضمانه لو أخرجه من الحرم و تلف

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 90 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 90 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 158

______________________________

بسببه أو بغيره كما إذا مات حتف أنفه ممّا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) و استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- انّ يده نحو يد الغصب تكون عدوانيّة فيحكم بضمانه مطلقا.

الثّاني- الأخبار- منها:

1- ما رواه بكير بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن

رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظّبي في الحرم؟ فقال: ان كان حين أدخله خلّي سبيله فلا شي ء عليه، و ان كان أمسكه حتّي مات فعليه الفداء «1» و روي عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب مثله الّا أنّه قال: من أصاب طيرا في الحلّ فاشتراه فأدخل الحرم ثمّ قال في آخره (و ان كان أمسكه حتّي مات عنده في الحرم فعليه الفداء).

2- ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال الحكم بن عيينة: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) ما تقول في رجل أهدي له حمام أهليّ و هو في الحرم من غير الحرم؟ فقال: أمّا ان كان مستويا خلّيت سبيله، و ان كان غير ذلك أحسنت إليه حتّي إذا استوي ريشه خلّيت سبيله «2».

3- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انّه سئل عن الصّيد يصاد في الحلّ ثمّ يجاء به الي الحرم و هو حيّ؟ قال: إذا أدخله إلي الحرم فقد حرم عليه أكله و إمساكه فلا يشترين في الحرم الّا مذبوحا ذبح في الحل، ثمّ جي ء به الي الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال «3».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 36 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 12.

(3) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 159

______________________________

4- ما رواه شهاب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام):

انّي أتسحّر بفراخ أوتي بها من غير مكّة فتذبح في الحرم فأتسحّر بها؟ فقال:

بئس السّحور سحورك، أما علمت أنّ ما دخلت به الحرم حيّا فقد حرم عليك ذبحه و إمساكه «1» و نحوها غيرها

من الأخبار الّتي منها ما دلّ علي أمان الحرم.

مضافا الي الآية الكريمة (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) «2» و انّ من دخله لا يمسّ و لا يؤذي و لا يهاج.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه لو دفعه الي غيره ليرسله فأرسله ثمّ مات فهل يحكم عليه بالضّمان أم لا؟ و الظّاهر انّه لم يخرج عن العهدة و عليه الضّمان في مفروض البحث، لعدم ارتفاع العدوان عن يده الموجب للضّمان.

الثّاني- انّه لا يحرم إخراج السّباع و لا يضمنها بالإخراج ففي ما رواه محمّد ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انّه سئل عن رجل أدخل فهدا الي الحرم إله أن يخرجه؟ فقال: هو سبع و كلّ ما أدخلت من السّبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه «3».

و ما رواه حمزة اليسع قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن الفهد يشتري بمني و يخرج به من الحرم؟ فقال: كلّ ما دخل الحرم من السّبع مأسورا فعليك إخراجه «4» و يظهر منه- كما تري- وجوب إخراجه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

(2) سورة المائدة، الآية: 96.

(3) الوسائل ج 9 الباب 41 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 41 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 160

و لو كان طائرا مقصوصا وجب حفظه حتّي يكمل ريشه ثمّ يرسله (1)

______________________________

الثّالث- انّ مقتضي إطلاق رواية بكير بن أعين الدالّة علي ثبوت الفداء إذا أمسكه حتّي مات هو ثبوته حتّي إذا مات في غير الحرم، و أمّا ما روي عنه مع القيد بقوله (حتّي مات عنده في الحرم) فلا ينافي ذلك لأنّ مفروض السّؤال فيه هو الموت

في الحرم و الّا فلو أخرجه ضمنه أيضا لكون يده عادية، حيث انّه خالف الإرسال الواجب المدلول للأخبار.

(1) للأخبار- منها:

1- صحيح حفص البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فيمن أصاب طيرا في الحرم؟ قال: ان كان مستوي الجناح فليخل عنه و ان كان غير مستوٍ نتفه و أطعمه و أسقاه فإذا استوي جناحاه خلّي عنه «1».

2- صحيح زرارة انّ الحكم سأل أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل أهدي له في الحرم حمامة مقصوصة؟ فقال: انتفها و أحسن علفها حتّي إذا استوي ريشها فخلّ سبيلها «2».

3- خبر مثني قال: خرجنا إلي مكّة فاصطاد النّساء قمريّة من قماري أمج حيث بلغنا البريد فنتف النّساء جناحيه، ثمّ دخلوا به مكّة، فدخل أبو بصير علي أبي عبد اللّه فأخبره؟ فقال: ينظرون امرأة لا بأس بها فيعطونها الطّير تعلفه و تمسكه حتّي إذا استوي جناحاه خلّته «3».

4- خبر كرب الصّيرفي قال: كنّا جماعة فاشترينا طائرا فقصصناه فأدخلناه الحرم فعاب ذلك علينا جميعا أهل مكّة، فأرسل كرب الي أبي عبد اللّه (عليه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث: 10.

كفارات الإحرام، ص: 161

______________________________

السّلام) يسأله؟ فقال: استودعه رجلا من أهل مكّة مسلما أو امرأة (مسلمة خ ل) فإذا استوي ريشه خلّوا سبيله «1».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه لا يفرق فيما أفاده الماتن (قدس سرّه) بين ما إذا قصّه هو أو غيره.

الثّاني- انّ مؤنة الطّائر الي أن يكمل ريشه يكون عليه بنفسه أم بمن من شأنه الحفظ و القيام بالمؤنة.

الثّالث- انّه لو احتاج في كمال ريشه

الي النّتف جاز، لصحيح حفص و زرارة المتقدّمين.

الرّابع- انّه لو أرسله قبل كمال ريشه ضمن، للعدوان بالإرسال حتّي إذا لم يكن معتديا في وضع يده عليه، و كذا الحال في المنتوف.

الخامس- انّه لو كان الطّائر منتوفا أو مقصوصا و لم يدخل تحت يده فهل يجب وضع يده عليه لحفظه أم لا؟ يمكن أن يقال: بعدم وجوب ذلك، للأصل.

السّادس- انّه هل يلحق بالطّير غيره من الصّيد الّذي يدخل تحت يده في وجوب حفظه لو احتاج اليه لصغر أو مرض أم لا؟

يمكن أن يقال بالإلحاق إذا كانت يده عادية بدعوي: عدم الفرق بينهما و لكن قد يقوي في النّظر عدمه، لاختصاص الأدلّة المتقدّمة بالطّير فتسرية الحكم من موردها الي غيره مشكل، نعم إذا قام دليل تعبّدي علي جوازها أو حصل تنقيح المناط القطعي فهو مطلب آخر، فتدبّر.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 13.

كفارات الإحرام، ص: 162

و هل يجوز (1) صيد حمام الحرم و هو في الحلّ قيل (2) نعم (3) و قيل (4)

______________________________

السّابع- انّه لو نتف الطّائر أو قصّه بنفسه فهل يثبت عليه الأرش أم لا؟ فنقول انّه لا ينبغي الإشكال في ثبوت الأرش عليه فيه و هو ما بين كونه منتوفا أو مقصوصا و بين كونه صحيحا، لأنّ ضمان الكلّ موجب لضمان البعض مع نقص القيمة، هذا إذا لم يكن النّتف أو القصّ لمصلحة الطّير و الّا فلا بأس به بلا ضمان، لقوله (عليه السّلام) في صحيح زرارة (انتفها و أحسن علفها حتّي إذا استوي ريشها فخلّ سبيلها) «1» و في صحيح حفص ان كان مستوي الجناح فليخلّ عنه و ان كان غير مستو نتفه و أطعمه و أسقاه فإذا استوي

جناحاه خلّي عنه «2».

الثّامن- انّه يستفاد من خبر المثنّي و خبر كرب الصّيرفي المذكورين جواز استيداع الطّير المنتوف و لو من امرأة.

التّاسع- اعتبر بعض الأصحاب العدالة في الودعي كما هو المحكي عن المنتهي، لقوله (عليه السّلام) في خبر المثنّي المتقدّم: (امرأة لا بأس بها) و لكن دلالته علي ذلك ممّا لا يخلو من اشكال.

العاشر- انّ المصنّف (قدس سرّه) قد خصّ في ظاهر كلامه الحكم بالقصّ تبعا لبعض الأخبار المتقدّمة، و لعلّه يريد به الأعمّ من النّتف تغليبا.

(1) للمحلّ.

(2) و القائل الشّيخ في المحكي عن صيد الخلاف و المبسوط و الحلّي.

(3) ذهب اليه بعض متأخّري المتأخّرين.

(4) و القائل هو أيضا في محكي النّهاية و التّهذيب و حجّ المبسوط.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 163

لا (1) و هو أحوط (2) و من نتف ريشة من حمام الحرم كان عليه صدقة (3)

______________________________

(1) أي لا يحلّ، و تبعه الفاضل في محكي التّحرير و المنتهي و التّذكرة و ثاني الشّهيدين و سبطه و غيرهما.

(2) و ان كان كذلك الأقوي هو الأوّل، لما ذكره صاحب الجواهر من الأصل السّالم عن معارضة ما دلّ علي تحريم صيد الحرم بعد انصرافه الي غير الفرض.

مضافا الي العمومات، و قوله (عليه السّلام) في صحيح عبد اللّه بن سنان: من دخل الحرم مستجيرا به كان آمنا من سخط اللّه، و من دخله من الوحش و الطّير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذي حتّي يخرج من الحرم «1» فانّ مفهومه جوازه بعد خروجه من الحرم.

(3) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس سرّهم) بل في المدارك و غيرها

نسبته الي القطع به في كلامهم و استدلّ لذلك بخبر إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: فيمن نتف ريشة من حمام الحرم يتصدّق بصدقة علي مسكين و يعطي باليد الّتي نتف بها «2».

ان قلت: انّه ضعيف سندا فلا عبرة به. قلت: انّه و ان كان كذلك الّا انّ ضعفه منجبر بعمل الأصحاب فالمناقشة فيه بعد ذلك في غير محلّه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5، و قد ذكر في الجواهر ذيلا له و هو: (فإنّه قد أوجعه) و لم يذكره في الوسائل، و لكن قد ذكر ذلك في الفقيه ج 2 ص 169 الرّقم 739، و الكافي: ج 4 ص 236.

كفارات الإحرام، ص: 164

______________________________

ينبغي هنا التّنبيه علي أمور:

الأوّل- انّه لو تكرّر النّتف تعدّدت الصّدقة، لتكرّر السّبب كما عن المنتهي و التّذكرة.

الثّاني- انّه هل يلزم الأرش فيه كغيره من الجنايات أم لا؟ و الظّاهر انّه لا يلزم ذلك لخلوّ الخبر عن لزومه.

اللّهمّ الّا أن يقال: أنّ ترك البيان انّما يكون من جهة عدم حصول النّقص بالنّتف عادة و أمّا لو اتّفق نقص بواسطته فلا ينبغي الإشكال في ثبوت الأرش، للضّمان بالاستيلاء علي صيد الحرم.

الثّالث- انّه لو نتف أكثر من ريشة دفعة فهل يلزم تعدّد الصّدقة أم لا؟

يمكن أن يقال بالثّاني، لاحتمال أن يراد بالرّيشة في الخبر: الواحدة لا بشرط، بل قد يقال انّه لو أريد بشرط الوحدة لم يفهم وجوب التعدّد و لا المرّة في نتف الكثير دفعة، لاحتمال زيادة الإثم فيه بلا كفّارة، و حينئذ فقد يقال بعدم ثبوت الكفّارة فيه، لاختصاص الخبر بما إذا

نتف ريشة من حمام الحرم.

نعم قد يستدلّ لذلك بحصول القطع بأولويّة ثبوتها في نتف الأزيد من نتف الواحدة و بما نقله بعض عن الشّيخ (قدس سرّه) انّه روي في تتمّة الخبر: (فإنّه قد أوجعه) و هو يقتضي وجوب الصّدقة و لو مرّة في نتف الأكثر من واحدة، و يشهد له رواية الكليني و الصّدوق هكذا: (من نتف حمامة من حمام الحرم) و يمكن علي روايتهما نفي وجوب تكرار الصّدقة أصلا الّا أن ينبت الرّيش بعد النّتف ثمّ ينتف مرّة أخري.

ثمّ انّه يمكن أن يقال انّ المراد من قوله (عليه السّلام) (من نتف حمامة من

كفارات الإحرام، ص: 165

و يجب أن يسلّمها بتلك اليد (1)

______________________________

حمام الحرم) هو أن نتف الحمامة و لو ريشة منها موجب للصّدقة، فتأمّل.

الرّابع- انّه لو حدث عيب أو نقص من نتف وبر الصّيد أو ريش غير الحمام من طير الحرم فهل يثبت الأرش فيه أم لا؟ و الظّاهر ثبوته كما أفاده صاحب الجواهر (قدس سرّه) و أمّا الصّدقة فهل تلزم فيهما أم لا؟ و الظّاهر عدم لزومها، للأصل الّا أن نقول بعموم التّعليل في قوله «عليه السّلام»: (فإنّه قد أوجبه) فتجب الصّدقة حينئذ بمطلق الوجع و لو كان من غير نتف أصلا.

الخامس- انّه هل تسقط الصّدقة و الأرش بالإنبات أم لا؟ و الظّاهر عدم سقوطهما به خلافا لبعض العامّة.

(1) ما أفاده المصنّف (قدس سرّه) من وجوب تسليم الصّدقة علي النّاتف باليد الّتي نتف بها ممّا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) بل ظاهر غير واحد الإجماع عليه، و استدلّ له بخبر إبراهيم بن ميمون المتقدّم المجبور بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم).

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأوّل- الظّاهر انّه انّما خصّ اليد

في خبر إبراهيم بن ميمون، لتعارف النّتف بها، و عليه فلو نتف بفمه أو رجله وجبت الصّدقة أيضا، لا سيّما بلحاظ عموم التّعليل في قوله عليه السّلام: (فإنّه قد أوجعه).

الثّاني- انّه هل يلزم التصدّق بما نتف به حينئذ أم لا؟ يمكن أن يقال بعدم لزومه، للأصل، و لكنّه لا يخلو من اشكال، كما انّ في أجزاء التصدّق بغير اليد الجانية إشكال، لأنّ مقتضي ظاهر الخبر- كما تري- عدم اجزائه

كفارات الإحرام، ص: 166

و من أخرج صيدا من الحرم وجب عليه إعادته (1) و لو تلف قبل ذلك (2) ضمنه (3)

______________________________

بغيرها، فتأمّل.

(1) كما هو المعروف، بل في الجواهر نفي الخلاف عنه و استدلّ له- مضافا الي ما ذكر- بعدّة أخبار- منها:

1- صحيح عليّ بن جعفر عن موسي بن جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل خرج بطير من مكّة حتّي ورد به الكوفة كيف يصنع؟ قال: يردّه إلي مكّة، فان مات تصدّق بثمنه «1».

2- نحوه صحيحة الآخر عنه (عليه السّلام) أيضا المختصّ بإخراج حمام الحرم «2».

3- صحيح زرارة انّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أخرج طيرا من مكّة إلي الكوفة؟ قال: يردّه إلي مكّة «3».

(2) و لو حتف أنفه.

(3) للأخبار المتقدّمة الدالّة علي ضمانه بثمنه، و يمكن تأييدها بصحيح منصور ابن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) أهدي لنا طير (طائر خ ل) مذبوح بمكّة فأكله أهلنا؟ فقال: لا يري به أهل مكّة بأسا، قلت: فأيّ شي ء تقول أنت؟ قال: عليهم ثمنه «4».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه يعارضها صحيح يونس بن يعقوب قال: أرسلت الي أبي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب

14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 8.

(4) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 7.

كفارات الإحرام، ص: 167

______________________________

الحسن (موسي (عليه السلام خ) انّ أخا لي اشتري حماما من المدينة فذهبنا بها معا إلي مكّة فاعتمرنا و أقمنا إلي الحجّ، ثمّ أخرجنا الحمام معنا من مكّة إلي الكوفة هل علينا في ذلك شي ء؟ فقال للرّسول: فإنّهنّ كنّ في فرهة قل له: يذبح عن كلّ طير شاة «1» و خبره قال: أرسلت الي أبي الحسن (عليه السّلام) قال:

قلت له: حمام أخرج بها من المدينة إلي مكّة ثمّ أخرجها من مكّة إلي الكوفة؟ فقال له:

أري انّهنّ كنّ فرهة (رفهة خ ل) قل له: أن يذبح عن كلّ طير شاة «2» لتصريحهما بأنّه يذبح عن كلّ طير شاة، و هذا بخلاف الأخبار المتقدّمة، فيقع بينهما و بين ما سبق التّعارض لكنّ المفروض في خبر يونس الخروج بالحمام من المدينة إلي مكّة و منها إلي الكوفة.

و يمكن الجمع بين الأخبار المتعارضة بما يلي:

1- بالفرق بين ما أخرج من طيور الحرم و بين ما أدخل طيرا في الحرم ثمّ أخرج منه، ففي الأوّل يحكم بثبوت ثمنه، و في الثّاني يحكم بثبوت الدّم، و هذا خيرة الشّيخ (قدّس سرّه) في محكي التّهذيب لا يخفي ما فيه من البعد، و لا سيّما انّ حمام الحرم أولي بالاحترام.

2- ما احتمله في كشف اللّثام و هو إرادة الشّاة من الثّمن الّذي تضمّنه ما سبق من الأخبار و هو أبعد من الأوّل فلا يصار اليه.

3- ما احتمله غيره و هو إرادة إيجاب الشّاة لنفس الإخراج و ان لم يتلف الحمام، للإطلاق في

خبري يونس، و إيجاب الثّمن للتّلف، فعليه يجب الأمران مع التّلف و فيه ما لا يخفي، لبعد بيان الأخفّ في صحيحي عليّ بن جعفر و هو التصدّق بالثّمن للموت، و ترك بيان الأثقل فيهما و هو وجوب الشّاة للإخراج و الحال انّ السّؤال عمّا عليه و كيف يصنع.

4- حمل الأمر بالشّاة في خبري يونس بن يعقوب علي النّدب: و أنّ

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 9.

(2) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 168

و لو رمي بسهم في الحلّ فدخل الحرم ثمّ خرج الي الحلّ فقتل صيدا لم يجب الفداء (1)

______________________________

التصدّق بالثّمن في صحيحي عليّ بن جعفر دونها في الفضل، و يسمّي هذا الجمع بالحمل علي مراتب الفضل، و كيف كان فالمسألة بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

الثّاني- انّه يستثني من حرمة الإخراج و وجوب الإعادة القماري و الدّباسي لصحيح عيص المتقدّم «1» و قد تقدّم الكلام عنه مفصّلا، و من أراد الاطّلاع عليه فليراجع ذيل القسم الأول من أقسام الصّيد الّذي لا يتعلّق به الكفّارة.

الثّالث- انّه ان فهم من الصّحيح المذكور جواز الإخراج للقماري بلا اعادة كان المنصرف منه عدم الضّمان في التّلف و عدم لزوم شي ء منه.

(1) للأصل و منع كونه مشمولا، لقوله (عليه السّلام) في خبر مسمع (.. لأنّ الآفة جائت الصّيد من ناحية الحرم..) «2» و علي فرض شموله لمفروض البحث فلا يمكن الاستدلال به، لكونه ضعيفا من ناحية السّند، و أمّا انجباره بالعمل فغير معلوم.

مضافا الي ما عن المنتهي من الاستدلال عليه بأنّه لو عدا هو عليه فسلك الحرم في طريقه ثمّ خرج منه و قتل صيدا لا يضمنه

إجماعا فالسّهم أولي، و استحسنه في المدارك، خلافا لبعض الشّافعية، و كذا الحال فيما لو أرسل كلبا الي صيد في الحلّ فدخل الحرم و خرج منه فأصاب الصّيد في خارجه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 33 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 169

و لو ذبح المحلّ في الحرم صيدا كان ميتة (1) و لو ذبحه في الحلّ فأدخله الحرم لم يحرم علي المحلّ (2)

______________________________

(1) بلا خلاف فيه، بل في المدارك و الحدائق الإجماع عليه، و استدلّ لذلك- مضافا الي ما ذكر- بخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عن عليّ (عليه السّلام) قال: إذا ذبح المحرم الصّيد لم يأكله الحرام و الحلال و هو كالميتة و إذا ذبح الصّيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام «1» و خبر إسحاق عن جعفر انّ عليّا (عليه السّلام) كان يقول: إذا ذبح المحرم الصّيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم و إذا ذبح المحلّ الصّيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم «2».

و أمّا ضعفهما من ناحية السّند فهو منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم بمضمونهما) فلا يصغي الي المناقشة فيهما بضعف السّند بعد الانجبار المذكور الموجب للوثوق بصدورهما عن المعصوم الّذي هو المناط في الحجّية مضافا الي غيرهما من الأخبار المرويّة عنهم (عليهم السّلام).

و قد تقدّم ذكرها و تفصيل الكلام عن هذه المسألة في أوائل الجزء الثّالث عند البحث عن تروك الإحرام و من أراد الاطّلاع عليه فليراجعه.

(2) بلا خلاف فيه و استدلّ لذلك- مضافا الي الأصل- بصحيح الحلبي عن أبي عبد

اللّه (عليه السّلام) قال: لا تشتره في الحرم الّا مذبوحا ذبح في الحلّ ثمّ جي ء به الي الحرم مذبوحا فلا بأس للحلال «3» و صحيح عبد اللّه بن أبي يعفور

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 170

و يحرم علي المحرم (1) و لا يدخل في ملكه شي ء من الصّيد علي الأشبه (2)

______________________________

قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) الصّيد يصاد في الحلّ و يدخل الحرم أ يؤكل؟ قال: نعم لا بأس به «1» و نحوهما غيرهما ثمّ انّ الصّحيح الثّاني و ان كان مطلقا و يعمّ المحرم و المحلّ من حيث جواز أكل المذبوح في الحلّ الّا انّ إطلاقه يقيّد بما دلّ علي حرمة أكل الصّيد علي المحرم مطلقا «2».

(1) لحرمة أكله للصّيد مطلقا كما يدلّ عليه صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تأكل من الصّيد و أنت حرام و ان أصابه محلّ «3».

و صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام): عن لحوم الوحش تهدي للرّجل و هو محرم لم يعلم بصيده و لم يأمره به أ يأكله؟ قال: لا «4» و نحوهما غيرهما من الأخبار. و أنت تري انّ المستفاد من صحيح الحلبي عدم جواز أكل المحرم من لحوم الوحش حتّي في صورة عدم علمه بكونها من الصّيد فضلا عمّا إذا علم بكونها منه، و قد تقدّم تفصيل الكلام عنه في مبحث تروك الإحرام (ج 3) فراجعه.

(2) بأصول المذهب و قواعده الّتي منها أصالة عدم دخوله في

ملكه بعد الشكّ في شمول سبب الملك له، و استدلّ لذلك بوجوه:

الأوّل: صحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن طائر أهلي أدخل الحرم حيّا؟ فقال: لا يمسّ، لأنّ اللّه تعالي يقول وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً «5» و صحيحة الآخر قال: قال الحكم بن عيينة سألت أبا جعفر

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.

(5) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 11.

كفارات الإحرام، ص: 171

و قيل (1)

______________________________

(عليه السّلام) ما تقول في رجل أهدي له حمام أهلي و هو في الحرم؟ فقال: أمّا ان كان مستويا خلّيت سبيله «1» و (فيه): انّ النّهي عن مسّه لا يقتضي عدم تملّكه بسبب من أسباب التملّك، كما انّ لزوم تخلية سبيله إذا كان مستويا لا يقتضي ذلك.

الثّاني- ما دلّ من الأخبار علي وجوب إرساله. و (فيه): انّ وجوب إرساله لا يدلّ علي عدم دخوله في ملكه بأسبابه الشّرعيّة.

الثّالث- ما تقدّم من الوجوه- عند البحث عن الموجب الثّاني من موجبات الضّمان- الّتي استدلّوا بها علي زوال ملكه عنه بالإحرام فعدم دخوله في ملكه ابتداء أولي و (فيه) انّه قد ناقشنا في جميعها في تلك المبحث و من أراد الاطّلاع عليها فليراجعها.

الرّابع- عموم الآية (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً) «2» و (فيه) انّ تحريم الصّيد لا يقتضي عدم دخوله في ملك المحرم خصوصا إذا كانت بغير اختيار كما في الميراث: امّا عدم اقتضائه

له إذا أريد بالصّيد في الآية الكريمة المصدر فظاهر، و أمّا عدم اقتضائه له إذا أريد به الذّات فلأنّ المنصرف من حرمة ذاته هو حرمة اصطياده و أكله، لا حرمة الانتفاع به مطلقا، حتّي لا يدخل في ملك المحرم.

مضافا الي انّه لو أريد به حرمة مطلق الانتفاع به لا ينافي دخوله فيه، لأنّ عدم الانتفاع به انّما هو في وقت خاصّ لا في جميع الأوقات، و هو لا ينافي الملكيّة فالأظهر ملكيّة المحرم للصّيد ابتداء، كما لم يزل ملكه عنه بلا فرق بين أنواع الملك الاختياريّة و غيرها.

(1) و القائل الشّيخ علي ما حكي عنه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 12.

(2) سورة المائدة، الآية: 98.

كفارات الإحرام، ص: 172

يدخل (1) و عليه إرساله ان كان حاضرا معه (2).

______________________________

(1) في ملكه بأسبابه.

(2) بمقتضي خبر أبي سعيد المكاري «1».

______________________________

(1) صدره في الوسائل في الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3 و تمامه في التّهذيب ج 5 ص 362 الرّقم 1257.

كفارات الإحرام، ص: 173

[الفصل الرابع في التوابع]

الفصل الرابع في التوابع كما يلزم المحرم في الحلّ من كفّارة الصّيد (1) أو المحلّ في الحرم (2) يجتمعان علي المحرم في الحرم (3)

______________________________

(1) من الفداء أو البدل أو القيمة.

(2) من القيمة، كما أفاده صاحب الجواهر (قدس سرّه).

(3) و استدلّ لذلك بوجوه:

الأوّل- الإجماع و هو المحكي عن شرح الجمل للقاضي. و (فيه): ما مرّ.

الثّاني- قاعدة تعدّد المسبّب بتعدّد السّبب.

الثّالث- الأخبار- منها:

1- ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إذا أصاب المحرم حمامة من حمام الحرم الي أن يبلغ الظّبي فعليه دم يهريقه و يتصدّق بمثل ثمنه، و ان أصاب منه و هو حلال فعليه أن

يتصدّق بمثل ثمنه «1».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد و توابعها، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 174

حتّي ينتهي إلي البدنة فلا يتضاعف (1)

______________________________

2- ما رواه حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدّق به أو يطعمه حمام مكّة فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها «1».

3- حسن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ان أصبت الصّيد و أنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك، و ان أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة و ان أصبته و أنت حرام في الحلّ فإنّما عليك فداء واحد «2» بناء علي انّ المراد من تضاعف الفداء اجتماع الفداء و القيمة فإنّها فداء أيضا لغة، و يمكن ان تجعل الرّواية الأولي قرينة علي ارادتها هنا، كما انّه يمكن جعل غيرها ممّا وردت مستفيضة في الحمام و فرخه و الطّير، حيث أوجب فيها الفداء و القيمة لا الفداءين المصطلحين.

و من هنا ظهر ضعف ما نقل عن ابن أبي العقيل من انّه ليس علي المحرم في قتل الحمامة في الحرم إلّا شاة.

(1) أي: أنّ ما تجب فيه البدنة لا يجب معها شي ء آخر من القيمة أو غيرها فاجتماع الأمرين ثابت علي المحرم في الحرم حتّي يبلغ الفداء بدنة، فإذا بلغها كما في النّعامة، فلا تضاعف حينئذ، و استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- الأصل.

الثّاني- مرسل ابن فضّال عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: انّما يكون

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد و توابعها، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات

الصّيد، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 175

______________________________

الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة حتّي يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف، لأنّه أعظم ما يكون.. إلخ «1» و بمرسلة الآخر عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في الصّيد يضاعفه ما بينه و بين البدنة فإذا بلغ البدنة فليس عليه التّضعيف «2».

فيخصّص أو يقيّد به ما دلّ علي التّضاعف مطلقا كخبر معاوية بن عمّار، لقوله (عليه السّلام) فيه: (و ان أصبت الصّيد و أنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك..

«3». و لكن يمكن المناقشة في الوجهين:

أمّا (في الأول): فبانقطاعه بما عرفت.

و أمّا (في الثّاني): فبقصوره سندا فلا عبرة به، لكونه خارجا عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار، فلا يصلح لتقييد المطلقات، مضافا الي قول الامام الجواد (عليه السّلام) «4» المروي بعدّة طرق المشتمل علي قرائن عديدة تدلّ علي صحّته الدالّ علي التّضاعف مطلقا، و لعلّه بهذا السّبب مال غير واحد من متأخّري المتأخّرين الي ما عن ابن إدريس من التّضعيف مطلقا، بل هو المحكي عن الأكثر، بل عن ابن إدريس نسبته الي ما عدا الشّيخ من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) المشعر بالاتّفاق عليه.

اللّهمّ الّا أن يقال: انّ مرسلي ابن فضّال و ان كانا ضعيفا سندا، الّا انّ

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 46 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 46 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 44 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(4) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1- 2، و المستدرك الباب 3 منها الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 176

و كلّ ما يتكرّر الصّيد من المحرم نسيانا وجب عليه ضمانه (1) و لو تعمّد وجبت الكفّارة

أوّلا (2) ثمّ لا تتكرّر و هو ممّن ينتقم اللّه منه (3) و قيل (4) تتكرّر، و الأوّل أشبه (5)

______________________________

ضعفهما منجبر بعمل جماعة من الأصحاب، و ربّما نسب إلي الشّهرة فيشملهما دليل الاعتبار، و حينئذ فيصلحان لتقييد المطلقات، و كيف كان فالمسألة بعد تحتاج إلي التأمّل.

(1) قد نفي عنه الخلاف، و ادّعي عليه الإجماع بقسميه، و قال في الجواهر:

(و هو الحجّة بعد العموم كتاباً «1» و سنّة «2» و خصوص ما تسمعه من النّصوص «3».

(2) إجماعا و كتابا «4» و سنّة «5» بل هو كالضّروري كما أفاده صاحب الجواهر.

(3) و هو المحكي عن جماعة، بل عن كنز العرفان: نسبته الي أكثر الأصحاب بل في محكيّ التّبيان: انّه ظاهر مذهب الأصحاب، و الجمع: انّه الظّاهر في روايتنا.

(4) و القائل ابنا الجنيد و إدريس و الشّيخ في المبسوط و الخلاف و السّيد و الحلبي في ظاهرهما علي ما حكي عنهم.

(5) من حيث الفتوي و الرّواية، بل عن الخلاف نسبته الي كثير من الأخبار، و استدلّ لذلك بوجوه:

الأوّل- الأصل.

الثّاني- ظاهر قوله تعالي (وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ) «6» لظهوره في انّ

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 96.

(2) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفّارات الصّيد.

(3) الوسائل ج 9 الباب 47 و 48 من أبواب كفّارات الصّيد.

(4) سورة المائدة، الآية: 96.

(5) الوسائل ج 9 الباب 1 من أبواب كفّارات الصّيد.

(6) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 177

______________________________

الجزاء مع العود انتقام اللّه تعالي في مقابل جزاء الابتداء من الفدية.

الثّالث- الأخبار- منها:

1- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: المحرم إذا قتل الصّيد فعليه جزاؤه و يتصدّق بالصّيد علي مسكين فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه

و ينتقم اللّه منه و النّقمة في الآخرة «1».

2- ما رواه حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في محرم أصاب صيدا؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: فإن أصاب آخر؟ قال: إذا أصاب آخر فليس عليه كفّارة و هو ممّن قال اللّه عز و جلّ وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ «2».

3- مرسل ابن أبي عمير: إذا أصاب المحرم الصّيد خطأ فعليه أبدا في كلّ ما أصاب الكفّارة، و إذا أصاب متعمّدا فانّ عليه الكفّارة، فإن عاد فأصاب ثانيا متعمّدا فليس عليه شي ء «الكفّارة» و هو ممّن قال اللّه عزّ و جل (وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ) «3».

4- مرسله الآخر.. فان أصابه متعمّدا كان عليه الكفّارة فإن أصابه ثانية متعمّدا فهو ممّن ينتقم اللّه منه و النّقمة في الآخرة و لم يكن عليه الكفّارة «4».

5- خبر حفص الأعور عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا أصاب المحرم الصّيد فقولوا له: هل أصبت صيدا قبل هذا و أنت محرم؟ فان قال: نعم، فقولوا له: انّ اللّه منتقم منك، فاحذر النّقمة فإن قال: لا فاحكموا عليه جزاء ذلك الصّيد «5».

6- ما في دعائم الإسلام عن أبي جعفر (عليه السّلام) انّه قال في قول اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 48 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 48 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

(3) الوسائل ج 9 الباب 48 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(4) الوسائل ج 9 الباب 48 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(5) الوسائل ج 9 الباب 48 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 178

______________________________

عزّ و جل «وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ» قال: من قتل صيدا

و هو محرم حكم عليه أن يجزي بمثله فان عاد فقتل آخر لم يحكم عليه و ينتقم اللّه منه «1».

7- ما في حديث الامام الجواد (عليه السّلام) كلّما أتي به المحرم بجهالة فلا شي ء عليه الّا الصّيد، فان عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم أو بخطإ..

الي أن قال: و ان كان ممّن عاد فهو ممّن ينتقم اللّه منه و ليس عليه كفّارة و النّقمة في الآخرة «2» و أنت تري دلالة هذه الأخبار علي نفي تكرّر الكفّارة علي المحرم العامد، فيخصّص بها عموم صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم يصيب الصّيد؟ قال: عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب «3» و عموم صحيحة الآخر قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): محرم أصاب صيدا؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: فان هو عاد؟ قال: عليه كلّما عاد كفّارة «4».

هذا بناء علي تماميّة عموم صحيح الأوّل لكلّ اصابة، و ذلك لاحتمال ارادة العموم في أنواع الصّيد و افراده لا القتل الأوّل و الثّاني.

و أمّا صحيح البزنطي قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن المحرم يصيب الصّيد بجهالة أو خطأ أو عمد أهم فيه سواء؟ قال: لا، قال: جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب الصّيد بجهالة و هو محرم؟ قال: عليه الكفّارة، قال: فإن أصاب خطأ قال: عليه الكفّارة، قال: فإن أخذ ظبيا متعمّدا فذبحه؟ قال: عليه الكفّارة، قال: جعلت فداك أ لست قلت: انّ الخطأ و الجهالة و العمد ليس سواء فبأيّ شي ء يفضل المتعمّد الجاهل الخاطي؟ قال: بأنّه اثم و لعب

______________________________

(1) المستدرك الباب 32 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

2- الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3)

الوسائل ج 9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 179

______________________________

بدينه «1» الدالّ علي التّساوي في الكفّارة بين العامد و غيره في وجوب الجزاء المميّز للعامد بمجرّد انّه أثم و لعب بدينه، فيحمل عليه، لكون الأخبار المتقدّمة فصّا في نفي تكرّر الكفّارة علي المحرم العامد و هذا بخلافه لكونه ظاهرا في تكرّرها علي المحرم فترفع اليد عنه به، و لكن فيه تأمّل، و كذا حكم صحيح معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): محرم أصاب صيدا؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: فان هو عاد؟ قال: عليه كلّما عاد كفّارة «2» و حسنته عنه (عليه السّلام) في المحرم يصيب الصّيد؟ قال: عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب «3» و كذا حكم غيرهما من الأخبار الدالّة علي التّساوي بين العامد و غيره.

و أمّا القول بانصرافها الي القتل الأوّل فغير مسموع، لعدم الانصراف و علي فرض ثبوته بدويّ فلا عبرة به.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ محلّ النّزاع في تكرّر الكفّارة بتكرّر قتل الصّيد و عدم تكرّرها بتكرّره هو مباشرة القتل المتكرّر دون التّسبيب له و وضع اليد عليه، و قد صرّح بذلك في صحيحي الحلبي المذكورين الّذين هما العمدة.

مضافا الي أنّه المستفاد من خبري حفص و ابن أبي عمير و ان عبّرا بالإصابة، و ذلك لاشارتهما الي الانتقام المذكور في الآية الكريمة (وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ) «4» المختص بالقاتل فعليه لا تتكرّر الكفّارة في مباشرة القتل عمدا دون

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2، و التّهذيب ج 5 ص 360 الرّقم 1253.

(2) الوسائل ج

9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 47 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(4) سورة المائدة، الآية: 96.

كفارات الإحرام، ص: 180

و يضمن الصّيد بقتله عمدا (1)

______________________________

التّسبيب اليه و مجرّد وضع اليد فتكرّر فيهما الّا أن يعدّ المسبّب قاتلا عرفا، كغلق الباب علي الحمام حتّي مات.

اللّهم الّا أن يقال عدم شمول الأخبار لذلك، لانصرافها إلي المباشرة خاصّة فلاحظ و تأمّل، و اللّه الهادي إلي الصّواب.

الثّاني- ظاهر الأخبار ككلمات الأصحاب (قدّس سرّهم) اختصاص الحكم بالمحرم و عدم شموله للمحلّ في الحرم فعليه يختصّ الحكم بالمحرم.

الثّالث- انّه يمكن أن يقال بانصراف أخبار الباب الي التكرار في إحرام واحد و ان تباعد الزّمان، دون ما لو تعدّد الإحرام و ان ارتبط أحد الإحرامين بالآخر و تقارب الزّمان، كما لو قتل صيدا في آخر عمرة تمتّعه و قتل صيدا في أوّل حجّته، فعليه لو قتل صيدين في إحرامين لا يشمله الأخبار، فيختصّ الحكم بإحرام واحد دون المتعدّد، فتأمّل.

الرّابع- انّ مقتضي إطلاق أخبار المقام عدم الفرق في سقوط الكفّارة في المتكرّر عمدا بين تخلّل التّكفير و عدمه.

الخامس- انّه هل يلحق بالعمد الجهل بالحكم أي حرمة قتل الصّيد علي المحرم أم لا؟ قد يقال بإلحاقه به إذا كان عن تقصير، بل ذهب بعض إلي انّه من العمد، و لكن لو كان عن قصور لم يلحقه حكم العمد، لعدم كونه موردا للانتقام، فلا تشمله الأخبار، فتتكرّر فيه الكفّارة و كذا تتكرّر بالجهل بالموضوع.

السّادس- انّه قد يستثني من العمد ما كان قتله الصّيد عن اضطرار أو قهر، لاختصاص الأخبار المتقدّمة الدالّة علي عدم تكرار الكفّارة بالعمد المقتضي للانتقام.

(1) بأن يعلم انّه صيد فيقتله ذاكرا لإحرامه عالما بالحكم سوي

ما صال عليه

كفارات الإحرام، ص: 181

و سهوا (1) فلو رمي صيدا فمرق السّهم فقتل آخر كان عليه فداء ان، و كذا لو رمي غرضا فأصاب صيدا ضمنه

______________________________

من السّباع ليقتله أو يجرحه أو يؤلمه فدفعه و أدّي دفعه الي القتل أو الجرح، للأصل و انصراف أدلّة الضّمان عنه، و سوي ما تقدّم من الجراد الّذي يشقّ التحرّز عنه لقوله (عليه السّلام) في صحيح زرارة عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: إذا كان علي الطّريق فان لم يجد بدّا فقتله فلا شي ء عليه «1».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه لو تجاوز في رفع السّباع إلي الأثقل مع الاندفاع بالأخفّ يحكم بضمانه، للعمومات و كذا لو وسعه الهرب فدفعه بالقتل أو الجرح.

الثّاني- انّه لو صال الصّيد عليه ليأكل طعامه فله دفعه بلا ضمان إذا أضرّ بحاله.

الثّالث- انّه لو صال علي نفس محترمة فله دفعه عنها بلا ضمان، لانصراف الأدلّة عنه.

(1) بأن يكون غافلا عن الإحرام أو الحرمة أو عن كونه صيدا أو خطأ بأن يقصد غير الصّيد فيصيبه، لشمولها مطلقات ضمان الصّيد و فدائه، مضافا الي الأخبار الخاصّة- منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تأكل من الصّيد و أنت حرام و ان كان أصابه محلّ و ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلّا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 38 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 182

و لو اشتري محلّ بيض نعام لمحرم فأكله كان علي المحرم عن كلّ بيضة شاة و علي المحلّ عن كلّ بيضة درهم (1)

______________________________

الصّيد، فانّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد «1».

2- صحيح مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا رمي

المحرم صيدا فأصاب اثنين فانّ عليه كفّارتين جزاؤهما «2».

3- صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام) قال: سألته عن المحرم يصيد الصّيد بجهالة؟ قال: عليه كفّارة، قلت: فإن أصابه خطأ، قال:

و أيّ شي ء الخطأ عندك، قلت: ترمي هذه النّخلة فتصيب نخلة أخري فقال: نعم هذا الخطأ و عليه الكفّارة «3» و نحوها غيرها من الأخبار.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّ ظاهر الأخبار عدم الفرق بين العمد و غيره في مقدار الكفّارة إلّا في الإثم، لثبوته في العامد دون غيره فما حكي عن بعض بأنّ عليه مع النّسيان جزاء و في العمد أغلط فيجب له المضاعفة ممّا لا يمكن المساعدة عليه:

امّا أوّلا- فلوهنه بعدم موافق له عليه، كما اعترف به في الرّياض.

و أمّا ثانيا- فلعدم دليل شرعيّ عليه.

و أمّا ثالثا- فلأنّه اجتهاد في مقابل النصّ المصرّح بأنّ الفارق بين العمد و غيره ليس إلّا الإثم الموجب للعقاب فلا يجب تعدّد الكفّارة فيه، فتدبّر.

(1) كما هو المعروف، بل في المسالك: الاتّفاق عليه، و استدلّ له بصحيح

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 6.

(3) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 183

______________________________

أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل محلّ اشتري لرجل محرم بيض نعامة فأكله المحرم؟ قال: علي الّذي اشتراه للمحرم فداء و علي المحرم فداء؟ قلت: و ما عليهما؟ قال: علي المحلّ جزاء قيمة البيض لكلّ بيضة درهم و علي المحرم لكلّ بيضة شاة «1».

ينبغي هنا بيان أمور:

الأوّل- انّه لا فرق بمقتضي إطلاق صحيح المتقدّم بين أن يكون ذلك في

الحلّ أو الحرم، لكن حكي عن المسالك احتمال المضاعفة علي المحرم في الحرم، لإطلاق القاعدة الدالّة علي الاجتماع، و فيه ما لا يخفي، لعدم الدّليل عليها في البيض.

و أمّا خبر ابن المغيرة الدّال علي التّضاعف علي المحرم في أكله و هو ما عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سئل عن رجل أكل من بيض حمام الحرم و هو محرم؟ قال: عليه لكلّ بيضة دم و عليه ثمنها سدس أو ربع درهم الوهم من صالح ثمّ قال: انّ الدّماء لزمته لأكله و هو محرم و انّ الجزاء لزمه لأخذه بيض حمام الحرم «2» ففيه أوّلا: انّه ضعيف سندا فلا يصلح للاستدلال به و ثانيا: انّه مختصّ ببيض حمام الحرم و أكله فعليه لا يعارض صحيح أبي عبيدة في عدم الاجتماع في بيض النّعام، لدلالته علي كفاية الشّاة في أكل المحرم لبيض النّعام مطلقا حتّي في الحرم.

الثّاني- انّه لا فرق بمقتضي عموم الصّحيح بين أن يشتري المحلّ البيض مطبوخا أو يطبخه هو أو المحرم أو يشتريه مكسورا كسره محلّ أو محرم.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 24 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 184

______________________________

الثّالث- انّه يمكن أن يقال بانصراف الدّرهم فيه الي إرادة القيمة من حيث هي، و لذا عبّر بجزاء قيمة البيض، فعليه إعطاء الأزيد منه لو كانت القيمة أزيد، و أنقص منه لو كانت القيمة أنقص، نعم الاحتياط بعدم الأنقص من الدّرهم لو كانت أنقص منه و إعطاء الأزيد منه لو كانت أزيد فهو مطلب آخر.

الرّابع- انّه قد ذكر غير واحد من الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) انّ في كسر بيض

النّعام قبل تحرّك الفرخ فيه موجب للإرسال. فعليه لا يتمّ إطلاق وجوب الشّاة هنا، بل ان كسره ثمّ أكله وجب الجمع بين الإرسال بسبب الكسر و الشّاة بسبب الأكل بدعوي انّه مقتضي العمل بالنّصين، و انّما يتمّ وجوب الشّاة خاصّة إذا اشتراه المحلّ مكسورا أو كسره هو.

و لكن يمكن أن يقال: انّ المنصرف من صحيح أبي عبيدة أكل المحرم للبيض بعد كسره له، لأنّه المعتاد و لا أقلّ من كونه أظهر الأفراد، فعليه لا يتّجه إيجاب الشّاة للأكل و إيجاب الإرسال للكسر تقريرا للنصّين، بل تكفي الشّاة فقط، بل يمكن أن يقال: انّ المنصرف من دليل الكسر أيضا غير محلّ الفرض.

اللّهمّ الّا أن يناقش فيه بعدم الانصراف أوّلا، و علي فرض ثبوته فبدويّ ثانيا فلا يصلح لتقييد الإطلاق، لعدم كونه من الانصراف الصّالح للتّقييد.

الخامس- انّه بناء علي وجوب الشّاة خاصّة في أكل المحرم للبيض بعد كسره له يكون أولي منه ما لو اشتراه مطبوخا ثمّ كسره المحرم، و ذلك لزوال منفعة البيض بالنّسبة إلي الفرخ الّذي هو حكمة الإرسال، و مثله ما لو ظهر البيض بعد الكسر فاسدا، و في المسالك و يمكن الجمع لصدق الكسر و ضعفه ظاهر.

السّادس- انّه لو طبخه المحرم ثمّ كسره و أكله فهل تكفي الشّاة خاصّة أم لا؟ قد يقال بكفايتها، و ان قلنا بوجوب الإرسال بالكسر، لعدم شموله ما دلّ علي وجوب الإرسال بالكسر، و ان شاركه في منع الاستعداد لكن في المسالك:

كفارات الإحرام، ص: 185

______________________________

(الأقوي وجوب الإرسال مع الشّاة لمساواة الطّبخ للكسر في منع الاستعداد للفرخ، و لصدق الكسر بعد ذلك و لا يقصر الأمران عن الكسر ابتداء) و فيه ما لا يخفي.

السّابع- انّه لو انتقل الي المحلّ

بغير الشّراء و بذله للمحرم فهل يجب عليه الدّرهم أم لا؟ ففي المدارك في وجوب الدّرهم علي المحلّ وجهان أظهرهما العدم، و قوّي ابن فهد في المهذّب للوجوب لأنّ السّبب اعانة المحرم و لا أثر لخصوصيّة سبب تملّك العين، ما أفاده ابن فهد انّما يتمّ إذا قلنا بأنّ المنصرف من خبر أبي عبيدة هو وجوب الدّرهم علي المحلّ لأنّه سبب عرفا لأكل المحرم، فعليه لو باع محلّ بيضة لمحرم أو وهبه إيّاها أو استوهبها له أو حملها اليه كان عليه الدّرهم و الّا فلا.

الثّامن- انّه هل يلحق المحرم بالمحلّ في وجوب الدّرهم عليه لو كان هو المشتري لمحرم آخر؟ ففي المسالك: احتمل قويّا وجوب الدّرهم خاصّة، لأولويّته من المحلّ بذلك مع أصالة البراءة من الزّيادة و وجوب الشّاة لمشاركته للمحرم، كما لو باشر أحدهما للقتل و دلّ الآخر، و استجوده في المدارك، و في المسالك أيضا: (و يقوي الاشكال لو اشتراه صحيحا فكسره الآخر و أكله حيث يجب الإرسال، إذ ليس المشتري بكاسر و لا آكل و لكنّه سبّب فيهما).

و كيف كان فقد يقال بعدم الحاقه به، فلا يحكم بوجوب الدّرهم عليه، و ذلك لاختصاص الحكم المذكور في صحيح أبي عبيدة- و هو وجوب الدّرهم- بما إذا كان المشتري محلّا، فلا يترتّب علي المحرم شي ء غير الإثم، مضافا الي الأصل.

و أمّا القول بإمكان التعدّي عن مورده الي غيره بتنقيح المناط فيمكن المناقشة فيه بأنّه غير قطعيّ فلا عبرة به، و حينئذ فلا يبقي مجال للاستدلال بفحوي

كفارات الإحرام، ص: 186

و لا يدخل الصّيد في ملك المحرم باصطياد و لا ابتياع و لا هبة و لا ميراث (1)

______________________________

التّسبيب الّذي هو نحو الدّلالة علي الصّيد.

التّاسع- انّه لو اشتري

المحرم لنفسه من محلّ لم يجب عليه الدّرهم و لكن يجب عليه ما يقتضيه الأكل و هو الشّاة و الكسر و هو الإرسال، و في المسالك: (في وجوب الدرهم و الشّاة و الإرسال معهما نظر، من وجوب الأخيرين عليه بدون الشّراء، و وجوب الدّرهم علي المحلّ فعلي المحرم أولي، و من خروجه عن صورة النّص، و الأوّل أقوي، لأنّ حكم الأخيرين منصوص، و الأوّل يدخل في مفهوم الموافقة) و ناقش فيه صاحب الجواهر (قدس سرّه) بقوله: و فيه منع الدّخول بالمفهوم المزبور كما جزم به في المدارك نعم يتّجه عليه ما يقتضيه الكسر و الأكل).

العاشر- انّه لو اشتري المحلّ للمحرم غير البيض و ان كان أعظم- كالنّعامة و الظّبي- فهل يجب عليه شي ء أم لا؟ و الظّاهر انّه لا يترتّب عليه شي ء، للأصل بعد خروج مفروض المسألة عن مورد النّص الدالّ علي وجوب الدرهم عليه. و أمّا الفحوي و تنقيح المناط ففيه ما ذكرناه مرارا و كرارا من انّ المعتبر منه هو القطعيّ و هو غير حاصل في الشّرعيّات، و أمّا الظنّي منه و ان كان يحصل الّا انّه لا يغني من الحقّ شيئا، فلا يخرج هذا الوجه عن كونه قياسا المسدود بابه عند مذهب أهل الحقّ.

(1) كما هو المعروف بل في المدارك نسبته الي القطع به في كلام الأصحاب بل عن المنتهي: الإجماع عليه في الاصطياد و استدلّ لذلك بما يلي:

1- قوله تعالي (وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً) «1».

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 97.

كفارات الإحرام، ص: 187

هذا إذا كان عنده (1)

______________________________

2- خبر أبي سعيد المكاري المتقدّم «1» الدّال علي وجوب إرساله إذا أدخله في الحرم و ضمانه المقتضي لخروجه عن ملكه و

الّا فلا يعقل ضمانه مال نفسه فيه.

3- الإجماع المحكي عن الخلاف و الجواهر و ظاهر المنتهي علي زوال ملكه عنه بالإحرام فيه أيضا و ليس ذلك الّا لمنافات الإحرام تملك الصّيد الّذي هو أثر سبب من أسبابه الاختياريّة من الاصطياد و الابتياع و الاتهاب و نحوها أو القهريّة كالإرث و شبهه كوصيّة و وقف و غيرهما، فإذا أبطل الإحرام، أثر السّبب علم منه عدم تأثيره معه أثره، هذا علي ما أفاده صاحب الجواهر، و لكن نوقش في جميعها عند البحث عن الموجب الثّاني من موجبات الضّمان، و عند ذيل البحث عن صيد الحرم، المذكور في آخر الفصل الرّابع، و قد اخترنا هناك ملكيّة المحرم للصّيد ابتداء كما لم يزل ملكه عنه بلا فرق بين أنواع الملك الاختياريّة و غيرها و ان وجب عليه إرساله لو كان معه بمقتضي خبر أبي سعيد المكاري «2» و من أراد الاطّلاع بصورة مفصّلة فليراجعه.

(1) أي ما تقدّم من أن الصّيد لا يدخل في ملك المحرم حال إحرامه بسبب من أسبابه انّما يكون فيما إذا كان الصّيد عنده و أمّا لو كان نائيا عنه كما إذا كان في بلده أو غيرها ممّا لا يصدق عليه كونه عنده أو معه فيأتي حكمه في الصّورة

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل في الباب 34 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3، و تمامه في التّهذيب ج 5 ص 362 الرّقم 1257.

(2) تقدّم ذكر مصدره في أوّل هذا البحث.

كفارات الإحرام، ص: 188

و لو كان في بلده ففيه تردّد (1) و الأشبه (2) انّه يملكه (3) و لو اضطرّ المحرم إلي أكل الصّيد أكله (4) و فدّاه (5) و لو كان عنده ميتة أكل الصّيد ان أمكنه

الفداء و الّا أكل الميتة (6)

______________________________

التّالية.

(1) من وجود الإحرام المانع عن الملك بدليل الآية الكريمة المتقدمة «1» و غيرها بناء علي تماميّة دلالتها علي ذلك و من البعد الموجب لعدم خروج الصّيد فيه عن الملك فيقبل دخوله فيه.

(2) وفاقا لجمع من الأصحاب كالفاضل و ثاني الشّهيدين و غيرهما.

(3) للمقتضي و عدم المانع، قال في الجواهر: بل لا أجد فيه خلافا صريحا نعم ربّما كان ذلك مقتضي إطلاق بعض الفتاوي، و التّحقيق: خلافه، لما عرفته..

إلخ).

(4) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من جواز أكل المحرم الصّيد لمخمصة ممّا لا ينبغي الإشكال فيه، للإجماع و الأخبار الآتية.

(5) لما عرفت.

(6) و استدلّ لذلك بالأخبار- منها:

1- صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن المحرم يضطرّ فيجد الميتة و الصّيد أيّهما يأكل؟ قال: يأكل من الصّيد أ ليس هو بالخيار «أما يحبّ أن» أن يأكل؟ قلت: بلي، قال: انّما عليه الفداء فليأكل و ليفده «2».

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية: 97.

(2) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 189

______________________________

2- خبر يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن المضطرّ إلي الميتة و هو يجد الصّيد قال: يأكل الصّيد، قلت: انّ اللّه عز و جلّ قد أحلّ له الميتة إذا اضطرّ إليها و لم يحلّ له الصّيد، قال: تأكل من مالك أحبّ إليك أو ميتة؟ قلت: من مالي، قال: هو مالك، لأنّ عليك فداؤه، قلت:

فان لم يكن عندي مال؟ قال: تقضيه إذا رجعت الي مالك «1».

3- صحيح ابن بكير و زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل اضطرّ إلي ميتة و صيد و هو محرم؟ قال: يأكل الصّيد

و يفدي «2».

4- خبر منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن محرم اضطرّ إلي أكل الصّيد و الميتة، قال: أيّهما أحبّ إليك أن تأكل؟ قلت: الميتة، لأنّ الصّيد محرم علي المحرم، فقال: أيّهما أحبّ إليك أن تأكل من مالك أو الميتة؟ قلت: آكل من مالي، قال: فكلّ الصّيد و أفده «3»، و هذه الأخبار- كما تري- تدلّ علي انّ المحرم إذا اضطرّ إلي أكل الصّيد أو الميتة فليأكل من الصّيد.

يمكن أن يقال بمعارضتها خبر عبد الغفّار الجازي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن المحرم إذا اضطرّ إلي ميتة فوجدها و وجد صيدا؟ فقال: يأكل الميتة و يترك الصّيد «4» و خبر إسحاق عن جعفر عن أبيه انّ عليّا (عليه السّلام) كان يقول: إذا اضطرّ المحرم الي الصّيد و إلي الميتة فليأكل الميتة الّتي أحلّ اللّه له «5» لدلالتهما علي الأكل من الميتة في مفروض المسألة فيقع بينهما و بين الأخبار المتقدّمة التّعارض و لكنّهما قاصران عن معارضتها لإعراض الأصحاب

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 9.

(4) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 12.

(5) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 11.

كفارات الإحرام، ص: 190

______________________________

(رضوان اللّه تعالي عليهم) عن العمل بإطلاقهما الموجب لخروجهما عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار و حملهما الشّيخ (قدّس سرّه) علي من لم يجد فداء الصّيد و لم يتمكّن من الوصول اليه، و جوّز حملهما علي التقيّة، لأنّ ذلك مذهب بعض العامّة، و

علي من وجد الصّيد غير مذبوح.

بيان الأقوال في المسألة:

لا بأس هنا بذكر الأقوال في المسألة و هي:

1- الأكل من الصّيد و الفداء و هو خيرة صاحب الجواهر (قدّس سرّه)، لما عرفته من الأخبار و هو الأصحّ.

2- الأكل من الميتة مطلقا، للرّواية «1»، و قد حكاه ابن إدريس و لكن لم يثبت عندنا قائله.

3- التّخيير بين أكل الصّيد و الفداء و بين أكل الميتة و هو المحكي عن الصّدوق في الفقيه للرّواية «2».

4- التّفصيل بين ما إذا وجد صيدا مذبوحا ذبحه محلّ في حلّ فيأكله و يفديه و بين أن يفتقر الي ذبحه و هو محرم أو يجده مذبوحا ذبحه محرم أو ذبح في الحرم فيأكل الميتة و هذا هو المحكي عن أطعمة الخلاف و المبسوط و السّرائر و قواه ابن إدريس.

5- الأكل من الصّيد، ان تمكّن من الفداء حال الأكل، و الّا فمن الميتة و هو المحكي في الجواهر عن بعض.

(إيقاظ) و هو انّ مقتضي إطلاق أخبار الباب عدم الفرق بين الصّيد

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 8.

(2) الوسائل ج 9 الباب 43 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 191

و إذا كان الصّيد مملوكا ففداؤه لصاحبه (1) و ان لم يكن مملوكا تصدّق به (2)

______________________________

المذبوح في الحلّ و غيره.

(1) لأنّه بدل ملكه، و ذهب اليه القواعد و النّافع و غيرهما بل في المسالك هكذا أطلق الأكثر هذا هو القول الأوّل، و أمّا القول الثّاني فيه فهو ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب (قدّس سرّهم) منهم العلّامة في التّذكرة و التّحرير و الشّهيد في الدّروس و المحقّق الشّيخ علي من وجوب الفداء للّه تعالي، لأنّه من الصّدقة كما يظهر

ممن النّصوص و من القيمة التامّة للمالك، لاستحقاقه لها بالإتلاف، مع انّ الفداء قد يكون من الصّوم أو إطعام المساكين و لا دخل لها بالمالك، و قد يقال بإرسال الذّكور علي الإناث و هو قد يوجب حرمان المالك، و قد يوجب زيادته أو نقصه الي غير ذلك من لوازم القول الأوّل، و القول الثّاني هو الأقوي في النّظر لأنّه- كما أفاده صاحب الجواهر قدّس سرّه- اجتمع في الصّيد المملوك حقّان، أحدهما: للّه تعالي باعتبار الإحرام و الحرم و ثانيهما للآدمي باعتبار الملك، نعم إذا قام دليل علي التّداخل و كفاية الفداء فهو و الّا فلا يمكن القول به، و مقتضي الأصل عدم التّداخل فينزّل الجاني كما في الجواهر منزلة الغاصب و القابض بالسّوم ففي كلّ موضع يلزمه الضّمان يلزمه هنا كيفيّة و كميّة فيضمن القيمي بقيمته و المثلي بمثله و مثله الأرش في موضع نوجبه للمالك و يجب عليه أيضا ما نصّ الشّارع عليه هنا للّه تعالي.

(2) علي الفقراء بل و لو علي حمام الحرم بالعلف لها، كما في بعض الجنايات، و قد تقدّم عن ذلك في التصدّق.

ثمّ انّه هل يعتبر الايمان في الفقراء أم لا؟ قال في المدارك: لم أقف علي تصريح للأصحاب باعتبار الايمان و لا بعدمه، و إطلاق النّصوص يقتضي العدم.

كفارات الإحرام، ص: 192

و كلّ ما يلزم المحرم من فداء يذبحه أو ينحره بمكّة ان كان معتمرا و بمني ان كان حاجّا (1)

______________________________

(1) كما هو المحكي عن جماعة، بل في المدارك هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا، و استدلّ لذلك بما رواه الريّان بن شبيب لقول الامام الجواد (عليه السّلام) فيه: و إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و

كان إحرامه بالحجّ نحره بمني و ان كان إحرامه بالعمرة نحره بمكّة.. إلخ «1» و ما رواه الحسن ابن عليّ بن شعبة في تحف العقول مرسلا عن أبي جعفر الجواد (عليه السّلام)..

قال: و المحرم بالحجّ ينحر الفداء بمني حيث ينحر النّاس، و المحرم بالعمرة ينحر الفداء بمكّة.. «2». و في خصوص جزاء الصّيد مضافا الي الآية «3» و الإطلاق المذكور استدلّ له بصحيح عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): من وجب عليه فداء صيد أصابه و هو محرم فان كان حاجّا نحر هديه الّذي يجب عليه بمني، و ان كان معتمرا نحره بمكّة قبالة الكعبة «4» و خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره، ان كان في الحجّ بمني حيث ينحر النّاس، فان كان في عمرة نحره بمكّة «5».

الي غير ذلك من الأخبار المرويّة عنهم (عليهم السّلام).

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(3) سورة المائدة، الآية: 96.

(4) الوسائل ج 9 الباب 49 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(5) الوسائل ج 9 الباب 51 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 193

و روي (1) انّ كلّ من وجب عليه شاة في كفّارة الصّيد و عجز عنها كان عليه إطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة أيّام في الحجّ.

______________________________

(1) أراد الماتن (قدّس سرّه) منه صحيح معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فان لم يجد ما يشتري (به خ ل) بدنة فأراد أن

يتصدّق فعليه أن يطعم ستّين مسكينا كلّ مسكين مدّا، فان لم يقدر علي ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام و من كان عليه شي ء من الصّيد فداؤه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا فان لم يجد فليصم تسعة أيّام و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام «1».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ جماعة من الفقهاء (قدّس سرّهم) أفتوا به، و لا بأس به بعد شموله دليل الحجيّة و الاعتبار.

الثّاني- انّ ما أفاده الماتن (قدّس سرّه) من تقييد وجوب كون ثلاثة أيّام في الحجّ ممّا لم نجد له دليلا، و أمّا الصّحيح المذكور فلا دلالة فيه علي ذلك.

الثّالث- انّ الطّعام المخرج عوضا عن المذبوح تابع له في محلّ الإخراج لأنّه عوض عمّا لمساكين ذلك لمكان فيدفع إليهم.

و يمكن الاستدلال لذلك بمضمر معاوية بن عمّار قال: يفدي المحرم فداء الصّيد من حيث أصابه «2» و مرسلة المفيد قال: قال عليه السّلام: من أصاب صيدا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 13.

(2) الوسائل ج 9 الباب 51 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 194

______________________________

فعليه فداؤه من حيث أصابه «1».

الرّابع- انّه لا يتعيّن الصّوم بمكان للأصل.

و أمّا الصحيح المذكور علي تقدير زيادة (في الحج) فيه فلا ينافيه، لعدم تعيينه المكّة و لا مني، فتدبّر.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 51 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 195

[المقصد الثّالث في باقي المحظورات و هي سبعة]

اشارة

المقصد الثّالث في باقي المحظورات و هي سبعة:

[الأوّل الاستمتاع بالنّساء]
اشارة

الأوّل الاستمتاع بالنّساء فمن جامع زوجته في الفرج قبلا أو دبرا عامدا عالما بالتّحريم فسد حجّه، و عليه إتمامه و بدنة و الحجّ من قابل، سواء كان حجّته الّتي أفسدها فرضا أو نفلا (1)

______________________________

(1) كما هو المعروف، بل في الجواهر: الإجماع بقسميه عليه، و استدلّ لذلك- مضافا الي ما ذكر- بالنّصوص- منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل محرم وقع علي أهله؟ فقال: ان كان جاهلا فلا شي ء عليه، و ان لم يكن جاهلا فانّ عليه أن يسوق بدنة و يفرّق بينهما حتّي يقضيا المناسك و يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحجّ من قابل «1».

2- صحيح زرارة قال: سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة؟ قال:

جاهلين أو عالمين؟ قلت: أجبني في (عن خ ل) الوجهين جميعا، قال: ان كانا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 196

______________________________

جاهلين استغفرا ربّهما و مضيا علي حجّهما و ليس عليهما شي ء، و ان كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحجّ من قابل، فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّي يقضيا نسكهما و يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأيّ الحجّتين لهما؟ قال: الأولي الّتي أحدثا فيها ما أحدثا و الأخري عليهما عقوبة «1».

3- صحيحة الآخر قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): رجل وقع علي أهله و هو محرم؟ قال: جاهل أو عالم؟ قال: قلت: جاهل، قال: يستغفر اللّه و لا يعود و لا شي ء عليه «2».

4- صحيح معاوية بن

عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم يقع علي أهله؟ قال: ان كان أفضي إليها فعليه بدنة و الحجّ من قابل، و ان لم يكن أفضي إليها فعليه بدنة، و ليس عليه الحجّ من قابل «3».

5- خبر عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن محرم واقع أهله؟ قال: قد أتي عظيما قلت: أفتني (قد ابتلي) فقال: استكرهها أو لم يستكرهها، قلت: أفتني فيهما جميعا، قال: ان كان استكرهها فعليه بدنتان، و ان لم يكن استكرهها فعليه بدنة و عليها بدنة و يفترقان من المكان الّذي كانا فيه ما كان حتّي ينتهيا إلي مكّة و عليهما الحجّ من قابل لا بدّ منه، قال: قلت:

فإذا انتهيا إلي مكّة فهي امرأته كما كانت؟ فقال: نعم هي امرأته كما هي، فإذا انتهيا الي المكان الّذي كان منهما ما كان افترقا حتّي يحلّا، فإذا أحلّا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 9.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 197

______________________________

فقد انقضي عنهما، فانّ أبي كان يقول ذلك «1».

6- قال الكليني و في رواية أخري: فان لم يقدر علي بدنة فإطعام ستّين مسكينا لكلّ مسكين مدّ، فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما و عليها أيضا كمثله ان لم يكن استكرهها «2».

7- صحيح جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن محرم وقع علي أهله؟ قال: عليه بدنة، قال: فقال له زرارة: قد سألته عن الّذي سألته عنه، فقال لي: عليه بدنة، قلت: عليه شي ء غير هذا؟ قال: عليه الحجّ من

قابل «3».

8- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا وقع الرّجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل «4».

9- نحوه حسنته أيضا «5».

10- مرسل الصّدوق عن الصّادق (عليه السّلام) ان وقعت علي أهلك بعد ما تعقد للإحرام و قبل أن تلبّي فلا شي ء عليك و ان جامعت و أنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة و الحجّ من قابل و ان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة و ليس عليك الحجّ من قابل، و ان كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شي ء عليك «6».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(5) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 10.

(6) ذكر صدره في الوسائل في الباب 1 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2 و وسطه في الباب 6 منها الحديث 2 و ذيله في الباب 2 منها الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 198

______________________________

الي غير ذلك من الأخبار المرويّة عنهم (عليهم السّلام).

تحقيق الكلام في هذه المسألة يتوقّف علي ذكر جهات:

الأولي- انّه هل تختصّ الأحكام المذكورة بالزّوجة الدّائمة أو يعمّ غيرها من المنقطعة؟ فنقول: انّ مقتضي إطلاق النّصوص المتقدّمة هو عدم الفرق بين الدّائم و غيره لشمول الزّوجة و الأهل و الامرأة للمتمتّع بها، لأنّها من مصاديقها و زوجة حقيقة و هي امرأته فتلحقها حكمها فتدخل في الأدلّة.

و أمّا دعوي أنصرافها عنها، ففيها: أما أوّلا فلعدم الانصراف

في البين، و أمّا ثانيا: فعلي فرض ثبوته فبدويّ فلا يكون من الانصراف الصّالح لتقييد الإطلاق فيعمّ الحكم الدّائم و غيره.

الثّانية- انّه هل تختصّ الأحكام بما إذا وقع زوجته من القبل أو يعمّ ما إذا وقعها من الدّبر أيضا قد صرّح غير واحد من شموله له لإطلاق الغشيان و الوقوع علي الأهل و نحوهما، كما في غير المقام ممّا جعل فيه عنوان الجماع و الإتيان و المواقعة و الوطي و الدّخول و نحوها ممّا لا ينبغي الإشكال في صدقه بكلّ منهما، فانّ الدّبر أحد المأتيين. و أمّا مجرّد غلبة الجماع بالقبل فلا يوجب الانصراف المعتبر الصّالح لتقييد الإطلاق و لا يقيّد المطلقات صحيح معاوية بن عمّار، قال:

سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل محرم وقع علي أهله فيما دون الفرج؟

قال: عليه بدنة و ليس عليه الحجّ من قابل.. «1». لأنّ الدّبر فرج لغة، لأنّه لما بين الرّجلين كما صرّح به في النّهاية و القاموس و المصباح، بل و عرفا فإنّه أحد الفرجين.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 199

______________________________

و لكن حكي عن بعض الأصحاب اختصاص الحكم بالقبل محتجّا بأصل البراءة بالنّسبة إلي الدّبر الّا انّه يظهر ضعفه بما تقدّم من الأخبار الموجب لانقطاعه.

الثّالثة- انّه هل يختصّ الأحكام بما إذا أنزل أو يعمّ ما إذا لم ينزل فنقول: انّ مقتضي إطلاق الأدلّة عدم الفرق بين الانزال و عدمه بعد صدق العنوان المزبور في الأخبار و هو المواقعة، نعم لا بدّ من صدقه بغيبوبة الحشفة و الّا كان من الإتيان دون الفرج الّذي هو كالملاعبة، فما عن المنتهي من التردّد ممّا لا يمكننا المساعدة عليه.

الرّابعة- انّه هل تشمل الأحكام

المذكورة للأجنبيّة بزنا أو شبهه أم لا؟

يمكن أن يقال بشمولها لها وفاقا للفاضل و غيره، لأنّ العمل معها أفحش فيثبت الحكم فيها بالفحوي، و لكن نوقش فيه بأنّ الأفحش ربّما لا يثبت فيه التّكفير لو كان المحكوم به مكفرا و لم يعلم ثبوت الحكم لمجرّد كون الفعل فاحشا حتّي يثبت للأفحش بالفحوي علي انّ وطئ الأجنبيّة بالشّبهة ليس بأفحش من وطئ الزّوجة نعم هو مثله.

و لكن قد يقال- كما أفاده الجواهر- انّ الحكم يترتّب علي الزّنا و شبهه، لا لأنّه أفحش فبالافساد و العقوبة أولي، بل لصدق الجماع و جماع النّساء المفسّر به الرّفث المصرّح بإفساده الحجّ، و أمّا ما في الأخبار من التّعبير بإتيان الأهل مبنيّ علي الغالب أو المتعارف أو الّذي ينبغي وقوعه، لا انّ المراد خصوص وطئ الأهل، مع احتماله، للأصل، و قاعدة الاقتصار علي المتيقّن، و لعلّه لذا لم يوجب الحلبي فيما حكي عنه في اللّواط الّا البدنة و عن الشّيخ و ابن زهرة حكايته أحد القولين، ناقش فيه صاحب الجواهر بقوله: (لكن فيه انّ المتّجه عدم وجوبها أيضا بناء علي عدم تناول هذه النّصوص و الّا وجبت و الإعادة أيضا مع انّه لا خلاف في وجوب البدنة به..) قد يقوي في النّظر عدم شمول الحكم للأجنبيّة لاختصاص

كفارات الإحرام، ص: 200

______________________________

الأخبار بالأهل و التعدّي محتاج الي الدّليل و هو غير ثابت و المسألة بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

الخامسة- انّه هل يترتّب الأحكام المذكورة علي وطي الغلام أم لا؟ يأتي فيه جميع ما تقدّم في الجهة الرّابعة.

السّادسة- انّه لو وطي الخنثي المشكل في الدّبر فهل يترتّب الحكم المذكور عليه أم لا؟

ذهب صاحب الجواهر الي ترتّبه عليه بخلاف ما لو وطأها في

القبل خاصّة فإنّه لا يترتّب عليه، للأصل، و يظهر ما فيه ممّا تقدّم في الجهة الرّابعة.

السّابعة- انّه لو وطئ البهيمة فهل تشمله الأحكام المذكورة أم لا؟ فنقول:

انّ ظاهر بعض انّ حكمه حكم وطئ الدّبر، و ناقش فيه صاحب الجواهر بقوله:

(لكن يمنعه عدم إتيان ما ذكرنا فيه فيبقي الأصل فيه بحاله فلا بدنة و لا اعادة كما هو أشهر القولين علي ما في المسالك) فيكون عليه الإثم الموجب للعقاب.

الثّامنة- انّ مقتضي الأخبار عدم الفرق في ثبوت الحكم المذكور بين الحجّ الواجب و المندوب الّذي يجب إتمامه بالشّروع فيه، و قد صرّح به الشّيخ و الحلّي و غيرهما.

التّاسعة- انّه هل الأحكام المذكورة تختصّ بمن جامع قبل المشعر بعد عرفة أم لا؟ ذهب جماعة من الأصحاب كالشّيخ و الصّدوقين و بني الجنيد و البرّاج و حمزة و إدريس و زهرة و السّيد و المصنّف في النّافع الي اختصاصه بمن جامع قبل المشعر بعد عرفة بل عن الشّيخ و السّيدين و القاضي في شرح الجمل الإجماع عليه.

و يقتضيه صحيح معاوية بن عمّار المتقدّم «1».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 201

______________________________

و ذهب جماعة أخري إلي خلافه كالمفيد و سلّار و الحلبي و السيّد في الجمل، فاعتبروا تقدّمه علي عرفة لما روي (من انّ الحجّ عرفة) «1».

و لكن فيه ما لا يخفي أمّا أوّلا: فلكونه ضعيف سندا، و أمّا ثانيا: فعلي فرض تسليمه يحتمل أن يكون المراد به انّ الوقوف بها أعظم الأركان، كما يحتمل أن يكون المراد من قوله (صلّي اللّه عليه و آله): (من وقف بعرفة فقد تمّ حجّه) ارادة التّمام في الجملة، و الّا لما كان يجب ما بعدها، و

من المعلوم انّه لا يمكن الالتزام به، فيكون من قبيل قوله عليه السّلام: (إذا رفع رأسه من السّجدة الأخيرة فقد تمّت صلاته «2».

و أمّا ثالثا- فبما قيل من موافقتها للعامّة من فوات الحجّ بفوات عرفة مطلقا.

العاشرة- انّ ظاهر المصنّف (قدّس سرّه) الّذي عبّر في المتن بفساد الحجّ في مفروض المسألة، بل في صحيح سليمان بن خالد قوله (عليه السّلام):

(و الرّفث فساد الحجّ) «3». هو كون الأولي فاسدة و الثّانية هي الفرض، و احتمال ارادة عدم الكمال من الفساد علي معني انّه لا يبرأ الذمّة مجرّدا بل المبرئ هو مع القضاء، كما تري، لأنّه بناء علي كون الأولي فريضة، و الثّانية عقوبة تبرئ ذمّته من التّكليف و ان اشتغلت ذمّته بالعقوبة، و تظهر الثّمرة فيما لو حصل له الموت قبل التمكّن من الإتيان بالحجّة الثّانية و هي العقوبة فإنّ المتّجه حينئذ برأيه ذمّته بالحجّة الأولي و سقوط الأمر بالثّانية، و هذا بخلاف ما إذا قلنا بالعكس.

______________________________

(1) المستدرك الباب 18 من أبواب إحرام الحجّ، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 4 الباب 13 من أبواب التشهّد، الحديث 2 عن كتاب الصّلاة، و فيه: الرّجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السّجود الأخير؟ فقال:

تمّت صلاته.. إلخ.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 202

______________________________

و لكن يمكن أن يقال بأنّ المراد بالفساد في الخبر عدم إكمال الحجّ و ضعف ثوابه بقرينة صحيح زرارة المتقدّم في صدر المبحث الحديث الثّاني حيث انّه صريح في انّ الأولي هي الفرض و الثّانية عقوبة.

و ممّا يقرّب إرادته منه انّه أطلق فساد الحجّ فيه و لم يقيّده بما قبل المشعر، و خبر أبي بصير انّه سأل الصّادق عليه السّلام عن

رجل واقع امرأته و هو محرم؟ قال:

عليه جزور كوماء، فقال: لا يقدر، فقال: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لا يفسدوا حجّه «1» فإنّه- كما تري- دالّ علي جبر الفساد بالكفّارة فلا يكون فاسدا فعلا، بل غير كامل، و يكون هو الفرض و الثّاني هو العقوبة فحينئذ يحمل الفساد في صحيح سليمان بن خالد المتقدّم علي عدم الكمال.

و ممّا يقرّب كون الثّاني هو العقوبة أمر الأخبار الكثيرة بالحجّ من قابل مطلقا و الحال انّ الأوّل قد يكون مندوبا فلا يلزم فعله من قابل لو لم يكن عقوبة، و كيف كان فالمسألة بعد تحتاج إلي التأمّل.

الحادية عشرة- يدلّ علي ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من وجوب إتمامه خبر زرارة الّذي تقدّم ذكره و هو الحديث الثّاني، لتصريحه بأنّ هناك حجّتين يجب التّفريق فيهما فلا بدّ من إتمام الأولي و الّا لما حصل التّفريق بينهما فيها و كذلك يدلّ عليه صحيح معاوية بن عمّار المتقدّم الحديث الأوّل.

و من هنا ظهر ضعف ما زعمه بعض من عدم خبر يدلّ علي وجوب الإتمام.

الثّانية عشرة- يدلّ علي ما أفاده الماتن من وجوب البدنة و الحجّ من قابل- مضافا الي حكاية الإجماع عليهما- الأخبار المتقدّمة و لا يخفي انّه لا لا يجزي غير البدنة حتّي مع العجز عنها، كما يدلّ عليه خبر أبي بصير المذكور

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 13.

كفارات الإحرام، ص: 203

و كذا لو جامع أمته، و هو محرم (1)

______________________________

في الجهة العاشرة، و لكن في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر الاجزاء قال: سألته عن الرّفث و الفسوق و الجدال ما هو؟ و ما علي من فعله؟ قال:

الرّفث جماع النّساء.. الي

أن قال: فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فان لم يجد فشاة.. «1» و كذا فيما عن الكيني و الشّيخ انّه في رواية: (ان لم يقدر علي بدنة فإطعام ستّين مسكينا لكلّ مسكين مدّ فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما) و قد تقدّم ذكره في صدر المبحث الحديث السّادس.

الثّالثة عشرة- انّه لا خلاف في اعتبار العلم و العمد في الحكم المذكور فلا شي ء علي الجاهل بالحكم قاصرا أو مقصّرا، و يدلّ عليه مضافا الي الأصل إطلاق الأخبار المتقدّمة و غيرها، و كذا لا شي ء علي النّاسي للإحرام أو الحرمة و لا المضطرّ و السّاهي و لا المكره لحديث الرّفع، و أمّا صحيح عليّ بن جعفر عن رجل نسي طواف الفريضة حتّي قدم بلاده و واقع النّساء كيف يصنع؟ قال: يبعث بهدي الي أن قال: و وكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه فهو مختصّ بطواف الزّيارة و ليس الكلام فيه هنا، و قد تقدّم الكلام عنه في الجزء الرّابع في أحكام الطّواف و انّه هل تجب البدنة لنسيانه أم لا؟ فراجعه.

(1) ما أفاده الماتن قدّس سرّه من وجوب البدنة و اعادة الحجّ لو جامع المحرم أمته ممّا هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه أسرارهم) لصدق الأهل عليها الّذي تضمنّه صحيح معاوية بن عمّار «2» و صحيح جميل «3» و خبر عليّ بن أبي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 16.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث: 2.

________________________________________

شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي، كفارات الإحرام، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1402 ه ق كفارات الإحرام؛ ص: 203

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات

الاستمتاع، الحديث: 3.

كفارات الإحرام، ص: 204

و لو كانت امرأته محرمة مطاوعة لزمها مثل ذلك (1)

______________________________

حمزة «1».

و غيرها ممّا تقدّم في صدر المبحث و لإطلاق قوله (عليه السّلام) في صحيح سليمان بن خالد (و الرّفث فساد الحجّ) «2» و لعموم المرأة المستفاد من ترك الاستفصال في صحيح زرارة «3» و صحيح معاوية بن عمّار «4» المتقدّمين و دعوي انصراف الأهل و المرأة عنها، ففيها: أوّلا لا انصراف و ثانيا فعلي فرض ثبوته بدويّ لا عبرة به.

ثمّ علي فرض تسليم عدم صدق الامرأة و الأهل و انصراف الإطلاقات عنها فنقول: انّ المدار في ثبوت الحكم علي صدق الجماع و المواقعة و نحو ذلك و ان ذكر الأهل في الأخبار انّما يكون لأجل أنّه المعهود فعليه يتمّ الحكم بالنّسبة إلي الأمة أيضا لصدق المواقعة و الجماع و إذا لم يتمّ ما ذكر فتصل النّوبة الي الأصل و مقتضاه عدم لزوم شي ء منهما، فتدبّر.

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من وجوب إتمام الحجّ و البدنة و الحجّ من قابل علي المرأة لو كانت محرمة مطاوعة متين، و قد نفي عنه الخلاف، و ادّعي عليه الإجماع بقسميه.

و استدلّ لذلك بالأخبار الّتي سمعت بعضها و المستفاد منها هو انّ المدار في ثبوت الأحكام المزبورة علي الجماع مع العلم و العمد من غير فرق بين الرّجل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 8.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 9.

(4) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 205

و عليهما أن يفترقا إذا بلغا ذلك المكان حتّي يقضيا

المناسك إذا حجّا علي تلك الطّريق (1)

______________________________

و المرأة و بين الزّوج و غيره.

(1) كما هو المعروف بل عن الخلاف و الغنية الإجماع عليه، و يدلّ عليه قوله (عليه السّلام) في صحيح زرارة السّابق: (و عليهما الحجّ من قابل فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّي يقضي نسكهما و يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا «1».

ينبغي هنا بيان أمور:

الأوّل- انّ المراد من قوله عليه السّلام: (فرّق بينهما) هو الافتراق في القضاء، لأنّ بلوغ مكان الخطيئة ثمّ الرّجوع اليه انّما هو في القضاء، و أمّا في الأداء فقد كانا بذلك الموضع بوجه الحلول فيه لا البلوغ اليه، و قد ذكر في هذا الصّحيح الافتراق في الأداء بقوله قبل هذه الفقرة: (و ان كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه) و كيف كان فظاهره وجوب الافتراق بينهما من حين بلوغ مكان الخطئية حتّي يقضيا نسكهما و يرجعا الي مكان الخطيئة، و لكن يمكن حمله علي ندب الافتراق فيما بعد بلوغ الهدي محلّه لصحيح معاوية عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل وقع علي امرأته و هو محرم؟ قال: ان كان جاهلا فليس عليه شي ء و ان لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة و عليه الحجّ من قابل فإذا انتهي الي المكان الّذي وقع بها فرق محملاهما فلم يجتمعا في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 9.

كفارات الإحرام، ص: 206

______________________________

خباء واحد الّا أن يكون معهما غيرهما حتّي يبلغ الهدي محلّه «1».

و هذا- كما تري- يدلّ علي عدم لزوم الافتراق بينهما فيما إذا بلغ الهدي محلّه، فلا بدّ أن يندب بعده الي العود الي محلّ الخطيئة.

الثّاني- انّ

ظاهر المصنّف وجوبه إذا سلك ذلك الطّريق و الّا فلا، و لعلّه للأصل بعد ظهور النّصوص فيه، بل في صحيح عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في حديث قال: قلت أ رأيت من ابتلي بالجماع ما عليه؟ قال:

عليه بدنة و ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرّجل فعليهما بدنتان ينحرانهما، و ان كان استكرهها و ليس بهوي منها فليس عليها شي ء و يفرّق بينهما حتّي ينفر النّاس و يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، قلت:

أ رأيت إن أخذا في غير ذلك الطّريق إلي أرض أخري يجتمعان؟ قال: نعم «2» و نحوه موثّق محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السّلام) (في حديث) قال: قلت له: أ رأيت من ابتلي بالرّفث و الرّفث هو الجماع ما عليه؟ قال: يسوق الهدي و يفرّق بينه و بين أهله حتّي يقضيا المناسك و حتّي يعود الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، فقلت: أ رأيت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطّريق؟ قال:

فليجتمعا إذا قضيا المناسك «3» بناء علي عدم الفرق في ذلك بين الأداء و القضاء الثّالث- انّ وجوب التّفريق لا يختصّ بصورة مطاوعة الزّوجة، بل يشمل ما لو كانت مكرهة لأنّ المنصرف من التّفريق بينهما ما يقوم بفعلهما معا و لإطلاق جملة من الأخبار كصحيح معاوية بن عمّار المتقدّم، و نحوه الّذي جعل الغاية فيه بلوغ الهدي محلّه و لاختصاص بعضها بصورة الإكراه كخبر الحلبي المتقدّم لقوله

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث: 12.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث: 14.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع،

الحديث: 15.

كفارات الإحرام، ص: 207

و معني الافتراق أن لا يخلوا الّا و معهما ثالث (1)

______________________________

عليه السّلام فيه: (و ان كان استكرهها و ليس بهوي منها فليس عليها شي ء و يفرق بينهما) فالمراد فيه بنفي الشّي ء عليها نفي ما عدا التّفريق بينهما و هو قرينة علي ارادة هذا المعني من نفي الشّي ء عليها في صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان ما عليهما؟

فقال: ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرّجل فعليهما الهدي جميعا و يفرّق بينهما حتّي يفرغا من المناسك و حتّي يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا و ان كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها فليس عليها شي ء «1».

(1) للأخبار- منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يقع علي أهله؟ فقال: يفرق بينهما و لا يجتمعان في خباء الّا أن يكون معهما غيرهما حتّي يبلغ الهدي محلّه «2».

2- صحيحة الآخر لقوله عليه السّلام فيه.. فإذا انتهي الي المكان الّذي وقع بها فرق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد الّا أن يكون معهما غيرهما حتّي يبلغ الهدي محلّه «3».

3- مرفوع أبان بن عثمان الي أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:

المحرم إذا وقع علي أهله يفرّق بينهما يعني بذلك لا يخلوان و أن يكون معهما ثالث «4».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 12.

(4) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 6.

كفارات الإحرام،

ص: 208

و لو أكرهها كان حجّها ماضيا (1) و كان عليه كفّارتان (2)

______________________________

4- مرفوعه الآخر إلي أحدهما عليهما السّلام قال: معني يفرّق بينهما أي: لا يخلوان و أن يكون معهما ثالث «1» فبها علم المراد من الافتراق، و الّا فمعني الافتراق عدم الاجتماع، نعم الظّاهر كما أفاده صاحب الجواهر كونه كناية عن المانع من المواقعة و لو بحضور ثالث يمتنع معه حصولها فلا عبرة بغير المميّز و الزّوجة و الأمة و نحوهم ممّا لا يمنعها حضورهم.

(تذييل) لا يخفي انّه ليس في الأخبار قيد (محرم) الّذي ذكره بعض من الفقهاء، و لعلّه يدّعي انصراف الأخبار اليه و لكن لا يمكننا المساعدة عليه، لعدم الانصراف في البين و علي فرض ثبوته بدويّ فلا عبرة به.

(1) كما هو المعروف، بل نفي عنه الخلاف و الاشكال، و استدلّ لذلك بالأصل، و ظاهر الأخبار عموما و خصوصا.

(2) قال في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، بل عن الخلاف الإجماع علي لزوم كفّارتين بجماعها محرمين إلخ) و استدلّ لذلك مضافا الي ما ذكر بصحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع علي أهله فيما دون الفرج؟ قال: عليه بدنة و ليس عليه الحجّ من قابل، و ان كانت المرأة تابعته علي الجماع فعليها مثل ما عليه و ان كان استكرهها فعليه بدنتان و عليه الحجّ من قابل «2» و صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:

سألته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان ما عليهما؟ فقال: ان كانت المرأة أعانت

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 11.

(2) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث

1.

كفارات الإحرام، ص: 209

و لا يتحمّل عنها شيئا سوي الكفّارة (1) و ان جامع بعد الوقوف بالمشعر و لو قبل أن يطوف طواف النّساء أو طاف منه ثلاثة أشواط فما دونه أو جامع في غير الفرج قبل الوقوف كان حجّه صحيحا و عليه بدنة لا غير (2).

______________________________

بشهوة مع شهوة الرّجل فعليهما الهدي جميعا، و يفرّق بينهما حتّي يفرغا من المناسك و حتّي يرجعا الي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا و ان كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها صاحبها فليس عليها شي ء «1».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمر:

و هو انّه لو أكرهته هي أو أكرههما ثالث فلا تجب علي المكره بدنة عن المكره للأصل السّالم عن معارضة النّص بعد فرض ظهوره في غير هذا الفرض، نعم يجب عليها الحجّ من قابل لو أكرهته.

(1) للأصل، فلا يجب عليه تعدّد قضاء الحجّ.

(2) كما هو المعروف، بل قد نفي عنه الخلاف و ادّعي عليه الإجماع بقسميه و استدلّ له- مضافا الي ما ذكر- بعدّة أخبار- منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا وقع الرّجل بامرأته دون مزدلفة و قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل «2» و هذا- كما تري- يدلّ بالمفهوم علي عدم لزومه عليه إذا وقع بامرأته بعد مزدلفة.

2- حسنه الآخر عنه (عليه السّلام) أيضا قال.. سألته عن رجل وقع علي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 6 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 210

______________________________

امرأته قبل أن يطوف طواف النّساء؟ قال: عليه جزور سمينة و ان كان جاهلا فليس عليه شي ء «1» و فيه و ان عيّن الجزور

الّا انّه محمول علي الأفضل لقوّة المطلقات، بل قد يقال: انّ المستفاد من مجموع الأخبار انّ الجزور هو البدنة.

3- نحوه خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) «2».

4- مرسل محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصّادق (عليه السّلام) في حديث ان جامعت و أنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة و الحجّ من قابل، و ان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة و ليس عليك الحجّ من قابل «3».

ينبغي هنا بيان أمور:

الأوّل- انّ ظاهر خبر حمران بن أعين فساد الحجّ إذا واقع امرأته في أثناء طواف النّساء و هو ما رواه عن أبي جعفر عليه السّلام قال.. و ان كان طاف طواف النّساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه و عليه بدنة و يغتسل ثمّ يعود فيطوف أسبوعا «4» و لكن فيه ما لا يخفي: أمّا أوّلا- فلضعفه سندا الموجب لخروجه عن حيّز دليل الاعتبار و أمّا ثانيا- فلاعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) عنه الموجب لكسره، فتدبّر.

الثّاني- انّ ظاهر خبر القلانسي في مفروض المسألة هو انّ علي الموسر بدنة و علي المتوسّط بقرة، و علي الفقير شاة، و هو ما رواه خالد بيّاع القلانسي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 9 الباب 6 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(4) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 211

______________________________

قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل أتي أهله و عليه طواف النّساء؟

قال: عليه بدنة ثمّ جائه آخر فقال: عليك بقرة ثمّ جائه آخر فقال: عليك

شاة فقلت: بعد ما قاموا أصلحك اللّه كيف قلت عليه بدنة؟ فقال: أنت مؤسر و عليك بدنة و علي الوسط بقرة، و علي الفقير شاة «1» و لكن لم نجد من أفتي به كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

الثّالث- انّه يدلّ علي صحّة الحجّ و لزوم البدنة فيما إذا جامع امرأته في غير الفرج صحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع علي أهله فيما دون الفرج؟ قال: عليه بدنة و ليس عليه الحجّ من قابل..

إلخ «2» و صحيحة الآخر عنه عليه السّلام في المحرم يقع علي أهله؟ قال: ان كان أفضي إليها فعليه بدنة و الحجّ من قابل و ان لم يكن أفضل إليها فعليه بدنة و ليس عليه الحجّ من قابل «3» و مقتضي إطلاق النصّ عدم الفرق في لزوم البدنة بالجماع في غير الفرج بين أن ينزل و عدمه فعليه تردّد العلّامة في المنتهي في وجوب البدنة مع عدم الانزال ممّا لا وجه له، و أمّا دعوي انصرافه عنه فغير مسموعة لعدم الانصراف أوّلا، و علي فرض ثبوته فبدويّ ثانيا فلا عبرة به الرّابع- انّه لا شي ء علي الجاهل و النّاسي لما عرفت من عدم ثبوت شي ء عليهما إذا جامع امرأته قبل الوقوف بالمشعر و قبل طواف الزّيارة و مفروض المسألة أولي بذلك و في خبر سلمة بن محرز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع علي أهله قبل أن يطوف طواف النّساء؟ قال: ليس عليه شي ء، فخرجت الي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(3) الوسائل

ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 212

[تفريع: إذا حجّ في القابل بسبب الإفساد فأفسد]

تفريع: إذا حجّ في القابل بسبب الإفساد فأفسد لزمه ما لزم أوّلا (1) و في الاستمناء بدنة (2)

______________________________

أصحابنا فأخبرتهم، فقالوا: اتقاك هذا ميسّر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له:

عليك بدنة، قال: فدخلت عليه، فقلت جعلت فداك إنّي أخبرت أصحابنا بما أجبتني، فقالوا: اتقاك هذا ميسّر قد سأله عمّا سألت فقال له عليك بدنة؟ فقال:

انّ ذلك كان بلغه فهل بلغك؟ قلت: لا قال: ليس عليك شي ء «1». و حسن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام.. عن رجل وقع علي امرأته قبل أن يطوف طواف النّساء؟ قال: عليه جزور سمينة و ان كان جاهلا فليس عليه شي ء «2» و نحوهما غيرهما من الأخبار.

(1) من الإتمام و البدنة و القضاء، للعمومات الشّاملة له، و هكذا كلّما تكرّر القضاء و الجماع فيه و تجزي حجّة واحدة صحيحة من دون أن تتعدّد بتعدّد القضاء الّذي يجامع فيه امّا لأنّ الفرض هو الأولي و كلّ لا حقة عقوبة لسابقتها و أمّا لأنّ الفرض هي الصّحيحة و كلّ ما عداها عقوبة في نفسها فإذا أتي في العام الثّالث بحجّة صحيحة كفّارة عن الفاسد ابتداء و قضاء و لا يجب عليه قضاء آخر، و ان أفسد عشر حجج لأنه انّما كان يجب عليه حجّ واحد صحيح و المفروض أنّه أتي به.

و لا دليل يستفاد منه أكثر من ذلك و إذا شكّ فيه فالمرجع هو الأصل و مقتضاه البراءة.

(2) لا ينبغي الإشكال فيه مع الانزال، ثمّ انّه قيّده غير واحد من الأصحاب

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) الوسائل ج

9 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 213

و هل يفسد به الحجّ و يجب القضاء؟ قيل (1) نعم (2) و قيل (3) لا (4) و هو أشبه (5)

______________________________

بكونه بيده و لكن لا دليل علي ذلك فلا يفرق في الحكم بين أن يكون استدعائه المني بالعبث بيديه أو بملاعبة غيره أو غير ذلك و الفرق بينه و بين الاستمناء بغير الجماع تجرّده عن قصد الإمناء بخلافه.

(1) كما في التّهذيب و المهذّب و الوسيلة و الجامع.

(2) يجب القضاء و اختاره في المختلف، بل في التّنقيح نسبته إلي الأكثر، و استدلّ له بموثّق إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمني؟ قال: أري عليه مثل ما علي من أتي أهله و هو محرم بدنة و الحجّ من قابل «1».

(3) كما عن ابن إدريس و الحلبي و ربّما نقل عن الشّيخ في الخلاف و الاستبصار.

(4) أي: لا يجب القضاء.

(5) بأصول المذهب و قواعده الّتي منها الأصل المعتضد بصحيحي معاوية ابن عمّار «2» السّابقين من عدم القضاء علي من جامع فيما دون الفرج الّذي هو أغلظ من الاستمناء أو انّه فرد منه، و صحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج عن الرّجل يعبث بأهله و هو محرم حتّي يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال: عليهما جميعا الكفّارة مثل ما علي الّذي يجامع «3».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 7 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1- 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 214

______________________________

فإنّه لو

وجب الحجّ من قابل علي المحرم لذكر في الجواب لأنّ السّؤال عمّا عليه و أمّا خبر إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: قلت ما تقول في محرم عبث بذكره فأمني؟ قال: أري عليه، مثل ما علي من أتي أهله و هو محرم بدنة و الحجّ من قابل «1» الدّال علي وجوب الحجّ عليه من قابل فلا ينافي ما تقدّم لكونه ضعيفا سندا الموجب لخروجه عن حيّز دليل الاعتبار و علي فرض تماميّة سنده لأمكن القول بوجوب الحجّ من قابل علي من استمني بيده من دون أن تعارضه الأخبار المتقدّمة لاختصاصها بالاستمناء بملاعبة الأهل، فعليه فالقول بأنّ الاستمناء مطلقا كالجماع في إيجاب البدنة و القضاء لأجله، كما قيل في غير محلّه.

بل يمكن المنع عن وجوب البدنة أو غيرها للاستمناء مطلقا فضلا عن القضاء لموثّق أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): رجل محرم نظر الي ساق امرأة فأمني؟ فقال: ان كان مؤسرا فعليه بدنة و ان كان وسطا فعليه بقرة و ان كان فقيرا فعليه شاة ثمّ قال: اما انّي لم أجعل عليه هذا، لأنّه إني إنّما جعلته عليه، لأنّه نظر الي ما لا يحلّ له «2» و رواه الصّدوق بإسناده عن أبي بصير مثله الّا أنّه قال: الي ساق امرأة أو الي فرجها و موثّقه الآخر قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط و هو محرم فتشاهي حتّي أنزل؟ قال: ليس عليه شي ء «3» و صحيح معاوية بن عمّار في محرم نظر الي غير أهله فأنزل؟ قال: عليه دم، لأنّه نظر الي ما لا يحلّ له و ان لم يكن أنزل فليتّق

______________________________

(1)

الوسائل ج 9 الباب 15 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 215

و لو جامع أمته محلّا و هي محرمة بإذنه تحمّل عنها الكفّارة بدنة أو بقرة أو شاة (1) و ان كان معسرا (2) فشاة أو صيام ثلاثة أيّام (3)

______________________________

اللّه و لا يعد و ليس عليه شي ء «1».

حيث انّه (عليه السّلام)- كما تري- علّل وجوب الدّم فيه بالنّظر لا بالإنزال، و منه يستكشف عن عدم وجوبه في الاستمناء و موثّق سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في محرم استمع علي رجل يجامع أهله فأمني؟ قال: ليس عليه شي ء «2»، و نحوها غيرها من الأخبار.

ان قلت: انّه لا دخل لهذه الأخبار ظاهرا بالاستمناء فعليه لا تنافي وجوب البدنة لأجله سوي ثاني خبري أبي بصير قلت:

أمّا أوّلا- فبالنّقص بالأخبار السّابقة الّتي استدلّوا بها للوجوب بالاستمناء لعدم دخلها به أيضا إلّا خبر إسحاق الضّعيف. و أمّا ثانيا- فبالحلّ، لأنّ الملاعبة و النّظر و الاستماع بشهوة و نحوها تقتضي الاستمناء عادة لأنّه بعد الملاعبة و النّظر مثلا يحسّس بقرب خروج المني فإذا استمرّ كان مستمنيا و الّا فلو أريد الاستمناء أصالة فلا ظهور للأخبار الأوّل فيه لا سيّما صحيح معاوية بن عمّار الأوّل لعدم اشتماله علي الأمناء و خروج المني فضلا عن الاستمناء.

(1) مخيّرا بينها مع قدرته عليها.

(2) و لم يقدر الّا علي الشّاة.

(3) كما هو المعروف، بل نسبه غير واحد الي قطع الأصحاب مشعرا بالإجماع

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب

20 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 216

و لو جامع المحرم قبل طواف الزّيارة لزمه بدنة (1)

______________________________

عليه، و استدلّ له بموثّق إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسي (عليه السّلام) أخبرني عن رجل محلّ وقع علي أمة له محرمة؟ قال: مؤسرا أو معسرا؟

قلت: أجبني فيهما، قال: هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجبني فيهما، فقال: ان كان مؤسرا و كان عالما انّه لا ينبغي له و كان هو الّذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة و ان شاء بقرة و ان شاء شاة و ان لم يكن أمرها بالإحرام فلا شي ء عليه مؤسرا كان أو معسرا و ان كان أمرها و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام «1».

و عن البرقي روايته في المحاسن بسنده عن صباح الحذّاء و في آخره (أو صيام أو صدقة) «2».

ينبغي هنا الإشارة الي ما يلي:

1- انّ الظّاهر انّ المراد بإعسار المولي الموجب للشّاة و الصّيام هو إعساره عن البدنة و البقرة.

2- انّ المراد بالصّيام صيام ثلاثة أيّام الّتي هي المعروفة في بدل الشّاة مع احتمال الاكتفاء باليوم الواحد، فتأمّل.

3- انّ ظهر الموثّق عدم الفرق بين المطاوعة و المكرهة.

(1) لشموله ما تقدّم فيمن جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النّساء و انّما

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 217

فان عجز فبقرة أو شاة (1)

______________________________

أعاده للتّنبيه علي حكم الأبدال الآتية في كلامه الآتي.

(1) ما أفاده الماتن (قدّس سرّه) من ثبوت البقرة أو الشّاة مع العجز عن البدنة في مفروض المسألة ممّا لم نجد ما يدلّ عليه

من الأخبار، كما اعترف به غير واحد لا بنحو التّخيير الّذي ذكره الماتن (قدّس سرّه) و لا التّرتيب المذكور في غيره، بل خبر أبي بصير يدلّ علي عدم البدل فيما عجز عن البدنة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل واقع امرأته و هو محرم؟ قال: عليه جزور كوماء، فقال: لا يقدر؟ قال: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لا يفسدوا حجّة «1».

و أمّا صحيح العيص بن قاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل واقع أهله حين ضحي قبل أن يزور البيت؟ قال: يهريق دما «2» فلا دلالة فيه- كما تري- علي أحدهما، بل مقتضاه الاجزاء بمطلق الدّم أو خصوص الشّاة بناء علي انّها المفهوم منه عند الإطلاق من أوّل الأمر، و هو مخالف لغيره من الأخبار علي أن المتعيّن حمل مطلق الدّم فيه علي البدنة، لقاعدة الإطلاق و التّقييد.

و أمّا ما رواه أبي خالد القمّاط قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل وقع علي أهله يوم النّحر قبل أن يزور؟ قال: ان كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة و ان كان غير ذلك فبقرة، قلت: أو شاة؟ قال: أو شاة «3» فهو- كما تري-

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 13.

(2) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 218

______________________________

اشتمل علي تفصيل لم يعرف قائل به، و مخالف للأخبار الّتي عمل بها الأصحاب، فيكون من الشواذّ الخارج عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار.

و أمّا خبر داود الرّقي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في الرّجل يكون عليه

بدنة واجبة في فداء؟ قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما «1» فهو أيضا لا ينافي المقصود لوروده في فداء الصّيد لا مطلق الكفّارة.

و أمّا خبر خالد بيّاع القلانس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أتي أهله و عليه طواف النّساء؟ قال: عليه بدنة، ثمّ جائه آخر؟ فقال: عليك بقرة ثمّ جائه آخر فقال: عليك شاة فقلت بعد ما قاموا: أصلحك اللّه كيف قلت عليه بدنة؟ فقال: أنت مؤسر و عليك بدنة و علي الوسط بقرة و علي الفقير شاة «2» ففيه:

أمّا أوّلا: فلضعف سنده و عدم انطباقه علي القول بالتّخيير بين الشّاة و البقرة و إثباته البقرة علي الوسط الّذي هو أعمّ من العجز عن البدنة و إيجاب الشّاة علي الفقير الّذي هو أعمّ من العجز عن البقرة فيمن طاف طواف الزّيارة و عليه طواف النّساء. و أمّا ثانيا- فعلي فرض الغضّ عمّا ذكر فهو خارج عن مفروض المسألة الّذي هو ما إذا كان عليه طواف الزّيارة.

ان قلت: انّه يلحق أحدهما بالآخر، قلت: انّه قياس و هو ليس من مذهب أهل الحقّ.

و لكن مع ذلك كلّه قد يقال بثبوت البدل مع العجز عن البدنة، للاتّفاق عليه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الصيد، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 219

و إذا طاف المحرم من طواف النّساء خمسة أشواط ثمّ واقع لم يلزمه الكفّارة و بني علي طوافه (1)

______________________________

بين الأصحاب المؤيّد في الجملة بصحيح عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام في تفسير قوله تعالي (فَلٰا رَفَثَ) قال: (الرّفث الجماع- الي أن قال- فمن

رفث فعليه بدنة ينحرها و ان لم يجد فشاة «1» و المسألة بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

(1) لخبر حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل كان عليه طواف النّساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثمّ غمّزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج الي منزله فنقض ثمّ غشي جاريته؟ قال: يغتسل ثمّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه و يستغفر اللّه و لا يعود، و ان كان طاف طواف النّساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه و عليه بدنة و يغتسل ثمّ يعود فيطوف أسبوعا «2».

و أمّا دعوي ضعف سنده فغير مسموعة لانجباره بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) علي انّه قد عدّ من الحسن بل في سنده من أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنه فتدبّر.

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل في الباب 32 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 4، و ذيله في الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4 عن التّهذيب، و رواه عن قرب الاسناد في الباب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 16.

(2) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 220

و قيل (1)

______________________________

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور الأوّل- انّ الخبر- كما تري- لا ينفي الكفّارة في مفروض المسألة لأعميّة عدم ذكرها من نفيها، و لكن يمنع ذلك لوروده في مقام البيان وقت الحاجة علي انّ ذكر وجوبها في الفرض الثّاني و هو الجماع بعد ثلاثة أشواط من الطّواف في مقابل خمسة أشواط كالصّريح في نفيها.

الثّاني- انّ الحكم المذكور في مفروض المسألة لا يكون مختصّا بما إذا واقع امرأته جهلا أو نسيانا

بل يعمّ ما إذا واقعها و لو عالما عامدا.

الثّالث- انّه حكي عن الحلّي وجوب الكفّارة قبل تمام طواف النّساء و لو بقي شوطا واحدا، لعموم الأخبار «1» بأنّه إذا لم يطف طواف النّساء فعليه بدنة و قال: لأنّ الإجماع حاصل علي انّ من جامع قبل طواف النّساء وجبت عليه الكفّارة، و هو متحقّق في الفرض، و قوّاه في كشف اللّثام، و لكن فيه ما لا يخفي:

أمّا في الأخبار فمضافا إلي الإغماض عمّا في سند كثير منها انّها ظاهرة في الجماع قبل الشّروع فيه لا ما يشمل مفروض المسألة و يخصّص بخبر المتقدّم.

و أمّا في الإجماع فلما تقدّم في أوّل الكتاب من عدم كونه من التعبّدي الموجب للقطع بصدور الحكم عن المعصوم عليه السّلام كلّ ذلك مضافا الي ما ستسمعه من عدم ثبوت الكفّارة في مجاوزة النّصف، فظهر: انّ القول المزبور مع كونه شاذّا واضع الضّعف، فتدبّر.

(1) و القائل الشّيخ (قدّس سرّه) و أتباعه.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب كفّارات الاستمتاع.

كفارات الإحرام، ص: 221

يكفي في ذلك مجاوزة النّصف (1) و الأوّل مرويّ (2) و إذا عقد المحرم لمحرم علي امرأة و دخل بها المحرم فعلي كلّ منهما كفّارة (3) و كذا لو كان العاقد محلّا، علي رواية سماعة (4)

______________________________

(1) اختار هذا القول و هو كفاية مجاوزة النّصف من طواف النّساء في سقوط الكفّارة الفاضل في المختلف، لمفهوم الشّرط في الخبر المتقدّم المقتصر في الخروج عنه، للإجماع علي ما إذا لم يتجاوز النّصف، و لا يعارضه نقصها عن خمسة أشواط في صدره بعد أن كان ذلك من كلام الرّاوي المعتضد بقول الصّادق (عليه السّلام) لأبي بصير: (إذا زاد علي النّصف و خرج ناسيا أمر من

يطوف عنه و له أن يقرب النّساء إذا زاد علي النّصف) «1».

(2) يشعر كلامه باختياره القول الأوّل كجماعة من الأصحاب و لكنّ الخبر المتقدّم يدلّ علي نفي الكفّارة عمّن طاف خمسة أشواط و لا يدلّ علي اختصاص ذلك به فلا ينافي حينئذ سقوطها عمّن تجاوز النّصف مع ذلك، لما تقدّم، فتأمّل.

(3) كما هو المعروف، بل نسبه غير واحد الي قطع الأصحاب به مشعرا بدعوي الإجماع، بل عن ابن زهرة دعواه عليه صريحا، و استدلّ له- مضافا الي ما ذكر- بفحوي الموثّق الآتي «2».

(4) الموثّقة أو الصّحيحة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا ينبغي للرّجل الحلال أن يزوّج محرما و هو يعلم انّه لا يحلّ له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم؟ قال: ان كانا عالمين فانّ علي كلّ واحد منهما بدنة و علي المرأة ان كانت

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 58 من أبواب الطّواف، الحديث 10.

(2) الوسائل ج 9 الباب 21 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 222

و من جامع في إحرام العمرة قبل السّعي فسدت عمرته و عليه بدنة و قضاؤها (1)

______________________________

محرمة بدنة و ان لم تكن محرمة فلا شي ء عليها، الّا أن تكون قد علمت انّ الّذي تزوّجها محرم، فان كانت علمت ثمّ تزوّجت فعليها بدنة «1».

(1) كما هو المعروف، بل في المدارك: هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا، بل ظاهر المنتهي: انّه موضع وفاق، و كيف كان فأمّا بطلان العمرة المفردة و وجوب قضائها و البدنة في مفروض المقام، فممّا لا ينبغي الخلاف فيه- للأخبار- منها:

1- صحيح بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة فغشي أهله قبل أن يفرغ

من طوافه و سعيه؟ قال: عليه البدنة لفساد عمرته و عليه أن يقيم الي الشّهر الآخر فيخرج الي بعض المواقيت فيحرم بعمرة مفردة «2».

2- حسن مسمع أو صحيحة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في الرّجل يعتمر عمرة مفردة، ثمّ يطوف بالبيت طواف الفريضة ثمّ يغشي أهله قبل أن يسعي بين الصّفا و المروة؟ قال: قد أفسد عمرته و عليه بدنة و عليه أن يقيم بمكّة حتّي يخرج الشّهر الّذي اعتمر فيه ثمّ يخرج الي الوقت الّذي وقّته رسول اللّه لأهله فيحرم منه و يعتمر «3».

3- خبر أحمد بن أبي علي عن أبي جعفر (عليه السّلام) في رجل اعتمر عمرة مفردة و وطئ أهله و هو محرم قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه؟ قال: عليه بدنة

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 21 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 223

______________________________

لفساد عمرته و عليه أن يقيم بمكّة حتّي يدخل شهر آخر فيخرج الي بعض المواقيت فيحرم منه ثمّ يعتمر «1».

و أمّا بطلان العمرة المتمتّع بها في مفروض المسألة فلم نجد فيها خبر كما اعترف غير واحد، و لعلّه لذا قال في القواعد: (و لو جامع في إحرام الغمرة المفردة أو المتمتّع بها علي اشكال قبل السّعي عامدا عالما بالتّحريم بطلت عمرته و وجب إكمالها و قضاؤها و بدنة) لكن في المدارك علي ما حكي في الجواهر: (انّ ظاهر الأكثر و صريح البعض عدم الفرق بينهما.

و قد يستدلّ لذلك بصحيح بريد بن معاوية العجلي «2» المتقدّم، لأنّ تعليل وجوب البدنة فيه بالفساد ظاهر في

الفراغ من الفساد لأجل النّكاح و الغشيان و ليس الفراغ منه الّا لمعلوميّة منافاته للإحرام فحينئذ لا يختصّ الفساد فيما إذا جامع في إحرام العمرة قبل السّعي بالمفردة، بل يعمّ المتمتّع بها و يجب للنّكاح فيها البدنة أيضا، و ربّما أشعر به صحيح معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل متمتّع وقع علي امرأته و لم يقصّر؟ قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون ثلم حجّه ان كان عالما و ان كان جاهلا فلا شي ء عليه «3» فانّ الخوف من تطرّق الفساد الي الحجّ بالمواقعة بعد السّعي قبل التّقصير ربّما اقتضي تحقّق الفساد بوقوع ذلك قبل السّعي، و لكن فيه تأمّل و وجهه واضح.

ثمّ انّ كلام المصنّف و ان كان مطلقا يشمل العمرة المفردة و المتمتّع بها الّا انّه يظهر من كلامه الآتي: (و الأفضل..) ارادة العمرة المفردة، و كيف كان فإذا

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 224

و الأفضل أن يكون في الشّهر الدّاخل (1)

______________________________

تمّ ما ذكر فهو، و الّا فيكون مقتضي الأصل عدم الفساد في عمرة التمتّع في مفروض المسألة بعد ما عرفت من اختصاص الأخبار بالعمرة المفردة.

و أمّا دعوي تنقيح المناط فغير مسموعة، لما ذكرناه غير مرّة من انّ المعتبر منه هو القطعي و لا يحصل ذلك في الشّرعيّات و أمّا الظّني منه فلا يغني من الحقّ شيئا.

(تذييل) و هو انّه بناء علي فساد عمرة التّمتّع في مفروض المسألة يستتبع وجوب إعادتها لو وجب حجّ التمتّع و

اتّسع الوقت لها، و أمّا لو ضاق الوقت عنها فالأقرب انقلاب حجّه إفرادا للاضطرار، كما انّ الأصل عدم وجوب الحجّ عليه من قابل و عدم وجوب التّفريق بين الزّوجين، و أمّا الحكم بوجوب إكمالها فلم يدلّ عليه دليل لمخالفته لمقتضي الفساد و لا دليل هنا علي حمل الفساد علي نفي الكمال أو نحوه لاختصاص الدّليل بالحجّ، كما تقدّم و المسألة من أوّلها إلي آخرها بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

(1) حملا للأمر به في الأخبار السّابقة عليه، و لكن لا داعي لذلك و ظاهر الأخبار هو وجوب إيقاع قضاء العمرة في الشّهر الدّاخل هنا و ان قلنا بعدم اعتبار الفصل بين العمرتين المفردتين أو اعتباره بعشرة أيّام في غير هذه الصّورة، و قد تقدّم هذا المبحث و هو اعتبار الفصل بين عمرتين مفردتين و عدمه في أواخر الجزء الثّاني و من أراد الاطّلاع عليه فليراجعه.

(تذييل) و هو انّ ظاهر صحيح بريد بن معاوية العجليّ «1» المتقدّم في

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 225

و لو نظر الي غير أهله فأمني كان عليه بدنة ان كان موسرا و ان كان متوسّطا فبقرة و ان كان معسرا فشاة (1)

______________________________

صدر المسألة جواز الإحرام للقضاء من أحد المواقيت بلا تعيين فيحمل خبر مسمع «1» المتقدّم المعيّن له بميقات أهله علي النّدب لأظهريّة الأوّل و لو بلحاظ معروفيّة جواز الإحرام للعمرة المفردة من أيّ ميقات كان، فتدبّر.

(1) لموثّق أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): رجل محرم نظر الي ساق امرأة فأمني؟ قال: ان كان موسرا فعليه بدنة، و ان كان متوسّطا فعليه بقرة و ان كان فقيرا فعليه شاة ثمّ

قال فيه أما انّي لم أجعل عليه لأنّه أمني إنّما جعلته عليه، لأنّه نظر الي ما لا يحلّ له «2».

ينبغي هنا ذكر أمور:

الأوّل- انّه حكي عن المفيد و سلّار و ابن زهرة انّه ان عجز عن الشّاة صام ثلاثة أيّام، و لعلّه لفحوي قيامها في كفّارة الصّيد و لو بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين، و لكن لا يخفي ما فيه من المناقشة و الاشكال، لعدم إمكان إثبات الحكم الشّرعي بها، لكن في الرّياض الحكم به معلّلا له بأنّه أصل عامّ، و فيه أيضا ما لا يخفي، لعدم دليل معتبر في البين و خصوصا بعد ظهور النصّ في أنّ الغاية هي الشّاة لا غيرها.

الثّاني- انّه حكي عن ابن حمزة ترك الشّاة أصلا، و لكن بالموثّق المذكور

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 226

______________________________

يظهر ضعفه.

الثّالث- انّه قد يقال بمعارضة صحيح زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل محرم نظر الي غير أهله فأنزل؟ قال: عليه جزور أو بقرة فان لم يجد فشاة «1» و لكن لا يقاوم معارضته، لشذوذ العمل به، و يمكن الجمع بينه و بين الموثّق المتقدّم بأفضليّة الجزور و البقرة مع الوجدان مطلقا و ان كان فقيرا أو بأفضليّة الجزور مطلقا لا سيّما للموسر ثمّ البقرة، و لا سيّما للمتوسّط.

الرّابع- انّه قد ذكر بعض من قوّة احتمال الاكتفاء بشاة مطلقا، لحسن معاوية بن عمّار في محرم نظر الي غير أهله فأنزل؟ قال: عليه دم، لأنّه نظر الي غير ما يحلّ له، و ان لم يكن أنزل فليتّق اللّه و لا يعد و ليس

عليه شي ء «2».

و لكنّه قابل لتنزيله علي الموثّق المذكور سواء أريد من الدّم فيه الشّامل للثّلاثة أو خصوص الشّاة بل هو مقتضي قاعدة حمل المطلق علي المقيّد كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

الخامس- انّ الظّاهر هو الرّجوع في المفاهيم الثّلاثة إلي العرف كما في نظائرها.

السّادس- انّ ظاهر الخبر عدم الفرق في الحكم المزبور بين ما لو قصد الإمناء أم لا، و بين النّظر بشهوة أو لا و بين معتاد الأمناء و عدمه هذا، و لكن في المسالك علي ما حكاه صاحب الجواهر عنه: هذا كلّه إذا لم يكن معتاد الأمناء عند النّظر أو قصد الأمناء به و الّا كان حكمه حكم مستدعي المني) و فيه انّه مناف لإطلاق الخبر مضافا الي ما عرفته سابقا من عدم دليل علي الاستمناء الّا ما سمعت ممّا لا يصلح معارضا للمقام.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 227

و لو نظر الي امرأته لم يكن عليه شي ء و لو أمني، و لو كان بشهوة فأمني كان عليه بدنة (1)

______________________________

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) قديما و حديثا، بل نسبه غير واحد الي قطع الأصحاب مشعرا بالإجماع عليه، بل عن المنتهي دعواه صريحا.

و استدلّ للقسم الأوّل من كلام المصنّف (قدّس سرّه) مضافا الي الأصل بصحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن محرم نظر الي امرأته فأمني أو أمذي و هو محرم؟ قال: لا شي ء عليه و زاد في الكافي: (و لكن يغتسل و يستغفر ربّه، و ان حملها من غير شهوة فأمني أو

أمذي فلا شي ء عليه و ان حملها أو مسّها بشهوة فأمني أو أمذي فعليه دم و قال: في المحرم ينظر إلي امرأته و ينزلها بشهوة حتّي ينزل؟ قال: عليه بدنة «1» و مفهوم التّعليل في خبر أبي بصير «2» السّابق و نحوه.

و استدلّ للقسم الثّاني من كلامه- مضافا الي الإجماع- بحسن مسمع أبي سيّار عن الصّادق (عليه السّلام) و من نظر الي امرأته نظر شهوة فأمني فعليه جزور «3» المعتضد بما تقدّم بناء علي اتّحاد المراد بالجزور و البدنة كما هو مقتضي الجمع بينه و بين ذيل الصّحيح المتقدّم الّذي هو دليل آخر، و أمّا موثّق إسحاق ابن عمّار عن الصّادق (عليه السّلام) في محرم نظر الي امرأته بشهوة فأمني؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 228

و لو مسّها بغير شهوة لم يكن عليه شي ء (1)

______________________________

ليس عليه شي ء «1» فيكون قاصرا عن معارضة ما تقدّم من الأخبار لإعراض الأصحاب عن العمل به الموجب لخروجه عن حيّز دليل الاعتبار و لذا حمله الشّيخ قدّس سرّه في التّهذيب علي السّهو.

(1) و ان أمني إذا لم يكن معتاد الأمناء و لا قصده، و استدلّ لذلك بعدّة أخبار- منها:

1- حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة علي امرأته؟ قال: نعم يصلح عليها خمارها و يصلح عليها ثوبها و محملها، قلت: أ فيمسّها و هي محرمة؟ قال: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال: يهريق دم شاة، قلت: قبّل؟ قال:

هذا أشدّ ينحر بدنة «2».

2- خبر محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حمل امرأته و هو محرم فأمني أو أمذي؟ قال: ان كان حملها أو مسّها بشي ء من شهوة فأمني أو لم يمن أمذي أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فان حملها أو مسّها لغير شهوة فأمني أو أمذي فليس عليه شي ء «3».

3- صحيح مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيّار: ان حال المحرم ضيّقة الي أن قال: و من مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 7.

(2) ذكره صدره في الوسائل في الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2، و ذيله في الباب 18 منها الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 229

و لو مسّها بشهوة كان عليه شاة و لو لم يمن (1) و لو قبّل امرأته كان عليه شاة و لو كان بشهوة كان عليه جزور (2)

______________________________

فلا شي ء عليه «1».

4- صحيح معاوية بن عمّار المتقدّم «2».

(1) للأخبار المتقدّمة.

(2) كما عن جماعة من الأصحاب، و استدلّ لذلك بحسن مسمع أبي سيّار أو صحيحة قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): يا أبا سيّار انّ حال المحرم ضيّقة فمن قبّل امرأته علي غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة، و من قبّل امرأته علي شهوة فأمني فعليه جزور و يستغفر ربّه «3» و بحسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة علي امرأته الي أن قال قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال:

يهريق دم شاة، قلت: فان قبّل؟ قال:

هذا أشدّ ينحر بدنة «4» و خبر عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قبّل امرأته و هو محرم؟ قال: عليه بدنة و ان لم ينزل و ليس له أن يأكل منها «5».

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه قيّد الحكم في الخبر الأوّل بالأمناء، و هذا غير وارد في كلام

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(4) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(5) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 230

______________________________

الماتن (قدّس سرّه).

الثّاني- انّه لم يقيّد في الخبر الثّاني التّقبيل بالشّهوة و لكنّ الظّاهر بمقتضي سياقه كون التّقبيل معها ان لم نقل بانصرافه الي ذلك و لو بلحاظ الغلبة و كيف كان فحيث قيّد في حسن مسمع لزوم الجزور بالشّهوة و الأمناء لزم التّقييد بهما أيضا في الخبر الثّاني و عليه فلا تجب البدنة مع الشّهوة بغير الأمناء و بالعكس و يمكن أن يحمل علي ندب البدنة بدون الانزال الدّال عليه الخبر الثّالث، و لكن لا يخلو في التّقييد، و الحمل المذكور من تأمّل.

الثّالث- انّه لو أحلّ قبلها فقبّلها فعليه دم، لصحيح زرارة (في حديث) انّه سأل أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النّساء و لم تطف هي؟ قال: عليه دم يهريقه من عنده «1» و صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (في حديث) قال: سألته

عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النّساء و لم تطف هي؟ قال: عليه دم يهريقه من عنده «2» يمكن أن يقال: انّ المنصرف منهما التّقبيل بشهوة، لوقوعه بعد إحلاله من إحرامه، و كيف كان فالعمل بهما علي وجه الوجوب فغير معلوم، فلا بأس بحملهما علي ضرب من النّدب فتأمّل.

الرّابع- حكي عن المفيد انّه لو هوت المرأة ذلك فعليها مثل ما عليه، و استدلّ لذلك بخبر العلاء بن فضيل قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل و امرأة تمتّعا جميعا فقصّرت امرأته و لم يقصّر فقبّلها؟ قال: يهريق دما، و ان كانا لم يقصّرا جميعا فعلي كلّ واحد منهما أن يهريق دما «3» و حيث انّ المنصرف

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 7.

(2) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 2.

(3) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 231

و كذا (1) لو أمني عن ملاعبة (2) و لو استمع علي من يجامع فأمني من غير نظر لم يلزمه شي ء (3)

______________________________

من ذيل الخبر تبعا لصدره هو صورة الشّهوة لم يثبت علي المرأة الدّم إذا قبّلها بالشّهوة منها و ان لم تمانعه لا سيّما إذا كان بغفلة منها.

الخامس- انّه إذا قبّلها بشهوة منها و أمناء هل الواجب عليها هو البدنة كما في الرّجل فيه إشكال، فتأمّل.

(1) يجب الجزور علي الرّجل.

(2) بامرأته، بل و علي المرأة لو كانت مطاوعة لصحيح عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن الرّجل يعبث بأهله و هو محرم حتّي يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟

قال: عليهما جميعا الكفّارة مثل ما علي الّذي يجامع «1» و مقتضي هذا الصّحيح هو وجوب البدنة عليه لأنّها الواجب في الجماع و يمكن أن تكون هي المراد من الجزور، كما أشير إليه مرارا و كرارا.

(3) استدلّ لذلك بوجهين:

الأوّل- الأصل.

الثّاني- ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: في محرم استمع علي رجل يجامع أهله فأمني؟ قال: ليس عليه شي ء «2» و مقتضي إطلاقه عدم ثبوت شي ء عليه و ان اعتاد الأمناء و من هنا ظهر ضعف ما حكي عن ثاني الشّهيدين في المسالك (باستثناء معتاد الأمناء بذلك لأنّه حينئذ من الاستمناء

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 232

[فرع لو حجّ تطوّعا فأفسده]

(فرع) لو حجّ تطوّعا فأفسده ثمّ أحصر كان عليه بدنة للإفساد و دم للإحصار (1)

______________________________

فتجب فيه البدنة).

ثمّ انّه ينبغي هنا بيان أمور:

الأوّل- انّه لا شي ء عليه لو سمع كلام امرأة فأمني، للأصل، و خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط و هو محرم فتشاهي حتّي أنزل؟ قال: ليس عليه شي ء «1».

الثّاني- انّه لا شي ء عليه إذا استمع وصف امرأة فأمني، لموثّق سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم تنعت له المرأة الجميلة الخلقة فيمني؟ قال: ليس عليه شي ء «2».

الثّالث- انّه لو استمع الي كلام الذّكر أو وصفه أو جماعة لذكر أو بهيمة فأمني، فلا شي ء عليه للأصل.

الرّابع- انّه احترز المصنّف بقوله: (من غير نظر) عمّا لو نظر الي الامرأة المجامعة بالفتح فأمني لثبوت الكفّارة فيه كما عرفت و أمّا إذا نظر

الي المجامع دونها أو الي المتجامعين و هما ذكران أو ذكر و بهيمة فلا شي ء عليه، للأصل.

(1) عملا بدليليهما، و سقط عنه وجوب الإكمال بالإحصار، و لا يختصّ الحكم المذكور فيما لو أفسد حجّه بالجماع، بل يعمّ ما إذا أفسد عمرته به أيضا.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 20 من أبواب كفّارات الاستمتاع، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 233

و كفاه قضاء واحد في القابل (1).

[الثّاني الطّيب]

الثّاني الطّيب فمن تطيّب كان عليه دم شاة سواء استعمله صبغا أو اطلاء ابتداء أو استدامة أو بخورا أو في الطّعام (2)

______________________________

(1) للأصل، و ان قلنا في فساد حجة الإسلام إنّ الثّانية هي الفريضة و الأولي هي العقوبة، للفرق بينها و بين مفروض المقام، لعدم وجوب الحج فيه و انّما وجب إتمامه بتلبّسه بالإحرام الّذي لا يتحلّل منه الّا بأداء المناسك أو بالإحصار و المفروض ان الثّاني قد حصل فخرج عن الإحرام، و لم يبق عليه في البين إلّا العقوبة.

و أمّا احتمال أنّه بالإحرام وجب عليه الحجّ أو العمرة صحيحا، و المفروض انّه لما يأت به فحينئذ لا فرق بينه و بين حجّة الإسلام ففيه ما لا يخفي بعد أصالة البراءة و انكشاف عدم وجوب الإتيان و الإكمال به بالإحصار فضلا عن لزوم الإتيان به صحيحا، و قد تقدّم تحقيق الكلام فيه في الجزء الثّاني في بحث الإحصار و الصّيد.

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالي أسرارهم) قديما و حديثا، بل عن المنتهي دعوي الإجماع عليه، و استدلّ علي وجوب الشّاة في أكله أو استعماله فيه عمدا بصحيح زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: من

نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء، و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة «1»، و صحيحة الآخر عن أبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 234

______________________________

(عليه السّلام) قال: من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم، فان كان ناسيا فلا شي ء عليه، و يستغفر اللّه و يتوب اليه «1» و رواه الكليني عن الحسين بن محمّد عن معلّي بن محمّد عن الحسن بن علي عن أبان بن عثمان عن زرارة مثله، و أسقط قوله: (و يتوب اليه).

و يدلّ علي وجوب الشّاة في الإطلاء عمدا صحيح المضمر لمعاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج؟ قال: ان كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين، و ان كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه «2».

و يمكن أن يستدلّ لوجوب الشّاة باستعمال الطّيب مطلقا بخبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السّلام) قال: لكلّ شي ء خرجت من حجّك فعليه (فعليك خ ل) فيه دم يهريقه (تهريقه خ ل) حيث شئت «3».

و لكن يمكن أن يقال بمعارضتها الأخبار التّالية:

منها: مرسل حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا يمسّ المحرم شيئا من الطّيب، و لا الرّيحان، و لا يتلّذذ به، و لا بريح طيّبة، فمن ابتلي بذلك فليتصدّق بقدر ما صنع قدر سعته «4».

و منها صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: اتّق قتل الدّواب كلّها و لا تمسّ شيئا من الطّيب

و لا من الدّهن في إحرامك، و اتّق الطّيب في زادك، و أمسك علي أنفك من الرّيح الطيّبة، و لا تمسك من الرّيح المنتنة، فإنّه لا ينبغي لك أن تتلذّذ بريح طيّبة، فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليعد غسله،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(4) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 6.

كفارات الإحرام، ص: 235

و لا بأس بخلوق الكعبة و ان كان فيه زعفران و كذا الفواكه كالأترج و التفّاح و الرّياحين كالورد و النّيلوفر (1)

______________________________

و ليتصدّق بقدر ما صنع «1».

و منها صحيح حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يمسّ المحرم شيئا من الطّيب و لا الرّيحان و لا يتلذّذ به، فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه يعني من الطّعام «2».

و منها ما رواه الحسن بن هارون عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له أكلت خبيصا فيه زعفران حتّي شبعت (و أنا محرم) قال: إذا فرغت من مناسكك و أردت الخروج من مكّة فاشتر بدرهم تمرا، ثمّ تصدّق به يكون كفّارة لما أكلت و لما دخل عليك في إحرامك ممّا لا تعلم «3».

و لكن هذه الأخبار حملت علي السّهو أو الضّرورة كما عن المنتهي و ربّما يشعر به قوله (عليه السّلام) فيها: (فمن ابتلي).

و يمكن حمل الأخبار السّابقة الدالّة علي لزوم الشّاة علي النّدب.

و المسألة بعد تحتاج إلي الملاحظة و التأمّل.

(1) ما أفاده الماتن (قدّس سرّه) من نفي البأس عن شمّ

خلوق الكعبة و الفواكه و الرّياحين ممّا هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالي أسرارهم) و استدلّ

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 9.

(2) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 11.

(3) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 236

[الثّالث القلم]

الثّالث القلم و في كلّ ظفر مدّ من طعام و في أظفار يد يد و رجليه في مجلس دم واحد و لو كان كلّ واحد منهما في مجلس لزمه دمان (1)

______________________________

لذلك بالأخبار، و قد تقدّم تفصيل الكلام عنه مفصّلا في الجزء الثّالث عند البحث عن التّروك.

(1) وفاقا للمشهور، بل عن الخلاف و الغنية و المنتهي الإجماع عليه، و استدلّ لذلك بعدّة أخبار- منها:

1- صحيح أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل قصّ ظفرا من أظافيره و هو محرم؟ قال: عليه في كلّ ظفر قيمة مدّ من طعام حتّي يبلغ عشرة، فإن قلّم أصابع يديه كلّها فعليه دم شاة، فإن قلّم أظافير يديه و رجليه؟

فقال: ان كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، و ان كان فعله متفرّقا في مجلسين فعليه دمان «1» و رواه الصّدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عليّ ابن مهزيار (رئاب خ ل) عن أبي بصير نحوه، الّا انّه قال: (عليه مدّ من طعام) و هذا هو الموافق لفتوي المعظم، و محكي الإجماع و الاحتياط، كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

2- خبر الحلبي انّه سأله عن محرم قلّم أظافيره؟ قال: عليه مدّ في كلّ إصبع فإن هو قلّم أظافيره عشرتها فانّ عليه دم شاة «2» و نحوهما غيرهما من الأخبار، و أمّا

ضعف خبر الحلبي فهو منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 237

______________________________

عليهم) به، فتدبّر.

ينبغي هنا ذكر أمور:

الأول- انّه هل يثبت الحكم المذكور- و هو وجوب مدّ من طعام في كلّ ظفر و دم واحد في أظفار يديه و رجليه في مجلس واحد و دمين لو كان كلّ واحد منهما في مجلس- في اليد النّاقصة إصبعا أو أكثر، أو الزّائدة إصبعا أو أكثر، أو اليد الزّائدة كلّها، أو اليدين الزّائدتين جميعا فيه إشكال.

أمّا النّاقصة فمن صدق اليدين و الرّجلين، و من الأصل و النصّ علي العشر في الأخبار لاحتمال خصوصيّة فيه، و الانصراف الي المعتاد، فلا يجب في النّاقصة إصبعا أو أكثر.

و أمّا الزّائدة فمن إطلاق اليدين و الرّجلين، و من الانصراف الي المعتاد فيرجع في غيره الي الأصل فلا يجب الدّم في اليدين الزّائدتين جميعا أو الواحد كلّها، لا سيّما إذا كان الأكثر من يد واحدة و لا المدّ و لا الأمداد.

الثّاني- انّه لا فرق بمقتضي ظاهر الخبر في وجوب الدّم بتقليم اليدين أو الرّجلين بين أن يتخلّل التّكفير بالإمداد للبعض أم لا.

الثّالث- انّه لو قلّم ظفرا بدفعات بمجالس، فالظّاهر انّه بحكم تقليمه دفعة بمجلس واحد.

الرّابع- انّه لو قصّ بعض ظفره و لم يتمه ففي إلحاقه بتقليمه كلّه وجوه:

1- الإلحاق مطلقا.

2- عدم الإلحاق مطلقا.

3- التّفصيل بين تقليم الغالب و عدمه بالإلحاق في الأوّل دون الثّاني،

كفارات الإحرام، ص: 238

و لو أفتاه بتقليم ظفره فأدماه لزم المفتي شاة (1)

______________________________

و الأقرب هو الثّاني الّا أن يقوم دليل معتبر علي خلافه.

(1) ما أفاده الماتن

(قدّس سرّه) من لزوم الشّاة علي المفتي لو أفتاه خطأ بتقليم ظفره فقلّمه و أدماه ممّا لا ينبغي الإشكال فيه، لخبر إسحاق الصّيرفي قال:

قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: انّ رجلا أحرم فقلّم أظفاره، و كانت له إصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصّه فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصّه فأدماه؟ فقال: علي الّذي أفتي شاة «1».

ان قلت: انّه ضعيف سندا، فلا يمكن الاستدلال به، قلت: انّ ضعفه منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالي عليهم) كما اعترف به غير واحد.

ينبغي هنا بيان أمور:

الأوّل- انّه لا فرق بمقتضي إطلاق الخبر بين أن يكون المفتي محرما و محلّا.

الثّاني- انّه هل يعتبر كون المفتي من أهل الاجتهاد أم لا؟

يمكن أن يقال بعدم اعتباره لترك الاستفصال في الخبر، كما صرّح به في الدّروس و المسالك و غيرهما.

لكن قد يقال باشتراط صلاحيّته للإفتاء بزعم المستفتي، لتحقّق كونه مفتيا، كما استظهره في المسالك، خلافا للمحكي عن ظاهر جماعة، علي ما في الرّياض من اعتبار الاجتهاد في المفتي، لأنّه المتبادر منه دون غيره.

و ناقش فيه صاحب الجواهر (قدّس سرّه) بعد نقله بقوله: (و فيه منع واضح، بل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 239

______________________________

لو لا ظهور الاتّفاق أمكن تنزيل الخبر علي المفتي من العامّة الّذي هو الغالب في ذلك الزّمان).

الثّالث- الظّاهر انّه لو قلّم أكثر من إصبع بفتواه فأدماها كان علي المفتي شاة فقط، للأصل.

الرّابع- انّه يتعدّد الشّاة لو تعدّد المفتي بوقت واحد أو متعاقبين فيكون علي كلّ مفت شاة، كما يستفاد من الخبر.

الخامس- مقتضي ظاهر الخبر هو اعتبار اتّباع المستفتي للمفتي و ان لم يكن في نفسه أهلا للفتوي، فلو قلّم لا لأجل اتّباعه لم

تجب الشّاة علي المفتي.

السّادس- انّه لو تعدّدوا و كان المحرم متّبعا لواحد دون الآخر فيحكم بلزومها علي المتبوع خاصّة، و لو لم يتّبع كلّا منهم بعينه، و لكن اتّبع المجموع ففيه أوجه:

1- لزومها علي كلّ منهم.

2- لزومها علي المجموع.

3- احتمال برأيه جميعهم.

السّابع- انّه هل الحكم المذكور يختصّ بالمفتي أم لا؟ و الظّاهر انّه يختصّ به فلا شي ء علي المستفتي، لجهله، و أمّا موثّق إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجل نسي أن يقلّم أظفاره عند إحرامه؟ قال: يدعها، قلت: فانّ رجلا من أصحابنا أفتاه بأن يقلّم أظفاره و يعيد إحرامه ففعل؟ قال:

عليه دم يهريقه «1» فيحمل علي النّدب و يحتمل أن يعود الضّمير في قوله عليه-

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 13 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 240

[الرّابع المخيط حرام علي المحرم]

الرّابع المخيط حرام علي المحرم فلو لبس كان عليه دم (1) و لو اضطرّ الي لبس ثوب يتّقي به الحرّ أو البرد جاز، و عليه شاة (2)

______________________________

السّلام (عليه دم..) إلي المفتي، و عليه تجب الشّاة عليه و ان لم يدم المستفتي ظفره، و لكن ينبغي تقييده بالإدماء حينئذ، ليوافق الخبر الأوّل المفتي بمضمونه، و لقاعدة الاقتصار فيما خالف الأصل علي المتيقّن.

(1) يدلّ عليه- مضافا الي الإجماع- صحيح زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: من نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة «1» و خبر سليمان بن العيص (الفضيل خ ل) قال: سألت أبا

عبد اللّه (عليه السّلام) عن المحرم يلبس القميص متعمّدا؟ قال: عليه دم «2» و نحوهما غيرهما من الأخبار.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأوّل- انّ حرمة لبس المخيط علي المحرم يختصّ بحال الاختيار، كما تقدّم الكلام عنه في مبحث تروك الإحرام (في الجزء الثّالث).

الثّاني- انّ الحكم المذكور يختصّ بما إذا لبسه عالما عامدا لا جاهلا أو ناسيا، و ذلك لما تقدّم.

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالي أسرارهم) بل حكي

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 241

______________________________

الإجماع بقسميه عليه، و استدلّ لذلك- مضافا الي ما ذكر- بصحيح محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن المحرم إذا احتاج الي ضروب من الثّياب يلبسها؟ قال: عليه لكلّ صنف منها فداء «1» و رواه الصّدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم مثله الّا انّه قال: (من الثّياب مختلفة) و كيف كان فينتفي التّحريم في حقّه، لحديث الرّفع و به و ان أمكن نفي الفداء عنه أيضا، الّا أنّ الأخبار المتقدّمة تقيّده في مفروض المسألة بغير الفداء.

و استثني في محكي الخلاف و السّرائر و المنتهي و التّذكرة: السّراويل فنفوا في لبسه الفداء عند الضّرورة، بل عن ظاهر الأخيرين دعوي الإجماع عليه، و استدلّ الشّيخ (قدّس سرّه) بأصل البراءة مع خلوّ الأخبار و الفتوي عن ذكر فدائه، و لكن ردّه جماعة بعموم الأخبار كصحيح زرارة و صحيحة الآخر و صحيح محمّد بن مسلم المتقدّمة.

و يمكن المناقشة في صحيح زرارة المتقدّم لأنّه عند الضّرورة ممّا ينبغي لبسه، و فيه: انّ المراد كونه ذاتا لا عرضا، و لذا فصّل فيه

بين العامد و بين النّاسي و الجاهل.

و قد ذكر بعض بأنّ الأولي المناقشة بأنّ المنصرف من المتعمّد غير المعذور فحينئذ لا يشمل المضطرّ و لذا جعل المتعمّد قسيما للجاهل مع كونه متعمّدا، و قد يناقش بما دلّ علي انّ لبس السّراويل لفاقد الإزار جائز كما سبق في محرّمات الإحرام في الجزء الثّالث فلا فداء مع فقد الإزار، و بعدم القول بالفصل بين صورتي فقده و وجوده يثبت نفي الفداء فيه مطلقا مع انّ السّراويل لما لم يكن

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 9 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 242

[الخامس حلق الشّعر]

الخامس حلق الشّعر و فيه شاة أو إطعام عشرة مساكين لكلّ منهم مدّ، و قيل ستّة لكلّ منهما مدّان أو صيام ثلاثة أيّام (1)

______________________________

بإطلاقه من الصّنف الحرام يمكن دعوي عدم شمول الخبر له، و لكنّه لا يخلو من اشكال.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه يلزمه الدّم لو لبس الخفّين أو الشّمشك مضطرّا و ان انتفي التّحريم في حقّه بناء علي انّ الأصل في تروك الإحرام هو الفداء كما يدلّ عليه خبر قرب الاسناد لكلّ شي ء خرجت من حجّك فعليك دم تهريقه حيث شئت «1».

و لعموم الأخبار السّابقة، و نوقش فيه بمنع الأصل المذكور، لضعف دليله سندا و دلالة علي العموم بكثرة المخصّصات، فيحمل علي النّدب، و منع شمول الثّوب في الأخبار للخفّين و الشّمشك مع انّ الأخبار الواردة في جواز لبس الخفّين للضّرورة لم تشر الي وجوب الفداء أصلا و لعلّه لذا كان المحكي عن التّهذيب و الخلاف و التّذكرة عدم الفدية إذا اضطرّ للأصل و تجويز اللّبس في صحيح الحلبي «2» كما انّ الأصل جواز لبس الشّمشك اختيارا، و عدم الفداء له.

(1)

لخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال اللّه تعالي في كتابه (فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 51 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 243

______________________________

فمن عرض له أذي أو وجع فتعاطي ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فصيام ثلاثة أيّام و الصّدقة علي عشرة مساكين يشبعهم من الطّعام و النّسك شاة يذبحها فيأكل و يطعم و انّما عليه واحد من ذلك «1» و ما رواه حمّاد عن حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: مرّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) علي كعب بن عجرة الأنصاري و القمّل يتناثر من رأسه (و هو محرم) فقال: أ تؤذيك هوامك؟ فقال:

نعم، قال: فأنزلت هذه الآية: (فمن كان منكم مريضا أو به أذي من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فأمره رسول اللّه بحلق رأسه و جعل عليه الصّيام ثلاثة أيّام و الصّدقة علي ستّة مساكين لكلّ مسكين مدّان و النّسك شاة قال: و قال أبو عبد اللّه: و كلّ شي ء في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار ما شاء و كلّ شي ء في القرآن فمن لم يجد فعليه كذا فالأوّل بالخيار «2» أي الأول المختار و الثّاني بدل عنه.

ينبغي هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّ الأخبار الدالّة علي التّخيير متعلّقة بحلق الرأس و من أوذي من رأسه تبعا للآية الكريمة و ظاهرها حلق جميع الرّأس و لو بنحو يصدق عليه ذلك عرفا، فلا تشمل حلق بعضه و لا حلق غير الرّأس

و لا حلق الرّأس من غير أذي.

نعم قيل بوجوب الشّاة عينا لحلقه من غير أذي، لصحيح زرارة «3» المتقدّم و نحوه صحيحة الآخر «4» لعدم الموجب لتقييد حلق الرّأس فيهما بالأذي،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 10 من أبواب بقيّة الكفّارات، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 244

______________________________

كما انّه لا داعي لحملهما علي التّخيير بين الشّاة و الصّوم و الصّدقة، و لا سيّما بلحاظ اشتمالهما علي بعض الأمور الّتي تتعيّن فيهما الشّاة.

الثّاني- انّه يمكن الاستدلال لتعيين الشّاة في حلق بعض الرّأس و حلق غير الرّأس بعموم خبر قرب الاسناد المتقدّم «1» لكن تعيينها لحلق بعض الرّأس من أذي ممنوع، لتخصيص عموم هذا الخبر بفحوي الأخبار المشار إليها، لأنّها إذا أثبتت التّخيير في الأعظم و هو حلق جميع الرّأس ففي الأدني و هو حلق بعض الرّأس أولي، فتأمّل.

مضافا الي عموم خبر عمر بن يزيد المذكور «2» و بما ذكرنا يظهر ما في إطلاق المصنّف للشعر فالأظهر: التّخيير بين الثّلاثة في حلق الرّأس، أو بعضه من أذي، و تعين الشّاة في حلقه أو بعضه من غير أذي، و أمّا حلق غير الرّأس فالأحوط فيه الشّاة خاصّة.

الثّالث- انّه لا فرق في ترتّب الكفّارة علي الحلق بين فعله بنفسه أو بغيره مع الاذن سواء كان الحالق محلّا أو محرما أمّا إذا لم يأذن فحلق رأسه غيره علي وجه لا يستند الفعل اليه و لو بالرّضا منه فالظّاهر عدم ترتّب الكفّارة علي أحد منهما للأصل، و لو قلنا

بالإثم علي الحالق في بعض الأحوال، إذ هو أعمّ من ترتّب الكفّارة كما انّها لا تترتّب علي المحرم الحالق للمحلّ، بل و لا إثم أيضا و المنساق من قوله تعالي (وَ لٰا تَحْلِقُوا) «3» ما هو المتعارف من كون الحلق بنفسه أو بطلب منه و نحوه فتترتّب الفدية عليه دون المباشر الّذي قد عرفت عدم ثبوتها في حقّه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة الكفّارات، الحديث 5.

(2) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة الكفّارات، الحديث 2.

(3) سورة البقرة، الآية: 192.

كفارات الإحرام، ص: 245

و لو مسّ من لحيته أو رأسه فوقع منهما شي ء أطعم كفّا من طعام (1)

______________________________

حتّي في صورة الإكراه.

الرّابع- انّ قوله (عليه السّلام) في خبر عمر بن يزيد: (يشبعهم) قد فسّر شبع المسكين بمدّ لعدم حاجته غالبا الي أكثر منه و للتّعبير بمدّ في بعض المراسيل، و ينبغي حمل خبر عمر بن يزيد المتقدّم علي النّدب بالنّسبة إلي عدد العشرة، لورود التّخيير بين النّسك و الصّيام و الصّدقة علي ستّة في الأخبار الصّحيحة و غيرها، و لكنّ المذكور فيها لكلّ مسكين مدّان، فلا بدّ منهما، لضعف خبر عمر بن يزيد السّابق في صدر المطلب.

و أمّا ما أرسله في الفقيه قال: و الصّدقة علي ستّة مساكين لكلّ مسكين صاع من تمر «1» فيحمل علي النّدب.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب قديما و حديثا، بل في المدارك نسبته الي قطع الأصحاب، بل عن ظاهر المنتهي و التّذكرة الإجماع عليه، و استدلّ لذلك- مضافا الي ما ذكر- بالأخبار و لكنّها بالنّسبة إلي الكفّارة مختلفة ففي بعضها: كفّ من طعام أو كفّ من سويق، كما في صحيح هشام بن سالم قال:

قال أبو عبد اللّه

(عليه السّلام): إذا وضع أحدكم يده علي رأسه أو لحيته و هو محرم فسقط شي ء من الشّعر، فليتصدّق بكفّ من طعام أو كفّ من سويق «2» و رواه الصّدوق بإسناده عن هشام بن سالم مثله، الّا انّه قال: (بكفّ من كعك أو سويق) و في بعضها: (يطعم كفّا من طعام أو كفّين) كما في خبر منصور عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم إذا مسّ لحيته فوقع منها شعرة؟ قال: يطعم كفّا من طعام

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة الكفّارات، الحديث 4.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

كفارات الإحرام، ص: 246

______________________________

أو كفّين «1» و في بعضها: (يطعم شيئا) كما في صحيح معاوية بن عمّار قال:

قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): المحرم يعبث بلحيته فيسقط منها الشّعرة و الثّنتان؟ قال: يطعم شيئا «2» و في بعضها: (يطعم مسكينا في يده) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ان نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في يده «3» و في بعضها: (مدّ من طعام أو كفّين) كما في مرسل الفقيه «4» و في بعضها: (التصدّق بتمرة) كما في خبر حسن ابن هارون قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): انّي أولع بلحيتي و أنا محرم فتسقط الشّعرات؟ قال: إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا و تصدّق به فإنّ تمرة خير من شعرة «5».

و هذا الاختلاف في الأخبار مع قوله (عليه السّلام) في خبر الحسن بن هارون:

(فإنّ تمرة خير من شعرة) أنسب باستحباب أصل الصّدقة، و لا سيّما بلحاظ ما دلّ من الأخبار علي نفي الكفّارة عنه،

كما في خبر المفضّل بن صالح عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل يتناول لحيته و هو محرم يعبث بها فينتف منها الطّاقات يبقين في يده خطأ أو عمدا؟ فقال: لا يضرّه «6» و حمله علي نفي العقاب تكلّف من غير موجب، و كما في خبر جعفر بن بشير و المفضّل بن عمر قال: دخل الساجبي علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: ما تقول في محرم مسّ بلحيته فسقط منها شعرتان؟ فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام):

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 9.

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 3.

(5) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 4.

(6) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 8.

كفارات الإحرام، ص: 247

و لو فعل ذلك في وضوء الصّلاة لم يلزمه شي ء (1) و لو نتف أحد إبطيه أطعم ثلاثة مساكين و لو نتفهما لزمه شاة (2)

______________________________

لو مسست لحيتي فسقط منها شعرات ما كان عليّ شي ء «1» و حمله علي غير العمد من سهو أو نسيان أو خطأ غير مناسب لقول الامام عليه السّلام و فعله و خال عن الدّليل، فتدبّر.

(1) لصحيح الهيثم بن عروة التّميمي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشّعرة أو شعرتان؟

فقال: ليس عليه شي ء مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2» بل ظاهره عدم اختصاص بالوضوء للصّلاة و يثبت الحكم في الغسل و

التّيمّم و الطّهارة من الخبث و الإدراك العالقة المانعة من احدي الطّهارتين. لكن عن الصّدوق و السيّد و سلّار إطلاق التّكفير من غير استثناء بل عن المفيد التّصريح بأن علي من أسبغ الوضوء فيسقط شي ء من شعره كفّا من طعام و ان كان السّاقط من شعره كثيرا فعليه دم شاة و كذا عن سلّار و كأنّهما ألحقاه بالحلق و فيه ما لا يخفي.

(2) لصحيح حريز عن أبي عبد اللّه (جعفر خ ل) عليه السّلام قال: إذا نتف الرّجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم «3» و رواه الصّدوق بإسناده عن حريز مثله الّا انّه قال: إبطه بغير تثنية.

و خبر عبد اللّه بن جبلّة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في محرم نتف إبطه؟

قال: يطعم ثلاثة مساكين «4».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 7.

(2) الوسائل ج 9 الباب 16 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 6.

(3) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 11 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 248

و في التّضليل سائرا شاة (1) و كذا لو غطّي رأسه بثوب أو طيّنه بطين يستره أو ارتمس في الماء أو حمل ما يستره (2)

______________________________

ان قلت: انّه ضعيف سندا فلا يمكن الاستدلال به لمفروض المسألة قلت:

انّه منجبر بالعمل علي انّه معتضد بمفهوم الشّرط في الصّحيح المتقدّم المقتضي عدم ثبوته في نتف أحد الإبطين و كيف كان فتحمل الصّحاح المعبرة بالإبط علي ندب الشّاة لنتفه أو علي أنّ المراد بالإبط فيها الجنس المتحقّق بالإبطين.

(1) للتّصريح بها في الأخبار فيقيّد بها ما أطلق فيه الفداء، و أمّا ما دلّ علي البدنة

فيحمل علي النّدب كما انّ ما دلّ علي التّخيير بين الشّاة و الصّدقة و الصّيام لمن تعاطي يخصّص بها.

و أمّا ما دلّ علي التصدّق لكلّ يوم بمدّ فيمكن حمله علي استحبابه مضافا الي الشّاة، و لا فرق في وجوبها بين الاضطرار و الاختيار، و قد تقدّم ذكر أخبار الباب في الجزء الثّالث عند البحث عن تروك الإحرام.

(2) ما أفاده المصنّف من لزوم الشّاة فيما لو غطّي رأسه بثوب أو طين ساتر أو بارتماس في ماء أو حمل ساتر ممّا هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالي أسرارهم) بل في المدارك و غيرها هو مقطوع به في كلام الأصحاب، بل عن الغنية الإجماع عليه صريحا و استدلّ بعضهم بخبر قرب الاسناد: لكلّ شي ء خرجت من حجّك فعليك دم تهريقه «1» و بالمرسل المروي في بعض كتب الأصحاب فيمن غطّي رأسه انّ عليه الفدية «2» و أمّا ضعفه فهو مجبور بما عرفت.

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(2) الخلاف، كتاب الحج، المسألة: 82 ج 1 ص 436.

كفارات الإحرام، ص: 249

[السّادس الجدال]

السّادس الجدال (1) و في الكذب منه مرّة شاة، و مرّتين بقرة، و ثلاثا بدنة و في الصّدق ثلاثا شاة و لا كفّارة فيما دونه (2)

______________________________

ينبغي هنا الإشارة إلي أمرين:

الأول- انّه ينبغي تخصيص ما تقدّم بالعمد، لصحيح حريز: عن محرم غطّي رأسه ناسيا؟ قال: يلقي القناع عن رأسه، و يلبّي و لا شي ء عليه «1» مضافا الي الأخبار النّافية للكفّارة بالجهل و النّسيان الّا الصّيد.

و أمّا صحيح الحلبي قال: المحرم إذا غطّي رأسه فليطعم مسكينا في يده «2».

ففيه: أمّا أولا- فلأنّه مقطوع، و أمّا ثانيا- فلكونه معرض عنه الموجب لخروجه عن

حيّز دليل الاعتبار.

الثّاني- انّه لا شي ء عليه لو غطّي رأسه بيده أو شعره، لما سبق في تروك الإحرام.

(1) تقدّم الكلام في المراد منه في محرّمات الإحرام في الجزء الثّالث.

(2) في صحيح الحلبي و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ) «3» الي أن قالا له: أ رأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 5 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(3) سورة البقرة، الآية: 193.

كفارات الإحرام، ص: 250

______________________________

لم يجعل اللّه له حدّا، يستغفر اللّه و يلبّي، فقالا: و من ابتلي بالجدال، فقال:

إذا جادل فوق مرّتين فعلي المصيب دم يهريقه شاة، و علي المخطئ بقرة «1» و في صحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن الجدال في الحجّ؟ فقال: من زاد علي مرّتين فقد وقع عليه الدّم، فقيل له: الّذي يجادل و هو صادق؟ قال: عليه شاة و الكاذب عليه بقرة «2» و في خبر أبي بصير عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: إذا حلف بثلاثة أيمان متعمّدا متتابعات صادقا فقد جادل و عليه دم و إذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل و عليه دم «3».

و في صحيح معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) انّ الرّجل إذا حلف بثلاثة أيمان في مقام ولاء و هو محرم فقد جادل و عليه حدّ الجدال دم يهريقه و يتصدّق به «4» و في خبر أبي بصير عن أبي عبد

اللّه (عليه السّلام) قال:

إذا حلف الرّجل ثلاثة أيمان و هو صادق و هو محرم فعليه دم يهريقه و إذا حلف يمينا واحدة كاذبا فقد جادل فعليه دم يهريقه «5» و في موثّق يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن المحرم يقول لا و اللّه و بلي و اللّه و هو صادق عليه شي ء؟ قال: لا «6» و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إذا جادل الرّجل و هو محرم فكذب متعمّدا فعليه جزور «7» و هذه النّصوص- كما تري- لا دلالة فيها علي تمام التّفصيل الّذي ذكره الماتن و لكنّها تدلّ علي الشّاة في الصّدق ثلاثا، و في الكذب مرّة، بل الخبر الأوّل و الثّاني يدلّان علي البقرة في الثّلاث كذبا لا الجزور، اللّهمّ الّا أن يرد بها الجزور

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل في الباب 32 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 2، و بعده في الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2، و ذيله في الباب 1 منها الحديث 2، و الفقيه ج 2 ص 212 الرقم 968.

(2) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 6.

(3) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 4.

(4) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(5) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 7.

(6) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 8.

(7) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 9.

كفارات الإحرام، ص: 251

[السّابع قلع شجرة الحرم]

السّابع قلع شجرة الحرم (1) و في الكبيرة بقرة و لو

كان محلّا و في الصّغيرة شاة و في أبعاضهما قيمته (2)

______________________________

بمعني البدنة بل خبر أبي بصير الأخير دالّ علي الجزور بالكذب أوّلا.

نعم في الرّضوي: (و اتّق في إحرامك الكذب و اليمين الكاذبة و الصّادقة و هو الجدال الّذي نهي اللّه سبحانه و تعالي عنه الي أن قال: فان جادلت مرّة أو مرّتين و أنت صادق فلا شي ء عليك، و ان جادلت ثلاثا و أنت صادق فعليك دم شاة، و ان جادلت مرّة و أنت كاذب فعليك دم شاة، و ان جادلت مرّتين كاذبا فعليك دم بقرة، و ان جادلت ثلاثا و أنت كاذب فعليك بدنة «1» و فيه ما لا يخفي من المناقشة و الاشكال.

(1) غير المستثني الّذي تقدّم الكلام فيه و في حكم المستثني منه في محرّمات الإحرام في الجزء الثّالث.

(2) كما هو المعروف أمّا وجوب البقرة في الكبيرة فلمرسل موسي بن القاسم قال: روي أصحابنا عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه قال: إذا كان في دار الرّجل شجرة من شجرة الحرم لم تنزع فإذا أراد نزعها، نزعها و كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها علي المساكين «2» و لكن يشكل فيه أوّلا: فبارساله، و ثانيا: فعلي

______________________________

(1) ذكر صدره في المستدرك في الباب 23 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 5 و ذيله في الباب 1 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 252

و عندي في الجميع تردّد (1) و لو قلع شجرة منه أعادها (2) و لو جفّت قيل (3) يلزمه ضمانها (4)

______________________________

فرض انجباره بعمل الأصحاب فهو وارد في الشّجرة بدار الرّجل و هي جائزة النّزع فلا تجب فيه الكفّارة.

و أمّا وجوب

الشّاة في الصّغيرة فلم أجد له خبرا.

و أمّا وجوب القيمة في الأبعاض فلموثّق سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن الرّجل يقطع من الأراك الّذي بمكّة؟ قال: عليه ثمنه يتصدّق به و لا ينزع من شجر مكّة شيئا إلّا النّخل و شجر الفواكه «1».

(1) لما تقدّم بل عن ابن إدريس الجزم بالعدم قال: و لم يتعرّض في الأخبار عن الأئمّة لكفّارة لا في الكبيرة و لا في الصّغيرة و لكن الشّيخ ادّعي الإجماع.

(2) سواء غرسها في غيره أم لا، و لكن لم نجد له دليلا معتدّ به الّا إلحاقها بالعشب ففي خبر هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: انّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) كان يتّقي الطّاقة من العشب ينتفها من الحرم، قال:

و رأيته و قد نتف طاقة و هو يطلب أن يعيدها مكانها «2» و لكن لا يخفي ما فيه من الإشكال:

أمّا أوّلا- فلضعف سنده.

و أمّا ثانيا- فلعدم دلالته علي وجوب اعادة العشب فضلا عن الشّجرة.

(3) كما عن المبسوط و التّحرير و المنتهي و التّذكرة.

(4) بقيمتها، و لكن ينافيه ما تقدّم في قلع الكبيرة منها بقرة و الصّغيرة شاة،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 18 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 86 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 3.

كفارات الإحرام، ص: 253

و لا كفّارة في قلع الحشيش و ان كان فاعله مأثوما (1) و من استعمل هنا طيبا في إحرامه و لو في حال الضّرورة كان عليه شاة علي قول (2) و كذا قيل (3) فيمن قلع ضرسه، و في الجميع تردّد (4)

______________________________

لاقتضائه ضمان الكفّارة الّتي وجبت بالقلع و المسألة بعد تحتاج

إلي التأمّل.

(1) إلّا ما استثني كما تقدّم في محرّمات الإحرام، للأصل، و أمّا أخبار الباب فلا تقتضي ترتّب الكفّارة حتّي ضمان القيمة خلافا للفاضل في القواعد فإنّه حكم بضمان قيمته لو قلعه، كالمحكي عن المبسوط و قال الحلبيان: عليه ما تيسّر من الصّدقة، و لكن لم أجد لهما دليلا سوي الحمل علي أبعاض الشّجر، و فيه ما لا يخفي لكونه قياسا، و هو ليس من مذهب أهل الحقّ، فلا يمكن إثبات الحكم الشّرعي به، فتدبّر.

(2) محكي عن النّهاية و السّرائر و المبسوط و الخلاف و غيرها بل عن المنتهي الإجماع علي لزوم الفدية به، و قد سبق الكلام عنه في محرّمات الإحرام.

(3) كما عن الكافي و المهذّب، و لكن عن النّهاية و المبسوط: انّ عليه دم، و عن الجامع: عليه دم، مع الاختيار، و الأصل فيه خبر محمّد بن عيسي عن عدّة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شي ء محرم قلع ضرسه؟ فكتب (عليه السّلام): يهريق دما «1».

(4) لعدم دليل معتدّ به، لما ذكر، و الخبر غير مسند الي الامام، بل الاحتمال فيه أن يكون الدّم لأجل الإدماء الحاصل من القلع لا لأجله، و قد قيل: انّ في الإدماء شاة مضافا الي ما رواه الحسن الصّيقل انّه سأل أبا عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 19 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 254

و يجوز أكل ما ليس بطيب من الأدهان كالسمن و الشّيرج (1) و لا يجوز الادهان به (2)

______________________________

(عليه السّلام) عن المحرم تؤذيه ضرسه أ يقلعه؟ فقال: نعم لا بأس به «1» و عن ابني بابويه و الجنيد نفي البأس

عن قلع الضّرس و لم يوجبا شيئا ثمّ انّه علي فرض تماميّة خبر محمّد بن عيسي المتقدّم فيحمل علي النّدب بقرينة خبر الصّيقل حيث انّ قوله (عليه السّلام) فيه: (لا بأس) نصّ في عدم ثبوت الكفّارة و أمّا قوله (عليه السّلام) في خبر محمّد بن عيسي: (يهريق دما) ظاهر في وجوب الدّم فترفع اليد عن هذا الظّاهر بواسطة النّص، و قد ذكرنا غير مرّة انّ حكومة النصّ علي الظّاهر من أجلي الحكومات، فتدبّر.

و الظّاهر انّه تقدّم الكلام عن حكم قلع الضّرس في مبحث تروك الإحرام في الجزء الثّالث، فراجعه،

(1) كما هو المعروف، بل ادّعي الإجماع بقسميه عليه، مضافا الي السّيرة و الأصل.

(2) علي قول تقدّم البحث عنه في تروك الإحرام، و أمّا الكفّارة فهل تثبت فيه أم لا؟ مقتضي الأصل عدم ثبوتها، كما عن الشّيخ و ابن إدريس و الفاضل التّصريح به، الّا أن يتمسّك لوجوبها بعموم خبر قرب الاسناد: (لكلّ شي ء خرجت من حجّك فعليك دم تهريقه حيث شئت) «2» و خبر عمر بن يزيد «3» المتقدّم المشتمل

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 95 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(3) الوسائل ج 9 الباب 14 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 2.

كفارات الإحرام، ص: 255

______________________________

علي التّخيير بين الصّدقة و الصّيام و النّسك لكلّ من عرض له أذي أو وجع فتعاطي ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا، فتأمّل.

كفارات الإحرام، ص: 256

[خاتمة تشتمل علي مسائل]
[الأولي إذا اجتمعت أسباب مختلفة]

خاتمة تشتمل علي مسائل:

الأولي إذا اجتمعت أسباب مختلفة كاللّبس و تقليم الأظفار و الطّيب لزم عن كلّ واحد كفّارة (1) سواء فعل ذلك في وقت واحد أو وقتين كفّر عن الأوّل أو

لم يكفّر (2).

[الثّانية إذا كرّر الوطي لزمه بكلّ مرّة كفّارة]

الثّانية إذا كرّر الوطي لزمه بكلّ مرّة كفّارة (3)

______________________________

(1) لقاعدة تعدّد المسبّب بتعدّد السّبب.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(3) كما هو المعروف بل عن المرتضي و ابن زهرة الإجماع عليه و نوقش فيه بأنّ الجماع الأوّل قد أفسد الحج فترتّبت عليه الكفّارة بخلاف الثّاني و أجيب عنه بأنّ

كفارات الإحرام، ص: 257

و لو كرّر الحلق فان كان في وقت واحد لم تتكرّر الكفّارة (1) و ان كان في وقتين تكرّرت (2) و لو تكرّر منه اللّبس أو الطّيب فان اتّحد المجلس لم يتكرّر و ان اختلف تكرّر (3).

[الثّالثة كلّ محرم لبس أو أكل ما لا يحلّ له أكله أو لبسه]

الثّالثة كلّ محرم لبس أو أكل ما لا يحلّ له أكله أو لبسه كان عليه دم شاة (4)

______________________________

الحج و ان كان قد فسد و لكن حرمته باقية و لذا وجب المضي فيه فلا مانع من تعلّق الكفّارة به، و كيف كان ففي مفروض المسألة لا ينبغي الإشكال في تعدّد الكفّارة لظهور الأخبار في إيجاب كلّ مرّة للكفّارة و لا يفرق فيه بين اتّحاد المجلس و الوقت و تعدّدهما و تخلّل التّكفير و عدمه هذا كلّه في الوطي و الصّيد و نحوهما.

(1) لكونه عند العرف حلقا واحدا.

(2) لصدق تعدّد الحلق الّذي هو السّبب فيما إذا حلق بعض رأسه مثلا غدوة و بعض الآخر عشيّة فيتعدّد المسبّب بتعدّده.

(3) كما عن جماعة، بل في المسالك: هكذا أطلق الأصحاب.

(4) لصحيح زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: من نتف أبطله، أو قلّم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمّدا فعليه دم شاة «1».

ينبغي

هنا الإشارة إلي أمور:

الأوّل- انّه لا يعمّ ما ذكر بالنّسبة إلي لبس الخفّين و الشّمشك و نحوهما،

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 258

[الرّابعة تسقط الكفّارة عن الجاهل و النّاسي و المجنون الّا الصّيد]

الرّابعة تسقط الكفّارة عن الجاهل و النّاسي و المجنون الّا الصّيد فإنّ الكفّارة تلزم و لو كان سهوا (1)

______________________________

ممّا لا يعدّ ثوبا فكان ينبغي علي المصنّف أن يقيّد بذلك.

________________________________________

شاهرودي، محمد ابراهيم جناتي، كفارات الإحرام، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1402 ه ق كفارات الإحرام؛ ص: 258

الثّاني- انّ الحكم المذكور انّما يكون فيما إذا لم يكن له مقدر شرعيّ بخصوصه كأكل النّعامة و الّا فيثبت فيه ذلك الحكم.

الثّالث- أنّ الحكم يختص بما إذا أتي بموجبه عالما عامدا لا جاهلا أو ناسيا كما يأتي.

(1) استدلّ لعدم وجوب الكفّارة علي الجاهل و النّاسي بوجوه:

الأوّل- الأصل.

الثّاني- حديث الرّفع.

الثّالث- الأخبار- منها:

1- صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لا تأكل من الصّيد و أنت حرام، و ان كان أصابه محلّ، و ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلّا الصّيد، فانّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد «1» 2- صحيحة الآخر عنه (عليه السّلام) قال: اعلم انّه ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجّك أو عمرتك الّا الصّيد فانّ عليك الفداء بجهالة كان أو عمد «2».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 9 الباب 31 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 259

______________________________

3- ما رواه الحسن بن عليّ بن شعبة في (تحف العقول) مرسلا عن أبي جعفر الجواد (عليه السّلام).. و كلّما أتي (المحرم

بجهالة أو خطأ فلا شي ء عليه الّا الصّيد فانّ عليه فيه الفداء بجهالة كان أم بعلم بخطاء كان أم بعمد..

إلخ «1».

4- صحيح زرارة المتقدّم «2» الدّال علي انّه لو لبس ثوبا لا ينبغي له أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء.

5- صحيحة الآخر عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: من أكل زعفرانا متعمّدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم، فان كان ناسيا فلا شي ء.. إلخ «3».

6- ما تقدّم من نصوص مواقعة الأهل «4» و نحوها غيرها من الأخبار المروية عنهم عليهم السّلام.

و يعارضها خبر معاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج؟ قال: ان كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين و ان كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه «5» و خبر الحسن بن زياد قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) وضّأني الغلام و لم أعلم بدستشان فيه طيب فغسلت يدي و أنا محرم؟ فقال: تصدّق بشي ء لذلك «6».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 2.

(2) الوسائل ج 9 الباب 8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 1.

(4) الوسائل ج 9 الباب 2 من أبواب كفّارات الاستمتاع.

(5) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 5.

(6) الوسائل ج 9 الباب 4 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 4.

كفارات الإحرام، ص: 260

______________________________

و صحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في المحرم ينسي فيقلّم ظفرا من أظافيره؟ قال: يتصدّق بكفّ من الطّعام، قلت: فاثنتين؟ قال: كفّين، قلت:

فثلاثة؟ قال: ثلاث أكف كلّ ظفر كفّ

حتّي يصير خمسة، فإذا قلّم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة أو ما كان «1» و نحوها غيرها من الأخبار.

و لكن هذه الأخبار تحمل علي النّدب، لكون الأخبار المتقدّمة نصّا في نفي الكفّارة، في صورة الجهل و النّسيان، و هذه الأخبار تكون ظاهرة في ثبوتها فبقرينة الأخبار السّابقة ترفع اليد عن ظاهرها و تحمل علي النّدب، فتأمّل.

و أمّا عدم وجوب الكفّارة علي المجنون فلحديث رفع القلم و مقتضاه عدم وجوبها عليه حتّي في الصّيد، و لكنّ الماتن (قدّس سرّه) أوجبها عليه في الصّيد.

و يمكن أن يكون مدركه فيه أخبار استثناء الصّيد، و لكن يناقش فيه باختصاصها ظاهرا بالعاقل، و لو سلّم عمومها للمجنون فبينها و بين حديث رفع القلم عموم من وجه و هو حاكم عليها أو أظهر منها، و لو سلّم تساويهما في الظّهور فيسقطان في محلّ المعارضة و حينئذ فالمرجع هو الأصل، و هو يقتضي البراءة في المقام.

ثمّ انّه بناء علي ثبوت الكفّارة عليه في الصّيد فيحكم بثبوتها في ماله يخرجها بنفسه إن أفاق و الّا فيخرجها وليّه، نعم لو كان مجنونا أحرم به الولي و هو مجنون فالكفّارة علي الوليّ علي ما في الغنية و غيرها.

(تذييل) كان من المناسب أن يضيف المصنّف هنا في كلامه الصّبي و كيف كان فيقع الكلام في أنّ كفّارته هل تثبت علي الولي أو علي نفسه؟ ذهب جماعة إلي ثبوتها علي وليّه، و لعلّه لخبر الرّيان بن شبيب.. و الصّغير لا كفّارة عليه، و هي علي الكبير واجبة «2».

______________________________

(1) الوسائل ج 9 الباب 12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الحديث 3.

(2) الوسائل ج 9 الباب 3 من أبواب كفّارات الصّيد، الحديث 1.

كفارات الإحرام، ص: 261

______________________________

هذا

آخر ما أردنا إيراده في هذا الجزء، و به تمّ كتاب الحجّ.

و الحمد للّه علي كلّ حال، و نسأله العفو و العافية و العون في جميع الأحوال.

و قد وقع الفراغ بمنّ اللّه تعالي و عونه علي يد مؤلّفه العبد الرّاجي رحمة ربّه الغفور، محمّد إبراهيم الجنّاتي في السّاعة الثّامنة من اليوم الثّامن و العشرين من شهر جمادي الثّانية سنة اثنين بعد الألف و الأربعمأة هجريّة علي صاحبها و آله الكرام أفضل التحيّة و السّلام

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.